عمّان ـ «القدس العربي»: أصدر مؤخراً الشاعر والإعلامي الأردني/الفلسطيني عمر أبو الهيجاء ديوانه المعنون بـ «سرد لعائلة القصيدة» عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وبدعم من وزارة الثقافة الأردنية، وجاء في 152 صفحة من القطع المتوسط.
يلحظ المتابع لمسيرة أبو الهيجاء الشعرية، التي تجاوزت الثلاثين عاما ويزيد، أن عنصر ومبعث الموت هو القلق في بعده النفسي، الذي يأتي استجابة حياتية لابدّ منها للإحساس بأن الفرد يملك من الحيوية ما يجيب بها على الفعل كرد فعل، فشعره استجابة لحياته، التي يمتلك من خلالها حيوية يجيب بها على فعل الكتابة، كرد فعل على تحولاته نفسها، فنجد الإيقاع في تشكلاته الشعرية مشحونا بإيقاع الروح والجسد والحياة، إيقاعات تصحبها فتوحات لغوية متفجرة.
وقد كتب الشاعر والناقد العراقي علي جعفر العلاّق كلمة على الغلاف الأخير للديوان قال فيها: «تتوزّع هواجس نصوص الشاعر عمر أبو الهيجاء على مجموعةٍ من الانهماكات، التي يتمدد بينها النصّ، آخذاً وقدته الانفعالية، أو زاده الدلاليّ من هذه الثيمة أو تلك … ولا أذهب بعيداً عن مركز اهتمام الشاعر ومكمن حرائقه حين أقول، إن أكثر تلك الثيمات تردداً في نصوصه ربما هي: اللغة، الغياب، الأنثى، العائلة، إضافة إلى الكثير من تموجاتها وتفرعاتها المتاخمة لها في الدلالة … للشاعر إحساسه المضاعف بالغربة، وله ما يعمّق صلة هذه الغربة بالغياب، غياب الأصدقاء تحديداً، غياب الصداقات في حد ذاتها، في فداحتها التي تعادل صدمة الغياب ذاته. إن الشاعر يعلن بصوتٍ يطفح بالدمع والوحشة إنه ظلُّ أصدقائه البعيدين، والزيتُ المضيءُ في أصواتهم المبحوحة».
وفي كلمة أخرى للشاعر السوري عبد القادر الحصني ذكر فيها: «تحتاج التجربة الشعريّة في أعالي نضجها إلى أن ترى إلى الكلمات من جديد، باحثةً عما يستعيدها خلقا آخر، ولا يكون لها ذلك إلا في تلمّس ما يجعلها عائلةً، لتتسقَ أنسابُها في سيرورة/ مسرودة، يرى فيها الشاعر خلاصا … إنها تحتاج إلى أن ترى السماء والأرض والماء والتراب والتاريخ والجغرافيا والمعاناة الإنسانية والشخصية في أقنوم واحد، وأن تتطلّع إلى سِفر تكوينٍ جديدٍ وإلى تثنيةٍ تستعيد ذلك الخلق. وعليه، فالمرأة في هذا السِّفر مشتهاةٌ بما هي معادل وجود».
ومن قصيدة «امرأة من فضة» نقرأ ..
«بيدين فائضتين بالعشبِ الإلهي/امرأة ترتل أيامها/وتمسك بخيط الضوء في الحارات وتطير/امرأة من فلقة الصبح تتشكل/قنديلا في كومة الأطفال/تفرك العتمة بيديها المشتعلتين/كأنها تمنح حنطة وجهها المغبر للأرض/امرأة تؤثث نص البيوت في انتحاب الوقت/تكتب وصاياها على خد الليل/مثل غريب لم ير/غير صورة الدمع في اكتظاظ القتلى/ما الذي تبقى لامرأة لم تزل مصابة بموهبة الطيران/امرأة لم تنل من عشب يديها/غير صرصرة الريح في ثنايا الجسد/امرأة تمنح أسرار فضتها للعشاق/وتطير ثانية/ كي تصلي بين يدي القصيدة/ امرأة تنام في ذاكرة البلاد/…. وتغني».