عمان ـ دمشق ـ «القدس العربي»: تزامنت بداية المرحلة الثانية المفترضة لاتفاق سوتشي المبرم بين الدولتين الضامنتين للاتفاق حول محافظة إدلب، تركيا وروسيا، مع إعلان هيئة تحرير الشام التي تشكلت من اندماج فصائل جهادية عدة بقيادة «جبهة النصرة» عن ترحيبها «الموارب» لتطبيق بنود الاتفاق – بعكس توقعات الكثيرين – حيث اتسم بيانها بصيغة براغماتية تضمن احتواء جمهور التيار المتشدد في داخلها، لكن المدة الزمنية لتطبيق المرحلة الثانية وآلية حل التنظيمات المصنفة «إرهابية» لنفسها، وخروج من لا يوافق على الاتفاق من المنطقة، وفتح الطريقين م4 وم5، يبدو أنها غير كافية مقارنة مع التعقيدات التي يشملها هذا الملف، لذلك غالباً ما ستلجأ تركيا لتطبيق هذا البند من الاتفاق على مراحل، تتخللها اجتماعات مكثفة مع الجانب الروسي وفق متطلبات المرحلة.
فتح الحدود مع الأردن والجولان المحتل… والعراق يستعد لفتح معبر البوكمال
تزامناً أعلن تنظيم «حراس الدين»، و«جبهة أنصار الدين»، و«أنصار التوحيد»، و«جماعة أنصار الإسلام»، عن تشكيل غرفة عمليات عسكرية مشتركة تحت مسمى «وحرّض المؤمنين» لعرقلة اتفاق سوتشي. وتداول ناشطون بياناً لمجموعة تعهدت بمواجهة ما وصفتها بـ«تداعيات اتفاق سوتشي»، بينما أعلنت هيئة تحرير الشام في بيان لها موقفاً موارباً وبراغماتياً حول اتفاق إدلب يوحي ضمنياً بقبولها الاتفاق، حسب محللين ومراقبين سياسيين.
وأعلنت «هيئة تحرير الشام» في بيان رسمي، عن ترحيبها بالاتفاق الروسي – التركي بشأن محافظة إدلب، الذي أبدت خلاله حرصها «على تأمين سلامة المدنيين، ودعمها أي جهود مبذولة في هذا الشأن». وحذرت الهيئة من مراوغة الجانب الروسي أو الثقة بنواياه، ومحاولاته الحثيثة لإضعاف صف الثورة، وهضم مكتسباتها وتحجيم دورها الحقيقي سياسياً وعسكرياً، وأن هذا لا تقبل به مهما كانت الظروف والنتائج. وأضافت أن «كل محاولات النظام المجرم وحلفائه ستبوء بالفشل والهزيمة، كما حال كل محتل غاصب عبر التاريخ، وأن إرادة الحرية التي يحملها الشعب السوري لتمثل الطوفان الذي سيغرقهم، ويكسر عجرفتهم المتغطرسة».
من جهة أخرى وبينما يستعد العراق لفتح معبر البوكمال حسب تصريحات وزيري خارجية سوريا والعراق، شهد يوم أمس تطورات على صعيد المعابر، حيث كان الحدث الأبرز فيها فتح معبرين حدوديين للنظام السوري مع الأردن والكيان الإسرائيلي، فقد أعلنت الحكومة الأردنية عودة الحياة الاقتصادية مع النظام عبر معبر نصيب الحدودي، مبينة تفاصيل الاتفاق الذي توصّلت إليه اللجان الفنية الأردنية – السورية بشأن إعادة فتح المعبر، وفي الوقت ذاته وبحضور نائب قائد القوات الروسية في سوريا، افتتح معبر القنيطرة مع الجولان السوري المحتل، بعد التفاهمات التي جرت بينه وبين إسرائيل برعاية أممية. فيما طالبت الولايات المتّحدة سوريا وإسرائيل بتسهيل مهمة قوات حفظ السلام الأممية في المنطقة.
وبدت الأجواء كرنفالية واحتفالية في أول يوم أعيد فيه تشغيل معبر نصيب الحدودي بين الأردن وسوريا. وكان أول العابرين، صباح أمس الإثنين، مواطن سوري احتفى أمام عدسات المصورين بختم بلاده على جواز سفره عائدًا إلى بلده. وعبرت أيضًا أول شحنة خضار من الجانب الآخر. والحماسة المفرطة شارك فيها محمد داود، نقيب أصحاب الشاحنات الأردنية، وهو يعلن بأن خمسة آلاف شاحنة بانتظار المستوردات من البلد الجار والشقيق.
في المحصلة، يمكن القول اليوم إن الحياة التي تعود بالتدريج وسط إفراط في الحماسة للطريق الدولي الشهير بين عمان ودمشق بعد فحصها أمنيا حتى من قبل وفد أردني، هي خطوة أنجزت تماما بترتيب من غرفة التنسيق الروسية. وهي أيضاً خطوة تؤشر إلى وجود أجندة سرية لم يعلن عنها، ولها علاقة بخريطة طريق تمهد لاستعادة العلاقات، وإن كان ببطء شديد مستقبلا، خصوصًا أن إعادة فتح معبر نصيب بقرار أردني هذه المرة يؤشر إلى تجاوز عمان لبعض الحساسيات الأمنية تحديدا، لا بل حصولها على بعض الضمانات من الجانب السوري. (تفاصيل ص 4)