سؤال إنساني (للآلهة) الذين يديرون العالم

عندما تتحدث عن عصابات صغيرة جداً تتحكم بمقدرات العالم المالية والاقتصادية والإعلامية والثقافية والنفسية وتتصرف كما لو أنها آلهة، يظهر لك البعض ليتهمك بأنك من «بتوع» نظرية المؤامرة. لا عزيزي، عندما تشغّل عقلك جيداً تستطيع بسهولة أن ترى بوضوح أكثر. قد تتساءل: أين المؤامرة إذا كانت الدول الكبرى نفسها وقعت ضحية للعديد ممن يسميه البعض مؤامرات، فماذا استفادت الدول مثلاً من ظهور هذا الوباء أو ذاك؟ ألم تخسر ترليونات الدولارات؟ ألم تتعثر صناعاتها وميزانياتها واقتصادياتها؟ ألم تقع شعوبها فريسة للفقر والغلاء والمجاعة؟ الجواب نعم صحيح، فليس هناك رابحون واضحون أبداً، فالكل يبدو خاسراً، دولاً وشركات وشعوباً. لكن هذا لا يعني مطلقاً أن الذين يديرون العالم بعقلية الإله هي الدول الكبرى أو الصغرى، لا أبداً، بل هناك جماعات وأفراد خارج الدول تستغل الدول نفسها لتحقيق مشاريعها وأطماعها.
ولعلنا نتذكر الأزمة العقارية التي ضربت العالم في عام ألفين وثمانية، والتي ألحقت الضرر بالدول الكبرى قبل الصغرى. بالطبع لا يمكن اتهام الكبار بتلك الضربة، لا سيما وأنهم كانوا أكبر المتضررين منها. وهنا يبرز السؤال: من الذي يقف وراء تلك الأزمة الكارثية التي هزت العالم؟ الجواب ظهر في فيلم بعنوان «القصة من الداخل» ألقى الضوء على العصابة التي تقف وراء تلك الكارثة، لكن الفيلم اختفى من التداول بقدرة قادر بسرعة البرق. مع ذلك عرفنا وقتها أن هناك جماعات صغيرة نافذة وقوية للغاية قادرة على اللعب حتى بالدول الكبرى من أجل مصالحها الخاصة. وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا نضع إشارات استفهام على الأحداث الكبرى التي تضرب العالم منذ ذلك الحين، طالما أن المتضرر منها كل الدول والشعوب؟ لماذا لا نسأل عمن يقف وراء هذه الكارثة أو تلك؟ ماذا تريد تلك الجماعات ولماذا تفعل كل ذلك بالعالم؟ ما هي أهدافها؟ لماذا تتصرف كما لو أنها قوة إلهية؟
وأول سؤال إنساني بسيط، وربما ساذج، أريد أن أوجهه لتلك القوى والأفراد الذين يتلاعبون بالمعمورة كما لو كانت كرة قدم: هل تعتقدون فعلاً أنكم آلهة؟ ألا تأكلون وتشربون مثلنا؟ ألا تمرضون مثلنا؟ ألا تموتون مثلنا مهما أكلتم وشربتم وأخذتم من المقويات والأدوية السحرية؟ ماذا تفعلون بالترليونات التي تكدسونها من وراء هذه الكارثة العالمية أو تلك؟ هل ستأخذونها معكم إلى القبور؟ بالطبع لا، ولا شك أنكم قرأتم حكاية الاسكندر المقدوني الذي أمر أن يُخرجوا له يده من الكفن أثناء تشييعه كي يقول للعالم: أنا الاسكندر الكبير الذي فتح العالم، ها أنا أخرج من الدنيا خالي الوفاض، لا شيء بيدي غير الهواء الذي يمر بين أصابعي.

يشعر الكثير من أولئك الكبار بحزن وأسى عندما يجمعون ثروات طائلة ويصبحون قادرين على التحكم بالبشرية ثم يجدون أنفسهم فجأة ضحية للتقدم في العمر وأمراضه ومنغصاته

ماذا تستفيدون من إخضاع البشر والتلاعب بلقمة عيشهم مثلاً وتجويعهم وتشريدهم والتنكيل بهم على طريقة جهنم؟ من أعطاكم التفويض لتحددوا عدد المواليد في العالم؟ من فوضكم كي تقضوا على مليارات البشر بالفيروسات والأمراض والحروب؟ وماذا تستفيدون أنتم إذا أصبح عدد سكان العالم ملياراً ذهبياً بدل سبعة إذا كنتم ستغادرون هذا العالم عاجلاً أو آجلاً؟ هل أنتم مفوضون من الله عز وجل لمحاسبة البشرية ومعاقبتها؟ كيف تفكرون؟ ما هي عقولكم؟ أرجوكم أخبرونا كيف تنظرون للعالم؟ وما الذي يجعلكم تتصرفون بهذه الطريقة الشيطانية المريعة مع أبناء جلدتكم من مليارات البشر؟ هل تعتقدون أن لديكم قوة وعقلية إلهية، أم إنكم تمتلكون فقط عقلية الشياطين القذرة بامتياز؟
لا شك أننا نعلم مثلاً أن أصحاب المليارات القلائل الذين يلعبون بمصير البشر ينفقون منذ سنوات المليارات على البحوث لتطويل أعمارهم لمئات السنين، وفعلاً هناك شخصيات كبرى تمول مشاريع بحثية لجعلها تعيش فترة أطول بكثير من أعمارنا العادية. ويشعر الكثير من أولئك الكبار بحزن وأسى كبير عندما يجمعون ثروات طائلة ويصبحون قادرين على التحكم بالبشرية ثم يجدون أنفسهم فجأة ضحية للتقدم في العمر وأمراضه ومنغصاته، لهذا بدأوا يعملون على إيجاد طرق شيطانية لتجديد الخلايا وإطالة الأعمار. لكن حتى لو نجحوا في ذلك، فلن يعيشوا للأبد، ولن يكونوا آلهة، وسيكون مصيرهم كمصير أي إنسان عادي يقف بين يدي الله إذا كانوا يؤمنون بيوم الحساب. وحتى لو لم يؤمنوا بذلك، فإن نهايتهم بكل الأحول ستكون كنهاية أي جسد بشري بعد الموت، التحلل ومن ثم التراب. فلماذا إذاً التصرف بهذه الطريقة الفوقية مع العالم؟
ماذا تستفيدون مثلاً إذا سيطرتم على عقول البشر من خلال امبراطورياتكم الإعلامية من صحف ومجلات وإذاعات وتلفزيونات ومواقع تواصل وانترنت وغيرها؟ ربما ستستمتعون بالتحكم بتفكير الشعوب لساعات وأيام وحتى عقود، ولكن ماذا بعد أن تخرجوا من الدنيا؟ بماذا تفيدكم كل خزعبلات التحكم والقيادة والهيمنة والجبروت الزائل؟ لماذا لم تفكروا مثلاً باستغلال منتوجاتكم التاريخية في الإعلام والاقتصاد والتكنولوجيا لخدمة الإنسان بدل استغلالها في إيذائه بالحروب والمجاعات والفقر والتنكيل وغسل الأدمغة والتلاعب بالعقول؟
ربما تضحكون من أسئلتي الإنسانية الساذجة هذه. وأنا أقول لكم: اضحكوا كما تشاؤون، لكنكم مهما سيطرتم وتجبرتم وتفوقتم وتلاعبتم بالبشرية، فمصيركم كمصير أي مخلوق بائس في أدغال البلدان المسحوقة، فتمتعكم بإنجازاتكم التاريخية سينتهي بانتهاء آخر نفس لكم، ولن يكون مصير أجسادكم أفضل من مصير جسد أي إنسان معدم تلاعبتم بلقمة عيشه وعذبتموه بالأمراض، والفقر والمجاعة والفيروسات.
هل سمعتم ببيت أبي العلاء المعري الشهير أيها الأوباش:
خَفّفِ الوَطْء ما أظُنّ أدِيم
الأرْضِ إلاّ مِنْ هَذِهِ الأجْسادِ

كاتب واعلامي سوري
[email protected]

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابن الجزاءر:

    الجواب على تساؤلك بسيط جدا ارجو ان تسمح القدس بنشره.
    من يريدون الشر ببني البشر هم من عبدة الشيطان الماسون
    و هم يتبعون اوامر سيدهم الذي هو عدو البشر اللدود و اكتر ما يشفي غليل الشيطان هو تعديب البشر و قتلهم و هو ما يسعى له مريدوه مقابل ان يمدهم بالعلوم خاصة السحر الذي يسمح له بالسلطة و المال.
    يمكنني الاسترسال اكتر في الموضوع اذا تم نشر هذا التعليق.

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    ” أن هناك جماعات صغيرة نافذة وقوية للغاية قادرة على اللعب حتى بالدول الكبرى من أجل مصالحها الخاصة. ” إهـ
    إنها الماسونية يا دكتور !
    وهي واجهة للصهاينة !!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    الهدف القريب للماسونية يتمثل في إنكار وجود اللَّه تبارك وتعالى، ومناهضة الأديان، ومحاربة علماء الدين، ونشر الفساد الخلقي، أما هدفها البعيد فهو إقامة هيكل لليهود على أنقاض المسجد الأقصى.
    اصطلاحًا: “منظمة صهيونية سرية هدامة إرهابية غامضة، محكمة التنظيم، تهدف إلى ضمان سيطرة اليهود على العالم”، وتدعو إلى الإلحاد والإباحية والفساد، وتتستر تحت شعارات خداعة (حرية- إخاء- مساواة- إنسانية)، معظم أعضائها من الشخصيات المرموقة في العالم، ويرتبطون بالتعهد بحفظ الأسرار، ويقيمون ما يُسمى بالمحافل للتجمع والتخطيط والتكليف بالمهام؛ تمهيدًا لحفظ جمهورية ديمقراطية عالمية- كما يدَّعون- كما تتخذ الماسونية الوصولية والنفعية أساسًا لتحقيق أغراضها في تكوين حُكومة لا دينية عالمية.

    وقد خرج منها وسار على طريقها منظمات عدة، مثل: (نادي الليونز)، و(نادي الروتاري)، و(بناي بريث)، و(شهود يهوه)، وكلها تعمل بتوجيهات الماسونية،
    والهدف البعيد الذي تسعى إليه الماسونية هو إبعاد الإنسان عن خالقه، حتى يعمل من أجل المادة؛ ولهذا السبب أخذت تُهاجم الأديان والمبادى‏ء والقيم الخلقية.
    – منقول –

  4. يقول سفيان:

    تحليل واقعي لكن ما لايفهم هل يجتمع الاباطرة ليتفقو على أنماط سيناريوهات لتاريخ البشرية؟ هل قرروا ليومين ان يضرب باوكرانيا بتاريخ معين لإيجاد مشكلة النفط او منعو الصين من ارجاع تايوان مثلا؟

  5. يقول عمر علي:

    الرجاء الطلب ال الكاتب آلا بستعمل تعبيرات للاله ولو انه استعملها للسخرية.

  6. يقول د.ماجد صبيح أستاذ الاقتصاد في جامعة القدس المفتوحة سابقا:

    احسنت د.كتور فيصل. أنها الرأسمالية الاحتكارية الاستعمارية المتوحشة. والطغمة المالية صاحبة الراسمال المالي. القلة القليلة من المجتمع والتي تتحكم بمصير الشعوب وتسعى إلى تعظيم الربح ولا يهمها إن كان ذلك على حساب ذبح الإنسانية وقهر الشعوب وامتصاص دمائهم. والتي تشن العدوان العسكري ضد الشعوب أو بالانقلابات الداخلية ضد الدول التي تخالف سياساتها الاستعمارية. أنها الامبريالية النظام السياسي الاجتماعي عدو الديمقراطية والانسانية. رغم أنهم يرفعون شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان ليل نهار. ولعل تجربة اليندي في شيلي وذو الفقار علي بوتو في باكستان. واليوم مع عمران خان رئيس الوزراء السابق يؤكد ذلك.

  7. يقول نضال:

    يوم القيامة توضع قطع الذهب و الفضة في النار.. فإذا اشتدت حرارتها أحرقت بها جباه أصحابها و جنوبهم و ظهورهم..;
    و قيل لهم توبيخا : هذا مالكم الذي أمسكتموه و منعتم منه حقوق الله..‏‎
    هذا هو قول ربنا تبارك و تعالى: { يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم ‘ هذا ما كنزتم
    لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون } التوبة 34- 35.
    (اللهم أجرنا من النار)..

  8. يقول مريم:

    ا، يظنون انهم يحسنون صنعا باعمال زينها الشيطان في قلوبهم،

  9. يقول ليلى العاني، العراق:

    ما يحصل هو مشيئة الله
    وشكرا للقدس العربي

  10. يقول سامح //الأردن:

    *قناعتي انه لا يحدث شيء في الأرض وباقي الكون إلا بإذن الله (سبحانه وتعالى).
    حسبنا الله ونعم الوكيل في كل فاسد وظالم وقاتل.

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية