أديس أبابا ـ الأناضول: قال رئيس البرلمان السوداني إنه زار موقع بناء سد النهضة في إثيوبيا على أحد روافد نهر النيل، «لكي يكون شريكا في الفرحة بهذا الإنجاز الذي يحقق حلم فقراء أفريقيا» من الاكتفاء بالكهرباء والتكامل الزراعي ولتأمين الغذاء.
وأضاف الفاتح عز الدين المنصور رئيس المجلس الوطني (البرلمان)، «أنا رأيت بعيني من خلال الزيارة بأن حلم أفريقيا بدأ يتحقق من خلال ما شاهدته من أعمال بناء سد النهضة الذي أوشك على الانتهاء والذي سينتج 6 آلاف ميغاواط من الطاقة الكهربائية».
واعتبر أن «السد خيره سيكون لكل دول الإقليم وخاصة مصر والسودان وهو سيفي باحتياجاتنا من الكهرباء التي ستمتد من هنا إلى كيب تاون وهو ما تحتاجه أفريقيا من كهرباء لمواكبة التنمية».
وتطرق الحوار للعلاقات السودانية المصرية، وقال إنها شهدت نقلة نوعية بعد زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الخرطوم، معتبرا أن العلاقات بين البلدين « ثابتة ولا تتأثر ببعض الظروف العالقة».
ووصف رئيس البرلمان السوداني العلاقات السودانية الخليجية أنها «استراتيجية»، نافيا دعم بلاده للتشيع، في الوقت الذي اعتبر أيضا أن العلاقات بين واشنطن، والخرطوم «حتمية».
وفيما يلي نص الحوار:
٭ زيارتك لسد النهضة كانت حدثاً لافتا ما هي دوافع الزيارة وهل كانت ضمن أجندة الزيارة؟
٭ حقيقة مشروع سد النهضة من المشروعات العملاقة في أفريقيا وأنا شخصياً سررت بزيارة هذا المشروع الذي نعول عليه في أحداث تغير شامل في الموازين الاقتصادية ليست على مستوى إثيوبيا والسودان ومصر وإنما على مستوى أفريقيا.
واعتبر هذا المشروع من المشاريع الحيوية وسيساعدنا في العبور نحو مستقبل أفضل ومواجهة العولمة. هذا المشروع مشروع استراتيجي نعم يتم في إثيوبيا ولكنه لكل الإقليم.
وبلا تحفظ أقول أن هذا السد خيره سيكون لكل دول الإقليم وخاصة مصر والسودان وهو سيفي باحتياجاتنا من الكهرباء التي ستمتد من هنا إلى كيب تاون وهو ما تحتاجه أفريقيا من كهرباء لمواكبة التنمية.
وإثيوبيا قادرة على أن توفر الطاقة الكهربائية التي تتماشى مع البيئة الخضراء ويمكن لدول شرق وشمال أفريقيا ووسط أفريقيا أن يستفيدوا من الطاقة الكهربائية المصدرة من إثيوبيا وفهمي للمشروع هو مشروع وطني وقومي سيحرر أفريقيا ودول الإقليم من التبعيات والاحتياج للآخر. ونحن في السودان سيفيدنا وينفعنا نفعاً مباشراً وسيساعد من التكامل في المجال الزراعي وأيضاً لتأمين الغذاء. كما يساعد على تفادي الفيضانات وتغلب المناخ الذي ينتج عنه الجفاف والمجاعة. وأن المشروع الذي تبنته رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي بربط أفريقيا بشبكة سكة الحديد تحقيقه يتطلب توفير الطاقة الكهربائية وسد النهضة سيكون إحدى دعائم هذا المشروع. وأنا رأيت بعيني من خلال الزيارة بأن حلم أفريقيا بدأ يتحقق من خلال ما شاهدته من أعمال بناء سد النهضة الذي أوشك على الانتهاء والذي سينتج 6 آلاف ميغاواط من الطاقة الكهربائية.
وهناك مشروع سد آخر في الكونغو وهو من المشاريع الاستراتيجية بأفريقيا والذي سيكون إضافة لسد النهضة ومكمل له. وأنا أقول أن هذا الصرح (سد النهضة) فيه آمال الملايين من الفقراء وأحلامهم فيه وبأنه سيحول حياتهم إلى الأفضل ومن خلال زيارتي له أحببت أن أكون شريك في هذا الفرحة.
٭ كيف يتعامل السودان مع الوضع السياسي المضطرب في جنوب السودان؟
٭ نحن حقيقة في الماضي كنا أحرص لأن نكون أمة واحدة جمعنا تاريخ مشترك تشكلت فيه عوامل الوحدة كلها ولا زلنا نعتقد ذلك.
كما أن الجنوبيين يعرفون بأن الشمال هو أقرب لهم. لكن في النهاية احترمنا رغبة الجنوبيين وأقررنا بنتيجة الاستفتاء وكان الرئيس السوداني عمر البشير هو أول المشاركين في هذه المناسبة.
ونحن قبلنا أن تخرج دولة جنوب السودان من رحم الأمة السودانية وبمضي الأيام أصبحوا الأخوة في الجنوب يتفهمون أن المبررات وحملة التشويه التي تعرض لها الشمال كان فها تجن كبير وما يجري الآن بين أبناء المدرسة الواحدة والتوجه الواحد في جنوب السودان أعطى لنا رسالة إيجابية بأن الذين كانوا يتحدثون بأن هناك هيمنة من شمال السودان على جنوب السودان وهناك تمييز عرقي وكل هذه الدعاوى سقطت وحتى الصقور الذين قادوا حملة التشويه والتمرد على الشمال اعترفوا بأنهم بنوا معلوماتهم على حيثيات خاطئة ومعلومات ضعيفة لا ترتقي لمستوى التبرير للانفصال.
ولكن الأهم الآن نحن لم نتعامل بردود الأفعال والتأثر من حملة الصقور لأننا شعب واحد حتى لو أصبحنا في دولتين. ونعامل إخواننا الجنوبيين الهاربين من جحيم الحرب معاملة مواطن سوداني ويؤلمنا ما يجري في الجنوب.
ولذلك بادرنا بأن نلعب دور الوسيط المحايد من خلال منظمة الإيقاد والاتحاد الأفريقي من أجل إيقاف نزيف الدم في جنوب السودان ونحن نعتقد أن الحوار هو الحل الوحيد ما بين الأطراف للوصول إلى حل دائم من أجل بناء دولة حديثة وتجاوز الأزمة.
ونحن نتفهم تجربة الأطراف وانتقالهم من ثورة إلى دولة . فلذلك نسعى لمساعدتهم في تجاوز الأزمة والسودان عقله وقلبه مفتوح لمساعدة الأشقاء في جنوب السودان.
٭ كيف تقيمون علاقات السودان بمصر؟
٭ العلاقة المصرية السودانية ذات خصوصية وهي علاقة قديمة وهناك مصالح قوية بين شعبي البلدين. وعلاقتنا اليوم متميزة وشهدت نقلة نوعية بعد زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للسودان وأجرى خلالها مع الرئيس السوداني البشير والذي سيقوم بزيارة مماثلة لمصر قريباً.
وشهدت العلاقات خلال الأيام الماضية تطورا كبيرا حيث فتحت المعابر للتجارة الحدودية وهناك رغبة صادقة من الجانبين للارتقاء بهذه العلاقات. وعلاقات السودان بمصر لا تتأثر ببعض الظروف العالقة لأنها علاقة استراتيجية ونحن نعبر عن ارتياحنا للتطورات الإيجابية التي شهدتها مصر وهي دولة هامة في المحيط الأفريقي والعربي ودورها طليعي وسنمضى في تعزيز هذه العلاقات.
٭ كيف هي علاقات السودان بدول الخليج عامة والسعودية والامارات خاصة؟
٭ظلت المملكة العربية السعودية هي الشقيقة بالنسبة لنا في السودان، وعلاقاتنا قوية ومتميزة. والسعودية والإمارات ودول الخليج بصورة عامة دائما كانوا في مفاصل قضية السودان والمناطق السودانية والآن المشروعات التي قامت سواء كانت في سد «مروي» أو «ستيت» أو نهر عطبرة؛ مولت من صناديق (السعودية والإماراتية) ومازالت هذه الدول تمول السودان.
وهذه العلاقات ليست علاقات جديدة. هذه العلاقات ظلت محل احترام وتقدير عظيم جداً جداً من حاكم الإمارات الراحل زايد بن سلطان؛ وصراحة كان الشيخ زايد يكن للسودان تقديرا عظيما وهو الذي وجه المؤسسات جميعا عند بدأ مشروع سد مروي ليساهم في تنويره والسودان أحرص ما يكون أيضا لتعزيز هذه العلاقات ونتمنى الاستقرار للمنطقة بصورة عامة وقيادات المنطقة قيادات تاريخية أسهمت في تطويرها ونمائها.
والنهضة التي يشهدها الخليج والنهضة الواسعة التي شهدتها المملكة العربية السعودية نهض بها القائمون على الأمر «الآن». وحكامها الآن كانت لهم عطاءات جيدة وكان لهم أداء متميز واستطاعوا أن يبنوا بنية تحتية متميزة والرفاه لمجتمعاتهم بشكل ممتاز. فالسودان لم يكن بعيدا عن ذلك. فهناك خبراء وعلماء كثر من السودان كانوا مشاركين نهضتهم في السعودية والخليج وساهموا في تعزيز النهضة الحديثة في المنطقة العربية بصورة عامة.
٭ لكن هناك قلق من دول الخليج وخاصة السعودية من علاقات السودان بإيران، وماهي دواعي إغلاق المركز الثقافي الإيراني في السودان؟
٭ مطلقا لم يكن من نوايا السودان ولا من مقصده ولا من أهدافه أن تكون علاقاتنا مع إيران خصما على السعودية وتربط بينا الدين ونحن أهل سنة ومثل ما قلت إن أياديهم على السودان بيضاء وستظل هذه العلاقات مقدمة على غيرها من كل العلاقات في سائر الكرة الأرضية وبيننا والأخوة في السعودية.
ومواقفنا الماضية مع إيران لم تكن أبدا خصما على علاقتنا بالمقابل محيطنا العربي والإسلامي بصورة عامة. وعندما فتحت السفارة الإيرانية في السودان أقيم هذه المركز وفق اشتراطات محددة.
والآن تم قفل هذ المركز الثقافي لأنه خرج من البرتوكولات والالتزامات والاتفاقيات التي تم التوقيع عليها للتعامل ما بين المجتمع السوداني أو الحكومة وهذه من المراحل الثقافية. فالسودان بلد سني؛ بلد وسطي لم يعرف التطرف مطلقا.
٭ ولكن هناك من يعتقد بأنكم أقمتم محور مع إيران ضد دول الخليج والحزام السني؟
٭ هذه اعتقادات خاطئة وليست في محلها والسودان علاقته وروابطه ومصالحه الاستراتيجية مع دول الخليج ولم يكن من نوايا السودان ولا من أهدافه في أن تكون علاقاتنا مع إيران خصماً على علاقات دول الخليج التي تربطنا معه علاقات الدين وكلنا أهل سنة وستظل هذه العلاقات ثابتة لا تتغير وكل ما يدور بوجود محور مع إيران محض افتراء ولا أساس له من الصحة.
وأقدامنا على إغلاق المركز الثقافي الايراني يؤكد على مصداقيتنا من أن كل من يخالف الأعراف الدبلوماسية ستتخذ ضده إجراءات كما شملت المركز الثقافي الإيراني.
٭ ولكن ما حقيقة التمدد الشيعي في السودان؟
٭ أولا عندما فتحت السفارة الإيرانية في السودان تمت وفق الاشتراطات والبروتوكولات المتعارف عليها وعندما لاحظنا بأن المركز الثقافي الإيراني تجاوز هذه البروتوكولات قمنا بإغلاقه وسنتخذ مزيدا من الإجراءات الصارمة على كل من يخالف الاتفاقات والاعراف والبروتوكولات.
والسودان كبلد سني وسطي لم يعرف التطرف مطلقاً ويعتبر السودان من أكبر الواجهات السنية في المنطقة والتشيع محدود على مستوى السودان لم يتجاوز 17 شخصاً. وبالتالي السودان الذي يعتبر إحدى منارات أهل السنة بأفريقيا لن يقبل بالتشيع وسيصدر في مواجهة أي تشيع القرارات ونرفضه رفضا باتاً ولنا فيه قولا واضحا ليس فيه لبس ولا غموض مع إيران وغيرها. وأي اختراق للبنية الاجتماعية للشعب السوداني المستند على السنة المعتدلة يعتبر تجاوزا.