الرباط -«القدس العربي»: أكد عادل تشكيطو، رئيس “العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان”، أن نداءات “المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج” بخصوص الاكتظاظ الذي تعرفه السجون المغربية، تعددت، “لكن التفاعل مع هذه النداءات والتحذيرات لم يتم التجاوب معها بالجدية اللازمة من طرف الجهات المختصة”.
وفي تصريحه لـ “القدس العربي”، عبّر الحقوقي المغربي، تعليقاً على معطيات الاكتظاظ الواردة في تقرير “المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج” (مؤسسة رسمية) عن اعتقاده بـ “أن القضاء مسؤول بشكل مباشر عن ما تشهده السجون من اكتظاظ غير مسبوق يؤثر على حقوق وكرامة الساكنة السجنية”، واستطرد موضحاً أنه “هو أيضاً مكبل بمساطر وقوانين منصوص عليها في المنظومة الجنائية في المغرب”.
وأبرز تشكيطو أنه يجب على الحكومة تسريع إجراءات التشريع المرتبطة بمساطر الاعتقال الاحتياطي والعقوبات البديلة التي يستفيد منها على وجه الخصوص المدانون المحكوم عليهم بمدد قصيرة، خاصة أننا نعلم أن أغلبية من هم نزلاء السجون يصنفون في الفئات التي ذكرت”.
حديث الحقوقي لـ “القدس العربي” جاء على إثر دق ناقوس الخطر من طرف “المندوبية العامة لإدارة السجون إعادة الإدماج”، بخصوص الاكتظاظ، الذي تجاوز حاجز 100 ألف سجين، مشيراً إلى أنها أول مرة تتجاوز الساكنة السجنية هذا الحد، وفق الكلمة الافتتاحية للمندوب العام لإدارة السجون محمد صالح التامك، التي استهل بها تقرير الأنشطة للعام 2023.
وجدد التامك شكواه من الاكتظاظ الذي تعرفه المؤسسات السجنية في المغرب، مؤكداً أن إدارة السجون اختتمت سنة 2023 وهي تواجه تحديات تتعلق بمواجهة تداعيات الاكتظاظ داخل السجون، وتواصل ارتفاع عدد السجناء.
ورغم ذلك، يستطرد المسؤول نفسه، فإن واقع الاكتظاظ لم يمنع “المندوبية العامة لإدارة السجون” من مواصلة سعيها إلى تعزيز المكتسبات السابقة والعمل على تحقيق أهدافها السنوية، وتسريع تنفيذ استراتيجيتها في أفق 2026، خاصة ما يتعلق بظروف الاعتقال وأنسنة السجون، وتحديث البنيات التحتية.
واستعرض المسؤول الأول عن السجون في المغرب، في الكلمة الافتتاحية للتقرير، عدداً من المنجزات التي حققتها المندوبية على مستوى ظروف الإيواء من خلال افتتاح مؤسسات سجنية جديدة وتهيئة القديمة وتأهيل بنياتها التحتية وتعزيز تجهيزاتها، وتم العمل أيضاً على تحسين جودة الخدمات المقدمة للسجناء من تغذية ونظافة، وضمان ولوجهم للحق في الرعاية الصحية والنفسية.
المندوب العام لإدارة السجون، أبرز أيضاً أن مندوبيته واصلت العمل على تعزيز ولوج السجناء للبرامج التربوية وتحسين النتائج ذات الصلة، إضافة إلى تطوير أساليب وبرامج التأهيل وتفريدها باعتماد برامج مبتكرة، وذلك تكريساً للدور التأهيلي التربوي للمؤسسات السجنية.
بالنسبة للجانب الصحي داخل السجون، كشفت المندوبية في تقريرها عن معدل الأطباء الذي بلغ طبيباً واحداً لكل 1128 سجيناً، وطبيب أسنان واحد لكل 1316 سجيناً، موضحة أن الارتفاع المسجل في عدد السجناء زاد من صعوبة تحقيق الأهداف المرجوة في هذه المؤشرات.
وتطرقت المندوبية أيضاً إلى تعزيز الدعم النفسي والاجتماعي للسجناء، خاصة المتضررين من زلزال الحوز، حيث استفاد 869 سجيناً من خدمات الدعم النفسي الفردي و6411 سجيناً من العلاج الجماعي، ما يمثل أكثر من 83 في المئة من السجناء المستهدفين.
وبخصوص مكافحة الإدمان، قالت المندوبية إن 256 سجيناً، من بينهم 6 نساء، استفادوا من مواصلة توزيع الميثادون في وحدات علاج الإدمان داخل المؤسسات السجنية، منهم 141 حالة وافدين جدد، بمن فيهم سجينتان، ليصل إجمالي عدد الحالات المستفيدة من هذا البرنامج إلى 1059، منهم 22 امرأة، منذ انطلاق البرنامج سنة 2015.
وارتباطاً بموضوع الاكتظاظ، أفاد التقرير المذكور، بأن عدد السجناء في المغرب بلغ 102 ألف و653 سجيناً، وذلك إلى حدود نهاية سنة 2023، ويشكل العُزب أكثر من النصف، فيما نسبة النساء ضئيلة كما هو الشأن بالنسبة للمسنين والأشخاص في وضعية إعاقة، فيما قاربت نسبة السجناء أقل من 30 عاماً نصف الساكنة السجنية.
المثير في التقرير، هو انتقاده “الارتفاع المتواصل لعدد السجناء الذي تجاوز حاجز 100 ألف سجين خلال آب/أغسطس من سنة 2023″، مشيراً إلى أن هذا الرقم لم يعرف “أي تراجع بعد ذلك، وهو ما دفع المندوبية إلى دق ناقوس الخطر لاتخاذ التدابير الإدارية والقضائية اللازمة”. وكشف عن توقعاته بخصوص عدد السجناء بحلول عام 2028، مشيراً إلى أنه سيبلغ 122 ألفاً و714 سجيناً.