لم تهب العاصفة مثلما توقع الكثيرون في سوق الانتقالات الشتوية في أوروبا، وظلت الصفقات، على قلتها، متوقعة عند الكثيرين لكنها لم تلب طموح الأنصار والمشجعين.
في أثرى دوري في العالم، البريميرليغ الانكليزي، ظلت الصفقات، حتى قبل يوم من الاغلاق، ضعيفة مقارنة بالسنوات الماضية، فحتى كتابة هذه السطور، أنفقت فرق الدرجة الممتازة العشرون نحو 114 مليون جنيه استرليني، مقارنة بـ180 مليوناً أنفقت في الشتاء الماضي، وهو أقل بنحو النصف من شتاء 2018 عندما أنفقت هذه الفرق 430 مليوناً.
وعلى ما يبدو أن الفرق الستة الكبيرة رضيت بمصيرها هذا الموسم، فليفربول المتصدر والذي يبدو انه حسم لقبه الاول منذ 30 عاما، يملك ما يكفي من الأسلحة للقتال على جبهتي الدوري ودوري الأبطال، بعدما تعمد اشراك الصغار والصف الثاني في مسابقتي الكأس المحليتين، فآثر عقد صفقة واحدة فقط، بضم الياباني تاكومو مينامينو بما يزيد على 7 ملايين استرليني بقليل، وهي تبدو صفقة تسويقية أكثر منها فنية يحتاجها المدرب يورغن كلوب، وبدا بيب غوارديولا راضيا بمواهب فريقه وأيضاً بالمركز الثاني والتركيز على دوري الأبطال، فابتعد عن سوق الانتقالات، خصوصاً بعودة بعض المؤثرين من الاصابة، وعلى رأسهم قلب الدفاع ايميرك لابورت، وكأنه صفقة جديدة، فيما يصارع فرانك لامبارد للبقاء في المركز الرابع المؤهل الى دوري الأبطال، مثلما يصارع لمحاولة ضم مهاجم بعد اصابه تامي أبراهام، وهو جاهد لاقناع ادارته بذلك، رغم عدم الانفاق في الصيف بسبب العقوبة، والسماح الآن له باجراء تعاقدات جديدة، لكن يبدو أن أفضل ما قد يحصل هو الحصول على مهاجم على سبيل الاعارة. وفي حين تعاني فرق مانشستر يونايتد وأرسنال وتوتهام، فان نشاطها ظل محدودا، فكثيرون توقعوا من يونايتد ضم ما لا يقل عن 3 لاعبين، الا انه في النهاية ضم لاعب الوسط البرتغالي برونو فيرنانديز (47 مليوناً مع بدلات مشروطة) بشق الأنفس، وبطلوع الروح وبعدما اعربت الجماهير عن غضبها بالاعتداء على منزل المدير التنفيذي اد وودوارد، واكتفى ارسنال بصفقتي اعارة بضم المدافعين الاسباني بابلو ماري والبرتغالي سيدريك سواريز، لكن جوزيه مورينيو، وكعادته، لا يستطيع معالجة هفوات فريقه توتنهام خلال حصص التدريب، فضم جيدسون فيرنانديز (اعارة) وستيفن بيرخوين (27 مليونا) وحول عقد اعارة جوفاني لوسيلسو الى انتقال دائم (27 مليونا) بعدما خسر الدنماركي كريستيان اريكسن للانتر الايطالي، الذي كان ربما الاكثر نشاطا في هذه السوق بضمه الثلاثي اريكسن (20 مليون يورو) ويانغ وموزيس (كلاهما اعارة)، لكن منافسه يوفنتوس يريد ضم لاعب وسط لكنه لا يقوى على ذلك قبل التخلص مما لديه أولاً (رامزي ورابيو وماتويدي وبيرناردسكي وبينتانكور) رغم تخصله من جان في وقت متأخر. وفي اسبانيا غض المتصدر ريال مدريد النظر عن ضم بول بوغبا بعد تطور النتائج والعروض بصورة لافتة، مع تألق نجم الوسط فالفيردي، واكتفي بالبناء للمستقبل بضم البرازيلي رينير، فيما يعيش منافسه برشلونة حالة من التخبط بعد اصابة لويس سواريز، ولا يعرف كيف يتصرف، فهل يضم نجما كبيراً بمبلغ كبير (رودريغو) او هزيل (جيرو) او اعارة (أوباميانغ)، وقد يصرف النظر في النهاية عن كل ذلك، فيما يدفع أتلتيكو مدريد بقوة نحو ضمان ضم كافاني قبل غلق السوق. وفي ألمانيا يبدو أن بوروسيا دورتموند عقد صفقة الموسم، وربما العقد، وليس القرن، بضمه الوحش الكاسر ايرلنغ هالاند من سالزبورغ بنحو 20 مليون يورو، وهو أقل بكثير مما كان يتوقع ان يدفعه احد العمالقة في انكلترا أو اسبانيا.
لكن سر هذا الركود يعود الى عدة أسباب، وأهمها أن صفقات الاندية الانكليزية هي المحرك الرئيسي لكل السوق الاوروبية، حيث تتناقل المبالغ بين انديتها، لكن كون أن 11 نادياً من العشرين الممتازة حطم رقمه القياسي في الانتقالات الصيفية الماضية (أنفقت خلالها مليار و410 ملايين استرليني)، فان الغالبية انفقت كل ميزانيتها، عدا عن السبب الاهم وهو الترقب الحذر لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، ومدى انعكاس ذلك على صفقاتها الجديدة، من تصاريح عمل وغيرها، بالاضافة الى أن كل النجوم المستهدفين ستتضاعف قيمتهم السوقية خلال الانتقالات الشتوية، لان الاندية المالكة لن تتخلى عن نجم مؤثر لتدمير موسمها في منتصفه، لذلك ستطالب بضعفي القيمة العادية للاعب، ليتبقى فقط متاحا النجوم المهمشون أو الذين يسمح لهم بالرحيل على سبيل الاعارة، او الذين رفضوا تجديد عقودهم والتي تنتهي بنهاية الموسم.
غريبة يا أخي هذه الكرة، وهي تجعل بعض الفرق التي كان لا يعتد بها إلى وقت قريب، تتصدر المشهد الكروي الاروبي والعالمي، وتهوي بفرق أخرى إلى غياهب التخبط وحتى النسيان، بعدما كانت إلى وقت قريب تحرز الألقاب العديدة وتلعب الأدوار الطلائعية على الساحة الكروية، ومن هذه الفرق :ميلان ومانشستر والانتر وحتى الأرسنال…
في سنة الألفين مثلا، تم عرض فيلم بعنوانThere’s Only One Jimmy Grimble كان هذا الفيلم يحكي قصة طفل يتمنى اللعب لمانشستر سيتي…أذكر أني تساءلت مع نفسي حينها، لماذا يتمنى هذا الطفل اللعب للسيتي، في وجود فريق المدينة الأول و الأشهر والأقوى والأفضل حينها محليا وأروبيا وعالميا، لكن يبدو اليوم أن الآية انقلبت.
في سنوات الألفين أيضا، خرج فيلم آخر بعنوانPurely Belter …ربما كان له معنى في تلك الفترة، أما اليوم فلا يبدو حقا.