باريس- ‘‘القدس العربي’’:
في مقابلة مطولة خصّ بها صحيفة ‘‘لوفيغارو’’ الفرنسية، بمناسبة صدور تكملة لمذكراته السياسية (2008-2012)، رد الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، على جملة الأسئلة حول العديد من الموضوعات، من الانتخابات الرئاسية الفرنسية لعام 2027، إلى الحرب في أوكرانيا، مروراً بالعلاقات الفرنسية الجزائرية، إلى الانقلاب في النيجر والوضع في ليبيا.
بخصوص الحرب الروسية على أوكرانيا، قال ساركوزي إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان مخطئا، وأن ما فعله يعد خطيراً وتمت ترجمته بالفشل، ولكن يجب إيجاد مخرج عبر ‘‘حل وسط”، مشدداً على القول: ‘‘نحن بحاجة للروس وهم بحاجة إلينا’’. وقال ساركوزي أيضا إن المصالح الأوروبية لا تتماشى مع المصالح الأمريكية.
من جهة أخرى، اعتبر ساركوزي أن أوكرانيا هي حلقة الوصل بين الغرب والشرق، ويجب أن تظل كذلك. وبالتالي، لا ينبغي لها أن تنضم لا إلى حلف الناتو ولا إلى الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى ما وصفها بـ”الوعود الكاذبة التي لن يتم الوفاء بها’’، واقترح اتفاقية دولية تنص على ضمانات أمنية قوية لحماية أوكرانيا من أي خطر أو عدوان.
تعقيباً على التطورات في النيجر، قال ساركوزي، إنه ليس لديه أدنى شك في أنه لا يمكن للانقلاب العسكري في النيجر إلا أن ينتهي بالفشل، مضيفا أنه يعتقد أن استمرار القوات العسكرية الفرنسية في منطقة الساحل ‘‘على المدى الطويل’’ هو الذي تسبب في الكراهية ضد فرنسا.
وانتقد ساركوزي خليفته في الإليزيه، فرانسوا هولاند، معتبرا أن ‘‘إبقاء القوات الفرنسية في مالي’’ بعد تدخلها العسكري في عام 2013، هو “خطأ مزدوج”، الأول عسكري، لأن باريس لا تستطيع البقاء بأربعة آلاف رجل فقط، على أرض تبلغ مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة فرنسا”، والخطأ الثاني سياسي كما نرى اليوم.
يجب عدم بناء صداقة مصطنعة مع الجزائر
فيما يتعلق بالعلاقات بين فرنسا والجزائر، اعتبر ساركوزي أنه بات من الضروري إنهاء اتفاقيات عام 1968 التي تسهل حركة المواطنين الجزائريين في فرنسا، قائلا إن منع السلطات الجزائرية عودة العديد من رعاياها، وسماحها في الوقت نفسه، بخروج من يريدون المغادرة لم يعد ممكنا.
نيكولا ساركوزي، أوصى إيمانويل ماكرون، الذي يسعى إلى تحقيق تقارب مع الجزائر على شكل مصالحة تاريخية، بعدم محاولة ‘‘بناء صداقة مصطنعة’’ مع القادة الجزائريين، الذين ‘‘يستخدمون فرنسا بشكل منهجي ككبش فداء لإخفاء عيوبهم وافتقارهم للشرعية’’.
وأضاف ساركوزي: ‘‘سيرفضون دائماً، لأنهم بأمسّ الحاجة لتحويل الانتباه عن الفشل الذي أغرقوا فيه بلادهم من خلال اتهام فرنسا بكل الشرور’’.
علاوة على ذلك، اعتبر الرئيس الفرنسي اليميني السابق، أن ‘‘هذا التوجه من شأنه إبعاد فرنسا عن المغرب”، قائلاً: ‘‘نحن نجازف بفقدان كل شيء. لن نكسب ثقة الجزائر وسنخسر ثقة المغرب’’.
فيما يتعلق بالملف الليبي، انتقد ساركوزي خلفه الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند (2012- 2017) الذي ‘‘تخلى عن الملف الليبي’’ بعد تدخل فرنسا ضمن تحالف دولي، أسقط نظام معمر القذافي. كما أشار ساركوزي إلى أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ‘‘اعترف بنفسه أن التخلي عن الديمقراطية الوليدة في ليبيا عام 2012 كان أكبر أخطاء سياسته الخارجية’’.
وأكد ساركوزي مرة أخرى أنه لم يأمر بالقضاء على الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، قائلا: ‘‘حاشية القذافي انتقمت مني من خلال الادعاء بأنه موّل حملتي الانتخابية في عام 2007’’.