سياسيون شيعة يذكّرون بأيام تنظيم «الدولة»: لا تثقوا في الأمريكان والعراق ليس أفغانستان

مشرق ريسان
حجم الخط
2

بغداد ـ «القدس العربي»: فتحت سيطرة حركة «طالبان» على القصر الرئاسي في العاصمة الأفغانية كابول، بعد انسحاب القوات الأمريكية، الباب واسعاً أمام التحليلات السياسية لاحتمالية تكرار مشهدٍ مشابه قد يشهده العراق، في حال قررت الولايات المتحدة الأمريكية، سحب يدها عن العراق، وترك هذا البلد يواجه المصير ذاته، الأمر الذي استغله السياسيون العراقيون للتذكّير بفترة سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على ثلث مساحة العراق، في حزيران/ يونيو 2014، وموقف القوات الأمريكية آنذاك، عندما قررت التدخل «عسكرياً» بعد ثلاثة أشهر (تشكّل التحالف رسمياً في أيلول/ سبتمبر 2014) من هجوم التنظيم المُتطرف.
السياسيون الشيعة، غالبيتهم يعترضون على سياسة واشنطن في العراق، أجمعوا على أن سيناريو سقوط كابل بيد «طالبان» كاد أن يحدث في العراق، لولا تشكيل قوات «الحشد الشعبي» بفتوى من الزعيم الشيعي البارز علي السيستاني، ووجدوا في أحداث أفغانستان، فرصة جديدة للتذكير بعدم «الوثوق بالأمريكان».
وزير الداخلية الأسبق، باقر الزبيدي، ربط الأحداث في كابول بمشهد سقوط مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى الشمالية، وما تلاها من زحفّ التنظيم نحو العاصمة الاتحادية بغداد.
الزبيدي، قال في منشور على صفحته في «فيسبوك» أمس، إن «رغم أن هناك تشابهاً كبيراً بين نكسة حزيران /يونيو 2014 وسقوط الموصل بيد الإرهاب، وبين ما يجري في أفغانستان، خصوصاً سرعة سقوط المدن بيد طالبان، حيث يقف الفساد في الجيش الأفغاني والمسؤولين على رأس أسباب ومسببات هذا السقوط، ولم يستطع (ربع مليون) جندي أفغاني مسلحين ومدربين على يد القوات الأمريكية من الصمود أمام (70 ألف مقاتل) من طالبان بأسلحتهم التقليدية وطرق قتالهم البدائية».

فساد وغياب القيادة

وأضاف: «الجنود الفضائيون والسرقات والفساد في صفقات تجهيز وتمويل الجيش الأفغاني من قبل القادة المقربين من النظام أطاحت بالجيش في تكرار لتجربة الموصل» لافتاً، في الوقت عيّنه إلى أن «غياب القيادة الحقيقية في أفغانستان عجل من سقوط المدن حيث استمرت الخلافات بين الرئيس أشرف غني ووزراء وقادة من حكومته حتى اللحظات الأخيرة لتتحول إلى تبادل اتهامات بينهم».
ورغم كل هذه العوامل، لكن الزبيدي رأى أن «العراق لن يكون مطلقاً أفغانستان، بوجود الفتوى المباركة والرجال الملبين لها، والتي سحقت المشروع الإرهابي الكبير الذي كان يُحاك للعراق، كما أن النظام الاجتماعي في العراق يرفض كل أشكال التطرف التي ترتكز عليها طالبان ولم تنجح طوال سنوات الأموال الخارجية بزرع بذرة التطرف على أرض الوطن».

«لن تكون له قيمة»

أما رئيس تحالف «قوى الدولة الوطنية» عمار الحكيم، فرأى أن الاعتماد على الدعم الخارجي لإصلاح أوضاع البلدان «لن تكون له قيمة».
الحكيم، أوضح معلّقاً على الأوضاع في أفغانستان، قائلاً: «نتابع بقلق بالغ الأحداث الأمنية المتسارعة في المشهد الأفغاني وسقوط العديد من المدن بيد حركة طالبان، ما آثار الفوضى العارمة جراء الانسحاب الأمريكي غير المحسوب العواقب».
وأشار الحكيم، في بيان صحافي، إلى أن الأحداث «تؤكد أن الاعتماد على القوات الأجنبية والدعم الخارجي لإصلاح أوضاع البلدان الداخلية لن يكون ذا قيمة بمعزل عن التفاهمات الوطنية لأبناء البلد الواحد».
ودعا، «جميع الحركات والأحزاب الأفغانية إلى العمل المشترك بما يخدم مصالح الشعب الأفغاني المسلم بمختلف قومياته وطوائفه والاستفادة من التجارب القاسية التي مرت بهم خلال العقدين المنصرمين».
سقوط أفغانستان بيد «طالبان» فتح شهية المناهضين للتواجد الأمريكي في العراق، لانتقاد سياسة واشنطن في بغداد وعواصم عربية أخرى.
فادي الشمري، عضو المكتب السياسي في «تيار الحكمة الوطني» الذي يتزعمه الحكيم أيضاً، قال في بيان صحافي أمس، إن «ما حدث في أفغانستان ليست مؤامرة أو تكتيكا غربيا بل هو سقوط مدوي وفاضح وتأريخي للفاعل الأمريكي أسوء من نكسة فيتنام».
وبيّن أن «الرسالة التي يعطيها (الفاعل الأمريكي) بشكل مستمر إنه لا يتخلى عن حلفائه السياسيين حكومات ومنظمات بل عن دول يصنفها أنها جزء حيوي من هيمنته العالمية ونظام القطبية الواحدة التي عمل عليها».
وأضاف: «خسرت أمريكا ما يقارب 2000 مليار دولار منذ إسقاطها لطالبان، باستثناء تكاليف الحرب ذهبت هباءً منثورا، ولنا أن نتخيل حجم الانكسارات الداخلية التي تعيشها وأن سوقت خلاف ذلك في منظومتها الإعلامية».
وزاد: «أما الموقف العالمي الساكت عن هذه الفضيحة، فهو يعبر حجم النفاق الدولي الذي يعيشه العالم».
ووفقاً له فإن «العراق ليس بمنأى عن هذه المتغيرات في لعبة الأمم، لكنه قد يستفاد من ذلك في تخفيف ضغط جيرانه عليه، وتتمكن الحكومة من التقاط أنفاسها بمتابعة تنفيذ بنود ما تم الاتفاق عليه مع واشنطن في الجلسة الأخيرة من الحوار المشترك والتفاهمات الاقليمية لتستطيع دحر بقايا الاحتلال بهدوء وحكمة».

«التمسك بالحشد»

أما رئيس كتلة «صادقون» النيابية، الممثل السياسي لحركة «عصائب أهل الحق» في مجلس النواب، عدنان فيحان الدليمي، فأشار إلى أن «لا يمكن لأحد الوثوق بالولايات المتحدة الأمريكية» داعياً العراقيين إلى التمسك بـ«الحشد» والدفاع عنه.
وقال في «تدوينة» له إن «ما جرى اليوم في أفغانستان يؤكد ما قلناه دائماً. لا يمكن الوثوق بالأمريكان ومن يثق بهم فهو كالنعامة التي تدس رأسها بالتراب وتظن أنها تحمي نفسها».
وحسب الدليمي فإن «في عام 2001 أسقطت الولايات المتحدة الأمريكية حكومة طالبان، وهي على مدار 20 عاماً قدّمت الاستشارة والتدريب والتسليح للقوات المسلّحة الأفغانية لمواجهة طالبان» مستدركاً أن «النتيجة كانت هروب القوات الأفغانية وملايين النازحين وعودة طالبان إلى الحكم».
كذلك، دعا رئيس كتلة «صادقون» بزعامة قيس الخزعلي، العراقييّن إلى «المحافظة على الحشد الشعبي والدفاع عنه والتمسك به» مشيراً إلى أن «الخيار الوحيد لمنع غدر الأمريكان وعودتهم لتسليم العراق إلى البعثيين من جديد».
واستذكر الدليمي تجربة 10 حزيران/ يونيو 2014 لافتاً إلى أن «دماء الضحايا لم تجف بعد».
في الاثناء، علق النائب عن كتلة «الصادقون» النيابية، نعيم العبودي على الاحداث الاخيرة التي جرت في أفغانستان.
وقال، في «تغريدة» له، «يجب أن يحمل سقوط أفغانستان المدوي بيد طالبان، العبرة إلى العراقيين، الذين يجب أن يرفضوا التدريب الأمريكي لجيشهم الوطني رفضهم للاحتلال».
وأكمل: «فهل يعقل أن نوكل تدريب قواتنا الأمنية إلى جهة، سقط تلاميذها بالضربة القاضية في أول معركة خاضوها خلال 48 ساعة، بعد تدريب عشرين سنة؟!».
كذلك، قال رئيس تجمع «السند الوطني» النائب أحمد الأسدي، إن «حركة طالبان ابتلعت أفغانستان وسط تفرج الأمريكان».
وأفاد في «تغريدة» عبر حسابه على «تويتر» بأن «طالبان تبتلع أفغانستان والأمريكان يتفرجون على تجربتهم التي بنوها منذ 20 عاماً تتهاوى بيد طالبان أشقاء القاعدة وداعش في الإرهاب والعدوان».
وأضاف: «لولا الفتوى والحشد لكانت داعش تتجول في بغداد ومدن الوسط والجنوب والشمال بالذبح والخراب. حافظوا على حشدكم وساندوه، فبالحشد تصان الحرم وتدوم النعم».
إلى ذلك، دعا السياسي العراقي عزت الشابندر، إلى مراجعة وضع القوات الأمريكية باتخاذها كمستشارين ومدربين، وذلك على خلفية ما يجري من أوضاع في أفغانستان.
وذكر في «تغريدة» له أن «بعد كل ما حصل في أفغانستان، فهل بيننا من يعتبر بقاء معسكرات التدريب والاستشارة الأمريكية مكسبا؟».
وأضاف: «طبعا هناك من يقول إن الوضع في العراق مختلف، لكننا نرى أن أمريكا واحدة في أهدافها لا تختلف».
في مقابل ذلك، علّق وزير الدفاع العراقي الأسبق، زعيم حزب «التصدي» خالد العبيدي، على أحداث أفغانستان قائلاً: «مع انهيار النظام السياسي في افغانستان وسيطرة حركة طالبان على الحكم، بدأت التحليلات بشأن مستقبل العراق في حال قررت واشنطن سحب قواتها القتالية».
ومضى يقول: «بعيدا عن التفاصيل، نقول أن العراق وجيشه لا يمكن أن يكونا كأفغانستان، ففي العراق جيش وقوات أمنية بطلة متسلحة بعقيدة حب الوطن، وإن العراقيين بطبعهم يقدسون مفهوم الدولة ويحرصون على دعم قوتها، خصوصًا إذا وجدوا نية وقدرة سياسية على ذلك».
وأشار إلى أن «ما حصل في حزيران /يونيو العام 2014 عندما احتل الإرهابيون مساحةً واسعة من اراضينا، فسببه لم يكن ضعفا في القدرات القتالية لقواتنا، بل كان نتيجة حتمية لفساد كبير ضرب مؤسستنا الأمنية التي كانت ساحة لتدخلات سياسية وحزبية وصلت حد فرض تعيين قادة وآمرين غير مهنيين ولا مؤهلين في مواقع صعبة وحساسة، ما أنتج انهيارا كبيرا في المعنويات القتالية والقدرات اللوجستية، زاد من حدة الوضع تسميم مجتمعي عبر ممارسات وأدوات طائفية أدت إلى انهيار أمني دفع العراقيون ثمنه غاليا جدا».
وأكد العبيدي، الذي ينتمي لمحافظة نينوى، إن «قواتنا الامنية بإمكانياتها المهنية والقتالية الحالية قادرة على دحر أي قوة إرهابية أو عصبوية، وإن شعبنا أكثر تماسكا مقارنة بالعام 2014، وإن هذا التماسك سيستمر مادام السياسيون لا يسعون إلى تحويل العراقيين إلى فرق وأحزاب متناحرة تتقاتل فيما بينها وتستقوي بالغريب على أشقاء الوطن».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    الذي أتى بكم لحكم العراق هم الأمريكان!
    وحين يخرج الأمريكان ستخرجوا صاغرين!! ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول عبدالله:

      لا يا هذا ، طالما وجدت المرحعية الدينية سيبقى العراق صامدا شامخا وسوف يخرج منها الاميركان اذلة صاغرين مع عملائهم واذيالهم .

إشترك في قائمتنا البريدية