لندن- “القدس العربي”:
في تطور جديد في الأزمة بين إسبانيا وإسرائيل، اعتبر وزراء إسبان ما تقوم به إسرائيل إبادة حقيقية، وشددوا على ضرورة احترامها لقرارات محكمة العدل الدولية. وتريد إسرائيل الضغط على إسبانيا لأنها تزعمت موجة الإدانة بما ترتكبه من جرائم وكذلك الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ومنذ تأكيد إسبانيا أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية بشكل رسمي يوم الأربعاء المقبل، تمارس إسرائيل ضغوطات أكبر على إسبانيا من باب التضييق الدبلوماسي مثل تعليق خدمات القنصلية الإسبانية في فلسطين. غير أن حكومة مدريد لا تتردد في الرد على كل قرار بتصريحات مقلقة للغاية، وتفض اتهامها بمعاداة السامية التي تصد عن قادة الكيان.
ومنذ بدء الحرب على قطاع غزة، اتخذت إسبانيا مواقف متميزة وسط الاتحاد الأوروبي بالتنديد بممارسات إسرائيل والمطالبة بتعليق الاتفاقيات التجارية معها وسط الاتحاد الأوروبي.
وهكذا بلغت الرد الإسباني أوجهه نهاية هذا الأسبوع، حيث حذّرت الحكومة الإسبانية يوم السبت من أن الأمر الذي أصدرته محكمة العدل الدولية لإسرائيل بوقف عمليتها في مدينة رفح في غزة ملزم ويجب أن تتبناه الدولة المستقبلة.
وكانت محكمة العدل الدولية قد أصدرت حكمها يوم الجمعة الماضي بشأن التدابير الإضافية التي طلبتها جنوب أفريقيا التي اتهمت إسرائيل بتجاهل التدابير السابقة التي أمرت بها المحكمة الأممية لمنع الإبادة الجماعية في غزة، وبزيادة تفاقم الوضع الإنساني في القطاع بشن هجوم جديد على رفح، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من السكان.
وقال خوسيه مانويل ألباريس، وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الأوروبي: “إن التدابير الاحترازية التي اتخذتها محكمة العدل الدولية، بما في ذلك وقف الهجوم الإسرائيلي على رفح، إلزامية”.
وقال في بيان نُشر عبر حسابه على منصة “إكس”: “نطالب بتطبيقها”.
وجاء الضغط الكبير من وزيرة الدفاع الإسبانية مارغريتا روبلس، وهي وزيرة عادة ما تكون حريصة في استعمال التعابير الدقيقة للصحافة، غير أن هذه المرة استعملت مصطلح “إبادة جماعية حقيقية” في وصف ما تقوم به إسرائيل.
وقالت حرفيا السبت في تصريح للتلفزيون الإسباني قبل العرض العسكري في مدينة أوفييدو شمال البلاد “إن إسبانيا دائمًا داعمة جدًا لما يحدث في العالم. لا يمكننا أن ننسى أن الناس يموتون في أوكرانيا، إنها حرب هائلة، ولا يمكننا أن نتجاهل ما يحدث في غزة، وهي إبادة جماعية حقيقية”. واعتبرت اعتراف إسرائيل بالدولة الفلسطينية هو رهان على السلام الحقيقي وكذلك لإنهاء العنف في قطاع غزة.
وانخرطت الصحافة الإسبانية في الضغط على إسرائيل، وكتبت أكبر صحيفة إسبانية وهي الباييس في افتتاحيتها نهاية الأسبوع “أن الأمر الذي أصدرته محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة يوم الجمعة بأن توقف إسرائيل على الفور هجومها على رفح في جنوب قطاع غزة يشكل نقلة نوعية في الضغط العالمي على حكومة بنيامين نتنياهو”.
وتسترسل الصحيفة “لا تملك المحكمة الدولية أي سلطة تنفيذية، ولكن أمرها هو تحذير يصعب تجاهله بالنسبة للمجتمع الدولي الذي اعتاد على عدم الذهاب إلى أبعد من الإدانة الخطابية”.
وتضيف “إن الديناميكية القاتلة القائمة في غزة- حيث معظم القتلى من المدنيين، والجرحى لا يمكن علاجهم بسبب تدمير البنى التحتية الصحية والناجون يواجهون المجاعة– ليست نتيجة لظروف لا يمكن السيطرة عليها، بل نتيجة لقرارات واعية من قبل نتنياهو ومسؤوليه التنفيذيين”.