«سيرك» وارسو و«انقلاب» إيران!

حجم الخط
21

تزامنت الذكرى الأربعون لسقوط الحكم الملكي في إيران وانتصار الثورة فيها (أو انقلاب 1357 كما يسميها الإيرانيون) مع انعقاد مؤتمر كبير عقد في العاصمة البولندية وارسو تحت عنوان «دعم مستقبل سلام وأمن الشرق الأوسط» يضمّ وزراء وممثلين عن 60 دولة بينها 10 دول عربية.
المؤتمر الذي ندّدت به إيران بشدّة تزامن أيضاً مع هجوم دمويّ كبير تبنته منظمة بلوشية تدعى «جيش العدل» على حافلة تقل عناصر من الحرس الثوري مما أدى إلى مقتل عدد كبير من ركابها (قدّرته مواقع إيرانية بأكثر من 27 قتيلا)، وهو ما دفع وزير خارجية الجمهورية الإسلامية، جواد ظريف، إلى التصريح: أن هذا أمر مدبّر وليس صدفة.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اعتبر المؤتمر «منعطفا تاريخياً» كونه جمع 60 وزير خارجية، ورئيس وزراء إسرائيلي ووزراء خارجية دول عربية بارزة تحدثوا بقوة ضد التهديد المشترك الذي يمثله النظام الإيراني»، أما وزير الخارجية الإيراني ظريف فوصف الاجتماع بـ«السيرك»، فأي الوصفين أقرب للواقع؟
الحقيقة أن وجود ممثلين لعشر دول عربية في مؤتمر عمل فيه الأمريكيون على إظهار نتنياهو فيه «سيدا للبيت» و«نجما للحفلة» أمر لا يمكن تجاهله، فهو يعزّز تقارب «النظام العربي» مع إسرائيل على حساب الفلسطينيين، بدليل الغضب العارم في رام الله التي رفضت المشاركة ونددت بالمؤتمر.
لكننا نستطيع أيضاً إعطاء بعض المصداقية لتوصيف ظريف المؤتمر بالسيرك فالمشاركة العربيّة فيه كانت مثيرة للضحك حيناً وللشفقة أحيانا، فما هو معنى أن يقوم وزير خارجية عُمان بالتسلّل عبر مرآب سيارات ليقوم بـ«لقاء سرّي» مع نتنياهو في الوقت الذي التقاه علناً في مسقط، وأن يعير وزير خارجية اليمن خالد اليماني مكبر الصوت لنتنياهو لتعطّل مكبّر الصوت أمامه فيعتبر مساعد الرئيس الأمريكي ومبعوثه للمفاوضات الدولية جيسون غرينبلات أنها واقعة «تشرح الصدر»؟
وفيما تركّز نقد ظريف اللاذع على مؤتمر وارسو وربطه إياه بهجوم بلوشستان فإن باقي المسؤولين الإيرانيين، وعلى رأسهم المرشد علي خامنئي ورئيس الجمهورية حسن روحاني اتهموا طاقم الخصوم المعتادين من «بعض دول المنطقة» ـ كما قال خامنئي ـ وأمريكا وإسرائيل و«عملائهم في المنطقة» من «بعض الدول النفطية الإقليمية التي تقدم الدعم المالي للإرهابيين» ـ كما قال روحاني ـ، فيما توعد الحرس الثوري الإيراني بالرد الحاسم والقوي الذي «لن يقتصر على حدود الجغرافيا الإيرانية».
وسواء اقتصر أعداء «الجمهورية الإسلامية» على «بعض دول المنطقة» وأمريكا وإسرائيل أم لا فإن تزامن الذكرى 40 للثورة الإيرانية مع مؤتمر دوليّ ضدها بمشاركة عربية واسعة (وهجوم عسكريّ دمويّ على حدودها مع باكستان) مضافاً إلى الحصار الاقتصادي الأمريكي في المنطقة، وتراجع سعر الريال لمستوى قياسيّ، كلّها إشارات إلى واقع صعب لا يدلّ على استقرار اقتصادي وماليّ، كما أن انتشار القوات الإيرانية في العراق وسوريا ليس أبداً دليلا على أمان سياسي وعسكريّ.
لقد جابهت الثورة الإيرانية تحدّيات كبرى ومصاعب هائلة وكان ممكنا، بعد أربعين سنة على حصولها، أن تتحول من ثورة بخطاب دينيّ ومذهبي عابر للدول، ويتكاثر عبر الجيوب الشيعية في البلدان العربية، ويساهم في تحطيم أسس العراق الحديث، ويدافع عن نظام وحشيّ في دمشق ويشارك في المقتلة السورية، إلى دولة تاريخية عريقة وذات نفوذ كبير وقوّة ناعمة وبنية تحتية علمية واقتصادية كبيرة، وهو أمر لم يحصل، وإذا كان هذا يفسّر غضب شعوب ودول عربية على طهران، فإنه بالتأكيد لا يبرر لتلك الدول (او حتى الشعوب) الانحياز لإسرائيل وتجاهل مقتلة الفلسطينيين ومظلوميتهم التاريخية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول .Dinars:

    تهريج إسرائيل ومعها الأكروبات العرب لن يغير في الأمر شيئا بل يزيد أحقية الشعب الفلسطيني بالتمسك بوطنه فلسطين وإستقلال فلسطين لن يكون من بوابة لا وارسو ولا أوسلو إنما من خلال القدس التي هي ممنوعة من دخول اليهود إليها. ثم منذ متى يتخلى محتل عن احتلاله طوعا إلا من خلال اختلال من يصدقون محتل مختل المدارك.

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    تذكرت 60 دولة إجتمعت لدعم الشعب السوري ضد نظام بشار ثم تراجعت عن هذا الدعم! لا بل أن أغلبها بدأ بعلاقات جديدة مع بشار!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول زياد سمودي_المانيا:

    يسمونه مؤتمر للسلام وهم يقرعون طبول الحرب ولكنهم أيضا لا يستطيعون أو لا يريدون من وراء ذلك الا مزيدا من المال الخليجي بالإضافة إلى تجاوز كل القرارات الدولية بحق فلسطين وتحجيم قضية فلسطين وابتلاع القدس، مزبلة التاريخ ترحب بكم.

  4. يقول خالد الزناتي:

    سياسة نظام الملالي منذ سنين عديدة لم تتغير، تطوير الصواريخ الباليستية ودعم الميليشيات الطائفية، لكن في المقابل يستغرب الرأي العام العربي ما الحاجة لهذا التهافت من جانب الأنظمة العربية لإقحام دويلة لقيطة في خلافاتنا مع نظام الملالي؟ أليس للعرب إمكانيات مادية هائلة وجيوش وشعوب تعدادها يتجاوز 200 مليون نسمة؟ فما المغزى من التمسح والتملق بدويلة مجهرية بينهم؟! وكأني بجماعة من النسوة تستنجد بمجرم ذا سوابق ليحمي ظهرها من جار معربد؟ أي منطق هذا؟
    مشكلتنا مع الميليشيات الطائفية بإمكاننا أن نصفيها بيننا كشعوب عربية ولا حاجة للإستعانة لا بمجرمي حرب ولا بعصابات صهيونية.

  5. يقول أحمد السنوسي:

    مجابهة مشروع إيران التوسعي في الوطن العربي الذي يلعب على الطائفية ما كان ليشكل تهديدا لاستقرار شعوب العالم العربي لو كانت تحكمنا أنظمة ديموقراطية تحظى بمشروعية شعبية، ترامب تحت تأثير اللوبيات المؤيدة للكيان المحتل والنافذة داخل المجتمع الأمريكي، يغرر بالحكام العرب بالترغيب والترهيب لدخول صراع مع الخصم الخطأ في الظرف الخطأ، استراتيجية يتلقفها الحكام العرب تروم معالجة الظواهر الجانبية للداء من حمى وألم، بينما كان الصواب استهداف أصل الداء وتعطيل ميكانيزماته، الديموقراطية لو تبنتها شعوبنا كنظام حكم في البلدان العربية لأعطت لكل الأقليات الدينية والعرقية (شيعية أو كردية أو غيرهما) حقوقها كاملة لتعيش في بلدانها مكرمة محصنة، ولم تكن بحاجة لطلب سند جهات أجنبية لنصرتها. الإشكالية ليست في محيطنا الجغرافي وأطماع قوى إقليمية بل في أنظمتنا السياسية المستبدة والفاشلة، فهي سبب كل المصائب التي ألمت بنا.

  6. يقول سوري:

    هرولة زعماء العرب الأشاوس لتقبيل نتن ياهو بمناسبة وغير مناسبة لن تفيدهم في شيء فالشعوب ضد سياساتهم الخرقاء لقد باتوا مهزلة المؤتمرات التي يلعبون فيها دور الكومبارس. وصمود الشعب الفلسطيني سيفشل كل مخططاتهم

  7. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم. رأي القدس اليوم (عنوانه«سيرك» وارسو و«انقلاب» إيران!)
    يساق لهذا السيرك في وارسو عشر دول عربية (أبرزها السعودية واليمن والأردن والكويت والبحرين والمغرب وعُمان والإمارات. ويتوقع أن توفد مصر وتونس وكلاء للوزراء لتمثيل الدولتين في هذا الحدث.)
    التسمية الأجدر لهذا الحشد الدولي والعربي لتلميع اسرائيل والتغطية على جريمة تشريد شعب فلسطين واحتلال أرضه في فلسطين العربية المسلمة هي( العار الاكبر في الانبطاح والتفريط الرسمي العربي ).
    نجم المؤتمر اللامع هو نتنياهو بلا منازع .وطراطيره من بين الحضور الستين هم الدول العربية العشر أعلاه.
    أما ملالي ايران فنسمع منهم (جعجعة ولا نرى طحنا) .بل إنهم افْعَل واهم من أجهض الربيع العربي الذي ثارت شعوبه على حكامه العملاء لإسرائيل وعلى رأسهم بشارالأسد.
    وبشار ،وبالتعاون والدعم العسكري من ملالي ايران واذنابهم
    قتل وشرد من سنة سوريا في ٦ سنوات أضعاف ما قتل وشرد جيش اسرائيل من الشعب الفلسطيني في سبعين عاما.
    هذا الحضور العربي لهذا المؤتمر وتصرفات رؤساء بعض الوفود العربية المذلة مع نتنياهو اعتبرها
    ( مساعد الرئيس الأمريكي ومبعوثه للمفاوضات الدولية جيسون غرينبلات أنها واقعة «تشرح الصدر»؟)

  8. يقول good:

    أجزم أن سلام واستقرار الشرق الاوسط يمر على الخروج التام للامريكان وربيبتهم الوحوش الصهاينة المحتلين لفلسطين العربية المسلمة..الاستقرار والسلام والأمن لن يحدثا الا بخروج ورحيل الهمجيون الامريكان والوحوش الصهاينة ومن ثبتوهم في القصور الملكية والجمهورية والثكنات العسكرية…..ايران ستبقى وستتمدد أكثر قأكثر ما دامت الهمجية الامريكية والوحوش الصهاينة تتواجد على الارض العربية الشرق الاوسطية…

  9. يقول يوسف المقري:

    السلطة الفلسطينية اليوم في مأزق، قبلت منذ نحو ربع قرن في اتفاقيات أوسلو التنازل عن 78% من الأراضي التاريخية للشعب الفلسطيني على أمل نيل حق إقامة دويلة مستقلة على باقي أراضي 67، فاستفاقت بعد مرور الزمن على جشع الكيان الغاصب الذي لم يتوقف يوما عن مصادرة أراضي في الضفة الغربية وبناء مستوطنات عليها، أمام مسلسل التنازلات المستمرة ثم تورط القيادة الفلسطينية من حركة فتح سلفا في تنسيق أمني مع الكيان الغاصب وتقبل هبات من جهات معروفة بمواقفها الإنتهازية وضع قيادات فتح في موقف ضعف، يصعب عليها اليوم رفض الفتات التي جاد به الكيان المحتل تحت غطاء مؤامرة *صفقة القرن* فلم تعد تملك وسائل ضغط في يديها، في المقابل لا يمكنها تمرير اتفاقية تتنازل فيها عن القدس الشرقية ، هي اليوم بين نارين وزاد الطين بلة تواطؤا محمد بن سلمان ومحمد بن زايد في التسويق لصفقة تصفية القضية الفلسطينية مع انشغال بقية البلدان العربية بصراعاتها الداخلية.

  10. يقول خالد مصطفى الجزائر:

    أولئك خونة معتمدين وايران لم تعتمد بسبب الطبيعة الاشهارية لنظامها أما أفعالها فيكفينا ما فعلته بالسوريين.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية