يجد قليل الحظ العظم في الكِرشة. هذا مثل مصري شديد المحلية، فلا أعتقد أن عموم العرب، يطلقون على أمعاء الماشية “الكرشة”، كما أهل المحروسة، وفي أمعائها يجد تعيس الحظ العظم فيها، مع أن الأصل أنها خالية من العظم وما يعكر الصفو عند الأكل!
كنت قد قررت الكتابة عن القنوات الرافضة للانقلاب في تركيا بمناسبة الشهر الفضيل، وهي ثلاث، واحدة فقط محسوبة على جماعة الإخوان، وهي قناة “وطن”، التي أطلقوها لأسباب تنظيمية، وكانوا فيها من الزاهدين، واثنتان لا علاقة لها بالجماعة “مكملين”، و”الشرق”، وإن كانتا عند الأذرع الإعلامية للسيسي، هما قناتان إخوانيتان، لأنهم ليسوا مشغولين بـ “وطن”، وهي بعيدة عن تربص القوم بها، الذين يجعلون من “الشرق” و”مكملين” وبعض البرامج على القناتين على وجه التحديد هدفاً لهم، فلا تكتمل وطنية المرء في عهد السيسي، إلا إذا لعن القناتين قبل الأكل وبعده!
ولا بأس، فعندما يوجه الاتهام لزياد العليمي، عضو حزب الدستور الليبرالي، والذي نشأ في بيت ماركسي، وكذلك زميلي الصحافي اليساري هشام فؤاد بأنهما من الإخوان، ويصدر حكم بوضعهما على قوائم الإرهاب، لهذا السبب، فإن نسبة “الشرق” و”مكملين” للإخوان تصبح تحصيلا حاصلا، فالنظام العسكري في مصر يريد أن يوحي بأن معركته فقط مع “الأشرار”، الذين هم الإخوان المسلمين، ومن ثم يتصرف كجحا، الذي سئل ماذا يفعل في ديونه القديمة؟ فأجاب: لا أسددها. فلما سئل: والجديدة؟ قال: أتركها حتى تصبح قديمة!
فمصر ليست أكثر من معسكرين: الإخوان والسيساوية، وكل من ليس من الفصيل الأول هو ينتمي بالتبعية للفصيل الثاني. وقد كنا نتندر على عهد عبد الناصر، لأن فيه سجنت زميلتنا نبيلة الأسيوطي، لأنها من الإخوان، مع أنها مسيحية الديانة، ولم نكن نظن أننا يمكن أن نعيش مرحلة يصبح فيها الماركسي إخوانا، ولا يدور الاتهام فقط في أروقة أجهزة الأمن، وملفات المحاكم، ولكن في إذاعته – كذلك – عبر وسائل الإعلام، وعندما يصبح هشام فؤاد من الإخوان، فلا مشكلة في أن يصبح معتز مطر، ومحمد ناصر، من الإخوان الأقحاح.
أخطاء “مكملين”
وبينما عقدت العزم على الكتابة عن هذه القنوات، إذ بأخطاء تصدر من قناة واحدة “مكملين”، وفي برنامجين مختلفين، وفي أسبوع واحد، ليس من المناسب تجاوزهما، لأن الحقيقة أن من يقفون في المعسكر نفسه، الذي تقف فيه القناة التي تبث إرسالها من تركيا من استنكروا هذه الأخطاء.
الخطأ الأول عندما اندفع المذيع في القناة أحمد سمير، بمناسبة انهيار أسعار النفط، شامتاً في دول الخليج، وفي نظام الكفيل، وعلى أساس أن الخليج سيعود كما كان، فلم يحصر مثلا مشكلته مع المال الخليجي، الذي استخدم في تقوية مركز الثورة المضادة في كل بلاد الربيع العربي ومن القاهرة إلى صنعاء، مروراً بطرابلس والخرطوم، أو يحصرها مع حكام الخليج، فالحماس أخذه بعيداً إلى عداء مع الخليج شعوبا وقبائل!
وهي لغة تستخدمها اللجان الإلكترونية للسيسي في التعامل مع دول الخليج، عند أول خلاف، مثلما حدث منهم مؤخراً ضد الفنانة الكويتية حياة الفهد، بتهمة أنها أساءت للمصريين العاملين في الكويت، قبل أن تعلن هي بنفسها أنها لم تذكرهم، وإنما وتحدثت عن الذين يتاجرون في الإقامات من أبناء جلدتها!
الخطأ الثاني كان لمحمد ناصر، صاحب البرنامج الأكثر شهرة في القناة عندما استدعى صورة قديمة لوزيرة الصحة المصرية هالة زايد، وقت أن كانت تتسم ببسطة في الجسم، وهي صورة انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي، وقيل إن الوزيرة نفسها هي من قامت بنشرها، ربما لتثبت قوة عزيمتها، في بلد يندد فيه الحاكم بالوزن الثقيل، ويدعو إلى رشاقة المصريين، وهو يخلط خلطاً جاهلاً بين السمنة والافراط في الأكل!
وكما أخطأ السيسي لعجزه المفرط في التعبير، وهو يتناول هذه القضية، فقد أخطأ ناصر في معالجته لهذا التحول في الوزن مع أنه ليس عبد الفتاح السيسي، لكنه انتقل في الأداء لمستوى أداء الباحثين عن “اللايك” و”الشير” على “الفيسبوك”، بدلاً من أن يعمل على الارتقاء في الأداء!
التائب من الذنب
الصورة مغرية في التعامل، لكن مكان ذلك في الصحافة الصفراء، وإعلام الإثارة، وليس في إعلام الثورة والقضية الوطنية، لكن لكل جواد كبوة، وفي تاريخي المهني أخطاء من هذا النوع أخجل منها، والتائب عن الذنب كمن لا ذنب له!
بيد أن الدنيا كانت براح، والأخطاء يتحملها صاحبها ولا يمتد أثرها إلى غيره، لكن في زمن التربص، فإن مثل هذه الأخطاء لا تصيبن الذين ظلموا خاصة، وإنما تحمل على معسكر رفض الانقلاب العسكري في مجمله، فيتجاوز الأمر حتى القناة نفسها!
لقد تنمر ناصر بالوزيرة، واستخدم مفردات وإيحاءات رديئة، والسمنة صارت سمة غالبة في البشر في كل أنحاء العالم، ولم يثبت أن الوزيرة قامت بعملية مثلا على حساب الوزارة، فصورها وهي سكرتيرة للوزير السابق، تؤكد أنها على هيئتها الحالية منذ سنوات سابقة على توليها المنصب الوزاري، مع افتقادها للكفاءة اللازمة لتولي هذا المنصب، وهذا هو أصل الخلاف!
وقد أخطأ “ناصر” و”سمير”، وليس عندي دفاع عن هذا الأداء المتجاوز لحدود اللياقة المهنية، لكن قديماً قالت العرب: “كفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه”، وإن رد عليهم العرب المستعربة بأن غلطة الشاطر بألف”.
ويحسب لإدارة “مكملين” أنها لم تلف ولم تدور، وإنما أصدرت بياناً تعتذر فيه عن هذه الأخطاء في المعالجة، للمشاهدين ولمن نالهم الأذى، لا سيما من إشعاعات مفاعل تشرنوبل أو “أحمد سمير”!
عين الحسود
عين وأصابت القوم، فرغم الهجوم على قنوات تركيا ربما من المعسكر نفسه، إلا أن أحداً ليس في إمكانه أن ينسى دورها في الحفاظ على القضية الوطنية، وفي الحفاظ على الثورة حية في النفوس، وهو خطر يستشعره نظام السيسي، وإن أنكره نفر ممن ينتسبون لمعسكر رفض الانقلاب حسداً من عند أنفسهم، فقد أصابهم ما أصاب أخوة يوسف!
قناتان فقط بإمكانيات متواضعة للغاية، تهزمان ترسانة من القنوات التليفزيونية والمواقع، التي تنفق عليها المليارات، وأجر مذيع لدى الثورة المضادة، هو في كامل ميزانية قناة واحدة، سواء “مكملين” أو “الشرق”، وفي تقديري أن شهر رمضان يمكن أن يكون لـ “الشرق” و”مكملين” فرصة عظيمة في الانتشار والتمدد!
لقد كتب علينا الفيروس اللعين البقاء في البيوت، فلا مساجد مفتوحة ولا صلاة للتراويح، ولن يكون أمام القابعين في البيوت، لا سيما بعد الإفطار سوى التلفزيون كوسيلة للترفيه!
وربما تعتبرها شركات الإنتاج الدرامي فرصة لإجبار الناس على الجلوس أمام مسلسلاتهم، لإيصال الرسائل من خلالها، ومن الملاحظ أن السلطة الحاكمة تسيطر الآن على الإنتاج الدرامي كلية، ولا تترك مجالاً للاجتهاد خارج هذه السيطرة، ولم توقف استكمال هذه المسلسلات، بسبب كورونا، وقد أفتت الفنانة صابرين للمشاركين في هذه الأعمال بأنهم في جهاد، ربما متأثرة بـ “حلوني الجهاد” في منطقة الدقي، الذي يقع في القرب من “جزارة السبكي”، حيث تعلو محل الجزارة شركة السبكي للإنتاج السينمائي!
تدرك السلطة الحاكمة في مصر أن برامج “التوك شو” التي أوكلت أمرها لمذيعين يفتقدون للجاذبية لن يجذبوا الناس، لذا فإنها تأمل أن يكون الاعتكاف في البيوت قسراً بسبب إغلاق المساجد وأيضاً بسبب كورونا وفرض حظر التجول سبباً في التفاف الأسر حول الدراما الرمضانية!
وفي الأجواء العادية، فإن متوسط جلوس الفرد أمام التلفزيون هو ثلاث ساعات في اليوم، سوف تزيد في زمن الفيروس عن ذلك، وهو الأمر الذي ينبغي أن تستغله قنوات تركيا بأن تكون هي البديل أمام الناس، ولو بأعمال مسجلة نظراً لفروق توقيت الإفطار بين إسطنبول وتركيا، وتبدأ جولة المشاهدة في الغالب بعد الإفطار مباشرة، فالإفطار في مصر قبل تركيا في حوالي ساعتين ونصف الساعة!
“الجزيرة” لا تغير خريطة برامجها في رمضان، وايقاعها السريع، والوقت يداهمنا يا زلمة، يتسبب في التوتر في جلسات المشاهدة الليلية، لكن في هذا العام عاد برنامج “الشريعة والحياة”، فهل يكون ايقاعه هادئا؟!
وكان القوم في نظام مبارك أدرى بطبيعة جلسات المشاهدة عند المصريين، فكانت برامج الرغي، سواء في برنامج “البيت بيتك”، أو برنامج “مصر النهارده” الذي حل محله!
إنها فرصة لا أظن أن قنوات تركيا جاهزة لاقتناصها، لأنها لم تعمل حسابها ، لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله.
إنها فرصة لا بد من استغلالها.
أرض – جو:
لست متابعاً لقناة “العربية كوميدي”، وعلى من يتابعونها أن يبلغوني بمجرد ظهور “منتهى الرمحي”، التي اختفت بمجرد ضحكتها الشهيرة على مراسل القناة في مآرب وهو يتحدث عن مطار دولي شيده السعوديون، فإذا بنا أمام صحراء جرداء على “مدد الشوف”.
وعلى “منتهى الرمحي” أن تبتعد عن القنصلية السعودية في أبو ظبي، وقد أعذر من أنذر!
صحافي من مصر
مقال رائع .الكرشة تستعمل في الصحراء وجنوب المغرب
نستعمل هاذا الاسم في شمال المغرب (الكرشة)وهي الحساء الماشية
ويستخدم لفظ الكرشة في تونس و الجزائر ايضا، و ربما ليبيا كذلك.
لماذا لا نجدك يا أستاذ عزوز بقنوات غير الجزيرة؟ أتمنى أن تقود القناة التركية بالعربي لأن لها إمكانيات كالجزيرة! ليتهم يعلمون ذلك لمصلحتهم!! ولا حول ولا قوة الا بالله
“ولو باْعمال مسجله نظرا لفروق توقيت الافطار بين اسطنبول و تركيا” نهايه الاقتباس .
ياترى ماهو فرق التوقيت بين اسطنبول و تركيا ؟؟؟؟؟؟؟
أعتقد أن المقصود فرق التوقيت بين استانبول والقاهرة
أحب إضافة إلى نصيحة (سليم عزوز) في مقاله تحت عنوان (رمضان وقنوات تركيا… والعين التي أصابت “مكملين”!) إلى الوجه الآخر المعاكس، من ثقافة الأنا أولاً ومن بعدي الطوفان،
لا تكن الضد، بل كن الحاضن لكل ما هو إنساني، كأسرة إنسانية، في أجواء العولمة والإقتصاد الرقمي الإليكتروني في زمن كورونا، وقتها ستكون المشتركات، وسيلة للبناء، عكس ما هي المختلفات وسيلة الهدم الآن،
سورة الكافرون في لغة القرآن، تمثل معنى أرضية التعايش مع الكافر رغم الاختلاف، سبحان الله،
كل من يعمل يُخطئ،
الإشكالية عندما يرفض، تحمّل مسؤولية الخطأ، في الفهم، كما هو حال (عبدالفتاح السيسي) الآن، في دعمه (لخليفة حفتر)،
فعندما يلوم (صدام حسين) دول مجلس التعاون في الخليج العربي، بعد حرب 1973،
بدل لوم (معمر القذافي) في طرح مشروع (اسراطين)، الذي استغل فائض المال، الذي توفر بسبب استخدام مصادر الطاقة في الحرب الإقتصادية عام 1973،
من أجل خطف/قتل/تغييب كل منافسي (الخميني)، ومن ثم تمويل مصاريف اقامته ثم عودته إلى إيران، من فرنسا،
لقيادة ثورة ضد شاه إيران، وبعد ذلك دعم وتمويل إيران، في الحرب العراقية- الإيرانية، التي توقفت في 8/8/1988،
وبعد ذلك حوّل كل امكاناته في التضييق على الإقتصاد العراقي،
وبدل لوم (معمر القذافي) يقول بلوم دول مجلس التعاون في الخليج العربي، وبالتالي إحتلال الكويت يوم 2/8/1990،
وظهر مصطلح (البدون) و(اللاجئ) من أهل دول مجلس التعاون في الخليج العربي،
مثل ما كان في فلسطين بسبب الكيان الصهيوني (اسراطين) معمر القذافي، وعقلية تنفيذ قانون التأميم/السرقة/الغش الرسمي،
مثل غش ترجمة كلمة الرئيس د (محمد مرسي)، وفي بث حي ومباشر، من وسائل الإعلام في الجمهورية الإسلامية، وفي مؤتمر إسلامي، تصبح الوظيفة تعني (الأداء بلا مصداقية)،
السؤال هل مشكلة (بشار الأسد) تختلف في سوء الفهم والتأويل، أم لا؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله.??
??????
نعم قناه تركي بالعربي قناه جميله وبرامجها معبره ، بدأت أشاهدها اكثر هذه الأيام طبعا مع الجزيرة ، المنافسه في إظهار الحق مطلوب دايما وأتمنى التوفيق لكل هذه القنوات المحترمه.
عندنا في موريتانيا مثل شعبي يقول : ال اف كرشو لعظام مايرادس
يقولون الكرش للمعدة والامعاء
نحن في الجزائر نستعمل أيضا “كلمة الكرشة” للدلالة على أحشاء الغنم ونستعمل أيضا كلمة ” الدوارة” ، وبالنسبة للمثل نستخدم تقريبا نفس المعنى ونقول “من لا حظ له يجد عظما في الكبد” ، أنت ترى يا أستاذنا الفاضل أننا نتقارب ونتقاسم في الكثير من التفاصيل الاجتماعية والثقافية والوجدانية ، السياسة الخبيثة التي تنتهجه الأنظمة العربية المستبدة هي التي فرقت بيننا، رمضان مبارك وكل عام وأنت بألف خير
الكل يخطيء وجل من لا يخطيء أستاذنا العزيز وتبقى القناتين مكملين والشرق رغم ذلك منارتان شامختان ضد النظام السيساوي المخرف الذي اعتبرت أحد أذرعه الإعلامية أن سقوط الأندلس بسبب الإخوان فلا نستغرب أن تعتبر كل من يعارضها بالإخوانية.
وأنا أضم صوتي إليك.أين هي منتهى؟
تحية لك أستاذنا الكبير سليم عزوز لمقالك الشيق٠
كلمة كرشة معروفة بمعظم الدول العربية أما بما يتعلق بمسلسلات رمضان فأنا قاطعت كل القنوات المصرية السيساوية منذ أن شاهدت بلحة يقول الشيء ويفعل العكس وأعلامه المطبل يمجده ويحول فشله إلى أنتصارات وكذلك أعلام أهل العروسة بالسعودية فهم لا يختلفون بالتطبيل عن الأعلام المصري٠
أنا أشاهد غالبا قناة الشرق وأحيانا مكملين والوطن وأيضا جو شو لاأنهم يحترمون المشاهدين ويحترمون أنفسهم وينقلون الحقائق ويفضحون أكاذيب ألأعلام المنافق لمحور الشر بلحة بن زايد بن سلمان٠
كما أتابع برنامج فوق السلطة للمتألق السيد نزيه الأحدب٠