القاهرة- «القدس العربي»: تسبب خطاب أثيوبي يقترح أن يكون الاتفاق على الملء الأول فقط لسد النهضة؛ بينما يربط اتفاق تشغيل السد على المدى البعيد بالتوصل لمعاهدة شاملة بشأن مياه النيل الأزرق، في إعلان مصر والسودان انسحابهما من جولة المفاوضات الحالية برعاية الاتحاد الافريقي. وأعلنت أثيوبيا إرجاء مفاوضات «سد النهضة» التي كان من المفترض أن تستكمل أمس الأربعاء، إلى 10 أغسطس/ أب الجاري استجابة لطلب مصر والسودان.
وعقد الاجتماع الثالث للجولة الثانية للتفاوض بين الدول الثلاث (مصر، السودان، أثيوبيا)، أمس الأول الثلاثاء، برعاية الاتحاد الافريقي، وبحضور المراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وخبراء مفوضية الاتحاد الافريقي، وذلك استكمالاً للمفاوضات للوصول إلى اتفاق ملزم بخصوص ملء وتشغيل سد النهضة الأثيوبي، وبناء على مخرجات القمة الرئاسية الافريقية المصغرة التي عقدت يوم 21 يوليو / تموز الماضي.
غياب الإلزامية القانونية
وجاء في بيان صدر عن الخارجية المصرية، أنه بناء على مخرجات القمة الافريقية المصغرة التي عقدت يوم 21 يوليو/ تموز الماضي، فقد عقد أمس الأول الثلاثاء، الاجتماع الثالث للجولة الثانية للدول الثلاث برعاية الاتحاد الافريقي وبحضور المراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وخبراء مفوضية الاتحاد الافريقي، وذلك استكمالا للمفاوضات للوصول إلى اتفاق ملزم بخصوص ملء وتشغيل سد النهضة الأثيوبي».
أديس أبابا تقترح اقتصار الاتفاق على الملء الأول وربط تشغيله بمعاهدة شاملة للنيل الأزرق
وأضاف: «كان الاجتماع مخصصا في إطار ما تم التوافق عليه خلال اجتماع السادة وزراء المياه من الدول الثلاثة الذي عقد الاثنين الماضي، بأن تقوم اللجان الفنية والقانونية بمناقشة النقاط الخلافية الخاصة باتفاقية ملء وتشغيل سد النهضة خلال يومي 4-5 أغسطس/ أب الجاري». وتابع: «إلا أنه قبل موعد عقد الاجتماع مباشرة، قام وزير المياه الأثيوبي بتوجيه خطاب لنظرائه في كل من مصر والسودان مرفقا به مسودة خطوط إرشادية وقواعد ملء سد النهضة، لا تتضمن أي قواعد للتشغيل، ولا أي عناصر تعكس الإلزامية القانونية للاتفاق، فضلا عن عدم وجود آلية قانونية لفض النزاعات». كما ورد في البيان: «أكدت مصر على أن الخطاب الأثيوبي جاء خلافا لما تم التوافق عليه في اجتماع الاثنين، برئاسة وزراء المياه والذي خلص إلى ضرورة التركيز على حل النقاط الخلافية لعرضها في اجتماع لاحق كان من المفترض عقده لوزراء المياه اليوم».
وقالت وزارة الري والموارد المائية المصرية إن الاجتماع كان مخصصا في إطار ما تم التوافق عليه خلال اجتماع وزراء المياه من الدول الثلاثة بأن تقوم اللجان الفنية والقانونية بمناقشة النقاط الخلافية الخاصة باتفاقية ملء وتشغيل سد النهضة خلال يومي 4-5 أغسطس/آب الجاري.
ولفتت إلى أنه قبل موعد عقد الاجتماع مباشرة، قام وزير المياه الأثيوبي بتوجيه خطاب لنظرائه في كل من مصر والسودان مرفقا به مسودة خطوط إرشادية وقواعد ملء سد النهضة لا تتضمن اي قواعد للتشغيل ولا أي عناصر تعكس الإلزامية القانونية للاتفاق، فضلا عن عدم وجود آلية قانونية لفض النزاعات .
مخاوف جدية
وأكدت مصر على أن الخطاب الأثيوبي جاء خلافا لما تم التوافق عليه في اجتماع الامس برئاسة وزراء المياه والذي خلص إلى ضرورة التركيز على حل النقاط الخلافية لعرضها في اجتماع لاحق لوزراء المياه الخميس، ومن ثم فقد طلبت مصر وكذلك السودان تعليق الاجتماعات لإجراء مشاورات داخلية بشأن الطرح الأثيوبي الذي يخالف ما تم الاتفاق عليه خلال قمة هيئة مكتب الاتحاد الافريقي في 21 يوليو/تموز 2020 وكذلك نتائج اجتماع وزراء المياه في 3 أغسطس/ أب الجاري. وعقدت اللجنة المصرية الدائمة لإيراد نهر النيل، اجتماعها الدوري أمس الأربعاء، برئاسة الدكتور محمد عبدالعاطي، وزير الموارد المائية والري، لمتابعة الموقف المائي، وموقف توفير الاحتياجات المائية لموسم أقصى الاحتياجات، وما تطلبه ذلك من تنفيذ آليات إدارة وتوزيع المياه، بحيث تفي بأغراض الاستخدامات المختلفة، وكذلك موقف الفيضان لهذا العام، والإجراءات المتخذة للتعامل معه واستعراض خطط الاستفادة من الموارد المائية المتاحة بالشكل الأمثل حاليًا ومستقبلا. وتم خلال الاجتماع استعراض موقف التنبؤ بموسم الفيضان، وأشارت البيانات إلى أن معدلات الأمطار في تزايد على منابع النيل، وأنه من المبكر الحكم على فيضان هذا العام.
كما استعرضت اللجنة مناسيب محطات القياس الرئيسية على منابع النيل ومدى تأثرها بالإجراء الأحادي لأثيوبيا بالتخزين الأولي لسد النهضة الأثيوبي، وكذلك مناسيب وتصرفات السد العالي بما يسهم في توفير الاحتياجات المائية.
وناقشت اللجنة كل احتمالات الفيضان وآليات إدارته والخطط الموضوعة للتعامل معه، بما يعظم الاستفادة من الموارد المائية بالشكل الأمثل. ووجه الدكتور عبدالعاطي بالمتابعة المستمرة لمناسيب أعالي النيل ومعدلات سقوط الأمطار مع استمرار عقد اللجنة بصفة مستمرة لمتابعة معدلات الأمطار والمناسيب على منابع نهر النيل، وكذلك حالة السدود المختلفة على طول النهر . إلى ذلك بعث وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس، خطابًا إلى وزيرة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي في جنوب أفريقيا، بشأن التطورات التي شهدها الموقف الأثيوبي من عملية التفاوض في الساعات القليلة الماضية.
واعتبر أن الرسالة التي تلقاها من نظيره الأثيوبي تثير مخاوف جدية فيما يتعلق بمسيرة المفاوضات الحالية والتقدم الذي تحقق والتفاهمات التي تم التوصل إليها بما في ذلك تلك التي شملها التقرير الأخير لمكتب مجلس رؤساء دول وحكومات الاتحاد الافريقي في 21 يوليو/ تموز الماضي.
ويقترح الخطاب الأثيوبي أن يكون الاتفاق على الملء الأول فقط لسد النهضة؛ بينما يربط اتفاق تشغيل السد على المدى البعيد بالتوصل لمعاهدة شاملة بشأن مياه النيل الأزرق.
واعتبر وزير الري السوداني أن ذلك يمثل تطورًا كبيرًا وتغييرًا في الموقف الأثيوبي يهدد استمرارية مسيرة المفاوضات التي يقودها الاتحاد الافريقي، كما اعتبر ذلك خروجًا على إعلان المبادئ الموقع بين مصر وأثيوبيا والسودان في الثالث والعشرين من مارس/ أذار 2015.
وشدد وزير الري والموارد المائية على جدية المخاطر التي يمثلها السد للسودان وشعبه بما في ذلك المخاطر البيئية والاجتماعية وعلى سلامة الملايين من السكان المقيمين على ضفاف النيل الأزرق؛ وكذلك على سلامة سد الروصيرص؛ الأمر الذي يعزز ضرورة التوصل لاتفاق شامل يغطي جانبي الملء والتشغيل.
وأكد عباس أن السودان لن يقبل برهن حياة 20 مليون من مواطنيه يعيشون على ضفاف النيل الأزرق بالتوصل لمعاهدة بشأن مياه النيل الازرق. ورهن الوزير استمرار مشاركة السودان في المفاوضات التي يقودها الاتحاد الافريقي؛ بعدم الربط ما بين التوصل لاتفاق بشأن الملء والتشغيل من جهة والتوصل لمعاهدة حول مياه النيل الأزرق من جهة أخرى. ودخلت مصر والسودان وأثيوبيا في جولات من مفاوضات شاقة لمدة 9 سنوات بشأن سد النهضة، باءت جميعها بالفشل في الوصول لاتفاق يرضي الأطراف الثلاثة.
وبدأت إثيوبيا بتشييد سد النهضة في عام 2011، بكلفة وصلت إلى 4 مليارات دولار، وقالت أديس أبابا إنها تدرس البدء في ملء السد هذا الصيف، على الرغم من أن أعمال التشييد لم تكتمل بعد، إذ يتوقع أن تنتهي في 2022، في وقت تتخوف مصر من تأثر حصتها من مياه نهر النيل التي تبلغ 55 مليار متر مكعب.