رغم التنبؤ بإبعاد نتنياهو: إسرائيل بلا يسار.. من حكومة الظلام إلى حكومة الاحتلال والأبرتهايد الواحد

حجم الخط
0

 انتصار كبير يلوح في الانتخابات القريبة المقبلة: أجري أول أمس استطلاع للقناة 13 تنبأ بـ 66 مقعداً لكتلة المعارضين لنتنياهو. كتلة جديدة وفجر جديد يبزغ على إسرائيل: “يوجد مستقبل”، “أمل جديد”، “إسرائيل بيتنا”، القائمة المشتركة، العمل، “ميرتس” و”أزرق أبيض” في كتلة واحدة كبيرة وموحدة. جلوس الأخوة معاً.

 هكذا ستبدو حكومة الأحلام التي ستتشكل في أعقاب الانتصار الجميل: يئير لبيد مع بني غانتس، ميراف ميخائيل مع جدعون ساعر، نيتسان هوروفيتس مع افيغدور ليبرمان، وربما أيضاً مع نفتالي بينيت. هكذا سيعيش الذئب مع الأغنام. يوجد مستقبل ويوجد أمل جديد لإسرائيل. من الذي قال إن الانتخابات غير مهمة؟ إنها مصيرية. سيُرسل الديكتاتور إلى البيت. وفي يوم جميل، ربما حتى إلى السجن. ما الذي نريده أكثر من ذلك؟

 توقفت الاستطلاعات عن احتساب يمين ويسار. هي محقة. في هذه الانتخابات لا يوجد يمين ولا يوجد يسار. بل من المشكوك فيه إذا كان هذا موجوداً ذات يوم. إما أن الفرق بينهما لم يكن فرقاً، وإما أن كراهية نتنياهو أخرجت الأحزاب عن أطوارها. من الصعب معرفة أي خيار هو الأسوأ من بين الخيارين؛ الاثنان يبعثان على اليأس. هذا الاتحاد الكبير تشكل في الاستطلاعات فقط. ولكنهم لا يتنبأون بالواقع، بل يخلقونه. سنوات كراهية نتنياهو أعطت ثمارها. من الصعب التصديق بأن رئيساً من رؤساء هذه الأحزاب سيشارك في حكومته، ومن الأرجح أكثر بأنهم سيتحدون لإزاحته.

 عندها كل شيء سيتم وضعه جانباً، الأيديولوجيا والأخلاق والاستقامة ودروس الماضي، من أجل تحقيق الهدف الأكبر الذي سيبرر كل الوسائل. هذا واقع هستيري. اسألوا من هم في احتجاج بلفور وسيخبرونكم بأنه تحقيق الحلم. اسألوا المصوتين لهذه الأحزاب، على الأقل بعضهم، سيقولون بأن لا هدف أسمى من ذلك. من أجل إزاحة نتنياهو يمكن أن نغفر أي شيء. وأخيراً، يدور الحديث عن عملية إنقاذ لإسرائيل. هذا لا يعتبر انتهازية أو إضاعة طريق، بل عملية طوارئ تنقذ الحياة.

 بعد ذلك، سيأتي الصباح وستستيقظ إسرائيل على واقع جديد. وسيتبين أن هذا هو أسوأ خيار ستواجهه. على أي حال، التلاوات اللزجة انتهت دائماً بصورة سيئة – الوحدة تجانس وشلل – لكن لم يفكر أي أحد بهذه الوحدة. باستثناء القائمة المشتركة التي لن تنضم وأيضاً لن يتم ضمها إلى الاحتفال، هذا يظهر الآن مثل احتمالية مرجحة، تطلع لنصف الشعب. لبيد وساعر ربما في تناوب، والباقون كجوقة تشجيع. أي سعادة ستغرق تل أبيب وبناتها، كم من الإسرائيليين سيشعرون بأنهم خرجوا من الظلام إلى النور.

 إذا تم تشكيل حكومة كهذه فسيكون من الواضح أنه لم يعد هناك أيديولوجيا في إسرائيل، وبالطبع لا يوجد يسار. أرض واحدة وشعب واحد وحزب واحد ورأي واحد. النغمة سيمليها اليمين، دائماً اليمين، والباقون سيتساوقون معه حسب التقاليد. عملية محو اليسار التي بدأت منذ زمن ستصل إلى نهايتها، ولن ينهض منها. إن التفكير بالجلوس في حكومة ساعر – ليبرمان هو عملية شرعية للوسط – يسار، يقول كل شيء. كراهية نتنياهو تفوقت على كل شيء. الحرج البسيط الذي قد يسود في البداية، سينشر كراهية كبيرة وقديمة أخرى وهي كراهية الأصوليين: هذه الحكومة ستكون نقية منهم، وهذا حلم آخر سيتحقق.

ستواصل إسرائيل جهلها إزاء كورونا، وسيواصل المستوطنون الازدهار والسلب والطرد، كما أن طالبي اللجوء سيواصلون الصيد بوحشية وعنصرية. وميزانية الدفاع ستواصل الارتفاع. والرفاه والصحة والبيئة والتعليم، جميعها ستواصل الجوع في ظل هذه الحكومة. وإيران ستواصل كونها خطراً أكبر مما هي في الحقيقة، مثلها مثل الأخطار المتخيلة التي لا يمكن لإسرائيل أن تعيش بدونها. وسيصفق العالم. وجو بايدن سيؤيد. ونحن سنتنفس الصعداء. والفلسطينيون سيواصلون النزف على جانب الشارع. والاحتلال سيواصل التنكيل بهم وإهانتهم. وإسرائيل ستواصل كونها دولة أبرتهايد.بقلم:

 جدعون ليفي

 هآرتس 4/2/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية