زعيم القاعدة يستعيد زعامته
زعيم القاعدة يستعيد زعامتهاذا صحت الانباء التي تقول بان زعيم تنظيم القاعدة الشيخ اسامة بن لادن قد اشرف شخصياً علي العملية التي استهدفت اغتيال ديك تشيني وزير الدفاع الامريكي اثناء زيارته لقاعدة باغرام العسكرية المحصنة في افغانستان، فان هذا تطور خطير بكل المقاييس بالنسبة الي الولايات المتحدة، والحرب التي تشنها حالياً علي ما يسمي الارهاب.هذه التأكيدات جاءت علي لسان احد قادة حركة طالبان في حديث ادلي به الي قناة الجزيرة الفضائية، في وضح النهار، ومن واقع الخبرة والدراسة لهذه الحركة وتصريحات قادتها يمكن القول انهم، اي قادة طالبان، لا يكذبون وغالباً ما يقولون ما يعرفونه جيداً ويؤمنون به. ويكفي التذكير بان الملا محمد عمر زعيم الحركة ضحي بالحكم علي ان يسلم الشيخ بن لادن الي المملكة العربية السعودية او الولايات المتحدة. وقصة طرده للامير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية الذي زاره في قندهار وطالبه بالتسليم معروفة.ما يمكن استنتاجه من هذه التصريحات ثلاثة امور علي درجة كبيرة من الاهمية: اولاً: التصريحات تؤكد ان الشيخ بن لادن ليس علي قيد الحياة فقط، وانما ايضا عاد الي ممارسة عمله علي رأس قيادة تنظيم القاعدة ولم يعد مختبئاً في مكان بعيد ومجهول، مثلما تقول بعض الترجيحات في هذا الصدد. ثانياً: التحالف بين طالبان وتنظيم القاعدة عاد الي صورته الاولي، وبات اكثر خطورة، لان طالبان باتت حركة مقاومة، ومنخرطة بشكل مباشر في الحرب ضد الامريكيين، وهذا انتصار كبير لتنظيم القاعدة وايديولوجيته. فعندما كانت الحركة في الحكم، كانت منقسمة في تأييدها لتنظيم القاعدة كما كانت ترفض الانجرار الي حرب ضد الولايات المتحدة، لانه لا يوجد سبب يدفعها الي ذلك. لكن الصورة تغيرت الآن، واصبحت امريكا قوة احتلال، والعدو الاول لطالبان لانها اطاحت بالحركة وقيادتها. ثالثاً: استفادة التحالف الجديد القائم علي ارضية المقاومة بين طالبان والقاعدة من تجربة الثانية في العراق، وخاصة الهجمات الانتحارية، فالذي نفذ عملية قاعدة باغرام ونجح في اختراق تحصيانها الامنية المشددة، استخدم الاسلوب نفسه الذي يستخدمه رجال المقاومة في العراق، اي تفجير نفسه في الهدف الذي يريد الانتقام منه. رابعاً: تحرك قادة طالبان علانية، واتصالهم بالصحف ومحطات التلفزة يوحي بانهم باتوا اكثر ثقة بالنفس، واكثر قوة علي الارض فمنذ احداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) عام 2003 اختفي هؤلاء عن الانظار تماماً، وابتعدوا عن الاضواء. ويمكن تفسير هذا بالقول ان حركة طالبان استطاعت اعادة تجميع صفوفها مجدداً بشكل مضطرد.ما يمكن قوله، وباختصار شديد ان الحرب الامريكية علي الارهاب تواجه الفشل في كل من العراق وافغانستان، وتكبد اصحابها، والمتواطئين معهم خسائر كبري مادية وسياسية، ويمكن ان تتفاقم هذه الخسائر اذا استمر العناد الامريكي، واتباع الاستراتيجيات العسكرية نفسها التي تؤكد الايام مدي ضعفها وعدم صلاحيتها.الحرب الامريكية في افغانستان كانت ناجحة تماماً، وحققت معظم اهدافها في الاطاحة بطالبان وتشتيت تنظيم القاعدة وحرمانه من ملاذه الآمن في تورا بورا ، وتدمير بناه التحتية بشكل شبه كامل. ولكن اخطاء الادارة الامريكية الكارثية بتوسيع هذه الحرب وغزو العراق، حولت هذا الانتصار الي هزيمة، وربما الي كارثة كبري، وها هي الامور تعود تدريجياً الي مرحلة ما قبل احداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر)، اي تحالف اقوي بين القاعدة و طالبان .9