تونس – “القدس العربي”: حذّر سياسيون وخبراء تونسيون من أن تتسبب الأزمة الحالية في أوكرانيا بارتفاع الأسعار في البلاد، مع احتمال انقطاع توريد القمح وزيادة أسعار الوقود في العالم.
وتشن روسيا منذ عدة أيام هجوما واسعا على أوكرانيا يُتوقع أن ينعكس سلبا على الوضع السياسي والاقتصادي في العالم أجمع، وخاصة في ظل الحديث عن ارتفاع أسعار النفط والحبوب في العالم.
وقال الخبير الاقتصادي والوزير السابق محسن حسن إن الأزمة الأوكرانية الحالية ستُحدث فوضى في الاقتصاد العالمي، مضيفا “بالرغم من صغر حجم الاقتصاد الأوكراني الذي يمثل 1.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فان تأثير الحرب الروسية الأوكرانية لن يقتصر على منطقة الصراع حيث ستكون التأثيرات على الاقتصاد العالمي على 3 مستويات”.
وتابع بالقول “أولا: قطع إمدادات دول الاتحاد الأوروبي بالطاقة التي تستورد 40 في المئة من حاجياتها من روسيا وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع غير مسبوق للأسعار في السوق العالمية، وثانيا: قطع سلاسل إمدادات القمح والحبوب من أوكرانيا إلى بقية دول العالم وهو ما سيؤدي إلى تراجع العرض العالمي وارتفاع الأسعار. وبالنسبة لتونس، فإن التأثيرات ستكون مضاعفة نتيجة ارتفاع أسعار النفط والحبوب، خاصة مع ضعف قدرتنا على توفير المخزون الاستراتيجي الضروري لضعف الإمكانيات المالية الوطنية”.
وكتب الخبير الاقتصادي ورئيس حزب آفاق تونس، فاضل عبد الكافي، على موقع فيسبوك “تونس بلد فلاحي، ولكن واقع هذه الأيام عكس تاريخنا، فتونس تستورد 70 في المئة من الحبوب و90 في المئة من القمح اللّين الذي يستخدم للخبز، وتستورد حاجتها من أوكرانيا وروسيا، ومواطن الاستيراد اشتعلت فيها الحرب الآن، وسوف تشعل معها أسعار القمح والبترول”.
ولحل المشكلة، اقترح عبد الكافي “زيادة أسعار شراء الحبوب من الفلاح التونسي لتماثل أسعار الأسواق العالمية ممّا سيشجع الفلاح على خدمة الأرض وأيضا التقليص من استعمال العملة الصعبة في توريد الحبوب، وتجند وزارة الفلاحة لتوفير كلّ التأطير اللازم للفلاح والفلاحة التونسية من أجل حسن حوكمة الإنتاج والرفع من الإنتاجية، وتوفير مياه الأمطار والحرص على الانتهاء من المشاريع المعطّلة لمحطّات تحلية المياه، وبناء السدود والبحيرات، ومنح قروض للشباب الراغبين في إقامة مشاريع فلاحية، وتسوية ديون ديوان الحبوب وإيقاف النزيف المالي لهذه المؤسسة، وبهذا ستتجاوز تونس هذه الأزمة بأخفّ الأضرار وتبني مرحلة جديدة في تاريخ فلاحتها وسيادتها”.
وكتب الخبير الاقتصادي مُعز الجودي “ديوان الحبوب الذي يخزن ويوزع كل حاجات البلاد من الحبوب، في حالة إفلاس! البنك الوطني الفلاحي وبعض البنوك العمومية الأخرى تم استغلالها لتمويل عجز ديوان الحبوب، والدولة أيضا عاجزة عن تأمين مستحقات ديوان الحبوب، أضف إلى ذلك الحرب الروسية الأوكرانية وانعكاساتها على أسعار وتوريد الحبوب”.
ودعت منظمة “تونس تنتج” السلطات التونسية إلى “تحرك سريع وعاجل من أجل وضع خطة وطنية لضمان الأمن الغذائي ودفع الإنتاج الفلاحي وتعبئة القدرات الوطنية الفلاحية وتكوين مخزون استراتيجي من المواد الغذائية الأساسية يسمح بمجابهة الأوضاع الطارئة على المستوى الوطني والعالمي. وتذكر منظمة تونس تنتج أن مخزون تونس الحالي من الحبوب ضعيف ولا يكفي إلا إلى حدود شهر مايو 2022 وهو مخزون غير قادر على مجابهة أي أزمة طارئة ونفس الوضعية لأغلب المواد الأساسية”.
وأشارت إلى أن “تونس تستورد قرابة 70 في المئة من حاجاتها من الحبوب من الخارج بالعملة الصعبة وقرابة 50 في المئة من حاجياتها من باقي المواد الغذائية الأساسية، وهي تواجه في الآونة الأخيرة صعوبات كبيرة في خلاص هذه الواردات ما يجعل البواخر الناقلة لها تمضي عدة أشهر في عرض البحر قبل إفراغ حمولتها وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لتوفير العملة الصعبة فإن عملية توريد المواد الغذائية والحبوب ستواجه صعوبات كبيرة. أضف إلى ذلك فإن الأزمة الحالية في أوكرانيا ستكون لها تبعات مباشرة على تزويد تونس بالمواد الغذائية الأساسية باعتبار أن روسيا وأوكرانيا من المزودين الرئيسيين لتونس بالحبوب، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار على المستوى العالمي”.