تونس ـ «القدس العربي»: أشاد الرئيس التونسي قيس سعيد بما سماه «الموقف الوطني» للبرلمان التونسي عقب المصادقة على تعديل القانون الانتخابي، في وقت حذرت فيه المعارضة من محاولة «اغتيال» الديمقراطية عبر قانون يمهد الطريق لسعيد للاحتفاظ بالسلطة.
وكان البرلمان التونسي صادق، مساء الجمعة، بأغلبية واسعة على مشروع لتعديل القانون الانتخابي يقصي المحكمة الإدارية من الإشراف على النزاعات الانتخابية، ويستبدلها بمحكمة الاستئناف.
وبعد ساعات تم ختم القانون من قبل سعيد ونشره في الجريدة الرسمية، ليصبح قانوناً سارياً بدءاً من يوم السبت.
وخلال استقباله السبت لرئيس البرلمان إبراهيم بودربالة، أشاد سعيد بـ«الموقف الوطني المسؤول للمجلس الذي صادق يوم أمس على مشروع قانون اقترحه عدد من النواب لتنقيح عدد من أحكام القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء».
ودعاه لـ»إبلاغ تحياته الخالصة لأعضاء المجلس، الذين استشعروا المخاطر التي يُمكن أن تحفّ بوطننا العزيز، فصادقوا على مشروع قانون يتعلّق موضوعه فقط بالنزاعات الانتخابية، وذلك بنقل الاختصاص من جهة قضائية إلى أخرى، ولم يقع التعرّض إطلاقاً لا لشروط الترشّح ولا إلى الحملة الانتخابية ولا إلى عتبة كما كان الشأن سنة 2019، وهو موقف تاريخي يعكس وعياً عميقاً مفعماً بالمسؤولية التاريخية، فباسم الشعب تصدر القوانين ولا صوت يعلو فوق صوت صاحب السيادة الشعب التونسي» وفق البيان الرئاسي.
وكتب هشام العجبوني، القيادي في حزب التيار الديموقراطي: «الرئيس النزيه النظيف العفيف المنتهية ولايته والمترشّح إلى ولاية ثانية، قيس سعيّد، سارع إلى ختم «قانون» العار ونشره في الرّائد الرسمي، وبالتّالي اغتال واغتصب رسميّاً الديمقراطيّة والجمهوريّة».
وقال المرشح المستبعد عماد الدائمي، إن «تمرير قانون تعديل القانون الانتخابي كان جريمة أخرى ارتكبتها السلطة ضد الإرادة الشعبية».
وأضاف، في فيديو على صفحته في موقع فيسبوك: «مجموعة من النواب تحت اعتبارات الخوف أو الطمع جعلوا من تونس «فضيحة» أمام العالم (…) كي يتم تحسين انتصار رئيس بلا حصيلة ويخشى المنافسة وليس لديه أمل في نيل ثقة الشعب».
وانتقدت الناشطة الحقوقية نزيهة رجيبة «سرعة» المصادقة على ما سمته «قانون الإجهاز على انتخابات شبه ديموقراطية» وسرعة ختمه ونشره في الجريدة الرسمية، مضيفة: «تونس فيها حرب وقتال، لكن من غير دم».
ودون سامي بن سلامة، العضو السابق في هيئة الانتخابات: «بسرعة البرق تم ختم مشروع قانون اغتيال الجمهورية كما كان يقول (في إشارة لسعيد) وأصدره بالرائد الرسمي».
وأضاف في تدوينة أخرى ساخرة: «تفتخر تونس بأن تزف للعالم أحد أهم إنجازات البشرية في القرن 21، وهو أول قانون فرط صوتي بأياد تونسية خالصة غير ملوثة في عهد الرئيس الصادق الأمين الذي وضع كرسيه ودستوره بين يدي حراس ميامين، قيس السعيد، حفظه الله ورعاه وخلد في أوسع أماكن التاريخ ذكراه».
ودونت الخبيرة الدستورية، سناء بن عاشور: «لقد ارتكب مجلس نواب الشعب خطأ بسبب انحرافه بالسلطة التشريعية واستخدامها لأسباب أخرى غير تلك التي تم منحها له. كما أنه ارتكب انتهاكاً جسيماً لمبدأ الفصل بين السلطات ولاستقلال القضاء من خلال سحب النزاع الانتخابي الرئاسي الجاري من اختصاص المحكمة الإدارية».
وأضافت: «قام البرلمان بضرب حق المواطنين في الأمن والأمان القانوني وإمكانية التنبؤ والاستشراف المطلوبة من القانون كأداة لضمان انتخابات ديمقراطية، شفافة، تعددية، نزيهة وصادقة. لهذه الأسباب، ولأسباب أخرى كثيرة، ستكون انتخابات 2024 ملوثة إلى الأبد بعدم الشرعية، ولن يتمتع الفائز المعين بشرعية الاقتراع».
وكتبت الباحثة والناشطة السياسية، رجاء بن سلامة: «تغيير القوانين من أجل الاستماع بالسلطة مثل النقود غير المشروعة، لا تثمر وتدور الدائرة على صاحبها، طال الزمان أم قصر».
ودون الخبير الدستوري أمين محفوظ: «الدستور فوق الجميع: حق التقاضي حق دستوري ولا يمكن للمشرع حرمان من له مصلحة في انتخابات تقدم إليها على أساس قانون ساري المفعول وأقرت له المحكمة في حكم بات بصفة المترشح من حقه في الطعن في نتائج الانتخابات».
وأوضح بقوله: «على القضاء مهما كان مجال اختصاصه، ضمان علوية الدستور واستبعاد تطبيق فصل في قانون يتعارض مع الدستور بعد إثارة هذا الدفع من قبل لسان الدفاع».