«ست الدنيا» يجسدها زياد عيتاني هاجياً الأيام «الحلوة»

زهرة مرعي
حجم الخط
0

بيروت – «القدس العربي» : إنه عرض «ست الدنيا» وفيه تقع بيروت وأميرة في خانة المؤنّث. وحين تضطرب حياة المدينة بدءاً من أحداث سنة 1958 تكون حياة أميرة وخصوصيتها كطلفة قد انتُهكَت بموافقة من والدها الذي إعتزّت بهجائه مراراً وتكراراً بـ«كان أبي شاطر.. شاطر وقدير».
أب يبغي الربح قايض طفلته بجاط فاكهة يومي طازج من بساتين مدينة صيدا، التي ينتمي إليها العريس، الذي يكبرها بـ30 سنة. عريس يتساوى في جهله بمكنونات الحياة مع جهلها، رغم عقود فارق السن.
«ست الدنيا» نص اقتبسه خالد صبيح وزياد عيتاني من قصة واقعية، وتولّى الأخير تجسيده وحيداً، وأخراجه هشام جابر، مع مساهمة في النص. لساعة و20 دقيقة تقريباً و»أميرة» تجلس أمام مرآتها، أو تقطع المسرح جيئة وذهاباً وهي تتساءل أو تضيف جديداً إلى استغلالها المتمادي فصولاً، منذ ما قبل بلوغها شيخوختها ودائماً على أيدي رجال.
وكأن حياة أميرة وطفولتها المقصوفة باكراً تتماهى مع تاريخ المدينة التي تنتمي إليها. تلك المدينة التي تأبى أن تعرف الإستقرار حتى لحظتنا هذه.
تُعبّر أميرة عن ماضي بيروت بمرارة «شو كانت إيام حلوووة» وتربطها بذاتها المُعذّبة.
من خلال شخصية والدها الذي يبغي الربح ولا شيء سواه، تقدّم أميرة وجه المدينة الجشع وغير الرحوم. والد يصطاد العقارات، ويزيد أملاكه، ويبتكر طرقاً لإستغلالها عبر التأجير. ولا يتوانى عن رمي حاجيات أي مستأجر خارجاً، أو فك لمبة الـ»كهربي» في حال التأخر عن سداد المطلوب. «كان أبي شاطر.. شاطر وقدير». تلك الجملة قد تزيح عن كاهل أميرة بعضاً من العتب والتعب الذي عاشته بسبب جشع والدها.
واللافت أن أميرة لا تبدّل تفريعتها الحمراء، فقط عندما تسترخي وتتمدد برفقة نرجيلتها، وتشطح مع ذكرياتها تتخفف منها لتكتفي بقميص النوم البيج. إنه إذاً الزمن الجميل الذي لا تنفك أميرة عن هجائه.
أريد لـ»ست الدنيا» أن تُختصر بعرض مسرحي في مترو المدينة، فصارت تفيض بالمراحل والمحطات والمواقف والكليشيهات والشخصيات. تضمّنت الكثير من التماهيات أولها تماهي المدينة المرهقة والمنهكة، مع حياة أميرة الطفلة، والأم الصبية والمطلقة.
وهكذا أصبحت المدينة وأميرة كما الكتاب المفتوح على أماكن ومراحل وأسماء وشخصيات، كانت في يوم مضى ذات فعل مؤثر في أحداثها، أو في تشكيل وعيها ومواقفها وطنياً وقومياً.
«ست الدنيا» نص مُشبع بالأحداث. والموقف منها أتى لمّاحاً وساخراً. نص جنّد الخاص والشخصي ليقول عبره ما هو عام. وإلى الحضور الوازن للممثل زياد عيتاني كمشخِّص وحيد للعرض، استعان المخرج بالأرشيف والصور الثابتة في سبيل تدعيم المشهد العام.
«ست الدنيا» عرض افتتح به مترو المدينة نشاطه مع بدء عامه العاشر، وسط إجراءات خاصة في ظل جائحة كورونا، أهمها إبراز شهادة التلقيح.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية