نواكشوط ـ «القدس العربي»: مع أهمية ما قد تشمله زيارة الرئيس الغزواني الحالية للجزائر من ملفات تعاونية ثنائية، ومن نقاش لقضايا القمة العربية المرتقبة، وللأزمتين الليبية والتونسية، فإن جانباً كبيراً من اهتمام المراقبين منصب منذ أمس على تحليل وساطة قد يسعى لها الرئيس الموريتاني في زيارته الحالية للجزائر، تلك الوساطة التي سبق للغزواني أن أشار إليها مراراً في أحاديثه الصحافية الأخيرة، كما أكدها وزير خارجيته.
وقد تحدث ساسة وإعلاميون موريتانيون بارزون أمس لـ “القدس العربي”، عن هذه الوساطة في تحليلات حاول مقدموها الإجابة عن أسئلة، منها: هل تقبل الجارتان منح موريتانيا شرف الأبوة الناجم عن الوساطة؟ وهل مستوى العلاقات بين موريتانيا وكل من المغرب والجزائر البلدين وهل ترمومتر حيادها الحالي يمكنها من التوسط ؟ وهل الظرف مناسب للوساطة؟ وهل ستكون محاولة الوساطة في حد ذاتها ولو لم تنجح، شرفاً يضاف إلى رصيد موريتانيا الديبلوماسي؟ وما تقدير نسبة نجاح الوساطة: منعدمة هي أم ضعيفة، أم متوسطة، أم كبيرة؟
يرى النائب البرلماني محمد الأمين سيدي مولود “أنه انطلاقاً من موقف موريتانيا التقليدي، وهو الحياد الإيجابي في خلاف الأخوة، فإنه من الوارد بل والمطلوب أن يقوم الرئيس الموريتاني بوساطة بين الجارتين، بل الأختين الكبريين، الجزائر والمغرب، ويسهل ذلك طبيعة العلاقات الجيدة بين موريتانيا وجارتيها”.
وقال: “إن المنطقة بحاجة لمزيد من الاستقرار والتنمية، لا التصعيد والتوتير”.
وعن مؤاتاة الظرف الحالي للوساطة، أضاف النائب سيدي مولود: “أظن الظرف مناسباً لسببين، أولهما حسن العلاقات بين موريتانيا وشقيقتيها، والثاني أن التوتر لم يصل بعد إلى الانفجار، وهذا يعني أن الموقف يمكن تداركه”.
الأزمة عميقة وعصية
وتحدث النائب عن نسبة احتمال نجاح هذه الوساطة، موضحاً أنه “يبقى متوسطاً؛ لأن الخلاف بين الجزائر والمغرب على درجة من العمق والتقادم يجعله يحتاج لجهود كبيرة، ووقتاً طويلاً، ووساطات متعددة لا وساطة واحدة، ولكن في النهاية مهما طال الوقت، وسواء نجحت هذه الوساطة أم تعرقلت، يضيف النائب، فإن صوت العقل والحكمة لدى قيادات البلدين سوف يعلو، وتشابك العلاقات بين شعبيهما سوف ينتصر”.
وأكد الإعلامي حنفي دهاه، المدير الناشر لصحيفة “تقدمي”، في تحليل آخر أدلى به لـ “القدس العربي”، أمس “أن مصادره أكدت له أن الرئيس الغزواني سيخصص جانباً من زيارته للجزائر لوساطة تمليها المصالح المغاربية”، مبرزاً “أن المصادر أكدت له برمجة لزيارة قريبة سيقوم بها الرئيس الغزواني للمغرب”.
وقال: “لا أعتقد أن هذه الوساطة توحي بأي نوع من الأبوية، بل إن الوساطة يفرضها الجوار وتمليها المصالح المشتركة، ولذلك، يضيف دهاه، لا يمكن التفكير في أن هذه الوساطة تحمل وصاية أبوية، أو وصاية الأخ الكبير على هاتين الدولتين الكبيرتين”.
حياد إيجابي مساعد
وقال: “أعتقد أن موقف الحياد الذي سماه نظام الرئيس الغزواني مؤخراً “بالحياد الإيجابي”، يساعد في نجاح هذه المهمة، فمعنى “الإيجابية الجديدة” في المفهوم الديبلوماسي الموريتاني هو أن يكون لموريتانيا حضور في الهم المغاربي، ومشاركة في حل المشاكل البينية، فهذا هو معنى “الحياد الإيجابي”، الذي تحدث عنه الرئيس الغزواني في آخر مؤتمر صحافي يعقده في نواكشوط”.
وأضاف حنفي دهاه: “لا شك أن دولتي المغرب والجزائر محتاجتان كل الحاجة، لوسيط، فكلتاهما تدركان خطورة الحرب، وخطورة توتر العلاقات بينهما، ولن تجدا وسيطاً أكثر نجاعة من موريتانيا بسبب حيادها، ولخلو وساطتها من أي نوع من أنواع الوصاية عليهما، عكساً لوساطة الدول العظمى كفرنسا أو الولايات المتحدة التي تشتم في وساطتها رائحة الوصاية ورائحة الهيمنة على القرار، ورائحة الضغط؛ فالوساطة الموريتانية خالية بدون شك من كل ذلك، وموريتانيا في حالة الوساطة، مجرد دولة محايدة لا تملك أي ورقة ضغط، بل قادرة على أن تكون قناة اتصال أمينة بين الطرفين”.
ضغوط داخلية وعرائض
وقال: “حسب رؤيتي لهذا الملف، فإن كلاً من المغرب والجزائر تنتظران وساطة سريعة، وهما متعجلتان للوساطة كثيراً ولإنهاء حالة الخلاف، وكل ذلك بسبب المصالح المشتركة وبسبب الضغط الداخلي للمجتمع المدني وضغط العرائض الرافضة للأزمة بين المغرب والجزائر، التي وقعها المئات من المفكرين والمثقفين وقادة الرأي الجزائريين والمغاربة”.
وأضاف: “تدرك المغرب والجزائر أنه ليس في مصلحة أي منهما تطور الأزمة نحو الأسوأ، ولذا فالوساطة الموريتانية التي تندرج فيها زيارة الغزواني الحالية للجزائر جاءت في وقتها المناسب، ولن يوجد ما هو أفضل من موريتانيا في أزمة هذه مواصفاتها وتعقيداتها”.
أما القيادي الإسلامي البارز الحسن ولد مولاي أعلي، مدير إذاعة التنوير الحرة، فقال “إن المبادرة بالوساطة واجب أخوي وحق للأخوة الجيران، ومن المؤكد أن الغزواني سيبعث من الجزائر إشارات في الاتجاه، وذلك واجب هو الحد الأدنى للأخوة والجوار، خاصة أن الأمر يتعلق بتحويل فكرة لا تكاليف لها، إلى مادة إعلامية تعزز حضور موريتانيا في إعلام الطرفين”.
النجاح سيكون ضئيلاً
وقال: “لكن الحقيقة التي لا مهرب منها هي أن ما تمثله موريتانيا من ثقل في المنطقة، لا يتجاوز كونها بوابة لهذين البلدين إلى السوق الغرب إفريقية، يضاف إلى ذلك أن موقفها في قضية الصحراء، ومع أنه ضعيف، فإنه لا يسر صديقاً ولا يغيظ عدواً”.
وقال: “إذا أضفنا إلى ذلك أن أزمة الجزائر والمغرب عميقة عمق التاريخ والجغرافيا، من جهة، وعمق الأيديولوجيا والمصالح الاستراتيجية من جهة أخرى، فإن سقف التوقعات لمبادرة الوساطة، لو حصلت، سيكون منخفضاً جداً”.
“ولأن مستند كلا البلدين، يضيف مولاي أعلي، هو القوى الخارجية (غرباً وشرقاً)، ولأن كلا طرفيها يذود عن مصالحه، وبالنظر لافتقاد الساحة العربية والإسلامية، مع الأسف، لأي دور مؤثر، إذا ما استثنينا تركيا وباكستان البعيدتين جداً، فإن فشلاً مؤكداً للمبادرة قد يدفع الغزواني إلى ترك الأمر للقضاء والقدر، والعودة سالماً بغنيمة مختلفة”. واستبعد سيدي محمد بلعمش، المدير الناشر لموقع “مراسلون” المستقل، نجاح مبادرة الوساطة الغزوانية بين المغرب والجزائر، مضيفاً “أن الجزائر قد تساير هذا الموضوع على سبيل المجاملة، حيث ستتم في أحسن الحالات، مجاملة الرئيس الغزواني في هذا الموضوع ولن تتقدم الوساطة كثيراً”.
أما موسى ولد حامد، المدير الناشر لصحيفة “بلادي”، فيرى جازماً “أن احتمال نجاح وساطة الرئيس الغزواني بين المغرب والجزائر ضئيل جداً؛ لأن موريتانيا لا تملك أي وسيلة ضغط على البلدين”.
وقال: “لم يمض من الوقت ولم يتجدد من المعطيات على الساحة ما يجعل أحد البلدين أو هما معاً يفكران جدياً في إعادة علاقاتهما: فالجزائر وجدت في هذه الأزمة فرصة مهمة، وهي وجود عدو خارجي للجزائر، وهو أمر يوحد الجزائريين في العادة”.
وتابع ولد حامد: “فالجزائر بدأت، في صراعها مع المغرب، تستخدم خطاباً عروبياً إسلامياً، وبدأت حملة لإبعاد إسرائيل من الاتحاد الإفريقي، في الوقت الذي يشهد فيه تعاون إسرائيل مع المغرب، الطرف الآخر في الأزمة، تطوراً كبيراً؛ كما أن المغرب أصيب بالجنون منذ أن اعترفت له الولايات المتحدة بمغربية الصحراء وبأنها جزء من أرضه: فقد أصبح المغرب بعد الاعتراف الأمريكي متغطرساً في علاقاته مع الجميع، وموريتانيا محظوظة حتى الآن لعدم وصول الغطرسة المغربية إليها، بهذا السبب”.
رفض الجزائر
ويرى الإعلامي أحمد مصطفى “أن قدر موريتانيا وواجبها هو أن تسعى في رأب الصدع بين الجارين الشقيقين، وأن تبذل المستحيل في نزع فتيل التوتر، ومنع المنطقة من الانزلاق نحو المزيد من التدهور الأمني؛ فلديها من الأزمات ما يكفيها وأكثر”.
وقال: “لكن موريتانيا سبق وأن تلقت رسالة لا يمكن وصفها بالإيجابية عبر إعلان وزير خارجيتها سعيهم للتوسط، لتعلن الجزائر بعدها عدم ترحيبها بأي وساطة”.
هذا، ووردت آخر إشارة لوساطة الرئيس الغزواني بين المغرب والجزائر في مقابلة له مع مجلة لبنانية قبل أيام، تحدث فيها عن “حجم التكلفة التي تدفعها شعوب المنطقة جراء عدم قيام اتحاد مغاربي قوي وفاعل ومتكامل، وأيضاً عن الوعي بالصعوبات التي تواجه هذا الحلم، مع أسفه تجاه العقبات التي تقف في طريق الحلم المغاربي”، وكأن الرئيس الغزواني بهذه التصريحات يوجّه رسائل استباقية قبل زيارته للجزائر.
المغرب العربي في اشذ الحاجة الي التذخل الموريتاني في حل الازمة المغربية الجزائرية ان شاء الله.
العالم المغا ربي و الشعوبه يسفق لمريطانية.
لا يحتاج المغرب لوسيط لانه مد يده عدة مرات الى الجزائر بدون جدوى، لان نضام العسكر لا يستطيع البقاء في الحكم بدون نزاع ، لانه يدري أنه غير قادر على ايجاد حلول لمشاكل الجزائر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فعلى الشعب الجزائري ان ينهض لطرد هذه العصابة الإجرامية التي تدفع بالبلاد والعبادة الى الإفلاس