«رواية قلعة الدروز» لمجدي دعيبس

حجم الخط
0

في روايته الصادرة حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، التي تحمل اسم «قلعة الدروز» يأخذنا الروائي مجدي دعيبس إلى أحوال المنطقة العربية في سوريا والأردن منتصف العقد الثالث من القرن العشرين، وبالتحديد خلال الثورة السورية الكبرى التي اندلعت شرارتها من جبل العرب بقيادة سلطان باشا الأطرش، ووصول بعض العائلات الدرزية إلى قلعة الأزرق هربا من بطش الفرنساوي وتجبر غورو والجنرالات الذين جاؤوا من بعده. لكن زمن الرواية في بعض الفصول ينزلق إلى أعماق التاريخ ليصل إلى المهندس الروماني أرنسو الذي شيد القلعة في ذلك الوقت بفكره وحسه وشغفه.
ومما ذكره سليمان الأزرعي على الغلاف الخلفي في إشارة إلى ملامح الرواية والعوامل التي تتجاذب وتتنافر من خلال مواقف الشخصيات وتطلعاتها: «وهكذا يبني الروائي حبكة روايته التي تستكمل خيوطها بمشاركة القارئ؛ لم تقدم الواحة وقلعتها عناصر الأمان للناس الذين يسكنونها وحسب، بل قدمتا لهم الكنز الثمين الذي كان ندرة في ذلك الزمن؛ وهو الملح. هذا المنتج الاقتصادي الطبيعي الذي ربط الناس بمحيطهم؛ المدينة وأسواقها، الأرياف، البوادي، الثورات الشعبية، الحكم العثماني ومن ثم قوة الانتداب الفرنسي. كل هذه العوامل المفصلية صاغتْ بدورها وجدان الهاربين الفارين بأرواحهم من تقلبات الدول والحكومات والثورات الوطنية».
ومن أجواء الرواية ما ورد على لسان عجاج أبو عطا: «أفكر أحيانا بصوت عال وأقول: لو كنتُ مكان ابني نايف في تلك الظهيرة البعيدة! كيف ستكون ردة فعلي؟ هل سأنجر لعاطفتي وأخاطر بحياتنا ومستقبلنا في هذه القرية، أم أحكم عقلي وأكبح جماح مشاعري والرغبة الملحة بالانتقام السريع؟! لا أعرف، ربما فعلتُ ما فعله بالضبط.. آه يا نايف!».
وفي موضع آخر يقول نايف: «كنت أفكر بمدى سعادة بيسان عندما تراني بعد أن تكون قد فقدتْ الأمل بعودتي. ستلمع عيناها وتنفرج شفتاها عن ابتسامة أشهى من الكرز الأحمر. ستركض نحوي وتنفض غبار الطريق عن كتفي براحتها اللينة، وقد تقترب مني حتى أشتم رائحتها الزكية. ستعاتبني بكلمات رقيقة وتقول: كنت أعرف أنك ستعود على الرغم من كل شيء، لكن إياك أن تسمح لهذا بالحدوث مجددا! ستنظر بعيني وتتصنع الجدية: أتسمع ما أقول! تضحك بعذوبة عندما تلمح أباها يدخل الدكان بقامته التي تشبه كبرياء جبلنا. ستقول: أبي! انظر من عاد! يفتح ذراعيه وتكاد الدموع تنفلت من عينيه. يهتف بصوت فيه غصة البكاء: نايف! يحضنني بقوة. الحمد لله على سلامتك. ماذا حدث؟ كيف أطلقوا سراحك؟ سأروي لهم ما كان بتفاصيله الدقيقة. سأحكي لهم عن أبي طلال وأبي صالح وأبي نعمة. سينبهرون بقصة هادي ترومار التي تشبه حكايات جدتي. ستفتح بيسان فمها وتضع يدها على صدرها تعجبا واستغرابا».
وقال الروائي إن هذه الرواية هي الجزء الثاني من ثلاثية الثورات التي يعكف على جزئها الثالث الآن. بعد «الوزر المالح» تأتي «قلعة الدروز» كامتداد زماني ومكاني وما يتعلق بهما من تاريخ اجتماعي ومادي. وعن النواحي المعرفية قال الروائي إنها حصيلة تأمل ما وجده في كتب التاريخ التي تناولت تلك الفترة، وأكد أن الرواية أصبحتْ الآن بين يدي القارئ الذي سيحكم عليها معرفيا وجماليا، وأن ما يقوله الروائي لن يغير شيئا من انطباعات القراء وملاحظاتهم التي لطالما استفاد منها في شكل ومضمون أعماله اللاحقة.

جاءت الرواية في (192) صفحة من القطع المتوسط، وغلافها للفنان يوسف الصرايرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية