سد النهضة مونولوج داخلي… وإثيوبيا تتجاهل تحذيرات مصر والسودان

حسام عبد البصير
حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي»: بينما الأبصار تتجة لزائر البيت الأبيض الجديد يضرب المقيمون في القصور العربية أخماساً في أسداس، فالرياض متوترة من أن يفي بايدن بوعيده الذي أطلقه من قبل، بأن يجعل من المملكة السعودية دولة منبوذة، فيما القاهرة تخشى أن يدس الرئيس الأمريكي الجديد أنفه في ملف حقوق الإنسان، رغم تأكيد مسؤوليها سلامة موقفهم. بينما الخرطوم تنتظر مكافأة لحاقها بقطار التطبيع، وكذلك المنامة والدار البيضاء. أما أبوظبي، فهي تنظر بالتأكيد المكافأة مضاعفة، لأنها أول من ساق العواصم التي لحقت بها تباعاً، وجعلت من نتنياهو متحدثاً باسم المنطقة، وراعياً لأحلام قياداتها، فيما الشعوب تأبى السير في الطريق ذاته، الذي هرولت نحوه الحكومات.
وفي صحف أمس الخيمس 4 فبراير/شباط واصل كتّاب تحذيرهم من تعاظم نفوذ إسرائيل في المنطقة بدعم من الذين هرولوا على مدار الشهور الماضية قاصدين نيل الرضا من آخر سلطة احتلال في العالم. وطرح يحيى قلاش سؤالاً داميا: هل نسيت الأجيال الجديدة فلسطين؟ مستقبل التطبيع.. يكونون أو تكون إسرائيل. فيما حذر أحمد رفعت في “الوطن” من تبعات الأجندة الإسرائيلية: إسرائيل بأطماعها التوسعية التي لا حدود لها، تحكمها رؤية مقدسة يؤمن ويلتزم بها حتى أقصى العلمانيين، ويبنى الأمن الإسرائيلى أساساً على إضعاف المحيط، وضمان التفوق الدائم والشامل.. وتحت «الدائم والشامل» نضع خطوطاً عديدة.
ومن التقارير التي حظيت بترحيب واسع: أعلنت وزارة الخارجية عن انتخاب مصر لرئاسة الدورة الـ15 للجنة الأمم المتحدة لبناء السلام، خلفاً لكندا. وذكرت الخارجية، أن انتخاب مصر لرئاسة اللجنة يأتي عقب اعتماد الترشيح المصري على مستوى المجموعة الافريقية في نيويورك، لتصبح مصر مُرشحا ممثلاً لافريقيا لتولي هذا المقعد الأممي المهم. وصرح السفير محمد إدريس المندوب الدائم لمصر لدى الأمم المتحدة، بأن انتخاب مصر لرئاسة لجنة بناء السلام للمرة الأولى، يُكلل جهود الدبلوماسية المصرية على مدار عقد ونصف العقد، في دعم هيكل الأمم المتحدة لبناء السلام منذ تدشينه في 2005، ويُدلل على الثقة الأممية والافريقية في قدرة مصر على مواصلة الإسهام الفاعل في تعزيز دور منظومة بناء السلام في الأمم المتحدة.
ومن أبرز القضايا التي حازت تقديراً واسعاً قيام الأجهزة الأمنية، بتحديد مكان المتهمين أحمد ونهى في محافظة البحيرة، والقبض عليهما، بعد تصويرهما فيديوهات منافية للآداب، وبثها عبر اليوتيوب. وشهدت التحقيقات مع أحمد ونهى، المتهمين ببث مقاطع فيديو خادشة للآداب التي تجريها النيابة العامة في حوش عيسى، انهيار المتهمة نهى في البكاء الشديد، قائلة: “إحنا كنا بنمثل، وعاوزين نكون أغنياء زي اليوتيوبر زينب وأحمد”.
أفلحوا لو اتفقوا

انعقاد المنتدى العربي الاستخباراتي الأول في مصر، يأتي في توقيت مهم وحساس تمر به المنطقة العربية. وهو ما أشاد به عبد المحسن سلامة في “الأهرام”: “خبرة السنوات العشر الماضية أكدت أهمية التعاون الاستخباراتي بين الدول العربية، لأن ما حدث خلال هذه السنوات كان يستهدف المنطقة كلها. صحيح أن المؤامرة بدأت في دول بعينها، لكن الأمر اتسع وامتد، وكان يستهدف المنطقة كلها من المحيط إلى الخليج، لولا ستر الله أولا، ثم يقظة الشعب المصري وثورته في 30 يونيو/حزيران، التي أوقفت مخطط التدمير للمنطقة كلها. بدأت الشرارة في تونس، وانتقلت إلى مصر، وليبيا، واليمن، وسوريا، ولبنان، والجزائر.. والعديد من الدول الأخرى بشكل أو بآخر. إن نجاح ثورة مصر في 30 يونيو أوقف التدمير الشامل للمنطقة، غير أن هناك دولا لا تزال واقعة في «الفخ»، كما يقولون، بدون أفق محدد للخروج من المأزق.. ليبيا ولبنان وسوريا واليمن، مازالت غارقة في محيط الفوضى، في حين لاتزال تونس والعراق يعانيان الآثار السلبية حتى الآن، رغم أنهما أحسن حالا من غيرهما. التحرك الاستخباراتي المبكر، هذه المرة، هدفه استعادة الاستقرار في كل دول المنطقة، وحمايتها من المؤامرات الداخلية والخارجية، وتجفيف منابع الإرهاب. جهاز المخابرات المصرية، ورئيسه الوزير عباس كامل، لعبا الدور الرئيسي في إنشاء هذا المنتدى، الذي يعد الأول من نوعه لتعزيز العمل العربي المشترك، وصون الأمن القومي العربي، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، والفكر المتطرف، والجريمة المنظمة، ما يساعد على تحقيق الأمن والاستقرار لكل الدول العربية”.

مكان خاطئ

ما يخشاه أشرف السكري في “الشروق” أن يبدأ مشروع القطار فائق السرعة بالخط الممتد من العين السخنة إلى ميناء جرجوب على البحر المتوسط بطول 460 كيلومترا، وتكلفة تصل إلى 3 مليارات دولار، ليمثل حلقة جديدة في مسلسل المشروعات العملاقة التي لم تحقق العائد المرجو منها، سواء بسبب خطأ التوقيت، أو سوء الاختيار. حدث هذا عندما تم ضخ مليارات الجنيهات لشق قناة السويس الجديدة، ثم اتضح أن حركة التجارة العالمية وأوضاع الاقتصاد العالمي غير مناسبة لتحقيق الاستفادة التي جرى الحديث عنها من القناة الجديدة، ولم تصل إيرادات القناة إلى النسبة المستهدفة. وحدث هذا مع محطات الكهرباء التي اندفعنا في إقامتها لنكتشف في نهاية المطاف أن لدينا فائضا كبيرا في توليد الكهرباء لا نعرف كيف نصرفه، في حين أن الدولة ما زالت ملتزمة بسداد أقساط قروض تمويل إقامة هذه المحطات. أما بالنسبة لهذا القطار الذي يقال إنه سينقل الركاب والبضائع بين العين السخنة والساحل الشمالي، فهو يمر إما عبر مدن جديدة أو مناطق صحراوية، لا توجد فيها كثافة سكانية تضمن التشغيل الاقتصادي لهذا القطار. الكلام نفسه ينطبق على القول باستخدامه في نقل البضائع، خاصة أنه لم يخرج علينا أي مسؤول لكؤ يقول لنا ما هو حجم البضائع المتداولة على مسار الخط، ومدى ما يمكن أن يوفره هذا القطار من أموال أو حتى وقت بالنسبة لحركة التجارة الداخلية.

نشبه جحا

واصل أشرف السكري قوله بأن القطار فائق السرعة قد يكون مفيدا، وربما مطلوبا، لكنه لن يكون كذلك عندما يمر عبر مدن جديدة ومساحات صحراوية خالية من الركاب والسكان، وكان من الأولى، ما إذا كانت لدى الحكومة أموالا فائضة تريد تشغيلها في مشروعات عملاقة أن تبدأ بالخط الرابع للقطار المقرر أن يبدأ من مدينة السادس من أكتوبر وينتهي في أسوان. ففي حالة قطار الخط الرابع الذي يقال إنه يستطيع قطع المسافة من القاهرة إلى أسوان خلال 4.5 ساعة، يمكن نقل ملايين الركاب من المصريين والسائحين الأجانب، الذين يريدون السفر بين القاهرة ومحافظات الصعيد، وتوفير نحو 10 ساعات من زمن الرحلة مقارنة بالقطار الحالي. كما أن مرور الخط في كل محافظات الصعيد يعني أنه سيجد الكثير من البضائع التي يتم نقلها بين هذه المحافظات، بما يمثل قيمة مضافة للتجارة الداخلية في البلاد. أخشى ما أخشاه أن يقع اختيار الحكومة على البدء بخط العين السخنة ـ الساحل الشمالي، لسهولة التنفيذ وقصر المسافة نسبيا وعدم وجود عوائق طبيعية أو بشرية في مساره مقارنة بخط الصعيد على سبيل المثال. وفي هذه الحالة ستكون الحكومة قد فعلت ما فعله جحا عندما كان يبحث عن شيء ضاع منه في مكان مضيء، وعندما سأله الناس هل هذا الشيء وقع في هذا المكان، قال لا إنه وقع في مكان مظلم ولا جدوى من البحث عنه هناك والأفضل البحث عنه في النور. إذا لم تكن الحكومة قد حددت بالفعل الجدول الزمني لتنفيذ خطوط القطار فائق السرعة حتى الآن، يجب عليها التفكير بشدة في البدء بخط الصعيد باعتباره الأجدى اقتصاديا واجتماعيا من منظور المواطن البسيط على الأقل.
سم المطبعين

أسئلة محرجة للمطبعين وغيرهم طرحها يحيى قلاش في “المصري اليوم”: “ما الذي تغير حتى نتغير؟ هل إسرائيل الدولة المتقدمة والمتفوقة والنموذج وسط بقايا دول وأنظمة تنتمي لعصور مضت، ترغب حقاً في سلام حقيقي. وهل أصبحت إسرائيل فاعلة خير تريد أن تعمم نموذجها الديمقراطي المتقدم وتمنحه هدية للشعوب المغلوبة على أمرها، أو لدول تريد أن تقضمها؟ هل يخلو فهم هذه الأجيال الجديدة من إدراك أن حصاد رحلة الأوهام من أوسلو-1 وأوسلو-2 ومؤتمر شرم الشيخ والمبادرة العربية وغيرها – صفر كبير وتنازل يؤدي إلى تنازل وخيبة تجر أخرى. فماذا تغير إذن حتى نتغير؟ ما الذي جرى حتى نقبل ما رفضته الأغلبية، منذ زيارة القدس وتوقيع كامب ديفيد.. ماذا جرى وقد تُركنا وحالنا عقودا نرفض التطبيع، ونمارس فعل المقاومة السلمية.. واصل نقيب الصحافيين الأسبق أسئلته: ماذا جرى حتى نجد من بيننا الآن من يتبنى أفكار الذي يُخيرنا بين قبول التطبيع صاغرين، أو حمل السلاح والذهاب إلى فلسطين لتحريرها. إسرائيل تفرض شروطها وسلامها، ونتنياهو يتفاخر بأنه يغير خريطة الشرق الأوسط.. والبعض يريد لنا باسم الفهم الجديد والأجيال الجديدة أن نُساق إلى تطبيع مجاني «لأن الدنيا تغيرت» و«علينا أن نستوعب ما جرى حولنا». هل هذه الأجيال الجديدة مستعدة لسماع محاضرات البعض في الوطنية التي تهدينا إلى التطبيع، وقبول الانحياز الدائم والأعمى للراعي الأمريكي، وبجاحة نتنياهو، وبلع صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية، وتقويض كل فرص السلام، واغتيال صمود الشعب الفلسطيني، والقبول بإسرائيل لاعبا إقليميا وحيدا يسيطر ويوجه، ونسيان مصالح وطننا الذي تستهدفه بالأساس هذه الاتفاقيات، وهل هم مستعدون إلى الذهاب إلى نقاباتهم المهنية والعمالية يطلبون من جمعياتها أن تستوعب المتغيرات، بل أن تعلن التوبة، وتنسى الوطن، وتحب إسرائيل. إذن ماذا تغير حتى نتغير، وكيف تراهنون على أجيال جديدة تحلم بمستقبل لن يكون أو يتحقق إلا بتحرير العقول من أوهام يحاول أن يزرعها فينا هذا العدو ليحافظ على تفوقه، ويحافظ على أوضاع استمرار القهر والاستبداد التي تُمارس على الشعوب، لتظل معادلة التفوق قائمة لحسابه ولتظل مخططات هذا الكيان وتسيده كل يوم هي الحقيقة الوحيدة. في اعتقادي أنه رهان خاسر لمن يتصور أن الأجيال الجديدة قد نسيت فلسطين وتركوا القضية الوطنية خلف ظهرهم، بل أكاد أجزم بأن هذه الأجيال هي الرهان الرابح، لأنهم ببساطة لن ينتزعوا حقهم في مستقبل حقيقي إلا بمواجهة امتلاك العلم وفهم حقائق هذا الصراع على المستويين السياسي والاجتماعي وهنا يكونون أو تكون إسرائيل”.

بريقها لن يفنى

القاهرة لن تفقد بريقها بعد انتقال الحكومة للعاصمة الإدارية الجديدة، وإنما ستزداد جمالا وتألقا، ولعل ما تشهده القاهرة من مشروعات عديدة لاستعادة وجهها الحضاري خير عنوان وخير رد على المشككين الذين توقعوا إهمال القاهرة بعد افتتاح العاصمة الإدارية، تابع مرسي عطا الله في “الأهرام”.. ممشى العجوزة ونافورة النيل ومحور الحضارات، وبحيرة عين الصيرة مجرد بداية لأكبر عملية تطوير تشهدها القاهرة منذ إنشائها. أما عن الموسوعة الرباعية فيقول الكاتب، بحرفية مهنية وبوعي سياسي بظروف المرحلة التي نعيشها جاءت الموسوعة الرباعية حول أحداث السنوات العجاف، التي أصدرها الزميل الصحافي والنائب البرلماني مصطفى بكري، بدءا بتسريبات هيلاري كلينتون وخفايا مؤامرة الربيع العربي، ومرورا بكتاب “ما بعد الرحيل”، وكتاب “اختطاف الوطن” ووصولا إلى الكتاب الرابع عن ثورة 30 يونيو/حزيران.. ولا شك في أن ذلك جهد جبار يستوجب التحية، ولكنني سأؤجل الرأي فيها إلى ما بعد الانتهاء من تصفح الموسوعة بكاملها التي تتطلب وقتا كافيا لملاحقة واستيعاب ما تضمنته من وقائع وأحداث في مرحلة من أخطر مراحل تاريخ مصر الحديث. وينتقل الكاتب مرسي عطا الله إلى السياحة يقول: 2020 العام الأسوأ في تاريخ السياحة عنوان في الصفحة الأولى لـ”الأهرام” يوم السبت الماضي يلخص بيان منظمة السياحة العالمية حول التداعيات الكارثية لجائحة كورونا.. وحسب ذات البيان تتوقع المنظمة حاجة السياحة العالمية إلى ما بين عامين ونصف العام إلى أربعة أعوام للعودة إلى مستويات عام 2019.

بورصة التفاؤل

أنعشت حالة الترقب لسياسة بايدن الجديدة خيال المراقبين كما قالت رابحة سيف علام في “الشروق”، إزاء أهم محاور تغير السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ودفعت عواصم مهمة درجت على العبث باستقرار المنطقة للكف المؤقت، بانتظار إشارات تغير هذه السياسة. تأتي طهران بالتأكيد في مقدمة هذه العواصم، إذ أن تفاؤلها بتخفيف وطأة الحصار الأمريكي لمصالحها في المنطقة دفعها إلى تأجيل الثأر لاغتيال سليماني وفخري زادة وإلزام أذرعها المسلحة في المنطقة، بتخفيف الاشتباك المحلي الذي عادة ما يعكس سياستها التوسعية في المنطقة. ودفعت سياسة الترقب تلك حلفاء إيران أيضا إلى تضييع الوقت، بدون الاستجابة للضغوط التي مارسها ترامب لانتزاع تنازلات مذلة لهم قبل مغادرة البيت الأبيض. تجلى أوضح مثال على ذلك في بيروت عندما وافق حزب الله قبل خمسة أشهر على انخراط لبنان في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل لترسيم الحدود البحرية، رغم رفضه الحازم لهذه المفاوضات، منذ اكتشاف غاز شرق المتوسط قبل عشر سنوات. وفي المقابل لم يقدم حزب الله أي تنازل مشابه لخصومه اللبنانيين، إزاء تشكيل الحكومة اللبنانية، وهو الأمر المعلق للشهر السادس على التوالى في ظل تردٍ اقتصادي ومعيشي غير مسبوق. ورغم أن الإنقاذ الاقتصادي اللبنانى معلق حرفيا بتشكيل حكومة خبراء تتولى استلام وإدارة مساعدات خارجية لا غنى عنها، من أجل إقالة البلد من عثرته المالية، فإن تمسك حزب الله بالتعطيل يشي بتفاؤله بإحراز تقدم في التفاهم الأمريكي الإيراني، وبالتالي لا يريد الالتزام بوضع يخفض من نفوذه، بل ينتظر هذا التفاهم المرتقب، الذي قد يُسهل له التوسع في السيطرة على الساحة اللبنانية. ورغم سذاجة هذا التفاؤل، فإنه يبدو كفيلا بأسر لبنان لأشهر مقبلة في فلك المحور الإيراني، وتفويت فرصة بعد أخرى للإنقاذ الاقتصادي.

سد النهضة

اكتشف الدكتور مصطفى عبد الرازق في “الوفد” أن المتابع لموضوع سد النهضة عن قرب يلحظ أن التعاطي بشأنه وصل لمرحلة المونولوج في مصر، أو الحوار مع الذات، وهو مظهر كما أوضح الكاتب، رغم أهميته ودلالته على حجم الاهتمام الرسمي بالقضية أو بتعبير وزير الري أنها قضية الدولة المصرية، إلا أنه من ناحية أخرى يشير إلى أنها لم تدخل المرحلة الحاسمة نحو الحل، في الوقت الذي لا يتوانى الطرف الآخر عن مساعيه لفرض حقائق جديدة على الأرض. ففي الوقت الذي تم تناول الموضوع فيه تحت قبة البرلمان، وأدلى كل من وزيري الري والخارجية ببيانين حول المرحلة التي وصلت إليها محاولة حل الأزمة، فإن الواقع يشير وفق ما يوضح الخبر المقصود إلى تجاهل إثيوبيا لتحذيرات مصر والسودان، مؤكدة على لسان وزير المياه والطاقة الإثيوبي أن بناء السد يسير كما هو مخطط له. وعلى ذلك يبدو من الطبيعي أن يعزز ذلك الوضع التساؤلات التي يثيرها البعض عن من أين تستمد قوتها لتحدي مصر والسودان؟ ومن الغريب أن ذلك يتواكب مع تأكيد أديس أبابا في الوقت ذاته على رغبتها في استمرار المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الافريقي، وهي المفاوضات التي لم تسفر عن أي تقدم، فضلا عن حقيقة أن المفاوضات ليست غاية في حد ذاتها وإنما وسيلة لحل أزمة. ولعل ما يؤكد ذلك ما ذهب إليه وزير الري الدكتور محمد عبد العاطي من إصرار أديس أبابا على التعنت في ملف المفاوضات وتراجعها في كل مرة لخطوات عما يتم الاتفاق بشأنه. وقد عزز وزير الخارجية سامح شكري في كلمته أمام البرلمان هذا الطرح، مؤكدا في الوقت ذاته، على عدم تهاون مصر في حقوقها التاريخية، وأن التفاوض في حد ذاته ليس هدفا بقدر ما هو أداة للوصول إلى حقوق مصر. ليس في هذه الكلمات أي تقليل من حجم الجهد المصري المبذول لإنهاء الأزمة وهو أمر يؤكد ما ذهب إليه الرئيس السيسي خلال استقباله رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي منذ أيام من رفض مصر أي عمل أو إجراء يمس حقوقها في مياه النيل، فضلا عما أشارت إليه أنباء من عقد السفارة المصرية في واشنطن جلسة افتراضية موسعة مساء الاثنين لمساعدي أعضاء الكونغرس بمجلسيه حول سد النهضة وتأثيره السلبي في الأمن المائي لمصر والسودان. تتلخص النتيجة التي يمكن أن يخلص اليها القارئ، أو أي متابع للجهود المصرية في التعامل مع الأزمة أنها في حاجة إلى اقتراب جديد أكثر فعالية يستهدف الخروج من الحالة التي يجرنا اليها الطرف الآخر من الدوران في حلقة مفرغة من مظاهر العمل على إنهاء المشكلة دون وجود أسس فعلية للحل.

رغم البؤس

جرعة تفاؤل بثها سامي صبري في “الوفد”: “مات أحمد زويل ولم تمت مصر، رحل صاحب نظرية «الفيمتو ثانية»، وبقيت مصر الولادة المعطاءة، في كل قرية وفي كل مدينة من ربوعها (قبلي وبحري)، يولد كل يوم عالم أو عالمة، أو باحثة يبهرون العالم بنبوغهم وتفوقهم، وتميزهم في مختلف مجالات العطاء العلمي والإبداعي والإنساني، بل حتى في الشهامة التي باتت كالذكرى العابرة لزمن قد لا يأتي مرة أخرى، أو تتجدد يوما مواقفه النبيلة. من الماضي إلى الحاضر، والحقيقة واحدة، أن بنات حتشبثوت وشجرة الدر وحفيدات سميرة موسى وهدى شعراوي، ما زلن يتصدرن حضارة العالم الحديث، لا تخيفهن كورونا ولا ترهبهن أي أسلحة خبيثة، ويثبتن دائما لكل رجال العالم أن الفتاة المصرية ليست كأي فتاة، وأنها فوق التحدي، تحطم حواجز الجنس والنوع، تقلب كل النظريات التقليدية وتقدم للبشرية نموذجاً فريداً، في توظيف العقل البشري لخدمة الإنسانية بدون أدنى تفريط في القيم والمبادئ. عن إلهام فضالي بنت محافظة بني سويف أتحدث، ففى خضم انشغال العالم بالخوف والرعب من فيروس كورونا، ووسط كل هذه العتمة وأجواء اليأس والإحباط، والاهتمام التافه من قبل وسائل الإعلام بمؤخرة سما المصري وعري رانيا يوسف وبهلوانية محمد رمضان، كانت إلهام ابنة العشرين عاما تصعد منصة التتويج تكريما لفوزها بجائزة أحسن بحث علمى على مستوى العالم في تخصص دقيق للغاية من علوم الفيزياء، وهو نقل البيانات من خلال الضوء، وكأنها تسير على خطى ابن مصر ومدينة دمنهور أحمد زويل الذي للأسف لم يعد يتذكره إعلامنا، ولو بكلمة واحدة في يوم ميلاده، أو يوم رحيله ولا حتى يوم فوزه بجائزة نوبل؟ كل قنوات العالم كانت تتحدث عن إلهام وبحثها العلمي المرشح لجائزة نوبل في الفيزياء، فيما كانت قنواتنا وصحفنا وكل وسائل إعلامنا في ملهاة، لا يهمها ولا يعنيها هذا البحث المهم الذي سيقلب كل نظريات الضوء رأسا على عقب، مشغولة كعادتها بأتفه التفاهات وإثارة قضايا ومعارك لا تغني ولا تسمن من جوع.

أكبر من فيروس

كل يوم والكلام لأكرم القصاص في “اليوم السابع” يتضح أن كورونا أكثر من مجرد فيروس، فهذا الكائن الذي لا تمكن رؤيته من دون تكنولوجيا فائقة تكبره ملايين المرات، يغير في سلوكيات ومشاعر البشر بشكل لم تفعله حروب وكوارث، ويبدو أن مقولة: «العالم بعد كورونا ليس هو نفسه قبلها»، لا تتعلق فقط بالسياسة والاقتصاد، لكن حتى بمشاعر البشر وقدرتهم على التعايش مع الحزن والخوف. الرعب الذي يصنعه الفيروس وتداعياته في البشر، وعدد الذين يرحلون فجأة من دون وداع، أو العائلات التي تفقد عددا من أفرادها، ثم أن أيام وساعات الحظر في الشهور الأولى، غيرت من مشاعر الكثيرين ومخاوفهم وتركيبتهم النفسية، بل العقلية، وكل هذا وسط أنباء الموت والمرض، طبعا الوباء اجتاح العالم كله بدرجات مختلفة. وعدوى الرعب كانت تنتقل مع الأخبار، في عالم يتابع الفيروس لحظة بلحظة، وسط حالة من البث والنشر للكثير من المعلومات، يصعب أحيانا التفريق بين الحقيقي، والمبالغ فيه والزائف، اختلافات واسعة وتعدد في الآراء والأفكار، وكانت عالمية الحدث أيضا أحد عوامل المقارنة، وأن نرى أن وفيات وإصابات أقل تقدم نوعا من العزاء، بالرغم من أنه موت في كل الأحوال، والتأثير الأكبر في الأفراد والأسر والمشاعر الطبيعية، حيث توقفت السلامات والأحضان والتعبير الجسدي عن المشاعر. وحتى ما بعد ظهور اللقاحات، والحديث عن تراجع عالمي في عدد الإصابات، لكن تبقى الجائحة مستمرة، لدرجة أن دولا في أوروبا أصبحت تتحدث عن أزمة في المقابر أو تجهيز الموتى، مثل الأزمة التي تشهدها بريطانيا بسبب كورونا، وسط جهود الحكومة لتطعيم أكبر عدد من المواطنين باللقاحات، بعد أن كسرت الوفيات حاجز الـ100 ألف، وتجاوزت أعداد قتلى بريطانيا في الحرب العالمية.

معذبون بعلم الحكومة

عذاب كبار السن لا ينتهي وهو ما اهتم به الدكتور محمد حسن البنا في “الأخبار”: “عندما قرر الرئيس السيسي تنفيذ أحكام القضاء الصادرة لصالح أصحاب المعاشات، كان يريد إدخال السرور على 10 ملايين صاحب معاش وأسرهم. ولهذا وجه الرئيس الحكومة للتيسير على أصحاب المعاشات، ومنحهم مزايا في وسائل النقل العام، وفي التأمين الصحي والعلاج. كما اهتم الرئيس بتوفير حياة كريمة لكل من خدم الدولة. لهذا يجب على الحكومة عامة، ووزارة التضامن الاجتماعي بصفة خاصة أن تولي كبار السن عامة، وأصحاب المعاشات خاصة كل الاهتمام والرعاية. وللإنصاف فقد قامت الوزيرة نيفين القباج بجهد كبير لتحقيق ذلك، لكن هناك صعوبات متوارثة، وأصبحت عميقة في وحدات ومكاتب التضامن الاجتماعي، المتفرعة في مدن وقرى مصر. للأسف مازال المسؤول والموظف عايش على قديمه، عبد الروتين، وسلوك قاسم السماوي، وطريقة غريبة في التعذيب، وكأنه يتلذذ بتعذيب المواطن، بينما الدنيا تغيرت، وتطورت أساليب التعامل مع المواطنين. ودخلت التكنولوجيا لتحل المشاكل والصعاب التي تواجه صاحب الخدمة والموظف معا. ووفرت الدولة وسائل الميكنة الإلكترونية لخدمة المنظومة الخدمية. لكن للأسف إذا زرت أي وحدة أو مكتب لوزارة التضامن ستجد رفوف الملفات المكدسة وسخان الشاي، ومستلزمات قضاء الوقت متوفرة حتى يستمتع الموظف بوقت مخصص للعمل. من هنا وجب على وزارة التضامن تطوير نظم العمل، وأيضا تطوير عقلية الموظف والمسؤول في هذه المكاتب لتناسب توجيهات الرئيس السيسي برقمنة الخدمات الحكومية، للتيسير على المواطنين. كما يجب أن تخصص وزارة التضامن مكتبا مركزيا خاصا لتلقي شكاوى المواطنين وحلها، وأن تكون للمكتب رعاية خاصة بأصحاب المعاشات واستفساراتهم”.

تطوير أم تشويه؟

نتحول نحو هموم اللغة العربية حيث ترى عبلة الرويني في “الأخبار”، أن الاقتراحات المتداولة بدعوى تيسير وتطوير اللغة العربية، والتخفيف من قواعد النحو الصارمة (يرونها لا طائل من ورائها، سوى مضاعفة صعوبة التعامل مع اللغة).. فيطالبون بإلغاء المثنى وتصريفات أفعاله، وإلغاء نون النسوة والمفعول به والمفعول المطلق وتمييز الأعداد… تداول هذه الدعاوى يعنى أننا أمام مشكلة حقيقية، تواجه اللغة العربية، وتواجه القدرة على تعلمها وإدراكها، يعنى أن هناك غياب وعي باللغة، وسوء فهم بين اللغة واستخدامها… بحاجة إلى جهد الباحثين والمتخصصين لمواجهة ذلك الخطر الذي يهدد اللغة وهويتنا.. ويحتاج أيضا إلى ما نطالب به سنوات طويلة، بضرورة الاعتناء بتعليم اللغة العربية، وتطوير مناهجها في المدارس والجامعات وأساليب تقديمها بوسائل الإعلام. فما نعيشه حاليا من تدهور لغوي، هو نتاج جهل باللغة وتدهور مستوى تعلمها، وعدم القدرة على امتلاك أدواتها، والجهل باللغة لا يقتصر فقط على الجهل بقواعدها، لكن أيضا الجهل بدورها ووظيفتها، وثقلها الفكري والجمالي والحضاري… وهو ما يحتاج بالضرورة إلى النظر في طبيعة المناهج والمواد الدراسية والنصوص الأدبية، التي يتم تدريسها للطلاب (لسنوات طويلة أيضا، أسهمت مناهج اللغة العربية، في جمود وتراجع اللغة لا تطورها)! وتثير الاقتراحات المتداولة للتخفيف من بعض قواعد النحو، الكثير من الجدل والسؤال.. هل تطوير اللغة يكون فقط بتحديث الكلمات والمفردات والمصطلحات والابتعاد عن الكلمات الغريبة والمهجورة؟ أم تكون بزحزحة القواعد الصارمة، والاستغناء عن بعضها؟ المطالبة بتجاوز بعض قواعد اللغة، هل هو وعي حقيقي بالتطوير، ورغبة في مواكبة العصر؟ أم هو جهل باللغة وعدم قدرة على تعلمها؟

صيني وإيراني

تتحرك إسرائيل بسرعة شديدة لمواجهة فيروس إيراني تراه أخطر عليها من كورونا الصيني ونيباه الآسيوي. واستشهد محمد حسن الألفي في “مصراوي” باجتماع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بقادة الجيش والمخابرات، وتفقد الخطط العسكرية، وطلب تخصيص أموال إضافية لتمويل هجوم إسرائيلي محتمل جدا ضد منشآت إيران النووية في نطنز وفي فوردو. التعجيل الإسرائيلي بالتأهب للهجوم على إيران له سببان جوهريان: أولهما، ما صرح به وزير الطاقة الإسرائيلي بأن إيران يمكن أن تحصل على مواد انشطارية تستخدم في صنع قنبلتها النووية، في ستة أشهر. وفي الوقت ذاته كشف أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي الجديد، أن أسابيع معدودة تفصل بين إيران والحصول على مواد انشطارية لازمة لصنع سلاحها النووي. وكشف مندوب إيران لدى الأمم المتحدة أن إيران ضاعفت أجهزة الطرد المركزي بقوة تفوق أربعة أضعاف الجيل السابق. تسابق إيران إذن الزمن لتضع العالم، خاصة إسرائيل والخليج وأمريكا أمام المستحيل، كما فعلت كوريا الشمالية. وكما يغري الأمر تركيا حاليا باللحاق بالسباق النووي، تستفيد إيران أيضا من التصريحات قصيرة النظر لأنتوني بلينكن عن أن إدارة بايدن تحتاج وقتا قبل الدخول في مفاوضات تشمل الاتفاق النووي وقضايا أخرى. والمقصود بالأخيرة برنامج الصواريخ الباليستية، وبالفعل نجحت إيران في إطلاق صاروخ بتقنية متطورة، ليحمل قمرا صناعيا للفضاء الخارجي. وتعرف أوروبا أن صواريخ إيران يصل مداها إلى أراضي القارة العجوز، غير أن أوروبا هي حاليا الصدر الحنون لإيران، ومن ثم طلب جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، أن تتوسط أوروبا، يقصد ألمانيا بالذات، بين طهران وواشنطن لإنقاذ الاتفاق النووي وعمل عودة متزامنة للالتزام ببنوده دون شروط. أما السبب الثاني، وراء التعجيل بالتأهب الإسرائيلي لضرب محتمل جدا لإيران، فهو رغبة إسرائيل ألا تعود واشنطن إلى الاتفاق، لأنه سيكون خطأ فادحا كما قال، رئيس الأركان الإسرائيلي، أفيف كوخافي الأسبوع الماضي.

بعد 27 سنة

نتحول نحو”الوطن” بصحبة حمادة الشوادفي الذي ألقى الضوء على هليل نصر سالم، أحد أبناء قبيلة المزينة، الراحل الذي كان يعيش مع أسرته في مدينة دهب الواقعة على خليج العقبة في محافظة جنوب سيناء، ويحمل ثلاث بطاقات ورقية مصرية صادرة من سجل مدني جنوب سيناء، لم تواجه أسرته أي مشكلات، إلا عند صدور بطاقة الرقم القومي؛ إذ رفضت الجهات استخراج البطاقة إلى الشيخ وأسرته، بحجة أن جده غير مثبت في الأوراق الرسمية تاريخ وفاته، علما بأن البدو حتى وقت قريب لا يسجلون المواليد أو الوفيات، حتى الزواج كان بدون قسيمة. على مدار 27 عاما، عراقيل لا حصر لها واجهت أبناء الشيخ هليل عيد وشقيقه سالم، وأفراد أسرتيهما البالغ عددهم نحو 30 شخصا، من أجل الحصول على أوراق رسمية تثبت هويتهم المصرية. 4 رؤساء تعاقبوا على حكم البلاد خلال تلك الفترة، حاولوا خلالها بكل الطرق اجتياز العراقيل، حتى لاح الأمل أخيرا بقرار جمهوري وقعه الرئيس السيسي، العام الماضي، بعد محاولات شاقة قادها اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء. قال ابن الراحل الشيخ هليل: إنهم مصريون أبا عن جد، لكن السبب الرئيسي في المشكلة أن العائلة البدوية لم تكن تهتم كثيرا بوجود وثائق رسمية، مشيرا إلى أنه كان من الغريب على الناس أن تسمع بأن عائلة شارك عناصرها ضمن الجيش المصري، لكنها لم تتمكن من الحصول على الجنسية. الخطأ يرجع لعام 1995، حين طالب موظف السجلات الحكومية بأوراق خاصة تعود هذه الأوراق إلى عام 1914، وبالتالي لا يمكن تقديمها لعدم وجودها. منذ ذلك الحين والأسرة تعيش معاناة شاقة، أبناء خارج المدارس لعدم تقديم أوراق رسمية، آخرون بدون بطاقة هوية، 4 عائلات من أسرة الشيخ هليل بدون أوراق، خروجهم خارج مدينة دهب كارثة؛ لأنهم يمرون على أكمنة أمنية تطالبهم بإثبات هويتهم.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول alaa:

    السيسي مع حكومة السودان وأثيوبيا وقعا إتفاق بناء سد النهضه .. والآن لن نجد مياه النيل كما كانت وستجف التربه الزراعيه وشعب مصر والسودان سيعطش…

إشترك في قائمتنا البريدية