الرباط: كسر الزلزال الذي ضرب المغرب، مساء الجمعة، هدوء المملكة وحوّل ليلها إلى مأساة بعد ارتفاع الوفيات والإصابات إلى المئات.
“زائر غير مرغوب فيه” جعل المواطنين يهربون من بيوتهم ويبيتون بالشارع، في حين ظل آخرون يطلقون نداءات استغاثة ويحصون خسائرهم، لتتحول الصورة أكثر قتامة بعد صعود أرواح عدة إلى السماء في لحظات لا تتعدى ثواني.
ومساء الجمعة، ضرب المغرب زلزال بقوة 7 درجات على مقياس ريختر أسفر عن “وفاة 632 شخصا وإصابة 329 آخرين بجروح، بجانب انهيار عدد من المباني”، وفق تقديرات أولية أعلنتها وزارة الداخلية، صباح السبت.
رُصدت اللحظات الأولى للزلزال وكيفية تعامل المواطنين مع الحدث الذي غيّر حياتهم بما لم يكن في الحسبان.
هدوء يسبق الزلزال
كان الهدوء سيد الموقف خلال ليلة 8 سبتمبر/أيلول الجاري، قبل أن تهتز الأرض نحو الساعة 23:10 (22:10 ت.غ)، ليخرج الناس عن بكرة أبيهم إلى الشوارع، حاملين هواتفهم النقالة لمعرفة الأخبار التي بدأت تشير حينها إلى وقوع زلزال كبير وسط البلاد وشمالها بلغ 7 درجات على مقياس ريختر.
وقال ناصر جابور، رئيس قسم بالمعهد الوطني للجيوفيزياء (حكومي)، لوكالة أنباء المغرب الرسمية، إنها “المرة الأولى منذ قرن التي يسجل فيها المركز هزة أرضية عنيفة بهذا الشكل بالمغرب”.
الزلزال الذي كان مركزه منطقة الحوز (شمال)، وصل عدة مدن مغربية مثل العاصمة الرباط والدار البيضاء (كبرى مدن البلاد) ومكناس وفاس ومراكش (شمال)، وأغادير وتارودانت (وسط)، وفق المعهد الوطني للجيوفيزياء.
بيانات رسمية وتفاعل اجتماعي
بعد وقوع الزلزال، تواصل المواطنون مع ذويهم للاطمئنان عليهم، خصوصا بعد أن أشارت مراكز رصد دولية إلى أن درجته كبيرة، ليصدر أول بيان رسمي بعد ساعة من وقوعه من طرف المعهد الوطني للجيوفيزياء.
ومع الإعلام الرسمي، انتشرت مقاطع فيديو بمنصات التواصل الاجتماعي تطلب النجدة وتشير إلى أن كثيرا من المواطنين يحتاجون إلى الإنقاذ بسبب وجودهم تحت الأنقاض.
بعد ازدياد تفاعل منصات التواصل الاجتماعي، بدأ الإعلام المحلي يتحدث عن عشرات الضحايا بين قتيل ومصاب، ليصدر بعدها بيان من وزارة الداخلية نحو الساعة 2 فجرا (بالتوقيت المحلي) يعلن عن حصيلة أولية لضحايا وخسائر الزلزال.
مواطنون يبيتون في العراء وأهالي يطلبون الإغاثة
وقد طالب أهالي بعض القرى بالمغرب السلطات بإغاثتهم جراء انهيار مبان إثر الزلزال.
جاء ذلك بحسب مقاطع مصورة تم نشرها بمنصات التواصل الاجتماعي، السبت.
وكان من بين هذه القرى مولاي إبراهيم وإيجوكان وثلاثاء نيعقوب التابعين لمدينة آسني (شمال).
وقال عزيز عيشي إنه أحس بالزلزال عندما كان يشاهد التلفاز، خاصة بعد ما بدأت النوافذ تتحرك بقوة.
وأضاف عيشي، الذي يقطن بمدينة الرباط أنه أحس بالخوف مما جعله يخرج من المنزل.
ولفت إلى أنه وجد العديد من الناس خرجوا إلى الشوارع بدورهم.
وأشار إلى أن مدة الزلزال استمرت طويلا.
وأعربت نورة إبراهيمي عن تخوفها، لأن أهلها يوجدون بمدينة أغادير (وسط).
وقال أحد سكان إقليم تارودانت: “تأكدنا من وفاة سيدة من العائلة يتجاوز عمرها 40 سنة”.
وأضاف المتحدث الذي فضل عدم ذكر اسمه: “الضحية كانت تقطن في منزل من الطين، بدوار تكاديرت بضاحية أوزيوة بمحافظة تارودانت (جنوب)”.
وأفاد عادل أيت حدو المندوب الإقليمي للصحة والحماية الاجتماعية بأزيلال (حكومي) للقناة الثانية (رسمية) أن “تسعة أشخاص لقوا حتفهم هذه الليلة بعد انهيار منازلهم بمنطقة ايتمليل، بسبب قوة الزلزال الذي ضرب المنطقة”.
ووفق المسؤول، فإن الضحايا ينحدرون من كل من دوار توفغين، ودوار الشرع ودوار أيت حمزوة.
إحصاء الخسائر مستمر
وفق الأنباء، لا يزال المواطنون يحصون خسائرهم وأرواح أقاربهم، حيث شملت الخسائر بدرجة أكبر القرى المجاورة لبؤرة الزلزال في منطقة الحوز.
ومنذ اللحظات الأولى للزلزال، تناقل رواد منصات التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع فيديو لانهيارات متعددة شملت عدة مبان، وطالب مسؤولون بالتبرع بالدم لإسعاف المصابين الوافدين على المستشفيات.
وذكرت وزارة الداخلية، السبت، أن القوات المسلحة الملكية (الجيش)، تسخر جميع الوسائل والإمكانات لتقديم المساعدات اللازمة وتقييم أضرار الزلزال، الذي ضرب عدة مدن مساء أمس الجمعة.
وأوضحت الوزارة في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية، أن “المصالح الأمنية والوقاية المدنية بمختلف العمالات والأقاليم المعنية، تواصل تسخيرها لجميع الوسائل والإمكانات من أجل التدخل وتقديم المساعدات اللازمة وتقييم الأضرار”.
(الأناضول)