سد النهضة غير قابل للانهيار… والترقيع لن يحل أزمة التعليم… والغلاء يمثل تحديا لقدرات المصريين

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: ينتاب كثير من المصريين حلم مفاده أن يستيقظوا ذات صباح ليسمعوا خبرا مفاده انهيار سد النهضة، وقد تعاطي كثير من المتعاطفين مع ذلك الأمل مروجين شائعات تقول إن “سد الخراب” على وشك الانهيار.. وقال الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة لعدد من المواقع ومنها “مصراوي” و”المصري اليوم”، إن بحيرة سد النهضة لن تصل إلي سعتها الكاملة للتخزين إلا في بداية فيضان العام المقبل في شهر يوليو/تموز 2025″، موضحا أن شركات عالمية متخصصة في بناء السدود قامت ببناء السد الإثيوبي”. كما كشف الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية واستصلاح الأراضي بجامعة القاهرة، عما إذا كان كان امتلاء بحيرة السد العالي (ناصر) عن الحد المقرر يمكن أن تهدد السد العالي بالانهيار، حيث أكد أنه عندما تمتلئ بحيرة السد العالي بالمياه، ويصل سعتها للحد الأقصى 162 مليار متر مكعب، فإن ذلك لا يهدد السد العالي بالانهيار، حيث يتم فتح بوابات مفيض توشكى، إذا زادت المياه عن هذه السعة، لصرف المياه الزائدة.
ومن القرارات التي يصفها البعض بأنها تأخرت كثيرا أصدر الدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة، قرارا بحظر الترخيص أو إصدار تصاريح بهدم القصور والفيلات أيا كان طابعها، أو حالتها الإنشائية، من دون العرض عليه بتقرير من اللجنة المتخصصة التي شكلها على مستوى المحافظة. وأكد محافظ القاهرة، أنه في الحالات التي تتطلب ضرورة الهدم يتم تنفيذ كل الضوابط والإجراءات المقررة قانونا، مع عدم جواز البناء على الأرض، إلا في حدود المساحة والارتفاع اللذين كانا عليهما قبل الهدم. ومن الحوادث التي تحظى بالمتابعة بين المتصوفة أمرت جهات التحقيق بإخلاء سبيل صلاح الدين التيجاني، المفصول من الطريقة التيجانية الصوفية، بكفالة 50 ألف جنيه، على ذمة اتهامه بالتحرش بسيدة تُدعى «خديجة.خ»، قالت إنه أرسل لها صورا خادشة للحياء. استمرت التحقيقات مع المتهم 18 ساعة أمام نيابة شمال الجيزة، بعد أن حضر المتهم وسط حراسة أمنية لمجمع محاكم شارع السودان، وتم إخلاء المبنى من الموجودين، ولاسيما أنصاره، الذين قُدر عددهم بنحو 50 شخصا، حضروا لمساندته، وجلسوا في مقهى ملاصق حتى طلوع الفجر، وتوجهوا خلفه بسياراتهم إلى قسم شرطة الدقي. انتقل وكيل النائب العام إلى مقر الزاوية التيجانية في شارع أبوالعباس التيجاني في منطقة إمبابة، وتبينت له إقامة زاوية وسط حديقة خصصها «صلاح التيجاني» مقرا لاستقبال مريديه وأداء الصلاة، تحفظت النيابة على متعلقاته مع كاميرات المراقبة. وتلقى النائب العام 3 بلاغات من سيدات اتهمن التيجاني بالتحرش، إلى جانب بلاغ رابع اتهمه بارتكاب العديد من الجرائم، منها الافتراء على الدين، واختلاق كرامات، وأن بيده معجزات خرافية، وادعاء الألوهية.
سننتصر حتما

بينما إسرائيل تواصل حرب الإبادة ضد شعب فلسطين، وتمد إرهابها إلى لبنان بحملة التفجيرات التي لم تفرق بين مدني ورجل مقاومة.. كانت تتلقى الصفعة السياسية الأكبر، مع قرار أممي وصفه جلال عارف في “الأخبار” بالتاريخي يطلب إنهاء إسرائيل “بوصفها قوة الاحتلال” لوجودها غير القانوني على الأرض الفلسطينية خلال 12 شهرا، بناء على ما قررته محكمة العدل الدولية بشأن الآثار القانونية لسياسات إسرائيل وممارساتها في فلسطين. وبينما كانت الولايات المتحدة تواصل سياساتها المنحازة لإسرائيل والداعمة لإرهابها، والادعاء بأنها لا تعرف شيئا عن تفجيرات لبنان، كما ظلت – حتى الآن- لا ترى أي دليل على حرب الإبادة التي استشهد فيها أكثر من أربعين ألف فلسطيني في غزة معظمهم من الأطفال والنساء، بينما كانت الولايات المتحدة تواصل دورها الذي أوصلها لأن تكون شريكة إسرائيل في كل جرائمها.. كانت دول العالم تقول كلمتها في الأمم المتحدة، وكانت أمريكا تحصد ثمار سياساتها وهي ترى القرار التاريخي لإنهاء الوجود الإسرائيلي على أرض فلسطين، يحصد تأييد الغالبية العظمى من أعضاء الأمم المتحدة «124 دولة» بينما تعارضه أمريكا ومعها 13 دولة أخرى. تصويت تاريخى وقرار في غاية الأهمية رغم أنه غير ملزم لأنه يضع الجميع أمام مسؤولياتهم، ويكشف عن موقف عالمي ينتصر للحق الفلسطيني، رغم ضغوط الولايات المتحدة التي تجد نفسها مرة أخرى معزولة ومدانة، وهي لا تجد ما تقوله إلا أن القرار «وليس الإرهاب الإسرائيلي والانحياز الأمريكي»، يقوض حل الدولتين، وكأن بقاء الاحتلال وممارسته للإبادة الجماعية ضد شعب فلسطين هو الطريق الذي تراه أمريكا لإقامة دولة فلسطينية على مقابر الشهداء.

الدور على أمريكا

لا شك، كما يرى جلال عارف، في أن القرار التاريخي للأمم المتحدة يضع مجلس الأمن “وأمريكا بالذات”، أمام اختبار صعب، لأن موقفها ضد إرادة العالم سوف يكلفها الكثير. ولأن القرار لا يتكلم فقط في المبادئ العامة، بل يفرض خطوات مطلوبة على الفور لإنهاء الوجود الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية المحتلة، ما يعني انسحاب القوات الإسرائيلية ومعهم كل المستوطنين. ويفرض القرار منع استيراد أي منتجات منشأها المستوطنات الإسرائيلية، وكذلك عدم توفير أو نقل أسلحة أو ذخائر إلى إسرائيل. القرار التاريخي يصدر قبل بضعة أيام من افتتاح الدورة الجديدة للأمم المتحدة في حضور زعماء العالم. ولا شك أن خطاب الرئيس الأمريكي في هذه الدورة لا يمكن أن يتجاهل القضية الفلسطينية، وسيدرك حتما أنه يخاطب دول العالم التي أصدرت قرار إنهاء الوجود الإسرائيلي في دولة فلسطين وسيذهب مجرم الحرب نتنياهو ليتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ويداه مخضبتان بدماء أطفال فلسطين، وربما يكون في الموعد المحدد لإلقاء خطابه مطلوبا للاعتقال كمجرم حرب، إذا صدر قرار المحكمة الجنائية الدولية، التي يتعرض قضاتها لكل الضغوط من جانب أمريكا، لكي يعطلوا القرار المرتقب أو يؤجلوه بقدر الإمكان. وستكون فلسطين – رغم الإرهاب الإسرائيلي والتواطؤ الأمريكي- هي الحاضر الأكبر في هذه الدورة، التي ستحضرها لأول مرة وهي تشغل مقعدا في الجمعية العمومية يحمل اسم «دولة فلسطين» وليت خطاب الرئيس الفلسطيني أبومازن، يتم إعداده بصورة تناسب هذا الحدث التاريخي وتركز على ضرورة التزام الجميع بتصفية «الوجود الإسرائيلي» على أرض فلسطين، كما قررت الإرادة الدولية. ولا شك أنه سيضع مجلس الأمن أمام مسؤولية ليختار «أو لتختار أمريكا»، بين الشرعية الدولية، أو الانحياز لإسرائيل الذي سيفقدها ما تبقى من مكانة في العالم، ويعيد التذكير بأن مجلس الأمن يفقد دوره ولا عزاء لكل من راهنوا على تصفية قضية فلسطين، وفي ضمير العالم شعوبا وحكومات.

أسوأ أيامنا

لا يعتقد فاروق جويدة في “الأهرام” أن الوقت مناسب لمزيد من الانقسامات بين الدول العربية، لأن العرب يعيشون أسوأ مراحل تاريخهم.. منذ سنوات كانت هناك دعوة تحققت الآن وأصبحت حقيقة، وهي أن المستقبل للهامش وليس للمتن.. وكانت أمريكا وراء هذه الدعوة ونجحت في تحقيقها، وما يحدث الآن يؤكد ذلك.. وأمام الظروف الاقتصادية الخانقة تراجع دور الكبار، وفرض المال سطوته وأصبح صاحب السلطة والقرار.. وقد ساعد على ذلك احتلال العراق والحروب الأهلية في أكثر من دولة، وجاءت مأساة غزة لتزيد الانقسامات التي وصلت إلى درجة الخصومة، وقد تتجاوز ذلك إلى أزمات أخطر.. والسبب في ذلك كله أن المال والمؤامرات الخارجية والحروب الأهلية غيرت خريطة المنطقة، وتصدرت الساحة حسابات جديدة.. وأمام سقوط قضايا الأمة وتراجع الأدوار والأطماع والمصالح، تعيش الشعوب العربية واقعا جديدا اختلت فيه الثوابت والأدوار.. ولا أحد يعرف إلى أين تمضي السفينة أمام هذه التحديات، وما هي صورة المستقبل على شعوب تخلت عن قضاياها وأصبحت لعبة في أيدي المغامرين وتجار الحروب.. الشيء المؤكد أن العالم العربي بحاجة إلى أن يعيد حساباته أمنيا، اقتصاديا، وإنسانيا، وأن يراجع مسيرته أمام مؤامرة كبرى تهدد كل شيء فيه.. هناك خريطة جديدة للعالم العربي يجري إعدادها مع استبعاد كامل لدول المنطقة، لأن إسرائيل تتصور أنها إذا نجحت في تصفية القضية الفلسطينية بدعم أمريكا سوف تتفرغ لتصفية كيانات أخرى ولن تهدأ إلا إذا حققت مشروعها في دولة إسرائيل الكبرى، وهي ترى أن الأحداث تفتح لها ألف طريق لتحقيق أهدافها.

شريك في القتل

لا يوافق عبد القادر شهيب في “فيتو” على التماس البعض العذر لأمريكا في عدم قيامها بما يلزم للتوصل إلى هدنة في غزة، ووقف التصعيد الإسرائيلي ضد لبنان، بأنها تعيش فترة انتخابات، وليست قادرة على الضغط على إسرائيل الآن، حرصا على أصوات اليهود فيها.. فماذا فعلت أمريكا عندما لم تكن هناك انتخابات أصلا لوقف الحرب على غزة؟ ألم تقاوم أمريكا علنا وقف إطلاق النار في غزة، بدعوى أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، ويتعين القضاء على “حماس” لتظفر إسرائيل بالأمن؟ وعندما بدا لأمريكا أنه لا جدوى من استمرار الحرب، وقررت المشاركة في ما سمي وساطة للتوصل إلى هدنة، تبنت موقف الحكومة الإسرائيلية المقاوم لهذه الهدنة.. وظلت تحمّل “حماس” فشل المشاورات وعدم التوصل إلى اتفاق هدنة، رغم أن من يفعل ذلك هو نتنياهو وحكومته.. ولم تفعل أمريكا شيئا لمنع إسرائيل من اقتحام رفح واحتلال محور صلاح الدين وإغلاق معبر رفح.. فكل ما فعلته فقط هو مطالبة الإسرائيليين بتقليل أعداد من تقتلهم من أهل غزة. يا سادة إن كل ما يحدث في غزة ولبنان أمريكا شريك فيه.. وهي تحديدا الشريك الأكبر.. أمريكا بجلالة قدرها تستطيع أن تضغط على إسرائيل، وتفرض عليها إرادتها وتأزمها بوقف الحرب إذا شاءت.. ولعلنا نتذكر كيف أن أمريكا سبق أن أجبرت إسرائيل على الانسحاب من سيناء بعد عدوان 56. ثم هل نسينا أن السلاح الذي دمرت به إسرائيل غزة هو سلاح أمريكي، وأن تمويل الحرب هو تمويل أمريكي، وأن الحماية السياسية الدولية وأيضا العسكرية هي أمريكية.. ولآن أمريكا شريك لإسرائيل وليست وسيطا بينها وبين الفلسطينيين، فيجب أن لا ننتظر منها خيرا.

كيف حدث هذا؟

كيف وقع «حزب الله» في هذه الأخطاء الأمنية المدمرة؟ كيف يسمح الحزب بعقد اجتماع لهيئة أركانه وكبار قادته العسكريين في مبنى في الضاحية الجنوبية، في حين ينتظر عدوه الإسرائيلي أي هفوة؟ «حزب الله» كما أخبرنا عماد الدين حسين في “الشروق” يخوض صراعا داميا ضد إسرائيل منذ عقود، كما يخوض حربا رسمية من يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعد تضامنه وإسناده للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي مدمر. الحرب لم تتوقف من وقتها، حتى لو كانت ضمن ما يسمى بقواعد الاشتباك المنضبط. وإسرائيل لم تنكر مطلقا أنها تريد القضاء ليس فقط على القوة العسكرية ل«حزب الله»، ولكن تدمير لبنان بكامله إذا فكر أي طرف في مقاومتها. إسرائيل أعلنت أنها تمكنت من القضاء على كامل القيادة العليا لقوة الرضوان التابعة ل«حزب الله» وعددهم 20 قياديا. أما «حزب الله» فقد أعلن مقتل 16 عنصرا في الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت بينهم قياديان. وطبقا لما تسرب من معلومات فإن طائرات أمريكية من طراز إف 35 وإف 15 هي التي نفذت الهجوم. هل اعتقد الحزب أن عقد الاجتماع في الدور الثاني تحت الأرض، سيمنع إسرائيل من الوصول إليهم، رغم أنه يعرف أن إسرائيل استخدمت هذا النوع من الصواريخ والقنابل الخارقة للتحصينات أكثر من مرة في حربها المدمرة على قطاع غزة، وهي القنابل نفسها التي استخدمتها أمريكا في تورا بورا الأفغانية، حينما كانت تطارد قادة تنظيم “القاعدة”. ألم تكن هناك طرق أخرى مختلفة لعقد هذا الاجتماع، أو أي اجتماع مماثل في ظل التلمظ الإسرائيلي لاصطياد قادة الحزب خصوصا جناحه العسكري؟

فلنستيقظ الآن

كانت أمام «حزب الله» كما يشير عماد الدين حسين، تجارب عملية واضحة ومنها، اغتيال القيادي في “حماس” صالح العاروري في يناير/كانون الثاني الماضي في الضاحية الجنوبية، وكذلك اغتيال القائد العسكري للحزب فؤاد شكر في أواخر يوليو/تموز الماضي. هناك أيضا تجربة حركة “حماس”، فإسرائيل لم تستطع أن تصل لقادة “حماس” الكبار، والسبب الجوهري هو التخلص من كل ما يمكن أن يقود إسرائيل إليهم. ‎السؤال الثاني: كيف عرفت إسرائيل أن هناك اجتماعا مهما وحاسما يعقد لكبار قادة «حزب الله»؟ هذه معلومة ثمينة جدا، فهل إسرائيل وصلت لها عبر الوسائل التكنولوجية أم عبر عملاء داخل الحزب؟ لا أحد يستطيع الجزم بالإجابة، لكن إسرائيل ومنذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية اغتالت نحو 500 عنصر من الحزب والقادة الستة الكبار فيه وهم، فؤاد شكر ومحمد نعمة ناصر وسامي طالب عبد الله ووسام الطويل، وآخرهم إبراهيم عقيل. هي وصلت إليهم في بيوتهم وسياراتهم وفي المكاتب والشوارع ثم فجّرت أجهزة “البيجر” و”الووكي توكي” في أجسامهم قبل أيام. «حزب الله» تعرض لضربة غير مسبوقة منذ نشأته في أوائل الثمانينيات، حسب اعتراف قائده حسن نصر الله يوم الخميس الماضي. وهذه الضربات المتلاحقة قد تغري إسرائيل بشن هجوم شامل بعد أن كسرت كل قواعد الاشتباك. وبعيدا عن إجرامها وتحديها للعالم وحرب الإبادة التي تشنها فإن إسرائيل برهنت خلال الفترة الأخيرة على تفوقها الكاسح تكنولوجيا واستخباراتيا. هذه ليست دعوة لليأس، ولكنها جرس إنذار يدقه الكاتب لكل العرب بأن يفيقوا؟

اليوم العالمي للسلام

في وقت يترقب فيه الجميع المزيد من الاشتعال في منطقة الشرق الأوسط، واتساع رقعة الحروب والدمار، احتفل العالم باليوم العالمي للسلام، الذي يوافق يوم 21 سبتمبر/أيلول من كل عام ويرى محمد مصطفى أبو شامة حاجتنا في هذه اللحظة التي تتدحرج فيها منطقتنا إلى هاوية بلا رجعة، أن “نرتل تراتيل السلام” كما فعلها من قبل الرئيس الراحل أنور السادات وتخطى بها حاجز الموت وعبر بمصر فوق كل الحصون التي أقامتها إسرائيل، ليفرض السلام واقعا بإرادة المنتصر التي تحققت بفضل معجزة النصر في أكتوبر/تشرين الأول سنة 1973. اختارت مصر طريق السلام الذي يعكس شخصيتها، فمصر لم تكن يوما بلدا معتديا على جيرانه، كما لم تكن لها أي أطماع إمبراطورية أو مشروعات استعمارية، وأغلب الحروب المصرية كانت للدفاع عن حدودها التي ظلت ثابتة منذ فجر التاريخ وحتى اليوم، فمصر من أقدم دول العالم استقرارا داخل حدود واضحة المعالم، تشيد مجدها وتؤسس حضارتها وتخلد أثرها، لهذا كان السلام استراتيجيا وملمحا واضحا في تاريخ مصر وحضارتها الممتدة عبر العصور. وفي سنوات حكم الرئيس السيسي، أكدت مصر حرصها على السلام في كل علاقاتها الخارجية، وأسست لذلك في تعاملاتها مع كل القضايا الخلافية، واحتكمت مصر إلى الدبلوماسية الناعمة كإطار حاكم لعلاقتها مع سائر دول العالم، مدفوعة بإيمان راسخ باحترام الدولة الوطنية وسيادتها، لهذا امتنعت عن التدخل في شؤون الغير والوقوف على مساحة ثابتة من الجميع، فكان لها مصداقية كبيرة لدى معظم الفرقاء، فأسهمت في فض النزاعات وتدخلت كوسيط سلام في العديد من الصراعات، وخاضت معركة سلام شرسة خلال العام الأخير في محاولة لوقف إطلاق النار وإحلال الهدنة في قطاع غزة، لكن ألاعيب نتنياهو ورغبته في اتساع رقعة الصراع، حرمت المنطقة، بل العالم أجمع، من التمتع بأي سلام.

خلقت للسلام

يخلص مؤشر السلام العالمي لعام 2024 الذي تأمله محمد مصطفى أبو شامة إلى أن العالم أصبح أقل سلاما بنسبة 0.56٪، مع تسجيل تراجع حالة السلام في 97 دولة، وهو رقم أعلى من أي عام منذ إنشاء مؤشر السلام العالمي في عام 2008، وكانت الحرب في غزة وأوكرانيا محركا رئيسيا لتراجع السلام العالمي، وصُنفت اليمن بالدولة الأقل سلمية لعام 2024، يليها السودان وجنوب السودان وأفغانستان وأوكرانيا. ويؤكد التقرير أن عملية طوفان الأقصى، والحرب الإسرائيلية على غزة، تسببت في انخفاض مؤشر السلم في المنطقة، وزادت الغموض في مستقبل الحرب. كما أوضح المؤشر أن تورط إيران ولبنان وسوريا واليمن في الحرب الإسرائيلية على غزة، وضع منطقة الشرق الأوسط في أزمة كبيرة، وجعلها على أعتاب حرب مفتوحة. وقد لاحت بشائر الحرب المفتوحة هذا الأسبوع مع التصعيد الإسرائيلي ضد «حزب الله» من تفجيرات «البيجر واللاسلكي» إلى التوسع في الاغتيالات السياسية، فتدهورت الأوضاع في لبنان، رغم جهود دولية وعربية تحاول منع اتساع حدة التصعيد، والوصول إلى معادلة حل للنزاع، تضاهي ما حدث سنة 2006، التي تأسست بفعل القرار الأممي 1701. ورغم أن الصورة حالكة السواد في كثير من دول العالم فإنه لا يصح لنا أن نستسلم ونتوقف عن الدعوة لوقف الحروب والبحث عن أمل يعيد المتقاتلين إلى مائدة فض القتال، كل حرب لا بد أن تنتهي يوما ما. ولعله من مفارقات القدر أن تجتمع في شهر سبتمبر/أيلول ثلاث مناسبات تاريخية للسلام، أولها توقيع «معاهدة كامب ديفيد» بين مصر وإسرائيل، والثانية هي «اليوم العالمي للسلام» الذي بدأ الاحتفال به في 21 سبتمبر سنة 1981، وأخيرا في 13 سبتمبر سنة 1993 تم توقيع معاهدة أوسلو للسلام لا نملك رفاهية التخلي عن السلام، يبقى حاضرا صوت الراحل محمود درويش، وهو يقول: «سلامٌ لأرضٍ خُلقت للسلام وما رأت يوما سلاما».

من يحاسبها؟

جريمة آثمة نفذتها إسرائيل عندما استهدفت المدنيين اللبنانيين، وشكلت خرقا خطيرا للسيادة اللبنانية، وإجراما موصوما بكل المعايير المنبوذة. جرى ذلك عبر أجهزة الاتصالات اللاسلكية من نوع (البيجر)، التي يستخدمها اللبنانيون عندما قامت إسرائيل بتفخيخها لكي تنفجر بعد ذلك عند استعمال اللبنانيين لها، ما اعتبر من وجهة نظر سناء السعيد في “الوفد” أكبر خرق أمني يتعرض له جنوب لبنان خلال ما يقرب من عام من الحرب مع إسرائيل، وقد أسفر عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة 2750. كما طالت التفجيرات عددا من المناطق السورية. ما حدث يترافق مع تهديدات إسرائيلية توعدت فيها بتوسيع رقعة الحرب باتجاه لبنان على نطاق واسع، ما يؤكد تصلب المواقف الإسرائيلية الداعية إلى المزيد من سفك الدماء والدمار والخراب. ما قامت به إسرائيل يعتبر جريمة تتحدى عبرها القوانين والأعراف كافة، وتأتي في إطار العدوان الصهيوني الشامل على المنطقة. ما قامت به إسرائيل هو عملية غادرة نفذتها أجهزة اتصال يستخدمها المواطنون. إنها جريمة حرب ألحقت أضرارا بالغة بعدد كبير من المدنيين الآمنين داخل بيوتهم. جريمة نفذتها إسرائيل عن عمد وبنية غدر مبيتة. لقد حذرت الأمم المتحدة من أن ما جرى في لبنان يشكل تصعيدا مقلقا للغاية، بعد نحو عام من الحرب في غزة منذ أن بدأت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. تصعيد مقلق في ظل سياق قابل للاشتعال بشكل كبير قد يقود إلى تصعيد أوسع لا يستطيع أحد تحمله.

جرائمها لا تحصى

واصلت سناء السعيد تنديدها.. إنها جريمة مروعة ارتكبتها إسرائيل على مرأى من العالم كله، ولم يحرك أحد ساكنا. وكان يتعين مجابهة هذا الكيان عبر تدخل دولي عاجل. لاسيما أن التطورات الخطيرة والمتسارعة التي شهدها جنوب لبنان تعد مؤشرا واضحا على أن المنطقة بصدد منعطف خطير، جراء تصرفات أحادية متهورة وغير مسؤولة من جانب الكيان الصهيوني، التي حتما ستؤدي إلى تبعات تنذر بالخطر ما لم تتم مواجهتها. تبعات ستلقي ظلالها على استقرار المنطقة بأسرها. ولهذا كان من الأهمية بمكان العمل على منع التصعيد، وهو ما يتحقق من خلال الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية، والالتزام بقرار مجلس الأمن 1701، وسرعة التوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح الرهائن والأسرى. كان يجب أن يكون هناك تدخل دولي حتمي، فالتهديدات والاعتداءات المستمرة التي يرتكبها الكيان الصهيوني الغاصب، والتهديد بشن حرب واسعة على لبنان، أمور تستدعي تدخلا دوليا عاجلا. ما يشهده لبنان اليوم يعد مؤشرا واضحا على أن المنطقة بصدد منعطف خطير جراء تصرفات إسرائيل الأحادية والموتورة وغير المسؤولة، التي يمكن أن تؤدي إلى تبعات ستلقي ظلالها على استقرار المنطقة بأسرها. ما حدث الثلاثاء الماضي يشكل وضعا مقلقا للغاية في ظل سياق قابل للاشتعال على نطاق واسع.

لا تكمموا الأفواه

كتبت سكينة فؤاد في “الأهرام” كثيرا محذرة مما يحدثه الغموض وغياب المعلومات الموثقة في زمن ثورة المعلومات، وما يحدثه غياب الشفافية والمصارحة من تنامي وانتشار الأكاذيب والشائعات، وما يطلقون عليها حروب الجيل الرابع والخامس، التي لا يجد الكارهون والحاقدون مناخا أفضل منها لتضليل وعي الشعوب، وتدمير ثقتها واطمئنانها إلى ما يحدث في بلدهم. متى يكتمل تطوير شركات الغزل والنسيج في المحلة الكبرى وعودتها إلى مجدها القديم لإنتاج أروع الأنسجة القطنية التي كانت تصنع منها مفروشات القصور الملكية في بريطانيا؟ وبالنسبة لي شخصيا فقد ارتديت من منتجات معارض المحلة أروع الملابس الجاهزة، التي للأسف ظلت تتراجع جودتها بما يقتضي الحساب على المستوى المؤسف الذي وصلت إليه، هل نتراجع إلى الخلف في مستوى وجودة إنتاجنا، أم نمضي إلى الأمام؟ إن المصارحة الكاشفة بالحق وبالصدق أمانة وفريضة واجبة، خاصة أننا نملك جميع مقومات أن نكون دائما الأفضل، وبما لا يجعلنا نأخذ من الأحداث العارضة رغم قسوتها كما في حادث القطارين دليلا على الحكم بالتراجع والتخلف والعجز عن العودة، لنمضي إلى الأمام وإلى الأفضل، ولنجعل مثل هذه الأحداث المروعة في أضيق نطاق أو نجعلها بمشيئة الله ـ لا تتكرر. كما نرجو أن يتحقق بعد ما أدخل من تطوير على الطرق والكباري وحركة المرور عموما، وبما ستكشف عنه اللجان التي تشكلت للكشف عن أسباب هذه الكارثة الإنسانية. كما أعلنت الكاتبة دعمها للمذكرة التي أرسلتها نقابة الصحافيين إلى البرلمان، وتضم 44 ملاحظة حول الإجراءات الجنائية، وضرورة إجراء حوار مجتمعي موسع وقد شارك في إعداد المذكرة عدد من أساتذة القانون والمحامين والحقوقيين، لشرح رؤية النقابة لبعض مواد مشروع القانون ومدى تعارضها مع نصوص الدستور، وتضمنت أيضا صياغات بديلة ترى النقابة ضرورة تعديلها، وفي مقدمتها المادتان 266 و15 وثيقتا الصلة بالعمل الصحافي وأداء عمل الصحافيين، لتستطيع الجماعة الصحافية أن تؤدي بنجاح وكفاءة المسؤوليات المطلوبة منها. من أهم القضايا القومية التي يجب أن يتصدى لها الإعلام قضية الدواء والأصناف الأشد خطورة التي تعاني نقصا، بعد أن تضاعفت أسعارها وما زالت أسعار الدواء والأسعار عموما تمثل تحديا لقدرات المصريين.
حيتان البيض

استبشر مجدي حلمي في “الوفد” خيرا عندما علم أن إدارة جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية أحال 21 من كبار منتجي البيض للنيابة، بتهمة التلاعب بأسعار البيض، ورفع الأسعار بصورة مبالغ فيها، ووجود شبهة احتكار، وقرر الجهاز تحريك الدعوى الجنائية والإحالة إلى النيابة العامة عن 3 اتفاقات ضد 21 من كبار منتجي بيض المائدة العاملين في السوق، وفور قراءة الخبر توقعت أن أسعار البيض سوف تنهار، خاصة أنه تم التعرف على حيتان السوق المحتكرين. لكن ما حدث العكس، فالحيتان الذين هم أعضاء في شعبة بيض المائدة التابعة للاتحاد العام لمنتجي الدواجن، رفعوا الأسعار ضاربين ببيان جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية عرض الحائط، وخرج أحد مسؤولي هذه الشعبة بتصريح أنه لا يوجد أحد في مصر يستطيع إحالتهم إلى النيابة، وحتى النيابة العامة لم تصدر بيانا تبلغ الرأي العام بما حدث في بلاغ جهاز حماية المنافسة، إن كانت تلقته من الأصل. والمنافسة على رفع الأسعار قوية بين الحكومة والقطاع الخاص، الطرفان يتصارعان على إفلاس المواطن الحكومة بحجة تخفيف الدعم والقطاع الخاص بحجه التكلفة المرتفعة لمدخلات الإنتاج.. وأصبح القطاع الخاص بالفعل أقوى من الحكومة وشركات الدواء أجبرت الحكومة على رفع أسعار آلاف الأصناف من الأدوية بعد منع انتاجها أو تخزينها في مخازنها، واستجابت الحكومة لهم برفع الأسعار وإعطائهم مزايا جديدة.

ليس وحده

الحكاية كما يوجزها مجدي حلمي، ليست في البيض فقط، لكن كل السلع ارتفعت وتوجد ممارسات احتكارية واضحة، وعندما تحرك الجهاز المعني لم نر شيئا رغم مرور 10 أيام على قراره الخاص بالبيض.. إن القائمين على الجهاز، المخالف للاتفاقيات الدولية لمنع الاحتكار، وعلى رأسها اتفاقية مكافحة الفساد، قد أصابهم الإحباط بعد أن تحرك أخير من أجل ممارسة دوره، وبعد أن ترك الممارسات الاحتكارية لسنوات تتم تحت أعين وبصر جميع الأجهزة، وكانت الحجة تشجيع القطاع الخاص بسبب عدم تحريك البلاغ. قضية منتجي البيض دخلت الأدراج، ولن تخرج، على الرغم من أن الحكومة أفرجت عن أعلاف بمليارات الدولارات، كانت مخزنة في الموانئ، هذه المليارات كانت كفيلة بإنشاء 20 مصنعا لإنتاج الأعلاف، من مكونات محلية منها قش الأرز، وتبن القمح ولباب القصب بعد عصره، وغيرها من المنتجات الزراعية والعضوية، التي كان يستخدمها أجدادنا في علف المواشي، قبل موضوع استيراد الأعلاف، خاصة أن صناعة الأعلاف لا تحتاج إلى تكنولوجيات عالية والمصانع الموجودة في مصر خير دليل على ذلك، لكن حيتان الاستيراد لهم رغبة في استنزاف أموال المصريين، فيهدرون المليارات، ويضغطون على الحكومة من أجل إخراج ما استوردوه من بضائع تحت ضغط شعبي، وتظهر الحكومة بأنها استجابت للضغط الشعبي. صدور بيان من النيابة العامة أو حتى من جهاز حماية المنافسة عن تطورات البلاغ، ضد منتجي البيض على الرغم من أن الحكاية في النهاية لو أدينوا غرامة مالية تصل إلى نصف مليون جنيه، سوف يدفعها عنهم اتحاد منتجي الدواجن. طالما لا توجد عقوبات مغلظة تصل إلى السجن على ممارسة الاحتكار، سوف تظل الأمور كما هي.. حيتان يتحكمون في السوق والحكومة تشاهدهم فقط.

أزمة معلمين

على جروبات بلدته قرأ محمد السيد صالح في “المصري اليوم” عددا كبيرا من الإعلانات التي نشرها مسؤولو مدارس ابتدائية وإعدادية يعلنون فيها عن حاجة هذه المدارس لمعلمين بنظام الحصة. لاحظ أن كل التخصصات مطلوبة. أدرك بعد ذلك وفقا لما أخبرنا به، أن إعلانات المدارس بحثا عن معلمين هو سلوك شائع في كل البلاد.. واللافت أنه كان هناك إلحاح أكثر في إعلانات التوظيف هذه من مسؤولي المدارس المقامة في القرى الصغيرة والعزب من حولنا. مثل هذه المدارس من دون معلمين تقريبا، رغم أن العام الدراسي الجديد من المقرر أنه بدأ رسميا. سألت مسؤولا مهما في الإدارة التعليمية، فقال لي إنه قد صدرت تكليفات للمديرين والنُظّار بأن يتكفلوا بأنفسهم بتغطية العجز، وفقا لقرارات الوزير واللوائح الحاكمة. وبحثت أكثر فوجدت أن مكافأة الحصة صارت 50 جنيها، وهذا المبلغ من شأنه أن يجذب نسبة أكثر من الخريجين المتعطلين والباحثين عن فرص عمل. العام الماضي والعام الذي قبله، كان هناك تقشف أكثر وتضييق على وزير التربية والتعليم السابق الدكتور رضا حجازي في هذه النقطة. لم يوافق له رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، على اعتماد أي مقابل مادي يدفعه للمدرس المتطوع. كان الأمر بمثابة واقع مؤلم. مدرس يدخل الحصة بلا مقابل مادي. هذا العام، ومع قدوم وزير من القطاع الخاص التعليمي، وافق رئيس الحكومة أن يفتح له خزائنه ويدفع 50 جنيها عن كل حصة. هي حلول هزلية لقصة عجز المدرسين، ولا أدرى لماذا هناك إصرار على تدمير العملية التعليمية على مستوياتها كافة. لقد قبلنا على مضض وبشىء من الإكراه، تطوير المناهج، ونحن على يقين من أن الأمر مليء بالأخطاء والثغرات. ولكن في ما يتعلق بعجز المدرسين، فإن كل هذه الحلول يصفها الكاتب بالعبثية.. وفي تصريح حديث لنقيب المعلمين فإن 7 آلاف معلم يخرجون للمعاش شهريا. كما أنه يجب تعويض نسب العجز التي حدثت طوال عقدين قبل ذلك، مع مراعاة حجم التوسع في المدارس وزيادة أعداد الطلاب. الأمر يحتاج لتدخل حكيم وعلمي. عمليات التجريب والترقيع في العملية التعليمية، يجب أن تنتهي بسرعة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية