لا شك في أنه لا إسرائيل ولا إيران معنيَّتانِ بمواجهة مفتوحة وبحرب شاملة انطلاقاً من سوريا؛ كل المؤشِّرات تؤكِّد هذا المنطق من التحليل – ولكن من بمقدوره أن يحول دون ذلك طوال الوقت؛ وذلك إزاءَ ارتفاع منسوب التوتُّر بفعل الهجمات الإسرائيلية المتكررة.
ومن وجهة نظر سوسيولوجيَّة؛ اعتاد المستوى السياسي والعسكري في إسرائيل على استعارة تلك الأساطير؛ ولأنَّ للأساطير مدلولات وجدانيَّة لا يُشْتَرَط أن تتصل بحقائق الواقع؛ ولأنَّ لها قدرة على احتواء التناقضات وتوحيد الجماعة المتجانسة أمام المخاطر الخارجيَّة وتجاوز التناقضات الداخليَّة – يجري توظيفها كلما لزم الأمر لجهة معالجة مشاكل ومعضلات داخليَّة تتصل دائماً بقضايا وأزمات اقتصاديَّة واجتماعيَّة وثقافيَّة ومن ذلك على سبيل المثال: جدليَّة تأويل وإعادة صياغة ومَنْهَجَة العلاقات المتشابكة القائمة بين الدِّين والدَّولة والمجتمع وتأثير ذلك في مجريات الحياة المدنية والاقتصاديَّة والسياسيَّة الإسرائيليَّة، ومحاولة حل التناقضات الماثلة في العلاقات بين المتدينين والعلمانيين وبين الليبراليَّة والحاخاميَّة « وبين قبيلَتَيِّ اليمين واليسار أو القطاعات القبليَّة السِّياسيَّة « حسب تعبير عالم الأنثروبولوجيا الإسرائيلي ليف غرينبرغ – إضافة إلى التعاطي مع قضايا فساد لدى المستوى السياسي وحتى لدى المستوى القضائي مؤخَّراً؛ وعادةً وكما قلنا يجري استعارة الأساطير( فثمَّة دائماً عدو يُهدد وجودنا ويرغب في القضاء علينا) وهذه المرَّة هذا العدو هو إيران – لكن ينبغي التَّحلِّي بالشَّجاعة والثِّقة لأنَّ ( لدينا جيشاً فتَّاكاً ) حسب تعبير أفيف كوخافي رئيس الأركان الإسرائيلي العتيد مؤخَّراً.
مواجهات كبيرة
إجمالاً، وعلى حافَّة احتمالات مواجهة كبيرة – حيث الجميع على ما يبدو يستعد لاحتمال وقوعها – تواصل إسرائيل هجماتِها في سوريا تحت عنوان مواجهة التموضع الإيراني، في ظل عدم وضوح الموقف الرُّوسي حيال استمرار تلك الهجمات، أو على الأقل انعدام اليقين حيال الموقف الروسي لدى المراقبين، وربَّما لدى كلٍّ من إسرائيل وإيران أيضاً كما رشح مؤخَّراً عبر الإشارات والتصريحات في كلا الجانبين.
في المقابل تبدو إيران غير قلقة كثيراً جرَّاء استمرار تلك الهجمات بالقدر الذي يدفعها إلى تغيير سلوكها أو سياساتها في سوريا؛ وهذا ما يجري نقاشه الآن في إسرائيل في سياق تقييم الموقف، وهو الأمر الذي يمثل مبعث قلق إسرائيلي متزايد؛ ومصدر القلق هو أنَّ هذا المستوى من التَّدخل الإسرائيلي عبر العمليَّات حتى الآن ليس كافياً للجم إيران في سوريا أو لدفع سوريا مستقبلاً لإعادة النَّظر بشأن التواجد العسكري الإيراني؛ ما يستدعي تركيز وتكبير جرعات التَّحذير والتَّهديد، بل وتوسيع العمليَّات؛ وبما يستدعي أيضاً إرسال رسائل إضافيَّة أكثر خطورة لكلٍّ من سوريا وروسيا التي تُتَّهم من جانب إسرائيل مؤخَّراً أنَّها تغض الطَّرف عن زيادة التموضع الإيراني، خلافاً للتفاهمات بينها وبين إسرائيل؛ ومن وجهة النظر الإسرائيليَّة ربما يستدعي الأمر إرسال مزيد من الرسائل إلى الأطراف المعنيَّة بما يُؤكِّد التصميم الإسرائيلي على مواصلة مواجهة التموضع الإيراني مع مراعاة تفاهمات أو قواعد اشتباك أو بدونها؛ وذلك عبر عمليَّات عسكريَّة إسرائيليَّة أوسع وأوضح وأكثر أهميَّة وتأثيراً من حيث الأهداف المقصودة والمستهدفة؛ وقد قيلَ في إسرائيل قبل أيام: إنَّ الغارات الأوسع التي شُنَّت ضد أهداف إيرانيَّة في جنوب دمشق مؤخَّراً كانت تستهدف إيصال هذه الرِّسالة، وتحديداً إلى الجانب الروسي. صحيح أنَّ التعقيب الرُّوسي على الغارات الإسرائيليَّة الأخيرة تأخَّر قليلاً وقد جاءَ غاضباً مُسْتَنْكِراً فيما بعد؛ لكن هناك ما لا يقل أهميَّة في الدَّلالات وهو قاله نائب وزير الخارجيَّة الرُّوسي « سيرغي ريبكوف « قبل يومين: من أنَّ روسيا معنيَّة تماماً بأمن إسرائيل وبعدم تعريض أمنها لأي مخاطر.
في مقابل ذلك وحيال ما يبدو من غموض في الموقف الروسي؛ أَلْمَحَ مسؤولٌ إيرانيٌّ كبير قبل أيَّام إلى أنَّ روسيا تعمل على تعطيل أو إعاقة عمل أنظمة الدِّفاع الجوي السوري المعتمدة على منظومة « س 300 « أثناء وقوع الغارات الإسرائيليَّة.
في سياقٍ متصل؛ كان واضحاً ومنذ البداية أنَّ لا أحد من الأطراف الدوليَّة والإقليميَّة المتنافسة والمشتبكة في سوريا وعلى سوريا وبما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران كان يريد المواجهة الشاملة أو الحرب المفتوحة بلا قيود وبلا حسابات توازن دقيقة وذلك طوال عمر هذه الأزمة وحتى الآن. وبرغم العمليات العسكريَّة الإسرائيليَّة المتكررة في سوريا – المُركَّزة والهادفة إلى الحد من التَّموضع الإيراني حسب التوصيف الإسرائيلي، والتي تجري بالتفاهم مع روسيا كما يتم التأكيد باستمرار في إسرائيل وكما هو واضح أيضاً – إلا أنَّ إسرائيل بدورها كانت، وربما ما تزال، حريصة على عدم تدحرجها إلى عمليَّة كبيرة أو إلى مواجهة شاملة بمعنى الحرب – هكذا يتم التأكيد في إسرائيل المرَّة تلو المرَّة؛ وقد جرى ذلك مرَّاتٍ كثيرة على لسان رئيس الأركان المُغادر للتوِّ غادي آيزنكوت ودون نفي لذلك على لسان رئيس الأركان الجديد أفيف كوخافي، وأتى ذلك على لسانِ أكثر من مسؤولٍ إسرائيليٍّ وليس آخرهم الرَّئيس الإسرائيلي رؤفين ريفلين في تصريحاته الأخيرة من فرنسا قبل أيام، وهذا هو منحى التعليقات الصحافيَّة وتحليلات المراقبين والمختصين الإسرائيليين تعقيباً على هذا المناخ من التوتر على الجبهة الشماليَّة.
من جانبٍ آخر فمن شبه المؤكَّد أنَّ النظام والجيش في سوريا لا يرغبان في ذلك ومن المنطقي أنَّهما لا يسعيان إلى أيِّ مواجهة شاملة مع إسرائيل؛ فليس من المصلحة حدوث أيِّ مستوىً من مستويات المواجهة الميدانيَّة راهناً وربما في المستقبل المنظور على الأقل؛ لأنَّهما منفعلان في أمر إبرام وإتمام السيطرة على مجمل الجغرافيا السوريَّة.
ردود الأفعال
وكذلك الأمر بالنسبة لإيران أيضاً؛ فمن الواضح أنَّ إيران لا تريد مواجهة شاملة مع إسرائيل ولا تسعى إليها لأنَّها غير مهيَّأة لذلك في الوقت الحاضر وربَّما لأمدٍ متوسِّطٍ أو طويل أيضاً – وتأتي ردود الأفعال الإيرانيَّة بصيغة التَّهديد بحرب شاملة بشرط أنْ تبدأها إسرائيل بإشارة تأكيد على ذلك – وربَّما أيضاً لأنَّ ذلك ليس على رأس أولويَّاتها كهدف أساسيٍّ من أهداف تركيز وتعزيز وجودها في سوريا؛ فثمَّة أسباب وأهداف أخرى من وراء الوجود الإيراني في سوريا، وهي تتصل بمجمل مسألة مستقبل الدور الإيراني في المنطقة وبما يحويه من مضامين وعوامل وأهداف جيوسياسيَّة واستراتيجيَّة معقَّدة وشاملة وضروريَّة في نظر إيران كقوَّة تحاول عبور حاجز كونها مجرَّد قوَّة إقليميَّة محليَّة، وإن كان صحيحاً أنَّ أحد المداخل للوصول إلى تلك الأهداف يأتي عبر البوابة السورية في الأساس كما يرى أعداؤُها من جانب وكما يؤكِّد ذلك سلوكها من الجانب الآخر؛ فإنَّه وفي سياق هذا المفهوم تبدو سخونة الأزمات والمواجهات التفصيليَّة والإعلاميَّة وحتى الميدانية المحدودة كما نرى مؤخَّراً بين إسرائيل وإيران على خلفيَّة الدعم الإيراني لحزب الله كواحدٍ فقط من التفصيلات المتعلِّقة بمجمل الموقف من مستقبل الدور الإيراني في المنطقة – وذلك على الأقل من وجهة نظر الإدارة الأمريكيَّة وبعض الدُّول العربيَّة والقوى لإقليميَّة في المنطقة، وذلك بمعزلٍ عن التضخيمات الإسرائيليَّة المتصلة بالتهديد الإيراني المباشر لها – وضمن هذا الإجمال من سياق مواجهة الدور الإيراني في المنطقة وتحديداً في سوريا لا ينبغي إغفال حسابات اقتصاديَّة تتعلَّق بالتطلع الإيراني تجاه المساهمة والاستثمار في عمليَّة إعادة الإعمار التي من المُفتَرض أنْ تجري هناك في المستقبل؛ ومثل هذه الحسابات لا شك أنَّها لا تخص إيران وحدها؛ فهي في المقابل تثير اهتمام وتحسس أكثر من طرف مُنافس يستهدف المساهمة والاستثمار في إعادة إعمار سوريا، وعلى رأسِ أولئك بطبيعة الحال روسيا.
وفي هذا الإطار من التحليل إضافةً إلى عوامل تتعلَّق بالحضور العسكري الإيراني في سوريا وإنْ في نطاق محدود بالمقارنة مع الوجود العسكري الرُّوسي بمعناه الاستراتيجي العميق ربَّما في الإمكان توقُّع سبباً من أسباب تعقيدات العلاقات الروسية الإيرانية في سوريا والمتوقَّع أنْ تزداد تعقيداً في المستقبل؛ والتي ربَّما أيضاً تشي بإرهاصاتِها المجرياتُ والوقائع الأخيرة في سياق الاشتباك الإسرائيلي الإيراني في سوريا. وبموازاة أهميَّة علاقات التنسيق – وأحياناً التحالف – القائمة بين روسيا وإيران في الملف السُّوري وفي أكثر من ملف في المنطقة؛ هناك أهميَّة أيضاً للعلاقات الرُّوسيَّة الإسرائيليَّة – في نظر كلٍّ من روسيا وإسرائيل على حدٍّ سواء كدولتين تقيمان علاقات دبلوماسيَّة كاملة – حيث هناك مجالات مختلفة للشراكة في مواضيع اقتصاديَّة وأمنيَّة، وهناك الآن جالية روسيَّة كبيرة في إسرائيل توفَّرت بعد موجات هجرة الرُّوس – من اليهود ومن غير اليهود – إلى إسرائيل مع مطلع التسعينيَّات من القرن الماضي؛ وهذه الجالية تُساهم بفعاليَّة ومنذ ذلك الحين في شتَّى مجالات الحياة المدنيَّة والاقتصاديَّة والعسكريَّة والسِّياسيَّة، ولها أحزابُها السياسيَّة الخاصَّة بها – حزب إسرائيل بيتنا وحزب إسرائيل بعاليا – ويتوفَّر لها مخزون ديمغرافي مناطقي وانتخابي يسمح لها بمقدار لا يُستهان به من عدد المقاعد البرلمانيَّة في الكنيست الإسرائيلي. في المقابل هناك أهميَّة ومصلحة خاصَّة روسيَّة لعلاقات متوازنة بين روسيا وإسرائيل؛ فثمَّة نشاط أمني ودبلوماسي واقتصادي إسرائيلي عالي الفعاليَّة في دول شرق أوروبا وبما يعني التاثير الفعَّال إسرائيليَّاً في غلاف روسيا الجغرافي والديموغرافي والاستراتيجي المباشر كالمجر وأكرانيا ورومانيا وغيرها من الدول، ومن جمهوريات الاتِّحاد السوفييتي السَّابق في آسيا إلى الجنوب من روسيا؛ وبما يعني وجود فعاليَّة إسرائيليَّة في غلاف روسيا الجنوبي الآسيوي أيضاً.
الموقف الروسي
لهذه الأسباب ولغيرها يبدو واضحاً أنَّ روسيا هي أوَّل الجهات المعنيَّة بعدم حصول تلك المواجهة الشاملة؛ ومن الواضح جدَّاً أنَّها منتبهة لضرورة القيام بدور فعَّال يحول دون حصول تلك المواجهة التي من الممكن أنْ تخرج عن السيطرة بما يستدعي تدخلاً أمريكيَّاً وأطلسيَّاً فعَّالاً لصالح إسرائيل وضد إيران وسوريا بطبيعة الحال وهو ما سيجر إلى ضرورة اتخاذ موقف روسي ربما يضع مجمل المنطقة ومجمل منطق السياسة الدولية القائمة حالياً وفق معادلة التنافس في مناخ التفاهمات الإستراتيجية العريضة على حافَّة الهاوية؛ وبما يُعرِّض للخطر استقرار واستمرار الدور الروسي المُكرَّس والمُعَزَّز في سوريا بوسائل عسكريَّة وسياسيَّة ودبلوماسيَّة واقتصاديَّة تفضيليَّة؛ فإلى جانب أسباب روسيا الجيوسياسيَّة والاستراتيجيَّة المعروفة تماماً فيما يتعلَّق بسوريا، ثمَّة عوامل ومفاعيل اقتصاديَّة مهمَّة جدَّاً تتصل بحجم وبعمق الاستثمارات الروسية في سوريا في مجالات مختلفة بدءاً بحجم التبادل التِّجاري وبمستقبل توريدات الطَّاقة عبر ساحل المتوسِّط وعبر الموانئ السوريَّة وليس انتهاءَ بمبيعات السلاح والتقنيَّات العسكريَّة وصولاً إلى أهميَّة وجود، وتعزيز وجود، القواعد العسكريَّة البحريَّة والجويَّة المُتموضعة في شمال السَّاحل السُّوري؛ وفي هذا السياق جاء التدخل الرُّوسي في سوريا أصلاً، ومن الواضح تماماً أنَّ الدور الروسي البارز في سوريا يأتي في سياق تفاهمات استراتيجيَّة دوليَّة بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكيَّة في الأساس ومن ورائها حلف النَّاتو وبما في ذلك تركيا أيضاً؛ وبالمقدور رؤية هذا السياق من التفاهمات الاستراتيجيَّة في إطارِها العريض بوضوح لدى تتبع سياقات تطورات الأزمة في سوريا عبر السنوات االأخيرة الماضية وتحديداً منذ تراجع إدارة « باراك أوباما « عن تهديداتها وترتيباتها بشأن القيام بعمليَّة في سوريا على خلفيَّة الاتِّهامات باستخدام أسلحة كيميائيَّة من قبل الجيش السوري في عام 2012 حيث تولَّت روسيا تفكيك ترسانة الأسلحة الكيميائيَّة السُّوريَّة ونظَّمت آلية مراقبة دوليَّة للتخلُّص منها – واستمرار هذا الدَّور الرُّوسي ربَّما هو الأهم لجهة ما يمثله من رافعة للتوازن وللحفاظ على إمكانية استمرار مسار سياسي لحل الأزمة في سوريا يضمن نوعاً من الحضور والمشاركة الإقليميَّة والدوليَّة للمعنيين بالأوضاع هناك؛ وذلك بسبب ما لروسيا في سوريا من ثقل سواءً في الميدان – بعد التدخل العسكري الروسي المباشر هناك – وبما لها في الأصل من تأثير سياسي مبني على قاعدة العلاقات السياسيَّة والاقتصاديَّة والعسكريَّة التاريخيَّة القديمة مع سوريا. لقد جرى شراء حياد إسرائيل وعدم تدخلها المباشر بما يؤدِّي إلى خلط الأوراق وإلى تشويش خطط القوى الدولية في المنطقة – ولضمان وصول بضاعة الدبلوماسيَّة الأمريكيَّة وغيرها أحياناً – في أكثر من مناسبة تتصل بأزمات الشرق الأوسط؛ جرى ذلك إبَّان أزمة احتلال العراق للكويت وبناء التحالف الدولي والعربي لمواجهة العراق من قبل الولايات المتحدة، وجرى ذلك مؤخَّراً في سوريا وإنْ بدرجة أقل من قبل روسيا؛ وفي كل هذه المناسبات كانت إسرائيل تُحصِّل الثَّمن – ثمن بضاعة عدم التَّشويش – في هذه المرَّة تريدُ إسرائيل ربَّما ثمناً عالياً من روسيا، وهو ضمان إنهاء التموضع الإيراني في سوريا نهائيَّاً؛ حيث من المشكوك فيه أنَّ بمقدور روسيا الوفاء بذلك؛ الأمر الذي سيدفع إسرائيل إلى الاستمرار في التَّشويش الخطير.
إزاء كل ذلك وعند تحليل دور ومصلحة وأداء كل الأطراف المُنفعلة من الأزمة السوريَّة حتَّى الآن يتضح أنْ لا أحد يرغب في تدحرج الأوضاع إلى مواجهة شاملة بين كلٍّ من إسرائيل من جانب وإيران وسوريا وحزب الله من جانبٍ آخر؛ لكن ذلك يُشبه مسألة التَّأكُّد دائماً من الرَّغبة والقدرة على الدَّوس على الفرامل في الوقت المناسب والحقيقي قبل الوصول إلى حافَّةِ مُنحدَراتٍ سحيقة.
٭ كاتب فلسطيني
مقالة استراتيجية شاملة تؤكد فهما سياسيا عميقا …لا اختلف معك في شيء ..الا انك لم تكشف غموض الموقف الروسي منذ اول الازمة في سوريا …لقد جرى لقاء نتنياهو وبوتين قبل الثورة السورية وهو ما يؤكد غموض الموقف الروسي في ادارة حركة الخيوط بين القوى على الساحة السورية .
شكراً جزيلاً لك أستاذ عماد…
فيما يتصل بالموقف الرُّوسي ومنذ البداية؛ أعتقد أننا متَّفقون على أنَّ موقف روسيا حيال الأزمة السُّوريَّة استند ومنذ البداية على قاعدة حماية المصالح الاستراتيجيَّة الرُّوسيَّة هناك؛ وعلى هذا الأساس فمجمل الاتصالات التي قامت بها روسيا كما مجمل سلوكها – وبما في ذلك الاتصالات الرُّوسيَّة الإسرائيليَّة – كانت تهدف إلى المحافظة على سوريا كوحدة جيوسياسيَّة قدر الإمكان والمحافظة على وجود دولة أو سلطة مركزيَّة هناك تكفل المصالح الرُّوسيَّة؛ وفي هذا الجانب بالذَّات لم يكن الموقف الرُّوسي غامضاً؛ بل إنَّه التزم بالمحافظة على عدم تجاوز جملة من الخطوط الحمراء؛ وقد كان مستعداً للذهاب حتَّى أبعد مدىً من المواجهة مع كثيرٍ من القوى المنفعلة في الأزمة السوريَّة – بما فيها إسرائيل – في سبيل عدم تجاوز تلك الخطوط