الجزائر- “القدس العربي”:
توجت زيارة رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن إلى الجزائر بالتوقيع على عدة اتفاقيات تعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، كما أعلن عن إعادة قطع أثرية ثمينة تعود للجزائر كانت فرنسا تحتفظ بها في متاحفها.
حظيت رئيسة الوزراء الفرنسية والوفد الحكومي الكبير المرافق لها بحفاوة كبيرة من قبل السلطات الجزائرية. وأقيمت لها مراسم رسمية خلال استقبالها من قبل الرئيس عبد المجيد تبون الذي التقته عقب اختتام أشغال الدورة الخامسة للجنة الحكومية رفيعة المستوى الجزائرية-الفرنسية.
وتميزت كلمة رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمان، في افتتاح أشغال الدورة الخامسة للجنة الحكومية بالإشادة بـ”الديناميكية الجديدة للعلاقات الجزائرية الفرنسية المستوحاة من إعلان الجزائر”. والتأكيد على تطابق وجهات النظر بين الجزائر وباريس بشأنها في القضايا المتعلقة بالحوار الأورو-متوسطي والملف الليبي وكذا الوضع في الساحل ومحاربة الإرهاب والتطرف العنيف.
وأعرب بن عبد الرحمان عن يقينه بأن هذه الدورة ستشكل “مرحلة جديدة في مسار بناء الشراكة المميزة التي يصبو إليها البلدان”، وهو ما اعتبره “أمرا مشروعا بالنظر إلى إمكانياتهما الكبيرة”، مشيرا إلى أن هذا الاجتماع “شاهد على جودة وانتظام التبادلات بين الجزائر وفرنسا والحوار السياسي على أعلى مستوى في الدولتين”.
ولم تخل كلمة بن عبد الرحمن من توجيه انتقاد للسلطات الفرنسية في قضايا خلافية، فقال: “الشراكة المميزة والاستثنائية التي تتطلع إليها الجزائر وفرنسا لا يجب أن تصطدم بصعوبات من السهل تجاوزها، على غرار مسألة منح التأشيرات أو مسألة الخريطة الأمنية المنجزة من قبل السلطات الفرنسية، والتي لا تعكس بتاتا حقيقة جزائر اليوم”. وذكر أنه يتعين على الجانبين “إعادة بعث الحوار حول المسائل المتعلقة بتنقل الأشخاص والهجرة وإعادة قبول الأشخاص، طبقا لإعلان الجزائر، في ظل جو تطبعه الثقة والبراغماتية”.
واعتبر رئيس الوزراء الجزائري أن جودة الحوار السياسي بين البلدين مكنت من التطرق إلى مسألة الذاكرة المشتركة في جو تطبعه “الطمأنينة والوضوح والاحترام المتبادل”. وأكد في السياق تمسك الجزائر بتسوية قضايا الذاكرة الأخرى التي لا تقل أهمية “كاسترجاع الأرشيف وتعويض ضحايا التجارب النووية إلى جانب تطهير مواقع التجارب النووية في الصحراء الجزائرية وتسليط الضوء على قضية مفقودي حرب التحرير الوطنية”. وشدد على ضرورة “مواصلة العمل وفق رزنامة المواعيد الثنائية وتعزيز الحوار في إطار مجموعة العمل حول التجارب النووية في الجزائر” وكذا “إعادة تفعيل مجموعات العمل الأخرى المتعلقة بمسائل الذاكرة”.
من جانبها، أكدت رئيسة الوزراء الفرنسية عزم بلادها على بناء علاقة متجددة بين الجزائر وفرنسا، واصفة الدورة الخامسة للجنة الحكومية المشتركة الجزائرية الفرنسية رفيعة المستوى بأنها “إشارة قوية” و “مرحلة لإقامة علاقات تعاون مكثفة أكثر بين البلدين”.
وقالت بورن في ندوة صحفية عقب أشغال اللجنة التي ترأستها مناصفة مع نظيرها الجزائري، إن اللجنة الحكومية المشتركة تشكل “مرحلة لإقامة علاقات تعاون مكثفة أكثر بين فرنسا والجزائر”، وذكرت أن زيارتها إلى الجزائر “ترسخ ديناميكية جديدة ومرحلة مستدامة تعود بالفائدة على شعبينا وشبابهما”.
واعتبرت المسؤولة الفرنسية أن “جو الثقة والأخوة” الذي ميز الدورة الخامسة لهذه اللجنة هو في مستوى “الالتزام بإقامة علاقة متجددة بين البلدين في أعقاب اللقاء التاريخي بين رئيسي البلدين شهر أغسطس الماضي”، واصفة هذه اللجنة الحكومية المشتركة بـ”فرصة غير مسبوقة للشروع في تجسيد رؤية رئيسي دولتينا إلى أفعال”.
وأوضحت أن زيارة 15 عضوا من حكومتها إلى الجزائر “يعتبر دليلا عن ارادتنا المشتركة في التجسيد الملموس لهذا الالتزام المستدام الذي يفيد بالدرجة الأولى مواطني بلدينا”. كما قالت إن هذه الزيارة الرسمية هي الأولى بالنسبة لها إلى الخارج منذ تعيينها في منصب وزيرة أولى، وهو ما يعد “شرفا خاصا بالنسبة لها”.
وأشارت المسؤولة الفرنسية إلى أن “الرغبة في تجسيد هذه الشراكة تركزت على ثلاثة محاور”، الأول هو الاقتصاد من أجل “تطوير التجارة والابتكار وخلق فرص الشغل”، والثاني يتمثل في “المبادلات من أجل تأطير أفضل لتنقل الأشخاص بين البلدين، وعلى وسائل تشجيع الحركية الطلابية والعلمية والفنية والاقتصادية”، أما المحور الثالث فيتعلق ب”الشبيبة بهدف التطلع إلى المستقبل والتفكير في شباب ضفتي المتوسط”.
وفي ختام الدورة الخامسة للجنة الحكومية رفيعة المستوى الجزائرية-الفرنسية، تم التوقيع على اتفاقات وإعلانات نوايا خلال حفل ترأسه مناصفة رئيسا الوزراء للبلدين.
وجرى التوقيع بهذه المناسبة على محضر نقل ملكية 51 قطعة نقدية أثرية من قبل وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة، ووزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية الفرنسي، برونو لومير. وبعد التوقيع على هذا المحضر، سلمت بورن للوزير الأول القطع الأثرية بعد إمضائهما على نفس الوثيقة.
كما تم التوقيع على إعلان نوايا للتعاون في ميدان السياحة والصناعة التقليدية، فضلا عن التوقيع على مذكرة تفاهم بين مؤسسة ترقية وتسيير هياكل دعم المؤسسات الناشئة والوكالة الفرنسية للتطوير وإعلان نوايا في مجال اقتصاد المعرفة والابتكار والمقاولاتية، بالإضافة إلى التوقيع عن إعلان نوايا للتعاون في ميدان العمل والتشغيل وكذا اتفاقية شراكة وتعاون في مجالات الفلاحة والتنمية الريفية والصناعة الغذائية، وآخر للتعاون الصناعي والتكنولوجي، وإعلان نوايا للتعاون في ميدان تكافؤ الفرص وإعلان متعلق بمعاهد العلوم والتقنيات التطبيقية.
يرجعوا القطع الاثرية وكل ما يخص ذاكرة البلاد و العباد بدون اي مسغومات وايضا تعويض كل المتضررين الجزائريين بسبب الاستعمار المجرم