دمشق ـ «القدس العربي» من هبة محمد ووكالات: أعلنت الرئاسة الروسية «الكرملين»، أن الرئيس فلاديمير بوتين، لن يستقبل قائد سلاح الجو الإسرائيلي عميكام نوركين، الذي وصل موسكو أمس الخميس، على رأس وفد عسكري.
ونقلت قناة «روسيا اليوم» عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أن بوتين لن يستقبل المسؤول العسكري الذي يحمل نتائج التحقيق الأولي في حادثة إسقاط طائرة «إيل-20» الروسية بسوريا.
وفي تطور وصفه خبراء بإحدى الخطوات الاستعراضية الروسية الاستراتيجية، أغلقت موسكو المياه الدولية والمجال الجوي قبالة سواحل سوريا ولبنان وقبرص حتى الأربعاء المقبل، لإجراء تجارب صاروخية شرقي البحر المتوسط، حسبما نقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية عن إشعار للطيارين أصدرته موسكو، حيث أقدمت على هذه الخطوة بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية التي أسفرت عن مقتل 15 عسكريا روسيا، قبالة السواحل السورية أخيرا، ما ترجمه بعض المحللين على أنه رغبة روسية في تعويض ضعف ردها على إسرائيل، وفي مسعى منها لإعادة ضبط سلوك الفاعلين الإقليميين والدوليين في الملف السوري، حيث من المرجح أن تشهد الأيام المقبلة حراكا دبلوماسيا مكثفا من أجل احتواء التصعيد بين روسيا والقوى الأخرى، ومن بينها تل أبيب وواشنطن.
بوتين لن يستقبل قائد سلاح الجو الإسرائيلي… وموسكو: الطيارون الإسرائيليون «تصرفوا بطريقة غير مهنية»
وحملت روسيا إسرائيل المسؤولية عن الحادثة. وقال الجيش الروسي إن طائرة إسرائيلية كانت تقوم بقصف أهداف في محافظة اللاذقية السورية ناورت بالاختفاء خلف طائرة الاستطلاع الروسية للاحتماء من أنظمة الدفاع الجوي السوري، ما جعلها عرضة للإصابة بصواريخ الدفاع الجوي السوري.
الباحث السياسي لدى مركز عمران للدراسات الاستراتيجية ايمن الدسوقي، قال لـ«القدس العربي» إن معاودة موسكو إعلانها عن إجراء تجارب صاروخية جديدة، يعتبر توجها واضحا من قبل روسيا لاستعراض قوتها العسكرية وإرسال رسائل سياسية باستعدادها للتصعيد إذا ما تم التعرض لروسيا أو مصالحها في سوريا، وخاصة أنها كانت أجرت مناورات عسكرية عدة في شرق المتوسط منذ اندلاع الأزمة السورية، وكان آخرها مناورات لمجموعات الأسطول البحري والقوات الجوية الروسية بداية الشهر الجاري، حيث جاء هذا الإعلان عقب إسقاط الطائرة الروسية منذ عدة أيام خلال غارات شنتها إسرائيل على مواقع عدة للنظام.
ويحمل الموقف الروسي مخاطر تصعيد عسكرية في منطقة تحتوي على حشود عسكرية معتبرة لقوى إقليمية ودولية، لذلك رجح الدسوقي أن تجد رسالة موسكو أصداء لها في العواصم الإقليمية والدولية، تجنبا للانزلاق نحو مواجهات مفتوحة، مضيفا ان الأيام المقبلة ربما تشهد دبلوماسية مكثفة تفضي لتجاوز ما حدث خلال الأيام السابقة وإجهاض أي خطط لها بعمليات قصف في سوريا، لافتا إلى أن «روسيا وإن كانت تبدي استعدادها للتصعيد، إلا أنها تتجنبه لكونها تدرك حجم قوتها وتتحاشى مواجهة مع الناتو، ولا تريد أي تصعيد يخرب ترتيباتها في الملف السوري التي بنتها خلال الفترة الماضية».
من جانبه رأى الخبير في العلاقات الدولية نواف الركاد أن روسيا تستشعر الخطر على مصالحها الحيوية، سواء تلك الصادرة عن قصف مطار حميميم من قبل المجموعات المسلحة في الشمال، أو من تلك الهجمات الصاروخية الإسرائيلية على القواعد الإيرانية أو التي يوجد فيها الإيرانيون، حيث يبدو إغلاق المجال الجوي من أجل إرسال رسالة سياسية للغرب بأن المصالح الأمنية الاستراتيجية لروسيا خط أحمر ولا يجوز الاقتراب منها، وهذه الإجراءات العسكرية الاحترازية هي لتجنب احتمالات مواجهات كبرى بينها وبين دول الناتو ، خصوصا أنها أصبحت جنوب سواره الجنوبي، وهو يدرك مخاطر أن تطوقه روسيا من الشمال والشرق والجنوب.
وقال الركاد لـ«القدس العربي» إنه من البديهي أن تقوم الدول في حالات استشعار قرب المخاطر ببعض المناورات، وربما إغلاق المجالات الجوية على مبدأ «ممنوع الاقتراب، هنا منطقة عسكرية». ويرى تصاعد الأحداث نحو الأسوأ، ويتمثل ذلك بحسب رؤيته في ازدياد حدة التناقض بين المصالح الروسية والإسرائيلية، حيث تصر الأخيرة على ضرب حليف روسيا على الأرض وترحيله خارج الأراضي السورية.
وكانت وزارة الخارجية الروسية أعلنت أمس، أن تصرف الطيارين الإسرائيليين خلال حادث إسقاط الطائرة الروسية «إيل-20» كان «غير مهني على أقل تقدير». وقالت الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في تصريح صحافي، إنه «من المتوقع نشر معلومات جديدة حول حادث تحطم الطائرة، وستتم الإجابة على العديد من الأسئلة المتعلقة بكارثة تحطمها وتورط طياري سلاح الجو الإسرائيلي». بينما اعتبرت السفارة الروسية في إسرائيل في تغريدة على حسابها في «تويتر»، أن موسكو تعتبر تصرفات سلاح الجو الإسرائيلي، التي عرضت طائرة روسية الصنع من طراز إيل -20 للخطر وأدت إلى مقتل 15 جنديا، غير مسؤولة وغير ودية». (تفاصيل ص 4)