رهان بيرس على الذرة الايرانية

حجم الخط
0

كان ذلك قريبا، قريبا جدا جدا، ففي السنوات 2010 2012 وقفت اسرائيل عدة مرات على شفا الهجوم على ايران. وقد آمن بنيامين نتنياهو وايهود باراك وافيغدور ليبرمان، بأنه من الواجب وقف البرنامج الذري الايراني، وبأن العالم لن يفعل ذلك، ولذلك أعدوا خيارا عسكريا اسرائيليا، وفكروا فيه بجدية، بل أوشكوا على أن ينفذوه.
وصدهم عن ذلك ثلاثة وزراء كبار (موشيه يعلون ودان مريدور وبني بيغن) وثلاثة رجال أمن كبار (غابي اشكنازي ومئير دغان ويوفال ديسكن). لكن شمعون بيرس كان هو الذي قاد معارضة تنفيذ الخيار العسكرين فقد عمل رئيس الدولة في البلاد وفي العالم لمنع الهجوم على ايران، ونجح رئيس الدولة في ذلك.
إن رجل ديمونة فعل ذلك مرة اخرى وقد اقترب من الثمانين من عمره: لقد حول مسار التاريخ. ومنع بيرس هجوما ومنع حربا ومنع ازمة وطنية شديدة.
وأصبح واضحا اليوم أن لانتصار رئيس الدولة الكبير على رئيس الوزراء ووزير الخارجية ووزير الدفاع ثمنا باهظا ايضا. فبعد سنة من سقوط الخيار العسكري الاسرائيلي عن الطاولة الدولية، أصبح لايران 19 ألف آلة طرد مركزي تُمكّنها من الانطلاق نحو القنبلة الذرية في وقت قصير. وأخذت ايران تتحول الى قوة اقليمية ذات شرعية، بعد سنة من طي الخيار العسكري الاسرائيلي. وفي حين يراود الغرب ايران ويُدمن على أكاذيبها أصبحت توشك أن تصبح قوة ذرية على الحافة.
ربما نجح شمعون بيرس في أن يضرب بنيامين نتنياهو، لكن من الصحيح الى الآن أنه لم ينجح في ضرب علي خامنئي. إن السياسي الأعلى الذي استطاع أن يمنع الخيار الاسرائيلي لم يستطع الى الآن أن يوقف القنبلة الذرية الايرانية.
لا يوجد أي شك في ما كان سيحدث في البلاد وفي العالم لو انتصر نتنياهو وباراك وليبرمان في الجدل الحاد في شأن ايران. كان سيُطلب الى الثلاثة أن يقدموا اليوم كشف حساب قاسيا عن تأثيرات قرارهم الشديدة مثل، الطيارين الأسرى، والمواطنين القتلى، والصواريخ التي أحرقت تل ابيب. لكن لما كان بيرس هو الذي فاز في الجدل الحاد في شأن ايران فهو الذي سيُطلب إليه في المستقبل أن يُقدم كشف حساب عن تأثيرات فوزه المتوقعة وهي: ايران الذرية، وشرق اوسط ذري، وواقع رعب جديد.
إن لعدم الفعل ثمنا، كما أن للفعل ثمنا بالضبط. فاذا كانت نتيجة انتصار بيرس النهائية انتصارا مع انسحاب، فسيوثق ذلك في التاريخ. إن من الواجب على الرئيس أن يفعل الآن كل ما يستطيع فعله لمنع ذلك.
إن عند كاتب هذه السطور تقديرا عميقا لرئيس الدولة، لأن قصة حياة بيرس هي قصة حياتنا بقدر كبير، وانجازات بيرس هي انجازات مكّنت حياتنا. ولا يوجد اسرائيلي آخر يمثل في العالم اسرائيل المستنيرة كما يمثلها بيرس. لكن لأجل ذلك خاصة فان المسؤولية الملقاة اليوم على المواطن الاول هي مسؤولية ثقيلة. فعليه أن يبرهن على أنه لم يخطئ حينما زعم أن الولايات المتحدة ستصد الايرانيين. وعليه أن يبرهن على أنه لم يخطئ حينما وعد بأن المجتمع الدولي لن يُدير ظهره لاسرائيل. وعليه أن يبرهن على أن الطريق التي سيّرنا فيها لا تفضي الى الهاوية.
إن الرئيس في التسعين من عمره، لكن الرئيس ما زال في كامل قوته. ولذلك يجب عليه الآن أن يقلب كل حجر وأن يفتح كل باب لاحداث تنبه امريكي. وعليه أن يستغل مكانته الدولية لاحداث تحول حاد في سياسة المجتمع الدولي. وعليه أن يقضي الدين الذي تلقاه شخصيا من الرئيس باراك اوباما. ويجب عليه أن يستعمل تلك القدرات التي لا تكل والتي استعملها في باريس في خمسينيات القرن الماضي، عليه أن يستعملها في عواصم الغرب في 2013، لأنه اذا لم يُنبه بيرس العالم في الدقيقة التسعين فانه لن تظهر ديمونة واوسلو فقط في سيرته الذاتية بل نتناز وفوردو ايضا.

هآرتس 31/10/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية