دخلت بريطانيا مرحلة جديدة من تاريخها في العلاقات مع الآخرين، بعد تطبيق البريكست، الخروج من الاتحاد الأوروبي، يوم 31 يناير الماضي. وهذا لا يعني تقوقعها في جزرها المحمية بالبحار، بل إعادة تشكيل علاقاتها الخارجية على أسس جيوسياسية جديدة، ومنها الانفتاح على مناطق لا تمتلك فيها نفوذا، وإن كانت قريبة منها جغرافيا مثل منطقة شمال افريقيا. لكن الرهان ليس سهلا.
ومن مفارقات التاريخ أن بريطانيا التي تعتبر قوة استعمارية كبرى، انتشرت في مختلف مناطق العالم، لم تحتل أي شبر من شمال افريقيا باستثناء لحظات تاريخية وبشكل مؤقت، عندما استعمرت مدينة طنجة شمال المغرب، بين سنتي 1661- 1684، ثم غادرتها تحت ضغط الحملات المغربية، بل ساهمت لاحقا في حماية المغرب من الاستعمار، عندما ضغطت على إسبانيا لمنعها من احتلال طنجة بعد حرب تطوان سنة 1860، وضاعفت الضغط لكي تغادر إسبانيا مدينة تطوان. وسقط شمال افريقيا في يد فرنسا باستثناء شمال المغرب الذي قامت إسبانيا باحتلاله.
تطوير العلاقات يحتاج الى دينامية بشرية حقيقية، وهو ما رسبت فيه بريطانيا في علاقاتها بالمنطقة المغاربية
وفي حالة المغرب، فالعلاقات مع بريطانيا مثيرة، ولعل جزءا من تاريخ المنطقة، كما نعرفه حاليا، أوروبا – شمال افريقيا، كان سيتغير نسبيا لو وقع تحالف بين البلدين، كما كانت ترغب لندن. فقد طلب جون ملك بريطانيا سنة 1212 من السلطان المغربي محمد ناصر من السلالة الموحدية، المساعدة العسكرية لمواجهة فرنسا، كما طلب ملوك بريطانيون المساعدة المغربية لمحاصرة إسبانيا. ولو قبل السلطان المغربي لتغيرت الكثير من الأحداث. وفي معطى آخر، أول شركة ذات أهداف توسعية في الخارج هي «باربري كومباني» سنة 1585 إبان حكم إليزابيث الأولى، ركزت على المغرب أساسا، بل قامت الملكة بتعيين وزيرها روبير مقيما في المغرب، لتطوير العلاقات الثنائية. ولم تطور بريطانيا علاقات قديمة مع تونس والجزائر، بحكم أنهما كانتا ضمن الإمبراطورية العثمانية ثم سقطتا تحت الاحتلال الفرنسي. وبعد استقلال شمال افريقيا خلال الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضي، حافظت الدول الاستعمارية على اتفاق غير مكتوب، وهو انفراد كل قوة أوروبية بمستعمراتها في التعاملات الثقافية والسياسية والاقتصادية. لكن في الوقت الراهن، دخل العالم مرحلة جديدة، وهي بداية تشكل الأقطاب المختلفة سواء بفضل ظهور قوى كبرى مثل الصين، واستعادة روسيا لدورها، أو ظهور دول إقليمية مثل تركيا والبرازيل وجنوب افريقيا والهند. وشرعت الدول في البحث عن شركاء جدد، وتسيطر رغبة لدى شمال افريقيا بالبحث عن شركاء جدد والتقليل من الرهان على فرنسا. وتبحث كل دولة من هذه الدول على مخاطبين، ولهذا هناك رهان المغرب على الصين، ومنح هذا البلد صفقة القطار السريع، ثم التقارب التركي – الجزائري من ضمن الأمثلة على التنوع الجيوسياسي.
وكما بدأت فرنسا بالانفتاح على ما يسمى بافريقيا الأنكلوسكسونية، لتعزيز نفوذها لاسيما في ظل التهافت على القارة السمراء بين الدول الكبرى، بدأت بريطانيا بدورها الانفتاح على افريقيا الفرنكفونية وشمال افريقيا أساسا. وهو ما تجلى في القمة الافريقية – البريطانية منذ أسابيع قليلة في العاصمة لندن. ويشرف على هذه الاستراتيجية حاليا، خاصة تجاه شمال افريقيا، وكيل الخارجية المكلف بشمال افريقيا والشرق الأوسط أندري موريسون، الذي نشر مجموعة من الدبلوماسيين والخبراء الذين يتحدثون اللغة الفرنسية والعربية جيدا في سفارات الرباط والجزائر وتونس وموريتانيا لتطوير العلاقات. لكن أجندة لندن تبقى قاصرة بشأن تطوير العلاقات، بحكم غياب بنية تحتية قوية من الثقافة المشتركة بين الشعب البريطاني وشعوب شمال افريقيا. فهذه الأخيرة ذات ثقافة عربية فرنكفونية علاوة على ثقافتها المحلية الأمازيغية. ويضاف الى هذا، عدد المهاجرين المغاربيين في بريطانيا محدود، أي الهجرة الجزائرية والمغربية والتونسية والموريتانية والليبية، لا تتجاوز عدد المهاجرين المغاربيين في مدينة مثل مدريد أو برشلونة، وبعيدة كل البعد عن عددهم في العاصمة باريس. ولا توجد نخبة أنكلوسكسونية مهتمة بحثا أكاديميا وتجارة بالمغربي العربي والأمازيغي، كما لا توجد نخبة مغاربية أنكلوسكسونية، وفي غياب نخبة نوعية، يصعب تطوير العلاقات الثنائية، بل حتى عندما يعلن المغاربيون تعلم الإنكليزية، لا يكون الهدف هو مخاطبة بريطانيا، بل الانفتاح على الولايات المتحدة وشرق آسيا بحكم عالمية الإنكليزية كلغة للتواصل. وهذا الوضع يعود الى الأخطاء الاستراتيجية لبريطانيا، فقد أغلقت أبوابها أمام الهجرة المغاربية خلال الأربعين سنة الأخيرة. وتستمر في وقتنا الراهن في فرض شروط تعجيزية للحصول على الفيزا، إذ مقابل كل 15 فيزا تمنحها فرنسا تمنح بريطانيا تأشيرة واحدة. وإذا كانت لندن تعتقد في فتح مدرسة أو مدرستين للتعليم البريطاني في كل دولة كافيا لتعزيز العلاقات مع شمال افريقيا، فرهانها غير صائب أو محدود التأثير بدون شك. لقد فشلت بريطانيا حتى في نقل ثقافتها باللغة العربية الى شمال افريقيا، ونعني محدودية تلفزيون «بي بي سي» مقارنة مع الحضور القوي لـ»فرانس 24» بالعربي رغم قوة الفرنسية في المنطقة.
تطوير العلاقات، لا يحتاج فقط الى الرفع من المبادلات التجارية بين الطرفين، بل يحتاج الى دينامية بشرية حقيقية، وهو ما رسبت فيه بريطانيا في علاقاتها بالمنطقة المغاربية. وستكون الطريق شاقة أمام لندن لخلق نخبة من البريطانيين متخصصين في شمال افريقيا، وفي الاتجاه الآخر خلق نخبة مغاربية أنكلوسكسونية، لأننا لسنا في القرن 19، بل هناك دول جديدة لا تغرب الشمس عن مصالحها.
كاتب مغربي من أسرة «القدس العربي»
مركز ثقل العالم السياسي و الاقتصادي كان لقرون هو حوض البحر الأبيض المتوسط، ثم انتقل بعد الحرب العالمية الثانية إلى ما وراء الأطلسي في القارة الأمريكية، والكل يجمع اليوم أن وجهته المقبلة ستكون في آسيا وفي القلب منها الصين، أي وكأنه يدور حول الكرة الأرضية، لذا فمن غير المستبعد أن يعود إلى محطته الأولى، أي حوض البحر الأبيض المتوسط، لكن في ظل الضبابية التي تعرفها تجربة الاتحاد الأروبي، وكذلك تململ الخرائط الجيوسياسية جنوب الضفة المتوسطية، فمن غير المستبعد أن يكون مركز الثقل هذه المرة ذا طابع أورو متوسطي أي أنه يجمع بين ضفتي البحر.
سلاطبن الموحدين من سلالة جزائرية و ليست مغربية ! أما عن علاقات بريطانيا مع الجزائر في الحقبة العثمانية فهي غزيرة و قوية لأن الجزائريين كانوا يتحكمون بأسطولهم البحري في كل غري المتوسط و الملاحة البحرية فيه ما جعل بريطانيا أكبر دول اوروبا تمثيلا ديبلوماسيا عند دايات الجزائر و ايضا تونس و ليبيا. المصادر و المخطوطات كثيرة، متوفرة و موجودة في كل المكتبات !!
مؤسس الدولة الموحدية هو المهدي ابن تومرت المغربي حسب الحدود القديمة والجديدة. ..؛ والمغرب كان امبراطورية. ..فما هو وجه الغرابة أن يكون بعض حكامها من مناطق النفوذ. ..ويحكمون من مراكش. …؛ ستالين كان من جورجيا وحكم الاتحاد السوفياتي من موسكو. …وخروتشوف كان من أوكرانيا وحكم أيضا من موسكو. …ولازالت روسيا دولة كبرى عاصمتها موسكو. …وجورجيا واوكرانيا دولتين صغيرتين تابعتين للنفوذ الأمريكي. …
أول سلطان موحدي نشأ في كنف الدولة المرابطية، والموحدون بدأوا دعوتهم في المغرب في تنمل، والسلاطين الموحدون لم يطلبوا المدد من الجزائر عند زوال ملكهم، ولايوجد لهم أي قبور في الجزائر
الموحدون من قبائل مصمودة الأمازيغية، وبالضبط من فرعها الذي يعيش في جبال الأطلس الكبير المغربي المتاخم لمراكش، ودعوتهم بدأت في مناطقهم في الجبال القريبة من مراكش في قرية تنمل.
كنت أود لو تطرق الكاتب الى موقف بريطانيا من نزاع المنطقة الذي يعيق الاندماج قضية الصحراء المغربية،
لا يمكن أن تشكل اللغة حاجزا أمام أي كان إذا كان يعتزم تطوير علاقاته مع منطقة ما من العالم، فالصينيون نفسهم لم يجدوا صعوبة في إيجاد موطئ قدم كبير لهم في إفريقيا رغم حداثة علاقتهم بها
الى أنيس الذي يقول بأن الموحدين من اصل جزائري، ابن تومرت ولد في منطقة الأطلس الصغير التي هي سوس وعاصمتها أكادير وكل كتب تاريخ العالم تتحدث عن الدولة الموحدية في المغرب، المهم لا بأس نحن أبناء شعب واحد في شمال إفريقيا، وبن تومرت االمنطقة رغم الحدود السياسية.
وانت الصادق بريطانيااحتىلت طنجة لكي يهديها شارل الثاني لزوجته كاترين براغنزا كمصر لها من سنة 1662 إلى 1684.تصور يا أخي الفاضل أن أجزاء من أراضيك هي عرضة لله والغضب من أجل نزوات البعض.
أغلب النخب التيكنوقراطية التي تكونت بعد تقريبا 2010 فرنكوفونية وأنڭلوساكسونية في نفس الوقت… ونقصد بالنخب التكنوقراطية هم المهندسين والأعمال والتدبير… نحن لم نعد في السبعينات والثمانينات والتسعينات…
وحتى يفهم الكاتب إلى أي درجة الأشياء تغيرت كثيرا، سأقول له كمثال : مؤسسة مصنفة في العشرة الأوائل عالميا والأولى أوروبيا، والدروس فيها بالإنجليزية وفيها أكثر من 380 مجموعة بحث في علوم الحياة والجماد.. كان فيها في السنة التحضيرية فقط ل2018ـ،2019 أكثر من ستين طالبة وطالب من المغرب، والقبول فيها شهادة باكلوريا رياضيات بميزة حسن جدا كشرط… كل هذه النخب المغربية تتكلم الإنجليزية والفرنسية بطلاقة ويختلطون مع أكثرمن 120 جنسية من الطلبة… وكلهم سيلتحقون بالقطاعات الإقتصادية المغربية…
وللنكتة، جاء ليزور هذه المؤسسة الرئيس الفرنسي فرونسوا هولاند في 2015 بصحبة رئيس بوليتكنيك باريس (أحسن ما عندهم في فرنسا)، وقال : نحن في فرنسا متخلفين 20 سنة عن هذا…