(1) وقعت الواقعة في السودان، وحدث ما حذرنا منه الأسبوع الماضي في هذا المكان، وانفجرت الأوضاع بسبب السياسات الخرقاء للحكومة التي عمت وصمت وجعلت السيل يبلغ الزبى. فها هي الثورة الشعبية التي انتظرها الكثيرون وخاف منها قلة تنفجر، وهاهي الحكومة تتصرف كما توقعنا بغباء ووحشية، فتزيد الطين بلة. وها هي البلاد مقبلة على سيناريوهات مظلمة، ايسرها الصوملة، ما لم يتحرك العقلاء لتلافي الكارثة. ونقصد تحديداً العقلاء داخل النظام، إن وجدوا.
(2)
أصبح السيناريو الثابت في كل الانتفاضات الشعبية، سواء في السودان أو مصر أو الفلبين أو تونس أو أوروبا الشرقية واضح الملامح، ولا تكاد خطواته تتغير: يهب الشعب رافضاً الظلم والطغيان، فتتصدى له أجهزة القمع الحكومية عسفاً وتنكيلاً. يزيد الغضب ولا يتراجع نتيجة للقمع والبطش، فترمي الحكومة الشعب بكل ما عندها حتى يبلغ الأمر مرحلة لا تجد ما ترمي به المحتجين، فينهار النظام، سنة الله في الذين خلوا.
(3)
في الغالب يتدخل عقلاء النظام، خاصة قيادات الجيش، فيوقفون سفك الدماء قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة، ويكون في هذا الفرق بين نجاح الثورات السلمية وتحول الأمور إلى حروب أهلية. ولكن لا بد أن يكون ذلك على أساس توافق مجتمعي لتحييد الدولة وفتح الباب أمام التنافس السياسي السلمي على أساس ذلك التوافق. وغالباً ما يتحقق التوافق قبل اندلاع الانتفاضة، وهو الذي يجعل منها انتفاضة عوضاً أن تكون صراعاً أهلياً كما هو الحال في مصر اليوم.
(4)
حين لا يتحقق هذا فإن البديل يكون انزلاق البلاد نحو الحرب الأهلية أو العودة إلى دكتاتورية أكثر وحشية، وهو ما حدث ويحدث في ليبيا وسوريا والبحرين والصومال. ويقع هذا حين يتشبث الحاكم بالسلطة بأي ثمن، وتنحاز له القوات النظامية بسبب تركيبتها، وينقسم المجتمع على نفسه، ويجد بعض الدعم من الخارج، فتتمزق البلاد وينهار كل شيء.
(5)
يقف السودان اليوم على حافة الخطر، لأن هناك عدة حروب أهلية مشتعلة فيه أصلاً، كما أن المجتمع السوداني يشهد انقسامات متعددة المستويات: ايديولوجية وسياسية وعرقية وجهوية وقبلية. وأي اشتعال لقتال الشوارع بين مجموعات متخاصمة سيدمر البلاد ويعيدها قروناً إلى الوراء.
(6)
بالطبع فإن الحل الامثل هو التوافق على انتقال سلمي للسلطة، ولكن قادة النظام الحالي واتتهم فرص كثيرة لتحقيق هذه الغاية، بدءاً باتفاقية السلام الشامل، مروراً بانتخابات عام 2010 ثم مرحلة الانتقال بعد انفصال الجنوب، ولكنهم أضاعوا كل هذه الفرص. هذه القيادة لم تعد صالحة إلا للإزالة ثم المساءلة العادلة عما اقترفت يداها في حق هذا الشعب.
(7)
لهذه الأسباب لم يعد هناك من خيار سوى أن يقوم الجيش بإسقاط الحكومة الحالية، على أن تتولى حكومة محايدة من شخصيات وطنية تحظى بالإجماع إدارة البلاد لفترة انتقالية ينعقد خلالها مؤتمر دستوري يضطلع بوضع دستور توافقي للبلاد وخطة طريق للانتقال السلمي للسلطة كما يشرف على إجراءات العدالة الانتقالية والتصالح الوطني وإنهاء الحروب في كافة أنحاء البلاد.
(8)
المهمة العاجلة حالياً هي تجنب الخراب والدمار. فالبلاد لا تحتمل المزيد من الاحتراب وسوء الإدارة وتخريب القليل القائم من المنشآت. فلا يجب أن تتحول مدن السودان إلى ساحات حرب مفتوحة تستعيد سيناريو الصوملة وتعيدنا إلى العصر الحجري. وحتى لا يقع هذا ينبغي أن تسحب كل القوات النظامية دعمها للنظام القائم وتنذر قادته بالتنحي فوراً تحت طائلة الاعتقال والمحاكمة.
(9)
إن إزاحة النظام وإعادة الأمر إلى الشعب ليختار بإرادته من يحكمه سيفتح الطريق أمام حل أزمات البلاد المستعصية، خاصة الحروب في دارفور والمناطق الثلاث، ويوجه الطاقات إلى البناء والإصلاح بدل الحرب والتخريب. كذلك ستستقيم علاقات السودان مع دول الجوار والمجتمع الدولي، ويبدأ التحرك باتجاه رفع العقوبات الدولية وإعفاء ديون السودان وتدفق الدعم لإعادة البناء. وكل ما أسرعنا في بداية هذه الانطلاقة، كان الخير أعظم، وخير البر عاجله. فليتحرك العقلاء اليوم قبل الغد.
والسبب الاخوان المسلمين وايتام ميدان”رايعة العدوية” والجرف الهار الذى راهن عليه النظام ورفض السير في اتفاقية نيفاشا والقرار 2046 الى اخر شوط بالرهان على مرسي وزمرته
ناسف لعدم النشر بسبب طول التعليق
لقد جرّبت الدول العربية انماطا عديدة من الحكم كلها باءت بالفشل !! جربنا حكم العسكر ثم تحاف العسكر مع هذا الحزب او ذاك ولم يبق لنا سوى تجريب حكم الشعب بالتوافق بين كل الفئات الحزبية وغير الحزبية المخلصة والصادقة . يحث الاستاذ عبدالوهاب قادة الجيش السوداني على الانقلاب والبدء في تشكيل حكومة من احزاب المعارضة -ولا أدري ان كانوا سيعملوا على قمع واقصاء اتباع المؤتمر الوطني- كما فعل المصريون مع الاخوان المسلمين وما آلت اليه الأحوال هناك!!
ذكرت في تعليق آخر في هذه الصحيفة حلا فوريا يمنع تدهور البلاد الى حرب اهلية لا تبقي ولا تذر!! لاحاجة لانقلاب عسكري وتعالوا يا احزاب المعارضة وممثلي كل القبائل والأعراق السودانية واستلموا الحكم على ان يضمن الجيش عدم حدوث اية عمليات انتقامية او اقصاء لقادة واتباع وانصار المؤتمر الوطني . ولنرى ما انتم فاعلون من اجل وحدة البلاد وامنها ونهضتها!!
أخى عبدالوهاب لعلك تعلم وربما أكثر من غيرك طبيعة حكام اليوم فى السودان فهل تعتقد ان من قبل بيع ثلث مستحة السودان مقابل البقاء فى السلطة وهل تعتقد ان من ظل يقتل فى دهرفور وجبال النوبة وجنوب كردفان والنيل الأزرق طيلة هذه السنوات على استعداد لقبول المنطق؟وقد قال قائلهم من قبل (الزارعنا غير الله يجى يقلعنا) امثل هؤلاء لا يرجى منهم خير .
I have seen your newspaper posting longer comments than the one I submitted. I think the main reason your reviewer decided not to post my comments is his/her disinterest in the subject being tackled. As you can see from my comments, I’m not a “run-of the mill” normal reader and I post deeply thoughtful intellectual comments. Your reviewer might not have an appreciation for the subject being discussed; however, I believe my comments mean a whole lot for their targeted audience. Namely, your Sudanese readers as well as their Arab counterparts who are interested in the subject.
طالما هنالك من يحمل السلاح ضد (الوطن) وليس ضد المؤتمر الوطنى ومدعوم صهيونيا وأنجلوسكسونيا وطالما تجربة أنفصال الجنوب ماثلة للعيان وطالما ناس أبوعيسى والمهدى والترابى والميرغنى لا زالو “أحياء (أمد الله فى أعمارهم)فأن المؤتمر الوطنى سيظل “مش فى السطة” بل (خالف رجل على رجل) هذا رأيى وبالتاكيد مش أمنيتى