لندن ـ ‘القدس العربي’ تعتبر صواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف ‘مانبادس’ من الأسلحة المفضلة للجماعات المقاتلة والجهادية، وهي من الأسلحة التي يطالب بها المقاتلون السوريون منذ فترة طويلة حيث يرون فيها سلاحا مهما كفيلا بحرف ميزان الحرب لصالحهم.
وقد بدأ هذا السلاح الذي طال انتظاره يجد طريقه لسورية، وزادت كميات الصواريخ التي أصبحت بيد المقاتلين لدرجة أصبحت تثير مخاوف الغرب من إمكانية وقوع هذه الأسلحة بأيدي مقاتلي القاعدة أو الجماعات المرتبطة بها.
ويقول محللون في الأمن القومي الأمريكي أن عشرات من هذه الصواريخ أصبح متوفرا للجماعات الإسلامية وتلك التابعة للجيش السوري الحر.
ونقلت صحيفة ‘واشنطن تايمز’ عن مات شرودر الذي يراقب انتشار هذا السلاح الفعال لصالح ‘فدرالية العلماء الأمريكيين’ قوله أن شاهد ‘عشرات’ من هذه الصواريخ، والتي قال أنها اصبحت بيد قطاع واسع من المقاتلين ‘كما أشاهد فهي في يد قطاع واسع من اللاعبين، من الجيش السوري الحر المعتدل إلى الجماعات ذات الميل الأيديولوجي الواضح.
ولست متأكدا فيما إن كانت الجماعات الموالية للقاعدة قد حصلت عليها، وهو أمر لا زلنا ننظر فيه’.
ويقول شرودر أنه أقام تحليله عن انتشار هذه الصواريخ على مراقبة أشرطة الفيديو المتوفرة على الإنترنت وصور تظهر أنظمة إطلاق لهذه الصواريخ ومواسير، والأهداف مما يعني أن المقاتلين ‘قد حصلوا عليها’.
الدور السعودي
وترى الصحيفة أن الجهود التي تقوم بها الحكومة السعودية لدعم المقاتلين السوريين تعقد من محاولات الإدارة الأمريكية منع انتشار هذا السلاح الفعال.
ونقلت عن مصدر عسكري قوله ان الإدارة مارست ضغوطا على السعودية بعدم تزويد المعارضة خاصة الجيش السوري الحر بصواريخ ‘مانبادس’، حيث ذكرت السعودية بأنها أرسلت لهم صواريخ مضادة للدبابات.
وفي الوقت الذي تقوم فيه الحكومة الأمريكية بتسليح المعارضة بأسلحة خفيفة وأخرى غير فتاكة، إضافة للطعام والدواء إلا انها لم ترسل لهم معدات قتالية متقدمة، من مثل الصواريخ الموجهة بدقة.
ونقل عن مصدر قوله أن السعوديين يقومون بدعم الجيش الحر بالأسلحة منذ عام تقريبا ولم يصل أي منها للجهاديين.
وقال المصدر أن المقاتلين ‘ لديهم صواريخ محمولة على الكتف، ولكنها ليست أمريكية الصنع، وهي ليست جيدة كصواريخنا، مع أنهم اي المقاتلين حققوا بعض النجاحات من خلالها’.
مصدر للقلق
وتمثل الصواريخ المعروفة باسم ‘مانبادس’ من الأسلحة التي تثير قلق وكالات مكافحة الإرهاب الغربية إلى جانب الأسلحة الكيماوية والنووية.
والسبب وراء اهتمام الإستخبارات فيها لخشيتها من استخدامها في ضرب طائرات مدنية، فسهولة حملها تعطي المقاتلين الفرصة للتمركز قريبا من أي مطار ومن ثم ضرب الطائرات المدنية والتي كانت وتظل هدفا محبذا للقاعدة والجماعات الموالية لها.
ولا يتجاوز وزن الصاروخ المحمول 14 كيلو غراما، ولهذا فمن السهل حمله وأخفاؤه، ويصل مداه الى ميلين.
وتقول الصحيفة ان وقوع هذه الصواريخ في يد الجماعات المقاتلة يزيد من التهديدات، مشيرة إلى الصاروخ الذي اطلق باتجاه طائرة إسرائيلية كانت تحضر لمغادرة مطار مومباسا في كينيا عام 2002 عندما استهدفت بصاروخ سوفييتي الصنع ‘أس إي-7).
ويقدر مكتب المحاسبة القانوني الأمريكي عدد الصواريخ المنتشرة في أنحاء العالم بـ 500 ألف صاروخ متوزعة على 100 دولة.
العامل الليبي
وقد زاد من مخاطر انتشار هذه الصواريخ الفوضى التي تبعت انهيار نظام معمر القذافي هو وقوع هذه الصواريخ في أيدي قطاع واسع من الميليشيات بعضها معتدل وآخر متطرف.
وتقدر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) عدد الصواريخ الليبية بحوالي 20 ألف صاروخ معظمها مصممة حسب التصميم الأصلي السوفييتي وزنة الواحد منها 14 كيلو غراما، ومع هذه الصواريخ انظمة إطلاق صغيرة.
وبالنسبة للمقاتلين السوريين فيبدو أنهم يقومون بحمل نماذج جديدة من ‘مانبادس’ إضافة للتصاميم الأولى مما يعني أن مصدر الحصول عليها ليس فقط هو السوق السوداء للسلاح الليبي.
وتقول الصحيفة أن وحدة المهام الخاصة للوكالات الأمنية الأمريكية قد أعلنت عن حملة لجمع ما أمكن من هذه الصواريخ، وتترافق هذه الحملة مع أخرى أعلنت عنها الأمم المتحدة.
وكانت وحدة الإستخبارات الأمريكية الملحقة بقنصلية الولايات المتحدة في بنغازي والتي تعرضت لهجوم في 11 إيلول (سبتمبر) 2012 مشاركة في عمليات الجمع.ومع ذلك فقد اعترفت الأمم المتحدة الشهر الماضي بأن عملية الجمع بطيئة، ونقل عن ماريك ديمتري الذي يرأس وحدة دعم الأمم المتحدة في ليبيا قوله ‘ لا تزال البلاد مغمورة بالأسلحة والذخائر التي لا تزال تمثل تهديدا على أمن المنطقة، في ضوء حدود ليبيا الطويلة والسهل عبورها’.
ويرى نقاد الإدارة الأمريكية أن حقيقة وصول هذه الأسلحة لأيدي المقاتلين السوريين تعني أن إدارة باراك أوباما لا تقوم بأداء مهمة جيدة في سورية.
ونقل عن لاري جونسون، المسؤول السابق لمكافحة الإرهاب في الخارجية الأمريكية قوله’ وضع الصواريخ المحمولة على الكتف في يد المقاتلين الإسلاميين في سورية ما هو إلا وصفة لهجمات في المستقبل على الطائرات المدنية’، مضيفا أنه بدلا من منع وصولها من الأصل فقد تبنت الإدارة موقفا يقوم على ‘لا تسأل، لا تحكي’.
ونقلت عن جنرال متقاعد عمل في إدارة جورج بوش وهو ويليام بويكين قوله أن المشكلة تتعلق ‘بفقر التخطيط’، خاصة فيما يتعلق في ليبيا فقد كانت الإدارة عندما سلحت المعارضة الليبية كانت تعرف أن نظام القذافي يملك ترسانة هائلة من ‘مانبادس’ سواء ‘أس إي-7’ او ‘أس إي-14’.
وقال أنه وغيره قد حذروا الإدارة علنا من المخاطر التي ستنتج عندما ‘يصل هؤلاء الآبقون للحكم’ على حد قوله.مضيفا أن هذه الأسلحة بالتأكيد أصبحت متوفرة في سوق السلاح العالمي.وترفض وزارة الدفاع الأمريكية تقديم معلومات عن عدد الأسلحة التي جمعتها من ليبيا فيما تقول وزارة الخارجية الأمريكية الولايات المتحدة قد ساعدت الحكومة الليبية على استعادة 5 ألاف من صواريخ ‘مانبادس’.
وأكد مسؤول ان الإدارة تواصل جهودها لمساعدة الليبيين لجمع هذه الأسلحة وإحلال الإستقرار في البلاد، من خلال توفير المساعدة الفنية والتي تشمل على أمور تتعلق بنزع الأسلحة وأمن الحدود.
في لبنان والجزائر
وإلى جانب سورية هناك تقارير تؤكد استخدام ‘مانبادس’ في لبنان وتونس، فيما اشارت أخرى لم تتأكد عن استخدامها من قبل المقاتلين الإسلاميين في الجزائر ومالي، وعن ظهورها في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس.
ولاحظ فريق الأمم المتحدة الذي يراقب حظر الأسلحة على ليبيا أن تجار الأسلحة فتحوا مكاتب لهم في بنغازي لمتابعة عملياتهم بدون أن تتدخل الحكومة المركزية الضعيفة.
وأشار تقرير المجموعة أن السلطات اللبنانية قامت بمصادرة شحنة سلاح جاءت من مدينة مصراتة في ليبيا وحملتها فرقاطة ‘لطف الله-2’ ومن بين الأسلحة التي كانت في طريقها للمقاتلين السوريين صواريخ ‘مانبادس’ (أس إي-7 ).
ومن ضمن الشحنة حاوية تحتوي على 10 صواريخ مانبادس، وست بطاريات وكذلك صاروخين متقدمين من نوع (أس إي-24).
وقال التقرير أن الحكومة التونسية إعترضت العام الماضي شحنة من هذه الصواريخ تم تهريبها من ليبيا.
ويرى شرودر أن حجم المهمة الكبيرة يعني أن جمع كل سلاح وصاروخ نهب من مخازن الحكومة السابقة أمر صعب، إضافة إلى أنه لا يتم توثيق وتسجيل ما يجمع منها.
ترسانة النظام
وفي تقريره ‘تهديد المانبادس وجهود المجتمع الدولي لمواجهتها’ (89 صفحة) أن التهديد الأكبر قد يأتي من الترسانة السورية التي قام المقاتلون بنهب بعض مخازنها.فسورية تملك مجموعة من الأسلحة المحمولة على الكتف متفوقة ومتقدمة، فلو حصل لسورية ما حصل لليبيا والعراق فسيواجه المجتمع الدولي مشكلة تتلخص في فقدان الحكومة السيطرة على الاف جديدة من صواريخ المانبادس.
ويرتبط الدعم العسكري وحصول المقاتلين على أسلحة جديدة بالخطط السعودية التي تحدثت عنها صحيفة ‘واشنطن بوست’ في يوم السبت والتي قالت أنها تطمح لتقديم دعم عسكري مستقل عن الدعم الأمريكي بسبب ما تراه فشلا في القيادة الأمريكية في المنطقة.
ونسبت الصحيفة معلوماتها إلى مسؤول بارز في الخليج والذي قال أن السعوديين قرروا التخلي عن جهود تنسيق وصول الأسلحة للمقاتلين السوريين بعد قرار أوباما التخلي عن توجيه ضربات عسكرية ضد النظام السوري عقابا له على استخدامه السلاح الكيماوي في منطقة الغوطة قرب دمشق في 21 آب (أغسطس) الماضي.
وقالت الصحيفة أن السعوديين قرروا توسيع عمليات تدريب المقاتلين في معسكرات سرية في الأردن وزيادة شحن الأسلحة وقدرات المقاتلين العسكرية.وتحدث المسؤول عن محادثات تتم بين دول في المنطقة معنية بالأزمة السورية عن القيام بـ ‘عملية موازية’ بعيدة عن الجهود الأمريكية.وجاء التقرير وسط توتر في العلاقات السعودية ـ الأمريكية بسبب سورية والتقارب الأمريكي- الإيراني.
وقام جون كيري وزير الخارجية بزيارة للسعودية بداية الأسبوع الحالي والتي بحث فيها العلاقات بين البلدين.
والله اتمنى ان تنتشر في جميع انحاء العالم