سجن رومية اللبناني: إضراب عن الطعام ومطالبات بوقف الانتهاكات وتقديم أدنى مقومات الحياةـ فيديوهات وصور من داخل الزنازين

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي» : أعلن سجناء في سجن “رومية” اللبناني، الذي يضم أكثر من 5000 سجين بينهم سوريين، إضرابهم عن الطعام احتجاجاً على سوء الأوضاع الإنسانية داخل السجن.

ويعرف سجن رومية، الأكبر في لبنان، منذ سنين بظروف احتجاز سيئة أسبابها وأشكالها عديدة؛ من “سوء المعاملة والتعذيب أثناء التحقيق”، إلى “إجراءات التقاضي التي تسبب اكتظاظاً في السجون”، نتيجة “لجوء القضاة للتوقيف الاحتياطي، والتوقيف دون مبرر، وبطء عمليات المحاكمة، مروراً بالإهمال الصحي والطبي وغياب الدواء، الذي تسبب بانتشار الأوبئة”، حسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

وأصدر السجناء بياناً تسلمت “القدس العربي” نسخة منه، أكدوا فيه بدء حالة الإغلاق في المبنى “ب”، الذي يضم أكثر من ٦٠٠ سجين بينهم ١٥٠ من السوريين، والإضراب عن الطعام المقدم من قبل إدارة السجن وعدم الخروج إلى الباحة.

سجين سوري لـ”القدس العربي”: نرفض أعمال الشغب ونطالب بعدم تسليمنا لنظام الأسد

وتواصلت “القدس العربي” مع أحد السجناء داخل “رومية”- فضّل حجب هويته لدواع أمنية- للحديث عن ظروف السجن ومطالب نزلائه والأسباب التي دفعتهم لإعلان الإضراب عن الطعام. وقال: “أعلنا الإضراب احتجاجاً على فقدان أكثر من 30 شخصاً داخل السجن، 10 منهم سوريون، ماتوا الواحد تلو الآخر، أمام عيوننا نتيجة انعدام الطبابة والرعاية الصحية، وسوء التغذية، في ظل عدم وجود محاكم وغياب المنظمات الحقوقية والإنسانية”، مؤكداً رفضهم لـ”أعمال الشغب، ولسنا بصدد تحدي الحكومة أو القانون وإنما نطالب بالعفو العام ووقف الانتهاكات وتقديم أدنى مقومات الحياة من علاج وطعام”.

كما طالب السجين بمنع تسليم السجناء السوريين إلى النظام السوري، وتأمين الطبابة والأدوية اللازمة للأمراض المزمنة، ومحاسبة المتسببين بوفاة السجين عمر توملي بنوبة قلبية، يوم الإثنين الفائت، مناشداً العالم للتدخل لمساعدتهم ومنع ترحيلهم احتراماً لحقهم في الحياة.

وقال السجين إن “التغذية المقدمة للمعتقلين معدومة ولا تحترم آدميتنا. الطعام من أسوأ ما يمكن أن يتخيله الإنسان الطبيعي، وغالباً ما يحتوي على حشرات ويرمى فوقه الجرذان فضلاً عن نوعيته المتردية”.

وحول الحالة الصحية في السجن، قال السجين: “تنتشر الأمراض والأوبئة بين المعتقلين بشكل مزمن، مثل الجرب والحساسية، فهما مرضان ملازمان لنزلاء السجون، دون أن توفر أي علاجات أو مراهم لمواجهة العدوى”.

وأضاف: “لا توجد طبابة ولا طعام كاف ولا ماء، كل هذه الخدمات مدفوعة داخل السجن”، مضيفاً أن “الشعرة التي قصمت ظهورنا هي وفاة السجين عمر توملي، بأزمة قلبية حادة وسط تراخي العناصر أو الضباط المسؤولين في طلب الطبيب والإسعاف لإنقاذ حياته، حيث بقي نحو نصف ساعة ملقى على الأرض حتى مات، ولهذا قررنا الإضراب عن الطعام وإغلاق الفتحة المخصصة لإدخال الغذاء إلى السجن، حتى تحقيق مطالبنا”. وتابع: “عندما يموت أحدنا ننظر في عيون بعضنا لنستكشف من هو التالي، وحول سبب اعتقالهم”.

وعن مطالب السجناء، قال: “سنستمر في الإضراب حتى تحقيق مطالبنا الإنسانية المحقة في ملفات الطبابة والغذاء والدواء. وبناء عليه، نطلب مقابلة موفد من قبل رئاسة الحكومة اللبنانية، للوقوف على أوضاعنا المزرية ونقل مطالبنا لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي”. وأضاف: “نحتفظ بحق التصعيد السلمي في حال لم يتم التجاوب معنا حتى تحقيق مطالبنا، ونرفع أصواتنا ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، علها تخترق جدران السجن، وتصل إلى أصحاب الضمائر الحية”.

وعن المعتقلين السوريين في رومية، قال السجين: “تعرضنا لتعذيب جسدي ونفسي ومعنوي ممنهج خلال التحقيق، وبأساليب مختلفة مثل “بساط الريح”، الشبح، الكهرباء، الدولاب، الوقوف المستمر لساعات طويلة دون تقديم الطعام والشراب، أو التعليق بالسقف “النربيج الأخضر” المعروف بـ “أبو كامل”. وتابع: “لا يمكن للعقل البشري أن يتخيل أو يستوعب مستوى الوحشية ومدى العنف الذي كان يمارس ضدنا كمعتقلين سوريين أثناء التحقيق معنا في وزارة الدفاع وشعبة المعلومات وجهاز أمن الدولة”. وذكرت الشبكة، في بيان حول أوضاع السجناء والموقوفين السوريين في السجون اللبنانية: “قامت عدة أفرع أمنية لبنانية، منها مخابرات الجيش والأمن العام، بتعذيب 25 محتجزاً من اللاجئين السوريين على الأقل، اشتملت على الحرمان من النوم والطعام، والإذلال والضرب والتعذيب بالأجهزة الكهربائية وغياب الرعاية الطبية، غالبيتهم العظمى ضحايا للاعتقال التعسفي بتهم ملفقة تتعلق بالإرهاب ودون محاكمة عادلة، مستندة في ذلك لتقرير نشرته منظمة العفو الدولية تحت عنوان “كم تمنيت أن أموت: لاجئون سوريون احتجزوا تعسفياً بتهم تتعلق بالإرهاب وتعرضوا للتعذيب في لبنان”.

وأوضح السجين: “نحن معتقلو رأي على خلفية الثورة السورية، لكننا نحاكم في محاكم عسكرية، أغلبنا موجود هنا منذ سنوات دون عرضه على أي محكمة، والسبب معارضتنا للنظام السوري، فأغلبنا من أبناء المناطق الحدودية، اضطررنا للجوء إلى لبنان، حيث تم اعتقالنا من بيوتنا بحجة الإرهاب”.
وأكد المتحدث من داخل السجن لـ “القدس العربي” رفضهم “كمعتقلي رأي أعمال الشغب في السجن”، مؤكداً أن “الإضراب عن الطعام ضمن حقوقنا لإيصال صوتنا ومعاناتنا”.

وأضاف: “اليوم وبعد آلاف المناشدات لا تزال السلطات اللبنانية تقوم بتسليم معتقلي الرأي والمعارضين لنظام الأسد متجاهلة كامل المواثيق الدولية التي وقع عليها لبنان في هذا الشأن”.

ويبلغ عدد السجناء في لبنان، وفق ما ورد في موقع وزارة العدل اللبنانية، 6,989 سجيناً موزعين ما بين 5,391 في سجن رومية المركزي والسجون الأخرى، و1,598 موقوفاً في النظارات وقصور العدل وأماكن الاحتجاز التابعة لقوى الأمن الداخلي.

وكانت منظمات إنسانية وحقوقية قد ناشدت السلطات اللبنانية والأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بالعمل على وقف الانتهاكات بحق السجناء السوريين في لبنان، وإعادة التحقيقات وفق الأصول والإجراءات القانونية، وإعادة النظر في الأحكام الصادرة، وإلغاء ما يثبت منها أنه صدر بناء على أقوال تم انتزاعها تحت التعذيب، وعلى إجراءات محاكمة لا تتوافق والمحاكمات العادلة النزيهة.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن عدداً كبيراً من المسجونين والموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، قد سبق وتم اعتقالهم على خلفية أحداث مدينة عرسال اللبنانية، التي وقعت بتاريخ 2 آب/ 2014، علماً أنهم لا صلة لهم بأحداث عرسال، بناءً على أقوالهم، أو حتى لم يكونوا موجودين ضمن نطاق المنطقة حينها، ويحاكمون أمام المحاكم العسكرية بتهمة الإرهاب، حيث تقوم القوى والأجهزة الأمنية اللبنانية، أبرزها مخابرات الجيش، بمداهمات مباشرة لمنازلهم تحت ذريعة: الإرهاب، أو تخريب ممتلكات الدولة اللبنانية، أو خطف وقتل أفراد الجيش اللبناني والقوى الأمنية، أو تشكيل مجموعات مسلحة، أو تجارة السلاح.

      

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية