قرأت في الصحف الفرنسية نقاشاً حول الأزمة السورية الحالية الناتجة عن التلويح الامريكي بالقيام بضربة عسكرية. النقاش لفت نظري لعدة أسباب. أولا لأنه يدور بين تيارين تظهر في أحدهما شخصية فرنسية مثيرة من حيث دورها غير المفهوم تماماً في سياق الربيع العربي. عنيت برنار هنري ليفي طبعاً. ثم لأن النقاش يجري في دولة تتمنى المشاركة في الحرب على سورية مع الامريكي وتبدو احياناً متحمسة أكثر من أم الصبي. وثالثاً لأهمية النقاش ذاته من حيث المحتوى والمعلومات. ورابعاً لأهمية النقاش في الإضاءة على رهانات الصراع من زاوية نظر غربية إجمالاً، من وجهة نظر غير عربية وغير ثورية سورية أو حتى موالية للنظام.
أثار برنار هنري ليفي وما زال يثير الكثير من اللغط حوله، لا لكونه فيلسوفاً مهماً وهو ما كان يدعيه لفترة طويلة، بل لدوره السياسي المهم في إثارة ومواكبة وقطف نتائج بعض الإنتفاضات العربية الأخيرة التي عرفت بإسم ‘الربيع العربي’. طبعا لست في معرض الإشارة إلى دوره السرّي في هذا الربيع فهذ الأمر ليس من إختصاصي ولا يدخل أصلاً في ما أود الإشارة إليه هنا. فقط مررت على دوره نظراً لكونه أحد أطراف النقاش الجاري في فرنسا اليوم حول الربيع العربي عموماً وحول سورية بالخصوص.
يتبنى ليفي نظرية تقول بضرورة تدخلّ الغرب في ما يحصل في دول العرب ولو اضطر الى التدخل العسكري المباشر. كل ذلك دفاعاً عن الحرية وعن التدخل الإنساني، ومن أجل دفعة من الديمقراطية ربما. الأسباب بالطبع إنسانية وتقدمية من حيث تساعد على تقدم التاريخ البشري ككل بعد أن اصطدم التطور البشري بالإستبداد المشرقي. وتستمدّ ظاهرة البرنارية الليفية قوتها في فرنسا والغرب من علاقته غير المبرّرة دستورياً وسياسياً وانتخابياً بمراكز القرار العليا هناك، من ساركوزي الى أوباما فهولاند فكاميرون وغيرهم الكثير.
لم يتوقف الدور البرناري على السياسة الغربية بل تجاوز ذلك إلى النضال على الأرض والدخول بعلاقات مباشرة مثيرة مع إسلاميي ليبيا وإخوان مصر وجهاديي سورية كما إخوانها. وهو دور مثير إلى حد أقلق عدداً من مثقفي الثورة السورية المقيمين في فرنسا. فاضطروا لإصدار بيانٍ علني نشرته بعض وسائل الإعلام الفرنسية القريبة من المعارضة السورية بأن ‘فك دعمك عنا’.
على اي حال وجهة نظر ليفي تتبناها اليوم نخبة من مثقفي فرنسا كان آخرهم رئيسة تحرير جريدة ‘ اللوموند’ الشهيرة التي كتبت، وعلى غير العادة، إفتتاحية مطوّلة جداً تدافع فيها عن التدخّل العسكري الغربي في سورية وذهبت الى حد التخوين كما يقال بلغة العرب الصحافية. نعم لقد خوّنت كل من يقع في فخ ‘التضامن الوسخ’، ولو على نحو غير مباشر، مع النظام الكيماوي السوري، مع ‘القتلة’. إلى هنا يبدو النقاش ‘عربياً’ بمعنى من المعاني. فالحجج والطريقة التي تساق بها هذه الحجج لا تخرج عن أدبيات النقاش العربي عموماً.
فلأول مرة تخرج هذه الصحيفة الرصينة من رصانتها لكي تدخل الحرب ليس فقط عبر التعبير بصراحة عن موقف سياسي مبدئي بل عبر الدعوة إليه وتخوين كل من لا يتبناه غرباً. آثار ‘فكر’ هنري واضحة للعيان. وهو أمر لم يفت النخبة المناهضة للتدخل فأشارت إليه فوراً. فكر هذا الفيلسوف يفيض عن العادة في النقاش السياسي الفرنسي الحالي. ولقد أحسن ربما الكتّاب السوريون في بيانهم الشهير عندما طلبوا منه التزام الصمت وعدم الإعلان عن دعمه للثورة السورية.
بمعزل عن نقاش أهداف وخلفيات هذا الدور وقدرة هذا البيان المهم على الحد من الدور السياسي غير الثقافي لهذه الشخصية الغريبة، وبعيداً عن شيطنة الدور وتخوين أصحابه سلفاً، فإن النقاش الغربي معه يتمحور حول ما بعد التدخل العسكري. وهذا ‘المابعد’ هو ما يهمنا نحن العرب حقيقة كما قرأت. فبعد انفجار الطنجرة (أو الدست) السورية نتيجة للتدخّل ووفقاً للمثال العراقي قبله أو حتى الليبي، وبعد تضعضع النظام، ترنحه، أو سقوطه، وبعد انقشاع المجال واسعاً أمام القوى التكفيرية والجهادية، من سيتحمل، بحسب هؤلاء، مسؤولية ‘المجازر الجماعية’ التي ستصيب أقليات هذه المنطقة من الأكراد والعلويين والمسيحيين والدروز والعلمانيين وغيرهم الكثيرين؟
هنا طبعاً، وعند هذا الحد، تعقد النقاش الغربي فتدخل الفكر الشرقي لكي يجيب على السؤال الأصعب عند جماعة برنار هنري ليفي الفرنسيين. الجواب العربي ان سقوط النظام سيتيح وقف الغزو التكفيري والجهادي لأنه سيسمح بإقامة دولة السد القادرة على وقف الزحف البربري. إذن التدخل العسكري الغربي ضرورة لإزاحة النظام الحالي العاجز بالأصل عن مواجهة البرابرة الجدد وإقامة النظام الجديد القادر وحده على المجابهة والنصر.
‘المشككون’ الفرنسيون بالتدخّل الغربي في بلاد العرب لم يقتنعوا طبعاً بهذه التبصيرة الشرقية ملوّحين بالتجربة الليبية والصومالية والعراقية وغيرها الكثير حيث فٌتحت ابواب جهنم أمام الناس بدل التوصل إلى إقامة دولة السد. لا بل يتساءل المشكّكون من سيتحمل مسؤولية هروب ونزوح ملايين السكان من هذه المنطقة جراء المجازر المتوقعة خصوصاً بناء على ما حصلوا عليه من معلومات تقول بتعرض الأكراد حالياً إلى عمليات نحر وإبادة على يد الجهاديين.
المشكّكون الفرنسيون يخشون على حياة الديمقراطية ذاتها في المنطقة، وقبل أن تولد، من نتائج هذه السياسة المتّبعة التي تدعم، بوعي أم لا، محوراً إقليمياً قطرياً سعودياً، أكثر رجعية واستبداداً، كما يقولون، من النظام الإستبدادي السوري.
عسى اخيراً أن تكون الضربة إذا حصلت سحرية، عصا موسى، لا قتلى فيها ولا جرحى، نفيق بعدها على بلاد هانئة يعم السلام فيها والنظام والديمقراطية والسعادة من تبقى من مواطنيها.
اختي المحترمة السيدة عناية اَلفتُ انتباهكِ والقراء الكرام الى ان الجهة التي تاخذ على عاتقها مَهمة مرحلة مابعد الهجوم اَو الضربة او الاحتلال…هي ايران وقد سمعنا في الايام الاخيرة تصريحاتٍ عدة من المسؤولين الايرانيين الذين هددوا اِمريكا بما يقومون به بعد الضربة وهم يبررون اَنفسهم بانهم لن يتدخلوا في الحرب…اِنما يثاَرون من اِمريكا و يحاربونها بعد الحرب و عبر وكلاءٍ لهم من القاعدة والفلول والمليشيات الشيعية يعني نفس الاستراتيجية التي طبقوها في العراق فحصلوا على العراق واَجبروا اِمريكا على الفرار…وشكراً
علينا ان نكون اغبياء حتى نفهم ما يدور حولنا لان العقل سيقودنا حتما الى مشرقيتنا التي اصبحنا نشك بها وبقدرتها على استيعاب الوقائع التي تحدث بالمنطقه العربيه وعندما يدعي ليفي ان ما يحدث هو بعيد عن المؤامره وبنفس الوقت يقول انه شارك بالثوره الليبيه من واقع انه يهودي وصهيوني ولو لم يكن يهوديا لما فعل ذالك , وامام هذا الحال لا يسعفني بفهم ذالك سوى شرقيتي ,,, وبيان المعارضه الذي طالب ليفي بالكف عن دعمهم كان في محله لانهم يعلمون من هو ليفي ومن يدعم بالحقيقه , لقد لقيت الحركه الصهيونيه وحلفائها بالعالم ضالتهم بالاخوان المسلمين ويريدونهم بدلاء لكل القيادات المهترأه بالعالم العربي لانهم يدركون ان الاخوان وحدهم القادرين على تنفيذ المؤامره في المنطقه العربيه من اجل ان تشق الحركه الصهيونيه بعصى موسى الطريق نحو النيل والفرات لتجديد امجاد مملكة سليمان الموجوده بخيالهم وخيال من تتلمذ على ايديهم على الرغم ان كافة اعمال البحث الاثري والتي قادها خريجي المدارس التوراتيه قد اثبتت بكل ابحاثها انه لا اثر لهذه الادعاءلت وانها مجرد غزعبلات وافتراءات على التاريخ البشري , ولقد لخص عالم الاثار الصهيوني كل عمليات البحث الاثري التي استمرت اكثر من قرن بمقولته المشهوره ( عفوا سيدي سليمان لم نجد لك اثرا هنا ).