لندن- “القدس العربي”:
لا يوجد ما يمكن قوله بصورة “معلومة مباشرة” عن السيناريو الذي تقافز فجأة بين السياسيين والإعلاميين بالأردن أثناء محاولتهم الإجابة على السؤال التالي: هل يزور العاهل الملك عبد الله الثاني طهران في وقت قريب؟
هذا السؤال أصبح مطروحا بمجرد تسلل صحيفة عمون الإلكترونية واسعة الانتشار والتي لديها مجسات خاصة في القدرة على الوصول للمعلومات بتوضيح على لسان مصدر مسؤول يقول فيه بأن زيارة مفترضة يقوم بها العاهل الأردني إلى إيران بحثت “فعلا” على هامش الزيارة الفريدة والأخيرة التي قام بها إلى عمان وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان.
لكن المصدر نفسه أوضح لصحيفة عمون بأن توقيت هذه الزيارة سيتقرر في الوقت الذي ترى القيادة الأردنية أنه مناسب.
بمعنى آخر: السؤال الآن ليس عن الزيارة الملكية التي كانت عمليا تبحث من عامين حسب معلومات خاصة، ولكن عما يسمى موسميا الآن بالتوقيت المناسب لإنتاج وإنضاج مثل هذه الزيارة.
وثمة من يعتقد أو يتصور وسط المحللين الأردنيين اليوم بأن التوقيت المناسب أصبح أقرب إلى مساحة تكتيكية متقاربة زمنيا إلى حد بعيد بعد التحول الدراماتيكي الناتج عن اتفاق التطبيع وافتتاح السفارات وهو تحول متسارع بين الجمهورية الإيرانية والمملكة العربية السعودية.
والمعنى هنا حسب المصادر المختصة أن وجود ضوء أخضر أردني مرجعي وملكي لا يرفض فكرة زيارة طهران وينقل عبر الوزير عبد اللهيان التحيات الملكية إلى الرئيس الإيراني مباشرة لم يعد يشكل خطا أحمر بالنسبة للأردنيين.
وبالمقابل التحولات المفاجئة والمباغتة على صعيد العلاقات الإيرانية الخليجية وتحديدا مع السعودية والإمارات يمكن أن تصبح مثارا لتقريب السقف الزمني لزيارات من هذا النوع، مع أن الأنباء ذكرت عن عبد اللهيان في لقاءاته الأخيرة على هامش شرح التطبيع مع الدول العربية المجاورة أنه التقى العاهل الأردني في عمان لمدة 40 دقيقة كانت حميمية وكانت منتجة وإيجابية.
قبل ذلك كان رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة قد أعلن ومنذ عدة أشهر بأن بلاده تراقب الملف في العلاقات مع إيران ويوجد لديها ملاحظات على أداء الإيرانيين في جزئية التدخل بشؤون الدول العربية.
لكن الاتصالات موجودة ولا يوجد ما يمنع من تطبيع العلاقات، مؤكدا وبصورة علنية -أي الخصاونة أيضا- بأن بلاده لا تنظر لإيران باعتبارها تحاول المساس بالأمن الداخلي الأردني.
وعندما استفسرت “القدس العربي” من الخصاونة أفاد بأن تصريحاته الإيجابية تمثل حقيقة الموقف الرسمي المؤسسي الأردني مما يرجح رواية المصادر التي تقول بأن عبد اللهيان في عمان أعاد التأكيد خلال اللقاء الملكي على أن بلاده مستعدة لاستعادة الثقة مع عمان بما في ذلك تقديم ضمانات بأن المجموعات الإيرانية في الجنوب السوري “لن تقترب أكثر مما ينبغي” وبأن الأردن سيتم التعامل معه كـ”دولة جوار” وليس كـ”ساحة للعمل العسكري”.
كانت تلك منصة انطلاق أولى سبقت الاندفاع السعودي نحو ما يشبه أو ما يرى سياسيون أنه “مصالحة” وليس اتفاقا فقط.
المعنى أنه عملية سياسية متواصلة لا تقف عند حدود فتح السفارتين السعودية في طهران والإيرانية في الرياض.
ولا تقف أيضا عند حدود استقبال الرئيس الإيراني كما يتردد قريبا في زيارة مهمة للغاية في الرياض وقد تدفع باتجاه مصالحة أعمق وعملية تقارب تنعكس على الوضع الإقليمي عموما. وعلى قضايا وملفات عالقة من بينها الموقف الخليجي من النظام السوري وما يحصل في الداخل اللبناني وبالتأكيد أزمة اليمن.
وذلك يبقي الخيارات الأردنية في أقرب مركز مناورة تحت عنوان تطبيع محتمل وسريع أيضا أو خطوة باتجاه مصافحة الإيرانيين مؤجلة منذ نحو ثلاثة أعوام.
الأردن إذا أساؤ أسأت و إذا أحسنو أحسنت