سانشيس يدير العنابي بإشارة ونظرة

حجم الخط
0

الدوحة: كما يضع رب الأسرة بصماته على مسيرة أبنائه يفعل المدرب فيليكس سانشيس مع لاعبي منتخب قطر لكرة القدم، الذي يستعد لخوض أولى تجاربه في بطولة كأس العالم التي تحتضنها بلاده للمرة الأولى في الشرق الأوسط.
تلك المقاربة التي يقدّمها المعلق المصري أحمد الطيّب عن المدرب الإسباني لوكالة فرانس برس، يؤكّدها المدرب المحلي عبد الله مبارك، “الفترة الطويلة التي أمضاها سانشيس في قيادة هذه المجموعة من اللاعبين ساعدت على خلق علاقة ودية وعائلية”.
يذهب الطيب أكثر من ذلك بقوله إن “الإشارة أصبحت تكفي لكي يُدير سانشيس نظام اللعب أو يغيّر استراتيجية”.
مبادئ برشلونة
تدرّج فيليكس سانشيس باس الذي سيبلغ السابعة والأربعين في 13 كانون الأول/ديسمبر المقبل، كمدرّب في فرق الشباب في برشلونة منذ عام 1996 عندما كان بعمر الحادية والعشرين فقط.
أسوة بلويس إنريكي مدرب منتخب إسبانيا وبيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي الإنكليزي، تشرّب سانشيس خلال سنواته العشر في أكاديمية لاماسيّا مبادئ أسلوب “تيكي تاكا” للاستحواذ والتمرير السريع.
التحق بعدها بأكاديمية أسباير القطرية عام 2006، بدعوة من مدير مركز التكوين السابق في برشلونة جوزيب كولومير المسؤول الجديد عن التعاقدات في أسباير.
عن الفارق بين أسباير ولا ماسيّا، يوضح سانشيس، لمجلة كرة القدم “بانينكا” عام 2019 “في برشلونة، شعرت بالامتياز، لكنني رأيت أنني لا أستطيع أن أتطوّر أكثر كمدرب”.
يضيف “وجدت في أسباير فرصة للتقدم”.
وبعد نيلها عام 2010 تنظيم كأس العالم 2022، راهنت قطر على المدرسة الإسبانية، ممثلة بسانشيس ومساعديه الثلاثة سيرجيو أليغري، ألبرتو مينديس-فيلانويفا، وكارلوس دومينيك مونفورتي، لتأسيس جيل يصل إلى المستوى العالمي.
يقول أحمد الطيّب الذي يقدم أيضًا برنامجًا مختصًا بالتكتيك الكروي في قنوات الكأس الرياضية منذ عام 2006 “المدرسة الإسبانية لم تأت لتضع تفاصيلها الأخيرة على الكرة القطرية، لكنها بدأت مع اللاعبين، من صفوف الحضانة وصولاً إلى الجامعة، بالمعنى الكروي طبعًا”.
بعد تعيينه مدربًا لمنتخب دون 19 عامًا، قاد سانشيس العنابي الشاب للفوز بكأس آسيا 2014.
كان المنتخب يضم وقتذاك، خمسة من لاعبي أول فريق قاده الإسباني مع أكاديمية أسباير التي يديرها منذ عام 2011 مواطنه إيفان برافو، مدير الاستراتيجية السابق في نادي ريال مدريد.
يعتبر برافو، في فيديو بثته أسباير تحت عنوان “بلا حدود”، أن شخصية سانشيس هي واحدة من العوامل الرئيسة التي ساهمت في تسريع نجاح الأكاديمية، “سانشيس هو المدرّب الذي حقق تدرجًا مع الفئات السنية وعمل مع هذا الجيل من اللاعبين عندما كانوا شبانًا إلى أن رفعوا اسم البلاد عاليًا، وساهموا في نجاح المنتخب الوطني، لذا فإن شخصيته كانت أساسية في النجاح”.
تابع سانشيس صعوده مع الكرة القطرية حتى أصبح مدربًا لمنتخب الكبار عام 2017، فقاد قطر بعدها بعامين، إلى تحقيق كأس آسيا في الإمارات، اللقب القاري الأول للبلاد على هذا المستوى.
راكم سانشيس الخبرات أيضًا عبر الاختلاط بمختلف المدارس الكروية، فشارك العنابي مدعواً في كوبا أمريكا، الكأس الذهبية، والتصفيات الأوروبية المؤهلة إلى مونديال قطر، من دون أن تحتسب نتائجه، قبل أن يختتم ابن مدينة برشلونة تحضيراته بـ”عزل” اللاعبين عن أنديتهم بعيدًا عن الإعلام، بمعسكر صيفي طويل بين إسبانيا والنمسا، تخلله وديات عدة وامتد خمسة أشهر.
تيكي تاكا وكاتيناتشو
ترى صحيفة موندو ديبورتيفو الكاتالونية أن “نجاح سانشيس، تحقق بنفس الأسلوب الذي اعتمده لمدة 10 سنوات مع فئات الشباب في برشلونة”.
وتضيف “المدرسة القائمة على حيازة الكرة، وتحرّك اللاعبين مع وجود جناحين لفتح الملعب قدر الإمكان”.
لكن الطيب (60 عاماً) الذي لعب ودرّب سابقاً العديد من الأندية في مصر، يرى أن “سانشيس وضع بصمته الخاصة من حيث الاستحواذ، لكنه كان يغيّر أحياناً إلى الكاتيناتشو أو المدرسة الإيطالية عبر الدفاع المتأخر والهجوم المعاكس، وهو نجح في المزج بين الطريقتين بطريقة جيدة”.
يعلل الطيب “قطر فازت بكأس آسيا ولم تكن الأكثر استحواذًا، وهذا ما يؤكد إمكانية التخلي عن الاستحواذ في بعض المباريات لإتمام المهمة، وهذه قيمة المرونة عند سانشيس”.
يبتعد عن الرسميات
بخلاف تجنّبه ارتداء البدل وتفضيله الملابس الرياضية، يعيش مدرب العنابي حياة هادئة، ويقضي الوقت القليل المتاح خارج كرة القدم مع أسرته.
لا يبالغ في مظهره، إذ كان ارتداؤه لافتًاً لقميص رياضي أسود خاص بالجهاز الفني، أثناء المباريات، وفي بطولات متعدّدة بين عامي 2019 و2021.
كما جذب الانتباه بانتعاله حذاءً رياضياً رمادياً خلال بطولتي كأس آسيا للشباب 2017 وكأس آسيا للكبار 2019، على سبيل التفاؤل، قبل أن يقرّر مؤخرًا الاحتفاظ به للذكرى.
يشدّد سانشيس على الانضباط في المعسكرات كما يحرص على خلود الجميع إلى النوم باكرًا.
يقول الطيب إنه “يتمتع بشخصية متزنة في حالات الخسارة أو الربح، كما في حالات المستوى الجيد او المتراجع”.
سانشيس داخل كل لاعب
وفيما يرى نجم المنتخب القطري السابق عبد الله مبارك (60 عامًا) أن وجود اللاعبين مع بعضهم البعض لفترة طويلة، جعل كل لاعب يحفظ دوره ودور زميله، يزيد الطيب أن “اللاعبين يعرفون بعضهم البعض بنظرة العينين، وليس بالضرورة بالصوت أو بالكلمة”.
يشير الطيب إلى أن النجاح الذي حققته هذه المجموعة ضاعف الثقة عند اللاعبين بقدراتهم أولاً، وبقدرات مدربهم ثانيًا، “تشعر أثناء المباراة بوجود سانشيس داخل كل واحد منهم، بل تشعر وكأنه بالفعل واحداً منهم”.
(أ ف ب)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية