في مثل هذه الايام من العام الماضي أدى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند زيارة دولة للجزائر رافقتها واختتمتها الطبول والمزامير (كما رافقت واختتمت زيارة جاك شيراك ونيكولا ساركوزي ـ محظوظون هؤلاء الفرنسييين مع الجزائر!).
والأسبوع الماضي أنهى رئيس الوزراء الفرنسي جان ـ مارك ايرولت زيارة رسمية إلى الجزائر أريد لها أن تكون تتويجا لتفاهمات واتفاقات توصل إليها المسؤولون الفرنسيون ونظراؤهم الجزائريون في زيارة هولاند السنة الماضية.
غير أن الزيارة الثانية انحرفت عن مسارها وتحوّلت إلى عرس بلا عرسان! بدايتها خطأ ونهايتها خطيئة.
أولاً، لو كانت زيارة بالأهمية التي قيلت عنها، لمـَا استقبل بوتفليقة ايرولت ثلاثة أرباع الساعة، بل خمس أو ست ساعات. ليس بوتفليقة من يستقبل ضيفا فرنسيا بمستوى رئيس حكومة لدقائق معدودات، وهو الذي، في سقمه، خصص وقتا لا يقل لعمدة باريس، برتران دولانوي.
يبدأ الخلل في فرنسا ثم يسافر عبر البحر الأبيض المتوسط ويستمر في الجزائر. البداية من التوقيت هنا وهناك. رئيس فرنسي يخوض حروبا متعددة الجبهات، وتفوَّق على كل من سبقوه في المنصب خلال الأربعين سنة الماضية في النزول بشعبيته إلى الحضيض، ورئيس حكومة مغمور لا يعرف كيف ابتـُلي بهذا المنصب وما فيه من عبء ومسؤوليات.
ثم يصل الأمر إلى الجزائر. بلد في حالة توقف وترقب تحسبا للانتخابات الرئاسية التي من المفروض أن تجري في شهر نيسان (إبريل) المقبل. بل ترقبا لهوى ومزاج شخص اسمه عبد العزيز بوتفليقة الذي بسبب وضعه الصحي العليل لا يعرف ماذا يفعل بين اقتناعه بأنه عاجز عن مواصلة مهامه لأسابيع، ناهيك عن أربع سنوات، ورفضه مغادرة الرئاسة إلى الراحة والتقاعد.
لهذا وحده كان من الوهم انتظار شيء ملموس من زيارة ايرولت إلى الجزائر. أصلا ما يجب أن يكون بين البلدين من تعاون سياسي وثقافي واقتصادي موجود، ولا يستحق الأمر ‘حفلات’ أخرى. وكل ما قيل عن الصفقات ‘الكبرى’ جزء كبير منه مزايدات إعلامية لأن لا شيء سيتحقق في المدى المنظور لسببين: الأول، حالة الانتظار السائدة في الجزائر وغموض ما بعد نيسان (إبريل) 2014. والثاني، عجز الإدارة الجزائرية عن مواكبة اتفاقات كبرى وكثيرة، بسبب ما تفشى فيها من عقم وفساد.
حاليا، ما تحتاجه باريس من مستعمرتها السابقة هو الاطمئنان إلى استمرار الدعم الجزائري لها في حروبها الجارية والمقبلة في القارة الإفريقية. مجرد اطمئنان لا غير، لأن الدعم موجود منذ قرر الرئيس هولاند بدء عملية مالي ففتح له نظيره بوتفليقة الأجواء الجزائرية ووفر له الدعم الميداني والاستخباراتي في الصحراء.
ولا يوجد في الأفق ما يشير إلى تغيير في الموقف الجزائري. فالرئيس بوتفليقة أبلغ ضيفه الفرنسي الأسبوع الماضي تحياته لهولاند على ‘العمل الجيد الذي يقوم به في مالي’، وفق تعبير ايرولت بعد خروجه من ضيافة بوتفليقة. في المقابل، تحتاج الجزائر من فرنسا ألاّ تشوش على الانتخابات الرئاسية، خصوصا إذا ترشح لها بوتفليقة. بمعنى آخر: أن تترك من هم في السلطة الجزائرية يطرّزون الاقتراع الرئاسي وفق مصالحهم دون إزعاج. وإذا ضمن ‘مُخرج’ الاقتراع الرئاسي صمت (تواطؤ) فرنسا، فهو قد ضمن بقية العالم، ذلك أن باريس هي الوكيل الحصري للعلاقات الغربية مع الجزائر، وهي محاميها عندما يتعلق الأمر بالدفاع عنها. يبدو أن الزيارة وفقت في التوصل إلى صفقة ‘رابح ـ رابح’ لولا الخطيئة التي أعقبتها فور عودة ايرولت إلى باريس.
هذه المرة على لسان هولاند شخصيا الذي في اجتماع مع قادة المجتمع اليهودي في فرنسا، مازحهم قائلا إن وزير داخليته مانويل فالس عاد لتوه من الجزائر ‘سالما معافى، وهذا في حد ذاته جيد’.
استاء الجزائريون كثيرا من هذا التعليق الذي مسّ كبرياءهم المفرط في الحساسية، وقالوا أنه يشكك في الاستقرار الأمني الذي حققته البلاد بعد تضحيات كبرى. نسوا أن ما قاله هولاند بالأحرى دليل على ضآلة حجم الاحترام الذي يكنه الفرنسيون للجزائريين.. لبوتفليقة ولعبد المالك سلال ولكل من يقيمون الأفراح للوفود الفرنسية. ولن يغيّر التعبير عن الاسف الذي صدر عن الرئاسة الفرنسية من حقيقة الأمر: الاحترام. الأسف صدر بضغط من المجتمع السياسي والمدني في فرنسا ولتجاذبات سياسية داخلية، وليس استجابة لرد فعل جزائري. وفي العموم هو يخدم السلطات الفرنسية ويدلّ على أنها بلا عُـقد وتحترم نفسها.
لسوء حظ الجزائريين (لا أقصد المسؤولين الحكوميين)، أنهم أحسوا بالطعنة مرتين، مرة بتعليق الرئيس هولاند أمام منظمات يهودية (..) وأخرى برد فعل الدولة الجزائرية التي وصف وزير خارجيتها رمضان العمامرة ما قاله هولاند بأنه ‘تقليل من قيمة روح العلاقات الثنائية بين البلدين’. هذا أقصى المستطاع ولا عتب على الرجل.
بعد ذلك جاء شريط بُثّ في القناة التلفزيونية الفرنسية الخاصة ‘كانال+’ يكشف بالدليل تلاعب الرئاسة الجزائرية، عبر التلفزيون الحكومي، بصور استقبال بوتفليقة لايرولت. في الصور التي سوّقت للعامة يظهر بوتفليقة سليما معافى يحرك أطرافه، لكن الشريط الاصلي الذي حصلت عليه ‘كانال+’ يُظهر رئيسا عاجزا عن الحركة الطبيعية، تائه عمن حوله، عيناه زائغتان تنظران في الفراغ (ورغم ذلك تجرأ ايرولت وقال إنه فوجئ بمدى متابعة بوتفليقة للأحداث وإلمامه بها!!).
‘كانال+’ قناة تلفزيونية خاصة لا تحتاج للحكومة الفرنسية ولا تتلقى منها شيئا، لا أموالا ولا أوامر. لذا لا يمكن ادعاء انها تعمدت العزف بالتناغم مع تعليق هولاند في ما يشبه حملة على الجزائر. هي كانت ستفعل الشيء عينه لو تعلق الأمر برئيس آخر.
لكن هذا لم يمنع الجزائريين من الشعور بالظلم والحنق و’الحشية’ (بتعبير الشارع الجزائري)، وربط هذه بتلك. ومرة أخرى اتجهت الأسئلة الاتجاه الخطأ. بدل السؤال كيف يسمح مسؤولو الدولة الجزائرية لأنفسهم بمثل هذا الكذب على مواطنيهم حول صحة الرئيس ويلفقون صوره بذلك الشكل الفج، كانت الأسئلة: كيف وصلت الصور الى ‘كانال+’ ومن سرّبها؟ عندما تأخذ الأسئلة الكبرى الاتجاه الخطأ، فتلك إشارة على أن البلد هو الذي أخذ الوجهة الخطأ وعلى أنه الأحوج إلى التصويب والإنقاذ.
في كل الأحوال، لا الخطأ ولا ‘الخطيئة’ من شأنهما إزعاج فرنسا أو القضاء على أي صفقة موجودة أو في الطريق، لأن الجزائر بقيادة بوتفليقة أضعف من أن تتخذ موقفا يـُذكر لها.
‘ كاتب وصحافي جزائري
الزعيم التاريخي حسين أيت احمد له كل الحق عندما اخذ السلاح عام 1963 ليحاربهم لانهم جاؤوا ب الانقلابات والانتخابات المزورة ثم قتل الرجال الثورة الحقيقيين و سجن الاخرين منذ سبتمبر 1962 .
الدولة الجزائرية للأسف الشديد دولة غنية و لكن فاشلة ، دولة تسوق في الداخل الكبرياء و العزة و هي مذلولة في العالم اجمع ، اصحاب النيف المفرط يسخر منهم الغداة و العشي ، لما لا و قد أضحت الجزائر البقرة الحلوب لكل من مر يحلب و يغادر الا شعب الجزائر ، كيف لا و الجزائر تحكمه زمرة فاسدة مسنة كلهم يتجاوزون الثمانين ، لا حقوق إنسان و لا حقوق نقابات و لا يسمح حتى بتنظيم مسيرة او مظاهرة ، صحافة تصفق للنظام الذي يمولها و دولة رغم الأموال الطائلة لا تعرف كيف ترتقي بالشعب الجزائري من ظلمات الجهل و الفقر ، اقترح على المسؤولين الجزائريين ان يأجروا بلادهم لأحد الدول الأوربية لمدة اربع او خمس سنوات حتى توجه توجيها صحيحا و يوضع لها مقومات دولة و بعد ذلك يسترجعها الجزائريون و الا ستكون نهايتها مأساوية ، تصوروا لو نفذ البترول و الغاز كيف سيكون مصير الجزائريين و الاقتصاد الجزائري يعتمد على المحروقات بنسبة 97 بالمائة