دمشق – “القدس العربي”:
ليلة رأس السنة الماضية كان السوريون يستمعون للمنجّم الفلكي “مايك فغالي” على قناة سما الفضائية، حينها توقّع الرجل أن سعر صرف الدولار سينخفض خلال العام 2019 إلى 300 ليرة، حاول البعض منهم أن يُصدقوا تلك التنجيمات الخُلّبية لرغبتهم بحصولها حقيقةً، لكن ما حصل قبل شهر من نهاية هذا العام أن ارتفع سعر الدولار الواحد إلى 800 ليرة سورية.. وعلى صفحاتهم يُخاطب السوريون اليوم المنجّم فغالي تهكماً وسخرية بعبارة: “الله يسامحك يا مايك فغالي، يا ريتك ما نجّمت”.
إذن، ومع مساء يوم الخميس صارت كل 800 ليرة سورية تعادل دولاراً أمريكياً واحداً، لتخسر الليرة السورية حوالي 30 بالمئة من قيمتها خلال شهرين فقط، يحصل ذلك رغم إطلاق كبار التجّارٍ ورجال الأعمال في دمشق مبادرة قالوا إنها لدعم الليرة ومنع تدهوُرها. تقوم هذه المبادرة على تأسيس صندوق مالي توضع فيه ودائع بالدولار.
الآن، وبعد مضي شهرين على تأسيس هذا الصندوق الأسود وبعد أن قفز الدولار 200 ليرة زيادةً عما كان عليه الحال، اعتبر المراقبون أن تلك المبادرة صُنعت عن طيب أو سوء نيّة للقضاء على الليرة، لا لدعمها أمام الدولار لأنها خالفت أبسط المبادئ المالية والنقدية التي تقول إن من يريد أن يحمي ليرته فلا يجب أن “يُدولِر الاقتصاد”، وإنه وبدلاً من أن تقلل تلك المبادرة من حجم الطلب على الدولار فإنها زادت الطلب عليه وبالتالي رفَعَت سعره إلى ما وصل إليه الآن.
وسط كل ذلك يؤدي البنك المركزي السوري مهمة المتفرج والمُشاهِد، راضياً بهذا الدور الذي لا ترتضيه جمعية أهلية صغيرة ومتنازلاً عن دوره الحقيقي الذي كان من المفترض أن يكون قيادياً في قطاع المال والسوق النقدية تاركاً السوق للسوق وتجارها. ليس هذا فحسب بل إنه يُلقي اللائمة على المضاربين وصفحات التواصل الاجتماعي التي تتلاعب بسعر الصرف وفق ما تقوله البيانات الصحافية للبنك المركزي.
على حساباتهم على فيسبوك وتويتر، يشكو السوريون وضع ليرتهم المستمر بالسقوط، ليصل الأمر بهم إلى حدّ وضعها إلى جانب شقيقتها اللبنانية التي انخفضت هي الأخرى أمام الدولار، لتصبح الألفا ليرة لبنانية تساوي دولاراً واحداً.. يكتب أحد السوريين على حسابه: “سوا ربينا.. سوا خسرنا ليرتنا”.