سوريا: صراع بين شقي المعارضة السياسي والعسكري: معبر «أبو الزندين» الشعرة التي قصمت ظهر المعارضة

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي»: على خلفية التوتر والانقسام اللذين شهدتهما المعارضة السورية بشقيها العسكري والسياسي، بعد تراخي الأخير في ملف التقارب التركي مع النظام في دمشق، والعمل على فتح المعابر الفاصلة بين مناطق سيطرة المعارضة والنظام السوري، بشكل رسمي، خرج المئات في مظاهرات شعبية، الجمعة، تطالب بعزل رئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، وتؤكد على ثوابت الثورة السورية، كما خرجت مظاهرات منفصلة في إدلب تطالب بإسقاط زعيم “هيئة تحرير الشام” أبي محمد الجولاني.
وحسب مصادر محلية، فقد خرجت مظاهرتان في مدينتي عفرين والباب في ريف حلب، طالبت باستعادة القرار العسكري، ورفض فتح المعابر.
كما طالب المتظاهرون بحجب الثقة عن رئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، ودعوا إلى تشكيل حكومة وطنية منتخبة من الداخل السوري. المظاهرات الشعبية الغاضبة جاءت في أعقاب توتر غير مسبوق، شهده اجتماع عقد، الثلاثاء الفائت، في مطار ولاية غازي عنتاب جنوبي تركيا، ضم ممثلين عن وزارة الخارجية وجهاز الاستخبارات التركية، والائتلاف الوطني السوري والحكومة المؤقتة، وهيئة التفاوض، ومجلس القبائل والعشائر، وقادة من الجيش الوطني السوري.
وفي أعقاب الاجتماع، أعلنت “الجبهة الشامية” التابعة لـ “الجش الوطني” المقرب من أنقرة، “تجميد التعاون” مع الحكومة السورية المؤقتة التابعة للائتلاف المعارض، مطالبة بسحب الثقة من هذه الحكومة، وإحالة رئيسها عبد الرحمن مصطفى إلى القضاء.
واتهمت “الجبهة الشامية” العاملة تحت مظلة الحكومة المؤقتة أصلاً، عبد الرحمن مصطفى بـ “تعمّد الإساءة إلى بعض الجهات الثورية”، وأفاد البيان: “تفاجأنا من المدعو عبد الرحمن مصطفى بوتيرة غير مسبوقة من العدائية، حيث تعمد الإساءة إلى بعض الجهات الثورية ومنها فصائل الشرقية معززاً رواية الأعداء المغرضة عنهم باتهامهم بالتخريب والإرهاب، كما خص الجبهة الشامية بسيل من الافتراءات السياسية والجنائية، واختلاق الجرائم بحقها، محاولاً تشويه صورتها أمام المسؤولين الأتراك لمصلحته الخاصة، مُهَدِّداً بسحب الشرعية عنها”.
وطالبت “الجبهة” “بعقد اجتماع طارئ لحجب الثَّقَة عن حكومة عبد الرحمن مصطفى بالسرعة القصوى، وإحالته إلى القضاء لينال جزاءه العادل أصولاً”.

اتهامات بسرقة 17 مليون دولار

وحسب موقع “تلفزيون سوريا” المعارض، فقد استمر الاجتماع لأربع ساعات، وعكس انقساماً واضحاً بين صفوف المعارضة السوريّة، إذ اعتبر غالبية المجتمعين أنّ هذا الانقسام لن ينتهي حتّى يتم تغيير الإدارة والعقليّة الإداريّة للمؤسسة المسؤولة عن إدارة مناطق في الشمال السوري، بينما اعتبر قسم آخر أنّ هذا الانقسام هو نتيجة طبيعيّة لتعاطي بعض فصائل الجيش الوطني مع المؤسسات الرسمية للمعارضة وهيمنتهم على قرار الشارع الثوري.
ممثل جهاز الاستخبارات التركية افتتح حديثه، وفق المصدر، بالقول: “هذه القاعة شهدت على اجتماعات للكثير من الدول الداعمة للمعارضة السوريّة، لكن اليوم لم يتبقّ من هذه الدول سوى تركيا وقطر”.
وفيما يخص “معبر أبو الزندين” أكّد على أنّ قرار إعادة تفعيله تجاري بحت، ولا علاقة له بأي ملف سياسي، وأنّ هذا القرار لن يُفرض على أحد، لكن التخوّفات من إعادة إنعاش النظام اقتصاديّاً غير مبرّرة، فالتبادل التجاري لم يتوقّف في يوم من الأيام (في إشارة إلى عمليات التهريب التي تجريها بعض فصائل الجيش الوطني السوري من وإلى مناطق سيطرة النظام).
قائد “الجبهة الشامية” (أبو العز سراقب)، ألقى خلال الاجتماع “اللوم كاملاً في التقصير بتقديم الخدمات وعدم تمكين المؤسسات، على رئيس الحكومة السوريّة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، واعتبر أن وجوده في منصبه هو السبب الرئيسي لاندلاع المظاهرات، مردفاً أنّ الشمال السوري لن يحظى بالاستقرار إلا إذا أُقيل وغُيّرت الإدارة والعقلية الإداريّة معاً” كما قال “قائد حركة التحرير والبناء، أبو حاتم شقرا خلال مداخلته، إنّ المشكلة الأساسيّة تكمن في عدم وجود حوكمة في الشمال السوري، فضلاً عن عدم تمكين المؤسسات وعدم قيام الحكومة المؤقتة بواجبها، وأنّ ما عرضه من إنجازات هي خطط على الورق لم يتم تنفيذ أي منها”.
سرعان ما انتفض “رئيس الحكومة المؤقتة، الذي اتهم “الشاميّة” بسرقة 17 مليون دولار من أموال معبر باب السلامة بحسب وثائق يمتلكها – على حد قوله”.
وهدد بنزع الشرعية من “حركة التحرير والبناء والجبهة الشامية” وهما القوتان اللتان تحظيان بالحاضنة الأكبر في الشمال السوري، معتبراً “أنهما تسبّبا في تحريض الشمال السوري، للتظاهر والاعتصامات”.

انقسام واضح

وأضاف المصدر: “مع وصول الاجتماع إلى نهايته، كان الانقسام واضحاً والاصطفافات بيّنة، القوّة المشتركة المتمثّلة بفصيلي “فرقة الحمزة” و”فرقة السلطان سليمان شاه” في حلف مع رئيس الحكومة السوريّة المؤقّتة، الذي يرى بضرورة إنهاء الاعتصامات ولو بالقوّة، بينما كان لباقي قادة الفصائل وعلى رأسهم قائدا “حركة التحرير والبناء” و”الجبهة الشاميّة”، فضلاً عن الائتلاف الوطني موقف واضح من أنّ للمدنيين في الشمال السوري كامل الحق في التظاهر والاعتصام والتعبير عن آرائهم، ويجب الاستماع لهم بدلاً من قمعهم.
الائتلاف السوري المعارض لم يعلق من جهته، على بيان “الجبهة الشامية” لكنه اكتفى بنشر بيان حول اجتماع غازي عنتاب مشيراً إلى طرح ملف المعابر و”أهمية أبو الزندين كمعبر حيوي إنساني واقتصادي يؤثر إيجاباً على الوضع الاقتصادي والإنساني في المنطقة وأكد المشاركون أن هذا المعبر ليس له أية علاقة بأي من ملفات التطبيع مع النظام، بل هو خطوة تهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية وتسهيل الحركة التجارية والإنسانية في المناطق المحررة”، مشيراً إلى “ضرورة التلاحم بين القوى الشعبية والمؤسسات السياسية والحكومية” حيال هذا الملف.

أسباب وتداعيات

وحول أسباب ودلالات انقسام المعارضة السورية بشقيها، اعتبر الباحث والمحلل السياسي محمد سالم أن الدلالة الأهم والتي تحمل في طياتها الأسباب لما حدث، هي وجود حكومة غير متوازنة في قراراتها وفي تصريحاتها، ولا تحمل المسؤولية تجاه مختلف شرائح قوى الثورة والمعارضة. وأضاف: “تداعيات هذا الانقسام موجودة على الأرض مسبقاً، لأن هذا الانقسام حاصل مسبقاً ولم يحدث اليوم ما حدث هو أنه ظهر بشكل علني وتم تعزيزه ولا أتوقع أن يكون هناك تداعيات كبيرة نظراً لأن حكومة مصطفى هي حكومة شكلية ليس لها من الأمر شيء وليس لها أية سلطة عملياً”.
وقال سالم: “يحاول رئيس الحكومة السورية المؤقتة فرض نفسه كأمر واقع رغم انتهاء ولايته. واستبعد المتحدث في الوقت نفسه “استجابة الائتلاف لطلب الجبهة الشامية برفع الثقة عن عبد الرحمن مصطفى وحكومته نظراً لوجود كتله موالية لمصطفى داخل الائتلاف”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية