دمشق – «القدس العربي» : صعّدت روسيا سياسيا وعسكريا تجاه حليفتها أنقرة ومناطق نفوذها شمال غربي سوريا، حيث أصيب عشرة مدنيين بينهم طفلان، الخميس، بقصف مدفعي وصاروخي لقوات النظامين السوري والروسي في ريف إدلب. وقالت مصادر محلية إنّ سبعة مدنيين عمّال، بينهم أطفال، أصيبوا، إثر سقوط صاروخ موجّه أطلقته قوات النظام، استهدف سيارةً مدنيّة كانت تقلّهم قرب قرية مجدليا جنوبي إدلب.
اتهام روسي لأنقرة
منير المصطفى نائب مدير الدفاع المدني السوري قال في تصريح لـ «القدس العربي» الخميس «أصيب طفلان بجروح، اليوم، باستهداف قوات النظام وروسيا بصاروخ حراري موجه سيارة لمدنيين يعملون بقطاف الزيتون في مزارع قرية معربليت جنوبي إدلب. كما أصيب طفل بقصف مدفعي لقوات النظام وروسيا استهدف منازل المدنيين في قرية الصحن في ريف إدلب الغربي». وتعرضت أطراف قرى كدورة ومنطف ومجلديا جنوبي إدلب، وأطراف جبل العليا وجبل محمبل غربها لقصف مدفعي من قبل قوات النظام وروسيا دون وقوع إصابات.
إصابة عشرة مدنيين بينهم أطفال بقصف لقوات النظامين السوري والروسي على ريف إدلب
وتقوض هذه الاستهدافات الممنهجة والمستمرة الاستقرار في مناطق عدة في ريف إدلب وحلب، وتمنع المدنيين من العمل في مزارعهم وجني محاصيلهم الزراعية، لاسيما مع بدء موسم قطاف الزيتون.
سياسياً، اتهم المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، أنقرة بأنها لم تنفذ كامل التزاماتها في الاتفاقيات التي وقعت عليها في موسكو بآذار عام 2020، وقال في حوار مع صحيفة الوطن الشبه رسيمة الخميس، بأن روسيا تواصل «الجهود الرامية لإقناع القيادة التركية بالالتزام ببنود هذه الاتفاقيات، والسعي للحفاظ على «خفض التصعيد» وضرورة الالتزام بهذا الأمر في الشمال السوري. وأضاف لافرنتييف «إن مكافحة الإرهاب ومحاربة المجموعات الإرهابية الراديكالية سوف يستمر، ليس فقط في إدلب لكن أيضاً في المناطق الأخرى … وسنواصل القصف واستهداف الإرهابيين والمتطرفين واستهداف مخيمات تدريبهم لمنع أي تطورات سلبية ومنع زيادة معاناة الشعب السوري».
وزعم المسؤول الروسي وجود «محاولات تركية لتحويل المنظمة الإرهابية المسماة هيئة تحرير الشام والتي تعتبر جزءاً من القاعدة لما يسمى معارضة معتدلة، ونرى أنه على الرغم من قرار الأمم المتحدة الذي يصنف هذه المنظمة على أنها تنظيم إرهابي، فإن تركيا تحظى بدعم عدد من الدول الغربية للمضي في هذه المحاولات».
أما في إطار الحوار مع المعارضة السورية فقد دعا المبعوث الروسي «إلى حل مشكلة وجود تنظيم إرهابي مسمى: «هيئة تحرير الشام»، لكن مع الأسف فإن هذه المعارضة المدعومة من تركيا لا ترفض فقط قتال هذه المنظمة الإرهابية لكنها تسعى أيضاً إقامة شراكة معها، وهذا طبعاً أمر غير مقبول تماماً، وهذه النقطة نتحدث بها وبانفتاح مع الشركاء الأتراك، وهذه السياسة التي يتم تطبيقها حالياً في إدلب بمنطقة خفض التصعيد وبعض المناطق الأخرى التي تسيطر عليها تركيا حالياً، هدفها إبعاد إمكانية فرض الحكومة السورية لسيادتها على تلك المناطق، وإمكانية الوصول لحلول لإعادة الدولة السورية سيادتها على كامل أراضيها، لكن نحن على يقين بأن استعادة سوريا لسيادتها على كامل أراضيها سوف تتم بالتأكيد لكن هذا يتطلب بعضاً من الوقت».
وحول المفاوضات أمنية السورية التركية والدور الروسي فيها؟ قال لافرنتييف «من الصعب بالتأكيد التحدث حالياً عن المشاورات المستمرة بين سوريا وتركيا على مستوى الأجهزة الأمنية، لكن نقول إن أي نوع من الحوار هو أفضل من الصمت، وأي نوع من التواصل يساعد على إيجاد نقاط تقارب بالمواقف، وربما نقاط لحل بعض المشكلات الموجودة».
وتابع أن «هذه العملية الرامية لإعادة العلاقات السورية – التركية لمستواها العادي تتطلب نيات حسنة من قبل القيادة التركية… ومن الأولويات في الوقت الحالي حل مشكلة الوصول لعلاقات حسن الجوار بين سورية وتركيا، ونحن وإياكم نفهم بأن هناك الكثير من الصعوبات التي تعترض الوصول لهذا الوفاق».
وإزاء الوساطة الروسية بين القوى الكردية والنظام السوري قال «كنا دائماً نرى أنه من الضروري مواصلة وتوسيع الحوار بين الحكومة في دمشق وبين «قسد» والأكراد عموماً، وكما تعلمون فإن الأكراد يعيشون في مناطق واسعة من حيث المساحة في شمال شرق سوريا شرق الفرات، مع أن تعداد الأكراد في هذه المناطق لا يتجاوز 2 إلى 3 في المئة من تعداد السكان هناك، حيث توجد أيضاً في تلك المناطق العشائر العربية وغيرها من العناصر المهمة، فمن الضروري بذل كل ما بوسعنا لعودة هذه المناطق لحضن سوريا الموحدة… بينما تدعو واشنطن الأكراد لرفض مواصلة الحوار مع الحكومة السورية، وهي تقف ضد الوصول لأي نوع من الاتفاقيات، وبهذه الطريقة تدعم واشنطن النيات الانفصالية…».
«الأكراد جزء لا يتجزأ من المجتمع السوري»
وأضاف «الأكراد كانوا ولا يزالون جزءاً لا يتجزأ من المجتمع السوري أما بالنسبة للمواقف الأمريكية فنحن نفهم جيداً أن وجودهم في سوريا هو أمر مؤقت، وعند وجود أي تغيرات في الأوضاع العامة بالمنطقة سيترك الأمريكيون حلفاءهم كما فعلوا مؤخراً في بعض الدول الأخرى…».
ووصف لافرنتييف مستوى التعاون بين وزارتي الدفاع السورية والروسية بأنه جيد جداً، معتبرا أن «المهمة الأساسية للمستشارين العسكريين الروس هو تعزيز قدرات الجيش العربي السوري على مكافحة المخاطر الموجودة، وأثناء التدريبات والمناورات المشتركة يحاول الروس مشاركة المعرفة والخبرات لديهم مع الأصدقاء السوريين».
وبخصوص اللجنة الدستورية، قال «مواقف روسيا وسوريا تؤكد الجهوزية الكاملة لمواصلة التقدم النشط في هذا الحوار وفي عمل اللجنة الدستورية والمسار الدستوري، لكن يجب أن يكون موقع الاجتماعات حيادياً ويتفق مع مصالح كل الأطراف، وطبعاً من الضروري مواصلة هذا العمل الذي نريده جميعاً أن يصل لنتائج إيجابية لأن هذا يتفق مع مصالح الشعب السوري» مضيفاً «لقد أنشئت اللجنة الدستورية نتيجة ما تم التوصل إليه في مسار «أستانة» ومؤتمر «سوتشي»، ولا يمكن أن يكون مسار أستانة بديلاً عن الحوار السوري – السوري في إطار اللجنة الدستورية، أما في مسار أستانا فنحن مستمرون في تقديم الدعم لتطوير الحوار القائم».
وحول تطبيع العلاقات مع النظام السوري، قال «سوريا منفتحة بشكل كامل لإعادة العلاقات مع الدول العربية، وهذا تم التأكيد عليه بكل صراحة، ونحن سوف نعمل مع السعودية والدول العربية الأخرى لتحقيق ذلك، وهناك مستوى معين من الحوار كان ولا يزال مستمراً، لكن الأهم أن ينتج هذا الحوار إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الدول العربية وسوريا… والأوضاع بصفة عامة متناقضة نسبياً، فعدم وجود علاقات دبلوماسية بين سوريا وعدد من الدول العربية لا يساعد على الحوار بصفة عامة».
يبدو أن روسيا تريد حسم الحرب في أسرع وقت ممكن قبل حلول الشتاء