الدوحة – «القدس العربي»: منذ افتتاحه قبل شهر في الثامن والعشرين من مارس/آذار الماضي اجتذب متحف قطر الوطني الجديد الآلاف من المواطنين والمقيمين والسائحين ليخوضوا تجربة تفاعلية فريدة في رحلة مميزة عبر معارضه الرقمية ومقتنياته التاريخية وعروضه البصرية والصوتية المبهرة.
متحف قطر، الذي صممه المهندس الفرنسي جان نوفيل، ليحكي قصة هذه الدولة الخليجية، استقبل ما يزيد عن 132 ألف زائر خلال شهر واحد، وهو رقم مهم جدا في بلد صغير كقطر، مما يعتبر تأكيدا على دور هذا المتحف كإحدى المؤسسات الثقافية الحيوية في البلاد.
وعلى مدار ثلاثين يوما، استضاف المتحف العديد من الفعاليات التي تنوعت ما بين ورش العمل والعروض التقديمية واللقاءات مع أبناء المجتمع؛ حيث رحب خلال هذه الفترة بباقة من أشهر الفنانين العالميين، على غرار عارضة الأزياء العالمية ناعومي كامبل ومصممة الأزياء فيكتوريا بيكهام، والممثل الشهير جوني ديب، ليتحول المتحف إلى قبلة لكل من يود التعرف على ثقافة دولة قطر وقاطنيها.
وانطلاقا من كونه المتحف الوطني للبلاد، سعى لإنشاء حوار متبادل مع أبناء المجتمع والاستماع لانطباعاتهم وأفكارهم وتوصياتهم في إطار التحسين الدائم لتجربة الجماهير. وفي هذا الصدد، نظم ندوة هي الأولى من نوعها في قطر تعنى بعدد من الدراسات حول زوار المتاحف والمؤسسات الثقافية.
وكان من بين أبرز المحاضرين في تلك الندوة جو هارغريفز، مدير مؤسسة موريس هارغريفز ماكنيتاير للاستشارات، والدكتورة أليكساندرا بونيا، الأستاذة في دراسات المتاحف بكلية لندن الجامعية في قطر، والدكتورة كارين إكسل، أخصائية تطوير المتاحف في متحف قطر الوطني.
وتسنى للحضور كذلك الاستفادة من العروض التقديمية والمقدمة الثرية التي ألقاها البروفيسور جون إتش فوك من معهد الابتكار في التعليم في جامعة أوريغون ستيت. وقالت الشيخة آمنة بنت عبدالعزيز بن جاسم آل ثاني، مديرة متحف قطر الوطني: «بعدما أمضينا أكثر من عقد من التخطيط والتنفيذ في بناء هذا الصرح شكلا ومضمونا، يسرنا اليوم ببالغ الفخر أن نرحب بالشعب القطري وضيوفنا من جميع أنحاء العالم في هذا المتحف التفاعلي المثير الذي يقدم للزائر تجربة متعددة المستويات».
وأضافت «منذ اللحظة الأولى، أدركت متاحف قطر ومعها فريق متحف قطر الوطني ضرورة تقديم تجربة حيَّة لشعبنا، متحف له قلب ينبض بالحياة. ومن ثم، أنشأنا صالات عرض مفعمة بالحركة والصوت والألوان تستولي على ألباب الجمهور وتدفعه للانغماس فيها بحواسه وعواطفه وذهنه. وقد بنينا محتوى إبداعيا وأصيلا شديد الثراء سيجد معه الزائر شيئا جديدا في كل مرة يرتاد فيها المتحف. والآن حان وقت الاكتشاف».
وانطلاقا من دوره الثقافي المحوري، يعد متحف قطر الوطني إضافة إلى البيئة الإبداعية في قطر عبر تطويع موارده لإلهام المواهب الإبداعية الناشئة، وكان ذلك جليًا خلال أول فعالية ضمن سلسلة اللقاءات التي من المقرر أن يستضيفها المتحف بشكل دوري وجاءت تحت عنوان «أمسية من الإلهام مع جيف كونز».
يذكر أن المتحف هو أحدث خطوة في حملة الدوحة للهيمنة الإقليمية على الفنون والثقافة التي شهدت عمليات استحواذ كبيرة وإقامة معارض جديدة ومهرجانات للسينما واستضافة معارض دولية لفنانين مثل دميان هيرست وريشار سيرا.
ويقع المتحف على البحر في الدوحة، وقد استغرق بناؤه نحو عشرة أعوام، وشكله الخارجي عبارة عن شبكة من الألواح المتداخلة تستلهم شكل وردة الصحراء المحلية، وهو تصميم يقول مبتكره نوفيل إنه يمثل تحديا تكنولوجيا كبيرا.
ويضم في داخله جدرانا تُعرض عليها تسجيلات فيديو لحياة الصحراء في قطر والغوص بحثا عن اللؤلؤ في الماضي، إضافة إلى أرشيف رقمي عن الحياة في عهد الحكم العثماني والحكم البريطاني.