سيناريو الرعب هو أن ينقض عباس السلطة

حجم الخط
0

من السخرية الشديدة أن انشاء حكومة الوحدة الفلسطينية يجعل كثيرين من رافضي حل الدولتين على الخصوص يتنفسون الصعداء لأن التهديد الذي يخيفهم أكثر من كل شيء – وهو نقض السلطة الفلسطينية – تم تأجيله الآن.
إن نقض عرى السلطة الفلسطينية يخيف على الخصوص المستوطنين الذين يسكنون في البؤر الاستيطانية غير القانونية وأكثر من نصف المستوطنات، ممن نسبتهم العامة أقل من ثلث الاسرائيليين الذين يعيشون في الضفة الغربية. ويتركز أكثرهم في مستوطنات «ظهر الجبل»، وسط مجمعات السكان الفلسطينيين. ويكتسب 60 بالمئة منهم رزقهم في اسرائيل ويتصل مصدر رزق الباقين بجهاز التربية والخدمات البلدية.
لا يشتمل أي اقتراح اسرائيلي لتبادل الاراضي على هذه المستوطنات والبؤر الاستيطانية. ووجودها معلق باستمرار السيطرة الاسرائيلية على الضفة وحماية يومية من الجيش الاسرائيلي وغلاف ميزانيات خاصة في مجالات الاسكان والتربية والخدمات المدنية. وورد في تقرير في المدة الاخيرة أن الحكومة تحول سرا في كل سنة نحوا من 310 ملايين شيكل الى البؤر الاستيطانية غير القانونية. وأُنفق نحو من 3 مليارات شيكل اخرى على بنيتها التحتية.
اذا نُقضت عرى السلطة الفلسطينية فان اسرائيل التي هي القوة المحتلة ستضطر الى أن تحمل وحدها تارة اخرى عبء ادارة حياة الفلسطينيين. وهو عبء سيكشف للجمهور الاسرائيلي الذي امتنع منذ سنوات كثيرة عن النظر وراء السور، عن وجه مؤلم للاحتلال لأن الجيش الاسرائيلي سيضطر الى تجنيد قوات الاحتياط كي يحكم مدنا وقرى وستنشر مئات الحواجز مرة اخرى في الشوارع التي يستعملها الاسرائيليون. وسيُطلب الى شرطة اسرائيل التي وجودها قليل في الضفة الغربية أن تنقل الى هناك رجال شرطة كثيرين كي تحافظ على القانون والنظام. ولن يتجرأ مزودون بسلع وناقلون ومقدمو خدمات على اجتياز الجدار الى الشرق دون حراسة.
الحديث عن تغيير حاد للواقع الحالي وهو مقرون بانفاق مليارات كثيرة غير موجودة في خزينة الدولة، وبفقدان الاموال التي تحولها الدول المانحة الى السلطة الفلسطينية وهي 3 مليارات دولار كل سنة. ويرى وزير الخزينة العامة أن فرض ضرائب اخرى سيناريو رعب، ولا يستطيع الجيش الاسرائيلي الذي جمد التدريبات وأغلق الوحدات العسكرية أن ينفذ هذه المهمات دون زيادة ميزانية كبيرة.
ولما كان الحديث عن سيناريو غير محتمل فان اسرائيل تفضل عليه اجراءا من طرف واحد مقرونا باخلاء المستوطنات المتفرقة في «ظهر الجبل»، وانطواء الى الجدار واستمرار السيطرة الامنية على غور الاردن.
إن انشاء حكومة الوحدة الفلسطينية يمنح حكومة نتنياهو باشراف وزير الاسكان اذاً مهلة اخرى تستطيع فيها الاستمرار على الزيادة في عمق البناء وتطوير المستوطنات المفرقة، وكل ذلك بدعم يئير لبيد ورفاقه الصامت، الذين لا يثورون على استمرار مسار الحماقة بحسب موقفهم السياسي المعلن. إن نقض عرى السلطة الفلسطينية هو آخر ورقة لعب يمسك بها محمود عباس. وقد هدد بها لكنه لم يضعها على الطاولة وعنده اسبابه وهي الغاء انجازات بناء الدولة الآتية، واستمرار بقاء السلطة الذي هو خير لـ م.ت.ف واهتمامه بأبناء شعبه وغير ذلك. لكن عدم وجود رجاء سياسي في قناة التفاوض وفي التوجه الى الامم المتحدة والمؤسسات الدولية، والضائقة الاقتصادية والميزانية يمكن أن تجعله يلعب بهذه الورقة حتى لو كان ذلك بمنزلة «لتمت نفسي مع الفلسطينيين».

هآرتس 8/6/2014

شاؤول اريئيلي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية