لندن – «القدس العربي» – وكالات: قالت روسيا، أمس الأحد، إن قواتها وحلفاءها سيطروا على منطقة لوغانسك بشرق أوكرانيا بعد الاستيلاء على آخر معقل أوكراني في ليسيتشانسك رغم أن أوكرانيا لم تؤكد هذا الإعلان.
والسيطرة على لوغانسك، وهي هدف رئيسي للحرب بالنسبة لروسيا، تأتي بعد أسابيع من تقدم بطيء، ومن شأنها أن تمنح موسكو نصراً سياسياً محدوداً وتحول التركيز في ساحة المعركة إلى منطقة دونيتسك المجاورة، حيث لا تزال أوكرانيا تسيطر على مساحات شاسعة.
وبعد طرد قواتها من العاصمة الأوكرانية كييف عقب الغزو الذي بدأ في 24 فبراير/ شباط، ركزت روسيا حملتها العسكرية على دونباس، التي تضم لوغانسك ودونيتسك. ويقاتل الانفصاليون الذين تدعمهم موسكو في المنطقة منذ أول تدخل عسكري لروسيا في أوكرانيا عام 2014.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الوزير سيرغي شويغو أبلغ الرئيس فلاديمير بوتين بأن لوغانسك “تحررت” بعد أن قالت روسيا في وقت سابق إن قواتها استولت على قرى حول ليسيتشانسك وتمكنت من تطويق المدينة. وقال الوزير إن القوات الروسية وحلفاءها في المنطقة “سيطروا بشكل كامل على مدينة ليسيتشانسك”.
الانسحاب من ليسيتشانسك
وصرح يوري ساك، مستشار وزير الدفاع الأوكراني، أنه “لا يمكنه تأكيد أن ليسيتشانسك تحت السيطرة الروسية الكاملة”. وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أمس الأحد، خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي: “لا يمكننا القول إن ليسيتشانسك تحت السيطرة الروسية”، مضيفاً: “هناك قتال في ضواحي” هذه المدينة المحاصرة منذ أسابيع. وأضاف: “هناك خطر احتلال كامل لمنطقة لوغانسك. هناك خطر ونحن نفهم ذلك”، معتبراً أن ليسيتشانسك تشكل “الوضع الأكثر صعوبة والأكثر خطورة” بالنسبة إلى أوكرانيا. وتابع: “الأفضلية ليست لنا هناك، هذا صحيح. إنها نقطة ضعفنا لكننا نتقدم في نقاط أخرى”.
إلا أنه قالت قيادة الجيش الأوكراني إن القوات اضطرت للانسحاب من ليسيتشانسك، مضيفةً في بيان على مواقع التواصل الاجتماعي: “استمرار الدفاع عن المدينة سيؤدي إلى عواقب وخيمة. ومن أجل الحفاظ على أرواح المدافعين الأوكرانيين، تم اتخاذ قرار بالانسحاب”.
وقال رئيس بلدية سلوفيانسك الأوكرانية فاديم لياك إن المدينة تعرضت لقصف قوي من عدة قاذفات صواريخ الأحد مما أدى إلى مقتل وإصابة العديد من الأشخاص. وقال لياخ في تسجيل مصور على فيسبوك: “قصف براجمات صواريخ على سلوفيانسك هو الأعنف منذ فترة طويلة. هناك خمسة عشر حريقاً والعديد من القتلى والجرحى”. بدورها، أوضحت تيتيانا إغناتشنكو وهي ناطقة باسم منطقة دونيتسك التي تقع فيها سلوفيانسك لموقع “سوسبيلني” الأوكراني أن القصف خلّف “ستة قتلى و15 جريحاً” وكررت مناشدة السلطات للسكان مغادرة المنطقة، فيما تقع خطوط المواجهة الآن على مسافة كيلومترات قليلة من سلوفيانسك. وبحسب وسائل إعلام أوكرانية، اشتعلت النيران في إحدى أسواق المدينة عقب هذه الضربات الروسية.
وإلى الجنوب، تعرضت مدينة كراماتورسك، المركز الإداري لمنطقة دونباس، للقصف لليوم الثاني على التوالي بصواريخ سميرتش، وفق رئيس بلدية المدينة أولكسندر غونتشارنكو الذي أوضح أن الضربات استهدفت منطقة سكنية وفندقاً غير مأهول، ولم تسفر عن إصابات.
ويرى نيل ملفين من معهد رويال يونايتد سيرفيسز للأبحاث ومقره لندن، أنه بينما ستحاول روسيا إظهار تقدمها في لوغانسك على أنه لحظة مهمة في الحرب، فقد جاءت بعد أربعة أشهر من الحرب وكلفت الجيش الروسي الكثير. وقال: “موقف الأوكرانيين لم يكن أبداً أنه يمكنهم الدفاع عن كل هذا. ما كانوا يحاولون فعله هو إبطاء الهجوم الروسي وإلحاق أكبر قدر من الضرر، بينما يستعدون لهجوم مضاد”.
خاركيف
وقالت وزارة الدفاع الروسية، الأحد، إنها قصفت البنية التحتية العسكرية في خاركيف، وهي ثاني أكبر مدينة في شمال شرق أوكرانيا، وكانت القوات الأوكرانية تحفر خنادق وتشيد تحصينات خرسانية في المدينة بعد قصفها ليلاً. وأعلنت أوكرانيا سقوط عشرات المدنيين بين قتيل وجريح في المنطقة في الأسابيع القليلة الماضية.
على الجانب الروسي وتحديداً على بعد نحو 40 كيلومتراً شمالي الحدود مع أوكرانيا، أبلغت روسيا عن انفجارات وقعت الأحد في مدينة بيلغورود مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل وتدمير منازل.
وقال أحد سكان المدينة: “الدوي كان قوياً جداً حتى إنني نهضت من نومي وشعرت بخوف رهيب وبدأت في الصراخ”. وأضاف أن الانفجارات وقعت في الساعة الثالثة صباحاً (منتصف الليل بتوقيت غرينتش). واتهمت موسكو كييف بشن عدة هجمات على بيلغورود ومناطق أخرى متاخمة لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي. ولم تعلن أوكرانيا مسؤوليتها عن هذه الهجمات لكنها وصفتها بأنها وقعت رداً على قصف روسيا للمناطق السكنية الأوكرانية وتحويلها إلى أنقاض.
وفي تسجيل مصور على تيليغرام، قال إيفان فيدوروف، الرئيس المنفي لبلدية ميليتوبول في جنوب أوكرانيا التي تحتلها روسيا، إن القوات الأوكرانية قصفت قاعدة عسكرية بأكثر من 30 قذيفة الأحد. وقل مسؤول عينته موسكو إن أضراراً لحقت بعدة منازل خاصة قرب القاعدة الجوية، لكن لم تقع إصابات.
وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية إن سلاح الجو التابع لها نفذ نحو 15 طلعة جوية “في جميع اتجاهات القتال تقريباً” ودمرت عتاداً واثنين من مخازن الذخيرة الميدانية. وفي الجنوب أيضاً، قالت روسيا إنها قصفت مواقع لقيادة الجيش في ميكولايف قرب ميناء أوديسا الحيوي على البحر الأسود، حيث أبلغ رئيس البلدية، السبت، عن عدة انفجارات قوية. وقالت الأركان العامة الأوكرانية، الأحد: “المحتلون الروس يشنون هجمات صاروخية بانتظام باتجاه ميكولايف”.
ودعت أوكرانيا مراراً إلى تسريع إمدادات الأسلحة من الغرب، قائلة إن القوات الروسية تتفوق على قواتها بدرجة كبير في التسليح. وقال المستشار الألماني، أولاف شولتس، لمحطة أيه.أر.دي، إن ألمانيا تبحث مع حلفائها الضمانات الأمنية لأوكرانيا بعد الحرب، على الرغم من أنه من الواضح أن هذه الضمانات “لن تكون نفسها لو كانت دولة ما عضواً في حلف شمال الأطلسي”.
وأثناء زيارته لكييف، وقال ألبانيز في مؤتمر صحافي مشترك مع زيلينسكي إن أستراليا ستفرض عقوبات على 16 آخرين من الوزراء والشخصيات الروسية مما يرفع العدد الإجمالي للأفراد الروس الخاضعين للعقوبات الأسترالية إلى 834. وأضاف ألبانيز أن أستراليا ستقدم لأوكرانيا 14 ناقلة جند مدرعة و20 عربة بوشماستر مدرعة إضافية. كما أفاد أن بلاده ستحظر استيراد الذهب الروسي.
إلى ذلك، اتهمت موسكو الدول الغربية بمنع إجراء مفاوضات سلام مع أوكرانيا، إذ قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للتليفزيون الحكومي الروسي: “الآن هي اللحظة التي تراهن عليها دول غربية لمواصلة الحرب”. وقال بيسكوف إنه في ظل قيادة الولايات المتحدة، لا يسمح الغرب للأوكرانيين “بأن يفكروا في السلام، ولا أن يتحدثوا عنه، ولا أن يتناقشوا بشأنه”، مشيراً إلى تصريحات سياسيين غربيين قالوا إنهم لا يريدون الضغط على أوكرانيا للدخول في مفاوضات.
وعلى الرغم من ذلك، قال إن لحظة إجراء المفاوضات قادمة. واعتبر أن أوكرانيا، يتعين عليها مع ذلك من أجل السلام، القبول بمطالب روسيا، التي تشمل الاعتراف بشبه جزيرة القرم في البحر الأسود كأراض روسية والتخلي عن إقليمي دونباس ولوغانسك.
وجاءت هذه التصريحات بعد أن قال الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتانماير، في تصريحات للقناة الثانية بالتليفزيون الألماني “زد دي إف”: “أوكرانيا يجب أن تستعيد سيادتها ووحدة أراضيها واستقلالها”، لافتاً إلى أن السؤال حول كيفية إنهاء هذه الحرب وإنهاء إراقة الدماء يعد سؤالاً مفتوحاً. وتابع أن الخلاصة هي: “يتعين علينا وضع أوكرانيا في موقف يكون لديها فيه شيء يمكن التفاوض عليه من خلال أن نجعلها قوية قبل بدء المفاوضات… يجب ألا نلح على أوكرانيا. التوقيت الذي ترغب فيه أوكرانيا السير في هذا الطريق يعد ويظل قرارها”، مؤكداً أنه سيتم دعمها في ذلك.