تونس ـ أ ف ب: «كيف تنجح في الهجرة غير القانونية»… عنوان صادم يحمله الكتاب الساخر لرسّام الكاريكاتير الجزائري سليم زروقي، لكن في تقدير المؤلف «ما يصدم أكثر هو مرارة الواقع».
وانتقد بشدة، في أعمال سابقة، الأفكار المسبقة للمجتمعات المغاربية، وكذلك «العرب» في مؤلف بعنوان «100 % بلاد، كيف يمكن التخلص منها من أجل عالم أفضل».
وتناول فضلاً عن ذلك في رسوماته، موضوع العلاقة بالدين والحب والعائلة بشكل مختلف وغريب.
وفي كتابه المصوّر الثاني الصادر نهاية آذار/مارس في فرنسا، تطرق سليم زروقي، البالغ 43 عاماً، بأسلوبه الساخر واللاذع موضوع الهجرة غير القانونية، مستلهماً من أحداث واقعية.
ويقول: «يُخيّل لبعض الناس أني نسجت قصصاً قاسية، لكن المزج بين حس الفكاهة والحكايات الحقيقية يجعل الأمور بهذه الصورة القاتمة».
ولمساعدة القرّاء على التمييز بين الواقع والرسوم الكاريكاتيرية التي ينجزها، أضاف الفنان في نهاية الكتاب رمز استجابة سريعة يحيلهم إلى المقالات الصحافية والشهادات التي اعتمد عليها في أعماله.
ويحبس زروقي دمعته لدى استذكاره شهادات أدلت بها مهاجرات خلال مقابلات إذاعية، ولا يفهم غياب رد الفعل تجاه الفظائع المرتكبة في ليبيا.
ويقول: «إنها مأساة آخذة في الاتساع، لكن كما يحصل مع كورونا، بات الأمر اعتيادياً وأصبحت الوفيات أرقاماً. يجب حصول صدمة».
منذ حادثة مقتل الطفل السوري آلان كردي، الذي أثار العثور على جثته عند شواطئ تركيا في عام 2015 صدمة في العالم بأسره، لقي أكثر من 20 ألف شخص حتفهم خلال عبور المتوسط، وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة. كما أن آلافاً آخرين يعيشون في جحيم الأوضاع في ليبيا.
في منطقة «كل عائلة لديها أخ أو عمّ أو جار هاجر من دياره بصورة غير قانونية» يرى زروقي أن «مهمته» تقضي التطرق إلى أوجه هذه الرحلات اللاإنسانية إلى أوروبا.
ويظهر غلاف الكتاب عبثية الخيارات المعتمدة من الأوروبيين، إذ يصوّر مهاجراً يغرق بسبب عدم امتلاكه المال اللازم لشراء عوامات نجاة يموّلها الاتحاد الأوروبي.
ويرى الرسام الجزائري أن «أوروبيين كثيرين لا يصدقون أن السياسات المعتمدة من بلدانهم تفضي إلى آلام كبيرة» في ظل مآس كثيرة تطاول هؤلاء المهاجرين، من حالات اغتصاب وخطف وتعذيب وقتل.
وقد اعترض خفر السواحل الليبيون، بدعم مالي من الاتحاد الأوروبي، الآلاف من المهاجرين بحراً وأرجعوهم إلى ليبيا، رغم تنديد الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية بظروف توقيفهم وطريقة معاملتهم.
وينتقد الفنان بشدة ما يعتبره نفاقاً من الدول المغاربية في هذه الأزمة، من خلال رسم يظهر حكومة تنظم عمليات هجرة غير قانونية لملء خزينتها بالموارد المالية.
ويضيف: «المهاجرون هم ثمرة السياسة الوطنية وتعطل الدولة والفساد».
لا يتردد زروقي في التطرق لكل المواضيع مهما كانت حساسيتها أو قوتها.
وقد نشر الرسام الجزائري المقيم في تونس منذ عشر سنوات، بين 2011 و2013 مدونة حول شخصية سلفي غاضب يحمل اسم يحيى بولحية «يصدر فتوى كل يوم» كلها تتسم بالغرابة.
ويأمل زروقي أن يكون كتابه المقبل حول الجزائر التي شهد وعاش فيها سنوات العنف في التسعينيات أو ما عُرف بـ»العشرية السوداء». وقد نشر في مواقع التواصل الاجتماعي بعض الرسوم التي أظهر فيها الحراك السياسي في بلاده والذي انطلق منذ العام 2019.
ويطبع بعض المحتجين هذه الرسوم على قمصانهم خلال الاحتجاجات. ويوضح: «مرة أخرى، سأعتمد مجدداً على قصة حقيقية في الحي الذي نشأت فيه في العاصمة الجزائر».