رأي القدس ليس غريبا ان تثير الرسالة التي بعثها الرئيس المصري محمد مرسي الى نظيره الاسرائيلي شمعون بيريز، بشأن اعتماد السفير المصري الجديد لدى اسرائيل ضجة كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي والصحف كافة في مصر، فقد كانت صادمة بكل المقاييس.المصريون، ومن خلفهم العرب جميعا لم يتصوروا مطلقا ان يخاطب الرئيس مرسي الرئيس الاسرائيلي بالقول ‘عزيزي وصديقي العظيم’ ويختمها بتوقيعه تحت كلمتي ‘صديقكم الوفي’.فالرئيس مرسي يمثل ثورة جاءت لنسف سياسات النظام السابق في التودد الى الاسرائيليين ومجاملتهم بكل الكلمات الريائية على حساب كرامة مصر وتسعين مليونا من ابنائها.المتحدثون باسم الرئيس مرسي، ومنهم السيد ياسر علي مستشاره الاعلامي، قالوا ان ‘صيغة الخطابات الدبلوماسية امر بروتوكولي’ واضاف ‘ان صيغة خطابات وزارة الخارجية المصرية حول تعيين السفراء الجدد موحدة وليس بها تمييز لاحد’.هذا العذر غير مقبول، لان هذه الصيغة ليست مقدسة، ولا هي آيات قرآنية لا يجوز مسها، ولذلك من السهل تعديلها بما يتماشى مع التغيير الجديد في مصر الذي اطاح بالنظام السابق، واسس لمرحلة جديدة في تاريخ البلاد.الاسرائيليون الذين يخاطب الرئيس مرسي رئيسهم بوصفه صديقا عزيزا وعظيما سربوا الرسالة متعمدين من اجل خلق فتنة في مصر، وتحطيم صورة الرئيس مرسي في اوساط الغالبية الساحقة من المصريين الذين يعتبرون اسرائيل عدوا يحتل المقدسات، ويحاصر شعبا عربيا مسلما ويمارس عليه ابشع انواع الاذلال بل والقتل مثلما حدث اثناء غزو قطاع غزة في اواخر عام 2008.انها ليست المرة الأولى التي يسرب فيها الاسرائيليون رسالة مرسلة اليهم من قبل الرئيس مرسي، فقد فعلوا ذلك قبل شهرين عندما سربوا للصحف رسالة تهنئة بعثها الى الرئيس الاسرائيلي بمناسبة الاعياد الاسرائيلية مما يعني ان هنا تعمدا في الاساءة وبذر بذور الفتنة.كنا نتوقع ان يتعلم مستشارو الرئيس مرسي من خطأ الرسالة الاولى، ويستوعبوا الفتنة التي يريد الاسرائيليون بذر بذورها في مصر لاضعاف حكم الاخوان المسلمين، ويلجأوا الى تعديل الصيغة اذا كانوا مضطرين لارسال رسائل الى الرئيس الاسرائيلي بيريز او رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.نقطة اخرى لا بد من الاشارة اليها في هذه العجالة، وهي تلك المتعلقة بارسال سفير مصري الى تل ابيب. فلماذا التسرع بارسال هذا السفير، واستقبال سفير اسرائيلي في مصر، هناك العديد من السفارات المصرية في عواصم عالمية لا يوجد فيها سفراء بل قائمون بالاعمال.لا يضير مصر، ولا الرئيس مرسي، لو تقرر ارجاء ارسال السفير المصري الى تل ابيب عاما او عامين او اكثر، او حتى عدم ارساله كليا، فالثورة اعادت لمصر كرامتها وقرارها الوطني المستقل.نتوقع من مصر الرئيس مرسي اغلاق السفارة الاسرائيلية في القاهرة، وتعديل ان لم يكن الغاء اتفاقات كامب ديفيد بما يحفظ مصالح مصر وهيبتها وكرامتها ودورها القيادي في المنطقة والعالم.Twitter: @abdelbariatwan