الساحة السياسية تغلي. كل يوم يقربنا من 17 أيلول/سبتمبر – يوم الناخب، تثير قلقاً على الغد. ويتبين، وفقاً للواقع والاستطلاعات، بأن الوضع السياسي آخذ في التعقد. والاهتمام الوحيد على ما يبدو للنجاة من حملة انتخابات ثالثة هي حيلة تخلق خريطة سياسية جديدة. العامل الأهم الذي يمكنه أن يتصدر خطوة كهذه هو رئيس الوزراء، الذي يعتبر عن حق ثعلباً قديماً وذا أحاسيس حادة. نتنياهو بعيد عن التخلي، أما الاستسلام فلأولئك الذين يريدونه يعتزل. رغم صندوق المفاسد الموضوع أمام عتبته والضغوطات حوله، فإن دماغه السياسي قادر على خلق خطوات متطرفة ومفاجئة، مثلما توجه لآفي غباي مثلاً، بخلاف كل التوقعات، كي يضم حزب العمل إلى حكومته.
حظ نتنياهو أن له صديقاً طيباً ومخلصاً في البيت الأبيض، الرئيس دونالد ترامب، الذي ينظر من بعيد بقلق على وضعه المعقد ومستعد أن يفعل الكثير كي يخلصه من هناك. فليس صدفة أن سمعنا في الأيام الأخيرة عن بادرة أمريكية أخرى متوقعة قريباً -حلف دفاعي بين إسرائيل والولايات المتحدة– يستهدف خدمة رئيس الوزراء.
وهذه ليست النهاية، إذ يحتمل أن نحظى بمفاجآت أخرى. نتنياهو، كما هو معروف، يتابع بثبات كل استطلاع ويعرف كيف يجس نبض الجمهور جيداً. قد يكون ترامب هو الرجل الذي يتدخل بشكل نشط في الانتخابات، ويكون عملياً عراب الحكومة القادمة. هاكم سيناريو قبيل يوم الانتخابات، بمسؤولية الكاتب: قبل بضعة أيام من الانتخابات، يطلع رئيس الوزراء الرئيس ترامب على وضعه البشع في الاستطلاعات بأن ليس بوسعه على ما يبدو –مرة أخرى– تشكيل حكومة.
نتنياهو يعرض عليه لأول مرة إمكانية أن يوشك على إنهاء طريقه السياسي، وأن بيني غانتس هو على ما يبدو رئيس وزراء دولة إسرائيل القادم. في هذا الوضع، بالتنسيق مع نتنياهو، سيعلن ترامب فوراً عن تنفيذ الخطوة الأولى في خطة القرن، بتأييد الدول العربية المعتدلة. وستتطلب الخطوة حكومة مستقرة وقوية في إسرائيل تتمكن من المجيء إلى طاولة المداولات مع الفلسطينيين واتخاذ قرارات حرجة.
بالتوازي، يدعو الرئيس ترامب رباعية “أزرق أبيض” إلى البيت الأبيض. أما غانتس، ولبيد، ويعلون، وأشكنازي، فسيحصلون على التشريفات غالباً، وسيوضح لهم أهمية إقامة حكومة وحدة وطنية في ضوء التحديات التي تقف أمامها إسرائيل: خطة القرن التي ستؤدي إلى إنهاء النزاع الطويل مع الفلسطينيين والتهديد الإيراني المتفاقم. ترامب سيسمع رؤساء “أزرق أبيض” أهمية أمن دولة إسرائيل قبل كل مصلحة أخرى. سيقول لهم: “في هذه الساعة المصيرية، يجب أن نضع جانباً القضايا القضائية لرئيس الوزراء وإقامة حكومة وحدة تجري بالتناوب: سنتان لنتنياهو وبعد ذلك سنتان لغانتس. هذه ستكون حكومة واسعة لن تكون متعلقة بليبرمان، وسموتريتش أو بالأصوليين: حكومة توحد الشعب في إسرائيل”. وبالطبع سيضيف ترامب إلى مبادرته سلة امتيازات جديدة – عرضاً لا يمكن رفضه، ولا حتى من قادة “أزرق أبيض” أيضاً ممن يعارضون الجلوس المشترك مع نتنياهو.
هكذا ينقذ ترامب نتنياهو؛ هكذا يتمكن نتنياهو من تنفس الصعداء، حين يرى خصميه المريرين، ليبرمان وباراك، فارغين من التأثير السياسي. حكومة الوحدة التي يراها ترامب ستضم كأساس لها الليكود وأزرق أبيض، كما أن العمل وشاس سينضمان، ولكن دون قدرة على نيل نصيب مهم من وزارات الحكم. وهكذا يأتي الخلاص لإسرائيل وبالطبع لنتنياهو.
بقلم: إفرايم غانور
معاريف 15/7/2019