سيناريوهات كورونا ترامب وسؤال ما قبل الانتخابات: ماذا لو شفي الرئيس؟

حجم الخط
1

في ختام أسبوع كابوسي بدأ بتحقيق صحفي في “نيويورك تايمز” عن سلوك دونالد ترامب المزعوم تجاه سلطات الضريبة، وانتهى بظهوره الهجومي في المواجهة التلفزيونية الأولى… وقعت مفاجأة تشرين الأول في ظلمة ليل الخميس. حصل هذا في شكل التغريدة الرئاسية التي كشفت أن ترامب، الذي قزم مخاطر فيروس كورونا ولم يتردد في السخرية من خصمه بايدن على عادته، وضع كمامة كبيرة بشكل دائم، إلا أنه لم يبقَ محصناً من الفيروس.

فهذه الحقيقة لم تعد إلى بؤرة الخطاب العام، الذي فشل البيت الأبيض في معالجته، بل خلقت ضباباً كثيفاً من انعدام اليقين في كل ما يتعلق بإمكانية التردي في حالة الرئيس الصحية والتداعيات الناشئة عن ذلك. وهذا، قبل أربعة أسابيع فقط من الحسم النهائي في صناديق الاقتراع.

مع الظهر إلى الحائط

في السياق الفوري لتواصل الحملة، واضح أن نزول الرئيس ترامب المحجور في المستشفى، سيمنعه من الظهور في المهرجانات الجماهيرية التي خطط لها في عدة ولايات أساسية في الأسابيع القادمة. كما أن المواجهة التلفزيونية الثانية التي كان يفترض إجراؤها في 15 تشرين الأول هي في خطر حقيقي لإلغائها.

بتعبير آخر، إن حملة انتخابات ترامب ستقطع، بينما ظهره إلى الحائط وهو في موقع متخلف بوضوح في الاستطلاعات. ثانياً، مرض الرئيس يثير جملة كاملة من المسائل الدستورية التي كان يفضل ألا تبرز على الإطلاق على جدول الأعمال الآن. وذلك على خلفية جهوده لإثبات أن بايدن هو الذي يعاني من مشاكل صحية، جذورها في عمره وفي حالته المعرفية. على أي حال، في ضوء التقارير التي تشير إلى احتمال تردي حالته، ولأن أطباءه قرروا إنزاله إلى المستشفى، فعلى جدول الأعمال الآن ثلاثة سيناريوهات أساسية.

الأول هو استمرار أداء مهام الرئيس وهو في المستشفى، دون أن ينقل صولجان القيادة إلى نائبه (مثلما حصل في أعقاب محاولة اغتيال الرئيس ريغان في آذار 1981، الذي لم يؤدِ إلى خروجه إلى العجز رغم نزوله في المستشفى والعملية الجراحية التي اجتازها). السيناريو الثاني، هو خروج الرئيس إلى عجز مؤقت بمبادرته، وذلك بموجبة المادة 3 من التعديل الـ 25 للدستور والذي استكمل في 1967. ويتم الإجراء ببلاغ حول ذلك إلى رئيس مجلس النواب (الديمقراطية نانسي بلوسي)، ولنائب الرئيس مايك بينيس بصفته رئيساً لمجلس الشيوخ. هذا ما حصل عندما خرج رونالد ريغان في 1985 وجورج بوش الابن في 2002 و2007 إلى عجز مؤقت بمبادرتهما، عشية نزولهما في المستشفى لغرض الإجراء الطبي. في الحالات الثلاثة معاً، عاد الرئيسان إلى أداء مهامهما فور انتهاء الإجراء وبعد أن بلغا عن ذلك بزعيمي المجلسين في تلة الكابيتول كما يستوجب في التعديل الـ 25.

السيناريو الثالث، الذي لم يتحقق عملياً، فينشأ عن عمر الرئيس، وعن الاعراض التي طورها، وعن عناصر خلفية أخرى. في مثل هذه الحالة ووفقاً للمادة 4 للتعديل الـ 25 على الدستور، فإن نائب الرئيس يصبح رئيساً مؤقتاً في أعقاب المشاورات التي يجريها مع كل أعضاء الكابينت، وتتبلور فيها أغلبية تؤيد استبدال القائد (وإن كان مؤقتاً) في ضوء عدم قدرته على أداء مهامه (في الحالة الحالية، مثلاً، إذا ما احتاج ترامب إلى دعم تنفسي.

لا ينبغي أيضاً ان نتجاهل سيناريو آخر خطير هو وفاة الرئيس. وفي اعقابه يؤدي نائب بينيس اليمين القانونية تلقائيا لخلافته. ومع ذلك، رغم أن رؤساء غير قليلين في الماضي عانوا من مشاكل صحية صعبة (مثل دويت آيزنهاور، ليندون جونسون ورونالد ريغان) في اثناء ولايتهم، ورغم أن بعض الرؤساء (مثل فرانكلين ديلنو روزفيلت وجون كيندي) لم يحظوا بأنهاء ولايتهم في البيت الأبيض وهم أحياء، لم يكن سياق انتخابي في المدى الفوري لحالتهم الصحية او موتهم. هذه المرة تختلف الصورة. وفي المرحلة الحالية يمكن فقط رسم سلسلة السيناريوهات المحتملة المرتبطة بتطورات حالة ترامب. السيناريو المتفائل من ناحيته هو الشفاء العاجل الذي يصمم في أعقابه استراتيجية محاولة الاستفادة من الحدث. وذلك من خلال الادعاء بأن كورونا ليس بالضرورة مرضاً قاضياً حتى لأبناء الجيل الثالث، وأنه إلى جانب اللقاح المنشود الذي سيأتي هناك أساس للتفاؤل في الأفق الأمريكي، كما يوجد أيضاً مجال للتضامن مع الزعيم الشجاع للأمة الذي كافح الفيروس بنجاح.

أما باقي السيناريوهات فليست وردية للبيت الأبيض، وعند الحديث عن العجز المؤقت فسيكون تحققه هزة كبرى لم يسبق لها مثيل.

بعد كل ذلك، فإن الوقوف المحتمل لبينيس على رأس الهرم عشية الانتخابات، والتصويت له عملياً، سيكون رهاناً حتى بالنسبة لأشد مؤيدي المعسكر الجمهوري. ومع أن مواقف بينيس السياسية والأيديولوجية (وهو الإفنجيلي والمحافظ) معروفة، فإن قدراته الزعامية على المستوى القطري (كان في الماضي حاكم انديانا) لم تثبت بعد بما فيه الكفاية. فضلاً عن ذلك، مقارنة بالنواب رؤساء سابقين غير قليلين – من وولتر مونديل (نائب الرئيس كارتر) عبر ال غور (نائب كلينتون) وحتى ديك تشيني (نائب الرئيس جورج بوش الابن) – فإن ما تركه من أثر على الاستراتيجية الأمريكية حتى الآن كان محدوداً جداً، بما في ذلك دوره كمدير الحرب ضد كورونا. لا يتبقى سوى أن نرى إذا كان ترامب سينجح في الشفاء، فيمنع بذلك أزمة قانونية ودستورية وسياسية غير مسبوقة. وستجد مثل هذه الأزمة تعبيرها في مسألة ماذا سيكون حكم التصويت المسبق لترامب في حالة كان المرشح الجمهوري عملياً هو بينيس. على أساس التقارير المتفائلة للفريق الطبي، فإن جملة هذه المسائل الصادقة ستبقى مبسطة، حالياً على الاًقل.

بقلمأبراهام بن تسفي

 إسرائيل اليوم 4/10/2020

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابن كسيلة:

    الشفاء من كورونا ممكن………أما من الغباء………مستحيل

إشترك في قائمتنا البريدية