طرابلس «القدس العربي»: لم تتوقف مصر، الجارة القريبة لليبيا، عن دعم المعسكر الشرقي في ليبيا، برلماناً وحكومة وقيادة عسكرية، حيث ما زالت تدعم وبشكل قوي اللواء المتقاعد خليفة حفتر علناً وسراً رغم تخلي العديد من الدول عنه واختفائه عن الساحة إلا في مناسبات بسيطة مما يؤكد أن الدعم الدولي له قد تهاوى.
إلا أن مصر بجهازها المخابراتي ما زالت تصر على أن تضع حفتر في مقدمة الشخصيات المسؤولة في ليبيا بالنسبة لها، وما زالت تعقد معه اجتماعات علنية وسرية، حيث كشفت مواقع إعلامية محلية في ليبيا عن وصول رئيس المخابرات العامة المصري اللواء عباس كامل ووفد مصري رفيع المستوى إلى ليبيا في زيارة سرية يلتقي خلالها اللواء متقاعد حفتر في مدينة بنغازي شرق ليبيا. ونقلت وكالة الأناضول التركية عن مصدر أمني بنغازي، لم يذكر اسمه، أنّ الوفد المصري غادر المدينة عشية الأربعاء بعد لقاء مع حفتر دام لساعات دون ذكر تفاصيل إضافية، مشيراً إلى أنّ هذه الزيارة ليست الأولى بل سبقتها زيارات أخرى خلال العام الجاري.
وأكد المصدر أنّ جميع الزيارات السابقة لعباس كامل كانت غير معلنة عدا زيارة واحدة في يونيو العام الماضي ظهر فيها مع حفتر بصورة رسمية.
وفي حزيران/ يونيو 2021، قالت القيادة العامة للقوات التابعة للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر إنه التقى في بنغازي رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، وذلك ضمن زيارة لم يعلن عنها مسبقاً أجراها الأخير إلى ليبيا.
وقالت وسائل إعلام ليبية تابعة لحفتر إن كامل أشار خلال اللقاء إلى أهمية قوات حفتر في تأمين الاستحقاقات، وفي مقدمتها الانتخابات التي كان من المقرر أن تعقد في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وقبل ذلك بساعات، قام رئيس المخابرات المصرية بزيارة لم يعلن عنها أيضاً إلى طرابلس، حيث التقى رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة في طرابلس.
وبحث الجانبان آلية التنسيق بشأن تفعيل جميع الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، والتنسيق لزيارة الدبيبة المرتقبة للقاهرة، لاستكمال ما تم الاتفاق عليه في المجالات كافة.
إلا أن مصر وعقب هذه الزيارة سرعان ما تخلت عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة مع سحب البرلمان الثقة من الحكومة وتعيينه لرئيس حكومة جديد، ورغم عدم تمكنه من العمل داخل طرابلس ورغم سيطرة الدبيبة على أهم مؤسسات الدولة، إلا أن مصر لم تتخل عن السير في ذات الاتجاه الذي يسير فيه حفتر والبرلمان كالعادة.
حيث كانت القاهرة في مقدمة القوى الإقليمية والدولية التي رحبت بإعلان باشاغا رئيساً للحكومة، مع تأكيدها في الوقت ذاته على التواصل مع كافة الأطراف، وأن مسار تسوية الأزمة يظل بيد الشعب الليبي وحده دون تدخلات أو إملاءات خارجية.
ورغم أن القاهرة قد حاولت أن تصحح مواقفها قليلاً مع حكومة الوحدة الوطنية خلال الفترة الماضية، إلا أن توقيع الاتفاقية بين ليبيا وتركيا أثبت توجه مصر الحقيقي.
حيث وخلال الفترة الماضي وقبل توقيع الاتفاقية اتخذت الإدارة المصرية، خطوات عدة على صعيد العلاقات مع كل من ليبيا وتركيا، أهمها إجراء تغييرات بين المسؤولين عن إدارة الأزمة الليبية، بالإضافة إلى اعتزامها البدء جولة جديدة من المفاوضات مع تركيا على طريق تطبيع العلاقات بين البلدين.
ففي ذلك الوقت، قالت مصادر عربية، وأخرى ليبية، إن هناك اتصالات وإجراءات جرت لاحتواء تدهور العلاقات بين مصر وحكومة الدبيبة بسبب انسحاب وفد مصر برئاسة وزير الخارجية سامح شكري من اجتماعات مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية في 6 أيلول/ سبتمبر الحالي، اعتراضاً على تسلم وزيرة الخارجية في حكومة الدبيبة، نجلاء المنقوش، رئاسة الدورة الجديدة للمجلس.
إلا أن موقف مصر عقب توقيع الاتفاقية بين ليبيا وتركيا وتصريحاتها مع اليونان حول عدم شرعية حكومة الوحدة الوطنية أشعل غضب الحكومة ودعاها إلى الاستنكار، حيث أعلنت حكومة الوحدة الوطنية الليبية رفضها لما ورد في اجتماع مصري يوناني في القاهرة حول ليبيا، ووصفته بأنه «تدخل مرفوض في الشأن الليبي ودعوة للفراغ والانقسام والحرب».
جاء ذلك في تصريح للناطق باسم الحكومة محمد حمودة، ورداً عما ورد في المؤتمر الصحافي لوزيري الخارجية المصري واليوناني بشأن ليبيا.
وقال إن الاجتماع الذي عُقد «وسط غياب ممثل عن الليبيين» يمثل «تحدياً لإرادة الليبيين للسلام»، و»محاولة للاستخفاف بحق الليبيين في حماية مصالحهم». وأضاف أن «الاتفاق السياسي الليبي هو ملكية ليبية خالصة، وبرعاية أممية لا تفرض على الليبيين أي شكل محدد للحل دون موافقتهم أو رغماً عنهم». وأن «تكرار محاولات الإشارة لانتهاء صلاحية الاتفاق السياسي الليبي هي تدخل مرفوض في الشأن الليبي ودعوة للفراغ والانقسام والحرب».