رمضان

حجم الخط
0

سمعت على مدى السنين من اصدقائي المسلمين، العلمانيين بالذات، بان شهر الصيام ، عيد الاعياد، محبوب عليهم بشكل خاص. فاولئك الذين مكثوا في الخارج لغرض التعليم، العمل، او لاي سبب آخر، جمدوا كل شيء لخمسة اسابيع كي يعودوا الى الديار. وفي الطرقات شهدنا زحمة ما بعد الظهر، طوابير طويلة وأزمة سير مثيرة للاعصاب ـ كي لا نفوت اللقمة الاولى.
أكثر من أي شيء آخر، يعتبر حدث عائلي: بعد انهاء المشتريات (الملابس الجديدة، الهدايا والحلويات (يجتمعون على وليمة الافطار اليومية في الرابعة والخامسة بعد الظهر، يعبئون الصحون (هذا هو الشهر الاكثر زيادة للسمنة)، يجلسون امام التلفزيون ويغرقون في المسلسلات المستثمر فيها جدا حتى الساعات المتأخرة من الليل. هذا هو موسم شركات الانتاج، كتاب السيناريوهات، المخربين والممثلين. ذروة الذرى في المشاهدة.
وحسب التقاليد، فان مسلسل «العلم» مع المشاهدة الاعلى هو المسلسل الذي يعنى بنا. كل سنة وحبكتها، الجاسوس المناوب الذي خدع الموساد والاسرائيليين. يمدونه في 30 حلقة، واحدة كل ليلة كي لا ينسوا «العدو الصهيوني».
وبشكل عام، فان هو نوع من يوم الغفران الموسع ـ شهر لحساب النفس. العنف لا (مسموح فقط ضد «الكفار»)، صوم الجسد من كل ملذاته (بما فيها الموضوع اياه)، محظور السباب وموصى بعدم الثرثرة. الاغنياء يتنقلون بين الفنادق والبوفيهات كثيرة الكلوريوهات. اما الضمير فينظفونه بالتبرعات لـ «موائد » لقليلي القدرات. وفي عيد الفطر، الذي ينهي شهر الفرائض، يعلن الحكام عن العفو ويفتحون أبواب السجون. قتلة وسجناء سياسيين لا.
2014، الذي يبدأ اليوم (أمس)، يمسك بلباب 22 دولة عربية مشوشة من صورة وضع غامضة. لم يعد هذا «الربيع» واحتجاج الشباب في الميادين. هذا لم يعد «نحن فقط الاخيار» مقابل «طالبي الجهاد». ففي غضون أقل من سنة «الامة العربية» أفلست، تترنح، مضغوطة، وخطيرة وغير ذات صلة.
ستة مليون هربوا او نزحوا عن منازلهم. مئات الاف القتلى، عشرات الاف المفقودين. سوريا تتفكك. مصير العراق غير واضح، لبنان يتفجر مرة اخرى. ليبيا تصعد في لهيب الارهاب. في مصر كان انقلاب، يوجد رئيس جديد، سلم أولوياته غامض وحقوق المواطن موضع سؤال كبير.
من لعب لهم الحظ، حصلوا على حياتهم هدية واستوعبوا في مخيمات اللاجئين. وتركوا وراءهم ماضيهم مع الاملاك، محكومين بحياة بائسة. في صورة الوضع الجديدة، الحدود بين سوريا، العراق ولبنان آخذة في الاختفاء. دور الاردنيين قد يأتي في كل لحظة، والارهابيون الجدد يتطلعون للنزول جنوبا، الى السعودية.
امام تهديد داعش، الملك الاردني عبدالله ملزم بان يعتمد على واشنطن والقدس، على اوباما ونتنياهو، المكروهين عنده في الداخل. ولكن اذا ما تركوه يختار، فمن السهل التخمين على مَن مِن الاثنين يعتمد الملك أكثر ومن يصدق. اسألوا في القاهرة، في المغرب، في لبنان وفي امارات الخليج: يصدقوننا نحن فقط.
في الايام الاخير، تطلق غزة اشارات بان الانتفاضة الجديدة في الطريق الينا. ليس مؤكدا. سيملي مهلة توقف وكسل. نحن سنرى زعماء فزعين يصعدون الى الطائرة لكسر الصوم لدى زعماء فزعين بقدر لا يقل. وهم لا يسافرون للنزهة. يطيرون ويعودون لفحص الحدود. وعندنا يخفضون منذ الان الاهتمام حتى نهاية ، ولكنهم يغمضون عينا واحدة فقط. ينبغي الصلاة في الا تخلق قضية الاختطاف، عندما يحل لغزها صدامات دموية والا تخرج الوضع عن السيطرة. فالمفاجأة السيئة سبق أن اختطفناها.

يديعوت 29/6/2014

سمدار بيري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية