سبعة مبعوثين خاصين يرسمون أولويات الدبلوماسية الجزائرية

حجم الخط
11

الجزائر- عباس ميموني:
في خطوة لافتة وغير مسبوقة، استحدثت الجزائر مناصب مبعوثين خاصين لوزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة، للاضطلاع بملفات تقع في قلب “المصالح الدبلوماسية”.
وفُهم القرار على أنه إعادة صياغة “واسعة” من الرئيس عبد المجيد تبون، للسياسة الخارجية لبلاده.
وفي 30 أغسطس/ آب الماضي، أقر تبون تعيين 7 مبعوثين خاصين يعملون “تحت سلطة وزير الشؤون الخارجية”، وذلك خلال اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء خصص للمناقشة والمصادقة على مخطط عمل الحكومة الجديدة.
ولم يسبق للدبلوماسية الجزائرية، أن أدرجت في هيكلها التنظيمي منصب “مبعوث خاص لوزير الخارجية”.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية، أن “الرئيس تبون، قرر تعديل وشحذ أدوات الدبلوماسية الجزائرية لإشراكها بقوة في صيغ العمل الحديثة للدبلوماسية العالمية التي تنتهجها اليوم القوى العظمى والمنظمات الدولية”.

دبلوماسيون قدامى وخبير اقتصادي
وبموجب القرار، عيّن تبون سفير الجزائر السابق لدى بروكسل وحلف الأطلسي، الناطق الأسبق لوزارة الخارجية، عمار بلاني “مبعوثا خاصا لمسألة الصحراء الغربية ودول المغرب العربي”.
وأسند لأحمد بن يمينة، السفير السابق لدى بريطانيا، ملف “قضايا الأمن الدولي”.
أما سفير الجزائر السابق لدى أديس أبابا، بوجمعة ديلمي، فكلفه “بالقضايا الإفريقية، خصوصا المسائل الجيواستراتيجية في منطقة الساحل والصحراء (الإفريقية)، إضافة إلى رئاسة لجنة متابعة اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر”.
وكلف تبون، الدبلوماسية المتخصصة في الشؤون الجزائرية- الفرنسية، طاوس حدادي جلولي، بملف الجالية الجزائرية المقيمة في الخارج.
وسيتولى وزير المالية والتجارة الأسبق، عبد الكريم حرشاوي، ملف الدبلوماسية الاقتصادية.
بينما جرى تكليف سفير الجزائر الحالي لدى ألمانيا، نور الدين عوام، بملف الدول العربية.
وتم اختيار ليلى زروقي، لتشرف على الشراكات الدولية الكبرى، وهي قاضية سابقة وموظفة دولية، تتقلد منصب نائب الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار، في جمهورية الكونغو الديمقراطية “مونيسكو”.
والهدف من تعيين هؤلاء الدبلوماسيين في هذه المناصب، تحت سلطة وزير الخارجية يتمثل في “تكليفهم بقيادة النشاط الدولي للجزائر وفق سبعة محاور، تتعلق بجهود أساسية تعكس مصالحها وأولوياتها”، بحسب وكالة الأنباء.
والمحاور السبعة هي: الدفاع عن المصالح العليا للأمة، المساهمة في الأمن والاستقرار الدوليين، توطيد الروابط مع الوطن العربي وإفريقيا، ترقية السلم في العالم والشراكة، الدبلوماسية في خدمة الإنعاش الاقتصادي، عصرنة الأداة الدبلوماسية، وتبني استراتيجية متجددة تجاه الجالية الجزائرية بالخارج.

نشاط استباقي
وزير الاتصال عمار بلحيمر، أوضح أن خلق هذه المناصب يندرج ضمن “النشاط الاستباقي لتعزيز دور الجزائر إقليميا ودوليا، وتعزيز قدرتها للاحتياط مما يحاك ضدها”.
وقال بلحيمر، في حوار مع موقع “الجزائر اليوم” إن هؤلاء الكوادر “وبما يملكونه من خبرة كبيرة، سيقدمون مرافقة جماعية ومفيدة لوزير الخارجية، لا سيما في مجال التحليل والاستباق، في إطار المنهج الذي حدده رئيس الجمهورية”.
وبالنظر إلى التصريحات المتعاقبة، للرئيس تبون، فإن قرار تعيين المبعوثين الخاصين السبعة، يرمي إلى تجسيد تصوره الخاص للدور الدبلوماسي للبلاد، والانتقال من دبلوماسية “الموقف” إلى دبلوماسية “التأثير”.
وفي هذا السياق، قال المختص في الشؤون الدبلوماسية مبروك كاهي، إن “الرئيس تبون يولي أهمية لدبلوماسية الانتشار، بعد دبلوماسية الدفاع والانكفاء على تسجيل ردود الفعل”.
ولفت كاهي إلى أن تبون، كرر في عديد الخرجات الإعلامية، أن الجزائر واحدة من الدول الثلاثة المحورية في القارة الإفريقية إلى جانب نيجيريا وجنوب إفريقيا.
وكشف تبون، في إحدى حواراته التلفزيونية، أن قادة عديد الدول الإفريقية سألوه “عن غياب دور الجزائر المعهود”، وأضاف: “كلهم قالوا لي أين أنتم؟” وذلك خلال مشاركته بقمة الاتحاد الإفريقي في فبراير/ شباط 2020.

الانتشار الإقليمي والدولي
وقال كاهي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ورقلة، إن الجزائر لم تعد تخفي عزمها على الانتشار في محيطها الإقليمي والقاري وحتى الدولي.
وأوضح أن “العمل الجبار الذي ينتظر وزير الخارجية دفع (الرئيس تبون) إلى استحداث مناصب لمبعوثين خاصين لتسهيل مهامه وتحديد الأهداف”.
وأضاف الأستاذ الجامعي، أن “الجزائر ماضية في تنفيذ سياسة خارجية قائمة على منطلقات قوية، عبر عنها الرئيس تبون بتأكيده على أن الجزائر قوة إقليمية”.
وأشار إلى تصريحات قائد أركان الجيش الجزائري الفريق السعيد شنقريحة، عندما قال في إحدى خطابته “الجزائر أقوى دولة في المنطقة”.
واعتبر كاهي، أن هذه التصريحات “ليست عبثية، وستكشف الأيام المقبلة عن مضامينها بشكل أوضح”.

تحولات دولية جديدة
من جانبه، يضع أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الجزائر إدريس عطية، قرار استحداث مبعوثين لوزير الخارجية، ضمن سياق التحولات الدولية الجديدة، والمتمثلة أساسا في “نهاية صلاحية فرنسا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وتصاعد حدة التنافس الصيني- الغربي”.
وقال عطية إن “الجزائر بصدد صياغة دبلوماسية نشطة واستباقية تراعي مصالحها ضمن هذه التحولات”.
واستطرد: “الجزائر قوة إقليمية تتحدث باسم شعوب عالم الجنوب، وآن الأوان لتتحرك بذكاء وبتصور براغماتي، يضاف إلى المبادئ والأخلاق التي طالما كانت محددات أساسية للسياسية الخارجية”.
واعتبر عطية، أن تفعيلها لنظام المبعوثين الخاصين، على غرار ما هو معمول به في الدول الكبرى “ليست نرجسية دبلوماسية، وإنما تحرك جديد قائم على لغة العقل والمصالح”.
غير أنه لفت بأن هذا التحرك الدبلوماسي “يحتاج إلى آلة اقتصادية”.
جدير بالذكر أن الاقتصاد الجزائري مصنف ضمن أكبر أربع اقتصادات في إفريقيا، إلى جانب كل من نيجيريا ومصر وجنوب إفريقيا، من حيث الناتج الداخلي الإجمالي.
بينما يصنف الجيش الجزائري ثاني أقوى جيش في إفريقيا بعد الجيش المصري، بحسب موقع “غلوبل فاير باور” الأمريكي.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول منصور الكبير - الجزائر -:

    الإنتقال من دبلوماسية البروتوكولات إلى دبلوماسية التأثير يتطلب تغيير أساليب العمل التي كان يتّبعها النظام السابق سواء في السياسة أو في الإقتصاد حيث كانت اللامبالاة سائدة في جميع القطاعات دون مسائلة عن النتائج المُحصلة ،بل كانت المناصب في أغلب الأحيان دون برامج عمل و أهداف مسّطرة ، بمعنى غياب التخطيط السياسي و الإجتماعي و الإقتصادي ،و الظاهر أن التعيينات الأخيرة لرئيس الجمهورية مثل إستحداث الوكالات الوطنية و الدعوة للإنطلاق في عملية الإحصاء الإقتصادي الدقيق و تعزيز جميع المصالح بكفاءات تتسم بالقدرة و النزاهة ،تندرج ضمن تقسيم الأدوار من أجل خلق مرونة كافية في العمل ثم المطالبة بالنتائج ،و يبدو أن الأمور حقيقةً تسير نحو الأفضل و نحو التغيير ببلوغ رقم 4,5 مليار دولار صادرات خارج قطاع المحروقات و الصناعة البيتروكيماوية في السنة الأولى من هذه المرحلة الجديدة رغم جائحة كورونا ، و تقليص نسبة الصادرات الزائدة و الحد من تضخيم الفواتير ، ما أدى جراء هذه العوامل كلها إلى بدء إرتفاع إحتياطي العملة الصعبة .

    1. يقول جزائري حر:

      كيف تستطيع أن ترى النتائج ،وان التغييرات لم يمر عليها شهر؟ هذه التغييرات في الاستراتيجية الدبلوماسية هي نتيجة الاخفاق في السياسة الخارجية للجزائر، وخلق تسعة مناصب او تسعة سفراء او مبعوثين سمميهم كما تشاء هو بمثابة تبييض الاموال واعطاء شرعية لسرقة اموال الشعب لدفع اجور هاولاء المبعوثين الخاصين الذين لا يحصون اي شي لفائدة الشعب، بل بالعكس سيجلبون له الا الدمار لقدرته المعيشية. موعد 5 اكتوبر .

  2. يقول حقائق:

    ألا يوجد مبعوث للقضية الفلسطينيه ? هل هذا معناه أن القضية الفلسطينية ليست ذات أولوية للجزاءر عكس ما تدعيه.
    سبحان الله. مقالات وكالة الاناضول حول النظام الجزائري لا تخرج أبدا عن دائرة التطبيل و نقل تصريحات ابواق موالية للنظام و ترديد خرافاتهم… أكبر خرافة هي قرر الرئيس تبون..فعل تبون…و الحقيقة هي أن الجنرالات هم الامر الناهي في الجزائر وما تبون إلا عبد مأمور. أما بخصوص استحداث ما يسمى مبعوثين فالهدف منه هو تقزيم دور لعمامرة و خير مثال على هذا التقزيم هو أن قرار غلق المجال الجوي أمام الطائرات المغربية كان لعمامرة هو آخر شخص يعلم عنه و قد غضب غضبا شديدا بسبب هذا الأمر.

    1. يقول إستحقاقات:

      القضية الفلسطينة هي أولوية الأولويات في الجزائر و لا تحتاج إلى مبعوث خاص ، هي قضية كل الجزائريين دولةً و شعباً كما هي أيضًا قضية الشعوب العربية و الإسلامية ،الأزمة أو المهمة أو الصراع هو من يُخصّص له مبعوث معّين ،و ربما يتبادر إلى الذهن سؤال : ماذا قدّمت الجزائر للقضية الفلسطينية ؟ ،لا شك أنّ الجواب على هذا السؤال سنجده عند الفلسطينيون أنفسهم لكي يكون له مصداقية لا تقبل الطعن ، أما عن قرار غلق المجال الجوي أمام الطائرات المغربية ، فهذا قرار سيادي جماعي من إختصاص مجلس الأمن القومي و ليس من صلاحيات وزارة الخارجية وحدها ، و تعيينات المبعوثين الخاصين هي ضخ دماء جديدة و ليس تقزيم لدور السيد وزير الخارجية لعمامرة الذي يدرك ذلك جيداً و يملك من الخبرة دهراً في تسيير الأزمات الدولية . و الله ولي التوفيق .

  3. يقول خليل:

    المشكل هو التنسيق بين تماني مدربين وفريق واحد لكرة القدم

  4. يقول عبد الرحيم المغربي .:

    هناك مقولة مشهورة للسياسي ورئيس الوزراء البريطاني الراحل… ونستون تشرشل…يقول فيها.. إذا أردت تمييع شيء ما…فشكل له لجنة…؛ وقس على ذلك خلق المناصب المناسباتية لتشغيل المؤلفة قلوبهم من عشيرة أو أتباع عسكرستان..وتعيين المبعوثين الى الوهم السياسي والاقتصادي…!!!. ليته عين مبعوثا الى أزمة الماء… وآخر للزيت… لكان افيد …

  5. يقول Solo:

    نحمد الله انه جاءنا هدا الرئيس وفي الوقت المناسب

    1. يقول سعيد:

      الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.

  6. يقول الإتجاه المعاكس:

    سبعة !!!
    اللهم لا حسد

  7. يقول loco:

    الجزائر ماضية في فرض منطقها سواء في المنطقة المغاربية او في افريقيا باعتبارها اكبر قوة عسكرية و اقتصادية و جغرافية و ديموغرافية في المغرب العربي

  8. يقول حسن المغرب:

    والقضية الفلسطينية أين مبعوثها الخاص؟؟؟؟؟القضية الفلسطينية عند عسكر الجزائر عبارة عن شعارات رنانة للضحك على الشعوب. هل تكلم أي مسؤول جزائري عن فلسطين في الأمم المتحدة أو ظلم إسرائيل للشعب الفلسطيني؟؟؟؟ قلنا لكم النظام العسكري له هم واحد وهو تقسيم ارض الشعب المغربي. وعندما شعر هذا النظام بأن قضية الصحراء المغربية حسمت فهو يجري يمينا ويسارا وشمالا وجنوبا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. ونسي هذا النظام المسكين بأن المصالح الاقتصادية هي من تبني العلاقات الآن. والجزائر لها اقتصاد ضعيف فهو يعتمد فقط على بيع البترول والغاز.فهم يبحثون عن الحرب مع المغرب وليس مع إسرائيل. وستكون نهاية هذا النظام العسكري قريبة بإذن الله. فالمغرب سيرد له الصاع صاعين إن فات حدوده. والأيام بيننا

إشترك في قائمتنا البريدية