في أعقاب ردود سياسيين على هجوم الصواريخ الأخيرة من قطاع غزة، أيد مقال هيئة التحرير في “هآرتس” سياسة نتنياهو بذريعة أن “هذه هي السياسة المعقولة الوحيدة التي أمام إسرائيل” (3/11). كاتبو المقال انتقدوا ما سموه “ردوداً غاضبة”، التي تطالب بردود عسكرية قوية. مع اقتباس أقوال أعضاء الكنيست يئير لبيد وافيغدور ليبرمان والموقع أدناه. ويضيفون: “لا أحد منهم يعرض خطة عمل واقعية… على استمرار إطلاق الصواريخ، عدا الشعارات”.
للأسف، اقتباس أقوالي من المقال “الاتفاق بين بيبي وقطر يعدّ عملية استراتيجية فاشلة لنتنياهو، ستؤدي إلى حرب”، هو اقتباس جزئي. صحيح أنه يلائم رواية كتاب المقال، ولكنه لا يلائم كل أقوالي كما قيلت، فبعد ذلك على الفور رحت أقترح القيام بعملية سياسية لا عسكرية… “في الجنوب يجب اتباع خطوات شجاعة ومكشوفة للجمهور في البلاد، الفلسطينيين في القطاع وكل العالم، وعرض إنذار نهائي واضح للغزيين: من جهة، تحسين دراماتيكي للوضع الإنساني في القطاع، بما في ذلك رفع المعارضة عن بناء الميناء وإعادة الجثث. ومن جهة أخرى، إذا لم يوافق الغزيون على ذلك فثمة رد عسكري واسع”.
المعنى العملي لهذه الأقوال “خطوات شجاعة ومكشوفة”، هو في البداية مبادرة سياسية تعرض فيها إسرائيل علناً، وبالأساس على الفلسطينيين في القطاع والنظام الدولي، موقفها واستعدادها لخطوات إنسانية بدلاً من رد عسكري فوري. أساس هذه المبادرة هو عدم الاحتمال المطلق لموجات العنف المستمرة في الجنوب منذ 15 سنة، مع الاستعداد للقيام بخطوات إنسانية بعيدة المدى. عدم الاحتمال يعني “رداً عسكرياً واسعاً”، كمرحلة أخيرة، في حال رفض الغزيون عرض إسرائيل الواضح والعلني واختاروا استمرار الوضع الراهن.
موقفي هذا الذي أعلنت فيه أن الطريق لا يمر إلى الهدوء في الجنوب باستخدام قوة الذراع، بل بواسطة تحسين الوضع الإنساني وتطوير القطاع، قلته للمرة الأولى قبل خمس سنوات بعد عملية الجرف الصامد على الفور، في خطة نشرتها بعنوان “غزة هي الفرصة!”.
منذ ذلك الحين تبنى هذا الموقف حزب العمل وأصبح جزءاً من برنامجنا الانتخابي السياسي – الأمني. بعد ليلة من إطلاق الصواريخ على الجنوب وإزاء الأقوال الغاضبة مثل “سنضربهم بقوة”، التي جاءت مباشرة بعد ذلك، ليس من السهل التعبير بشكل علني عن موقفنا، لكننا لن نتنازل عنه لأنه هو الذي يمكن أن يؤدي إلى تهدئة مستمرة في الجنوب.
كلمة أخيرة للدعم الذي تقدمه الصحيفة لسياسة نتنياهو، “تسوية” نتنياهو التي تشمل في الأساس “تفاهمات” مع قطر وتوسيع منطقة الصيد هي كحبة “الاكامول” تعطى لمريض في وضع صعب، هدفها هو إعطاء المريض الشعور بالراحة لفترة قصيرة، لكنها لا تعالج المرض.
بقلم: عومر بارليف
هآرتس 5/11/2019