كيف تعاملت المؤسسة العسكرية مع الحراك الشعبي في الجزائر؟ وكيف مرت الساعات الأخيرة للفريق توفيق القائد الأشهر لجهاز المخابرات، الذي ترأسه لمدة قاربت العشرين سنة؟ وما هو الدور الذي لعبه هذا الجهاز الحساس خلال الحراك وما بعده؟ وكيف يتحرك رجاله في سياقات مختلفة معقدة وصعبة؟ قصة الزيارة النادرة إلى المركز العسكري الشهير «عنتر»؟ ما الذي سمعه هناك؟ وكيف فسر ضباطه الوضع العام في الجزائر الذي أفرزه الحراك؟ وتساؤلات حول رجال المؤسسة والأدوار التي لعبوها في تاريخ الجزائر السياسية والأمنية؟
ذلك بعض ما جاء في كتاب «زمن العسكر… القلاع والبوصلة» الصادر عن منشورات البيت 2024، للإعلامي والكاتب أبوبكر زمّال، حيث: «تمتد مواضيع الكتاب عن المؤسسة العسكرية وبعض رجالاتها من بداية الحراك 2019 إلى غاية 2022، وهي مواضيع تجمع بين التحليل، الرؤية الخاصة، وبعض المعلومات الشحيحة عن المؤسسة تناثرت همومها من هنا وهناك، ومُحصتْ».
على كثرة ما كتب عن الحراك ومقاربته من وجهات نظر متعددة كثيرة خاصة من النخب السياسية والإعلامية والكتاب والخبراء وغيرهم، إلا أن الملاحظ هو غياب، أو قلة المقاربات التي حاولت أن تلم بموقف المؤسسة العسكرية من الحراك، خاصة في تلك الفترة، حيث اهتز الشارع الجزائري برمته منتفضا ضد العهدة الخامسة للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، ما يشير إليه المؤلف في ظهر الكتاب.
يضم الكتاب 12 دراسة تنوعت مواضيعها، لعل أهمها: «مكابدات العسكر والشارع الحيران»، «الجيش والمخابرات والشعب الجزائري: جدل الصد والجبر»، «العسكر في مواجهة الحراك»، «العقيدة العسكرية: هوامش لرؤية مغايرة»، «عن التسريبات العسكرية: علب سوداء أو أبيار فارغة»، «جهاز المخابرات ورجله: عقيدة التحفي والجلاء»، كما رسم أربع بروفايلات لأهم وأشهر القادة العسكريين في الجزائر، ونقرأ في خاتمة الكتاب تحقيقاً بعنوان: من داخل أخطر مكان في الجزائر: ساعات نادرة في مركز عنتر العسكري. يحاول الكاتب أبوبكر زمّال في كتابه أن: «يطرح وجهة نظر مغايرة، تحاول أن تقف على مرمى حجر من قلاع المؤسسة العسكرية بروح حرة، وقلم مسؤول»، وينبه إلى أن الغرض من كل هذا هو رؤية المؤسسة: «تتفكك من التجاذبات والصراعات والاحتقان، وتتبنى فلسفة جديدة في الرؤية، تقطع مع عهود بالية في النظر للأمور والأحداث، وتبتعد عن معالجات لم تعد تنفع أمام تحولات عالمية عميقة تحتدم وتتنافس وتتقاتل من أجل الأفضل والأحسن للبشرية وهي تقف على حواف المستقبل».
يصدر هذا الكتاب لتوثيق ما كتب عن المؤسسة خارج الوطن، «كي لا يضيع ولا يلفه النسيان». للتذكير أبوبكر زمال كاتب وإعلامي جزائري، وناشط ثقافي، كتب في كبريات الجرائد والمواقع العربية، أصدر في مساره 4 كتب.