تونس – “القدس العربي”: “البلاد تعيش خطرا داهما” و”نسعى لتصحيح مسار الثورة” و”ملتزمون بالحقوق والحريات” و”التدابير ستنتهي بعد شهر” مصطلحات استخدمها رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان لتبرير انقلابه العسكري، وهي تتطابق تماما مع ما ذكره الرئيس التونسي قيس سعيد قبل ثلاثة أشهر لتبرير “تدابيره الاستثنائية” التي عطلت الحياة الدستورية في البلاد، وهو ما دفع عددا من التونسيين للقول إن البرهان لم يفعل شيئا سوى إعادة قراءة خطاب سعيد باللهجة السودانية.
والغريب أيضا أن البرهان اختار يوم 25 تشرين الأول أكتوبر لتلاوة “البيان رقم واحد” وهو نفس اليوم الذي اختاره سعيد في شهر تموز/يوليو الماضي للإعلان عن تدابيره، كما أن البرهان قام بحل مجلس السيادة الانتقالي والحكومة، كما أعلن تعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وهي نفس الإجراءات التي اتخذها سعيد.
وكتب رفيق عبد السلام القيادي في حركة النهضة “لقطتان متباعدتان جغرافيا ولكنهما تعكسان مشهدا واحد وموحدا، قيس سعيد من تونس يستغل صعوبات الوضع الصحي والاقتصادي الذي ساهم في مزيد تأزيمه، ليعلن بيانه رقم واحد من “مجلس الأمن القومي” للانقضاض على السلطة كاملة غير منقوصة، بعد تحريك العربات العسكرية نحو مقرات البرلمان والحكومة والإذاعة والتلفزة، والبرهان من السودان يعلن، وهو يرتدي بدلته العسكرية، حل مجلس السيادة والحكومة ويعلق مواد الوثيقة الدستورية بعد صراع مع الأحزاب. الفارق الوحيد هو أن قيس سعيد صعد عبر السلم الديمقراطي فكسره، وتحت غطاء دستور أتاح له المنافسة، فاستخف به وألقى به لحماره ليأكل فصوله وأبوابه، أما البرهان فقد تكون وترعرع في الثكنات العسكرية”.
وأضاف “كنا نطمح أن نعبر بتونس نحو الضفة الأخرى من العالم باتجاه الحكم المدني الديمقراطي، فإذا بنا نعود إلى انقلابات أفريقيا ومغامرات عسكرييها. اليوم أصبحت تونس والسودان وغينيا ومالي ملفا واحدا ومتشابها”.
وتحدث عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري عن “تشابه” التبريرات التي يسوقها أنصار كل من سعيد والبرهان لتبرير الانقلاب، حيث كتب على صفحته في فيسبوك “للانقلاب في السودان داعمون أيضا، وحججهم أن البرهان هو رئيس المجلس السيادي ولا يمكن له أن ينقلب على نفسه. وأنه لم يلغ الوثيقة الدستورية بل قام بحل المجلس السيادي وعلق العمل ببعض بنود الوثيقة، لأن الظرف استثنائي. وأنه أعلن تمسكه بأهداف الثورة والتزامه بتصحيح مسارها وإعادة السلطة للمدنيين. وحديثنا قياس”.
وتحت عنوان “الانقلاب في السودان ما دخل قيس سعيد؟”، كتب المحلل السياسي نصر الدين السويلمي “الانقلابات العربية نسخة واحدة، والقوى الداعمة لها متشابهة إلى حد التماهي، والتعفين هي المقدمات والإقصاء هو الآفة أما رأس الداء كله فهي الإمارات. ما هي الأسباب التي دفعت البرهان إلى الانقلاب؟ قال الجنرال عبد الفتاح البرهان: إن التحريض على الفوضى من قوى سياسية دفعنا للقيام بما يحفظ السودان، ما تمر به البلاد أصبح يشكل خطرا حقيقيا. الانقسامات شكلت إنذار خطر يهدد السودان” وماذا سيفعل في المستقبل؟ قال الجنرال عبد الفتاح البرهان: المرحلة الانتقالية ستتواصل وصولا إلى حكومة منتخبة، وأن القوات المسلحة ماضية قدما بالتحول الديمقراطي.. سيتم العمل على تشكيل برلمان من شباب الثورة بالسودان”.
وأضاف “وماذا وقع بعد الانقلاب؟ شهدت الخرطوم سلسلة اعتقالات مكثفة طالت عددا من الوزراء في الحكومة الحالية، وقادة من قوى إعلان الحرية والتغيير. ومن هي قوى إعلان الحرية والتغيير؟ هي القوى اليسارية المشكّلة أصلا من النقابات المهنية التي اقتسمت السلطة مع العسكر واشترطت إقصاء الإسلاميين من أي عملية سياسية وقامت بحل الجمعيات الإسلامية الدعوية والفكرية وحاصرت الإغاثة وطرحت مشروعا لتجفيف المنابع. وأين هو رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الشريك في السلطة؟ قام باعتقاله رئيس مجلس السيادة بعد رفضه تأييد الانقلاب”.
وأصدر حراك “مواطنون ضد الانقلاب” المعارض لسعيد، بيانا أكد فيه “الرفض والإدانة المُطلقة للانقلاب العسكري على المسار الديمقراطي فجر (الإثنين) في السودان، والتنديد بما أقدم عليه العسكر من إطلاق للرصاص الحي على المدنيين الرافضين للانقلاب ومن اعتقال لرئيس الحكومة وعديد الوزراء والشخصيات السياسية. التضامن الكامل مع الشعب السوداني الشقيق ومع قواه الثورية والديمقراطية في نضالهم السلمي من أجل استعادة الحكم المدني من العسكر واستكمال أهداف ثورة ديسمبر المجيدة”.
كما نبه الحراك إلى أن “الثورات المضادة التي تمثلها الانقلابات أصبحت تتخفّى وراء خطاب مُخاتل يستعمل مفردات “الثورة” و”تصحيح المسار” و”إنقاذ البلاد من الخطر الداهم” وتَعِدُ بخلاص كاذب وشعبوي، وهو ما قد يُضلّلُ بعض الفئات المهمّشة التي تستعملها الثورات المضادة للتّخفي وراءها وإضفاء الشرعية عليها. وندعو القوى الثورية والديمقراطية في السودان الشقيق إلى توحيد الصفوف لمواجهة الانقلاب العسكري والاستعداد لدفع ضريبة التحرر والانعتاق ومواصلة مسيرة البناء الديمقراطي الطويلة، ومن لا يدفع ضريبة التحرر يعش أبد الدهر بين الحُفَر”.
ليس هذا التشابه في الخطاب بين قيس سعيد من تونس والبرهان من السودان صدفة ولكن هذا يدل على أن الكاتب واحد كان الأستاذ محمد حسنين هيكل يردد دائما بأن الموساد الاسرائيلي هو من يتولى الأشراف على جميع التدابير الأمنية لجميع الزعماء العرب.
هذا مجرم قاتل وتلوثت يداه بدم الابرياء المسالمين وواجب محاكمته شعبيا